منذ أواخر عام 2010 ، بدأ ظهور مؤشرات على فقاعة جديدة فى قطاع التكنولوجيا بارتفاع قيمة صفقات استحواذ وتقييمات شركات خاصة .وبعد أربع سنوات من المكاسب الهائلة فى قطاع أسهم التكنولوجيا -حتى بالنسبة إلى شركات لا تسجل أرباحا كبيرة- يمكن لشركة أن تصل قيمتها السوقية إلى 25 مليار دولار (أو أكثر) فماذا يعنى ذلك؟ يرى محللون انه هكذا تكون دورة الفقاعة ، بعد الصعود الكبير تحدث التراجعات المؤلمة، ولكن كما يتوقع كثيرون - ومنهم تحليل لمجلة الايكونومست- لن يحدث الانفجار فى عام 2015. ومما يؤكد مخاوف وجود فقاعة فى الأسواق ما حدث من قبل بالنسبة لفقاعة "الدوت كوم" فى عام 2000، وفقاعة "الائتمان" فى عام 2008 من تحذير محللين وخبراء من تقييم شركات بأكثر من قيمتها الحقيقية قبل حدوث أى شيء. والواقع إن إدراك ارتفاع التقييمات لم يثنِِِِِِِِ ِالمستثمرين عن عقد الصفقات وبأسعار أعلي،وهو ما يغذى الفقاعة، وربما يكون السؤال المهم هو متى تنفجر ؟ من الواضح إن هناك الكثير من المكاسب فى "سيلكون فالى" ولا أحد يرغب أن تنتهى فترة الازدهار هذه. فى المرات السابقة كان انخفاض أسعار الفائدة سببا مهما فى تغذية أى فقاعة وهذا ما تشهده الأسواق أيضا هذه الأيام.فعندما كانت أسعار الفائدة منخفضة تم ضخ سيولة من جميع أنحاء العالم فى فئات الأصول ذات العائد الكبير،وكلما كانت أسعار الفائدة منخفضة، تضخمت الفقاعة وهذا ما يحدث حاليا" . فى الوقت نفسه يقول خبراء بحسب تقرير لمجلة "بزنس ويك" ان الاقتصاد العالمى أصبح مسيسا" وهو ما جعل الولاياتالمتحدة أقل المناطق الاستثمارية سوءا"، حيث سجلت نموا غير متوقع فى ناتجها المحلى الإجمالى فى وقت تباطأ فيه نمو الصين ودخلت اليابان فى ركود بالإضافة إلى معاناة منطقة اليورو، وبفضل انخفاض أسعار الفائدة وارتفاع عوائد شركات خاصة مثل شركات التكنولوجيا تشكلت فقاعة جديدة. ويقول محللو جولدمان ساكس إن سيناريو" أفضل ما فى الأسوأ" للولايات المتحدة سوف يستمر عاما آخر، وتوقعوا فى تقرير صدر أخيرا"عدم قيام مجلس الاحتياطى الفيدرالى برفع أسعار الفائدة قبل شهر سبتمبر المقبل وانه حتى ذلك الحين سيكون أداء الولاياتالمتحدة أفضل كثيرا"من أوروبا رغم جهودها من أجل التعافى . ووفقا لتوقعات بلومبرج ،معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى للولايات المتحدة سيكون 3٪ فى عام 2015 ،ومعدل البطالة 5٪ مقابل معدل نمو لا يتجاوز 1.2٪ وبطالة 11.4٪ فى منطقة اليورو. كما يتوقع محللو جولدمان ساكس أيضا" بقاء أسعار النفط منخفضة مما سيبقى على معدلات التضخم عند مستويات متدنية الأمر الذى سيعزز استمرار سياسة أسعار الفائدة المنخفضة ويضطر معه المستثمرون إلى الاتجاه إلى الأصول العالية المخاطر للحصول على عوائد مرتفعة.ومن ثم ستنعم شركات التكنولوجيا ولفترة من الزمن بالإقبال على أسهمها مهما كانت درجة المخاطرة التى تكتنفها. غير أن الانفجار المقبل للفقاعة وانخفاض الأسعار فجأة سيكون خطيرا" بالنسبة لبعض المستثمرين والشركات لاسيما التى ستدخل السوق قبل الانفجار بفترة وجيزة. ولكن على الجانب الآخر قلل تقرير لمجلة الايكونومست من مخاطر انفجار فقاعة التكنولوجيا بعدما شكك فى وجودها أساسا" . وقال إن استثمارات شركات التكنولوجيا فى البنية التحتية والتكنولوجيات الجديدة توفر فرص عمل وتعزز النمو الاقتصادى على المدى البعيد.وهذه المرة انفجار الفقاعة لن يسفر عن دمار شامل فى الأسواق مثلما حدث من قبل مع انفجار فقاعة الدوت كوم حيث ستقل دائرة الأضرار. وأشار التقرير إلى انه قبل 15 عاما" وقبل انفجار فقاعة الدوت كوم كان هناك بعض المؤشرات المثيرة للقلق ،مثل استحواذ شركات التكنولوجيا على معظم المبانى الإدارية الجديدة فى الحى المالى فى سان فرانسيسكو .ومرة أخرى فى عام 2013، ما يقرب من 20٪ من الحاصلين على شهادة الماجستير فى الأعمال من الجامعات الأمريكية العريقة التحقوا بشركات التكنولوجيا فى مؤشر جديد . بل إن رئيسة مجلس الاحتياطى الفيدرالى جانت يلين حذرت أخيرا" من التقييم المبالغ فيه لشركات التواصل الاجتماعى - وهو التحذير الذى تم تجاهله تماما" مثلما حدث مع تحذيرات سلفها آلان جرينسبان فى عام 1999 . وهكذا باتت حوكمة شركات التكنولوجيا على المحك .أسهم شركة على بابا الصينية التى تم إدراجها فى بورصة نيويورك فى شهر سبتمبر ارتفعت بنسبة 58٪، وأصحاب شركات الكترونية ناشئة أصبحوا من الأثرياء. ومع ذلك فإن صناعة الدوت كوم لا تشهد فقاعة بالمقاييس المالية فى رأى التحليل حيث تصل قيمة مؤشر ناسداك لأسهم شركات التكنولوجيا الرئيسية إلى 23 ضعف الإيرادات المتوقعة لها ، مقابل مائة ضعف فى عام 2000 . وقد أوضح تحليل لمجلة "بارونز" المعنية بالاستثمار إن شركات التكنولوجيا تعيد استثمار أرباحها فى التوسع وشراء أسهم الشركات الصغيرة. الأمر الذى جعل شركات سيلكون فالى أكبر المستثمرين فى الأسواق . وخلال عام 2014 بلغ إجمالى استثمارات شركات آبل ، امازون ،فيس بوك ،جوجل وتويتر 66 مليار دولار .(هذا المبلغ تم إنفاقه على بنود البحث والتطوير والأصول الثابتة والاستحواذ على شركات أخري). بل وتعتزم تلك الشركات الاستمرار فى سياستها هذه . الشركات الكبيرة تراهن أيضا" على منتجات جديدة وعمل على التحوط ضد التغييرات التكنولوجية ،وعلى سبيل المثال تنفق جوجل ملايين الدولارات على مشروعها الجديد لإنتاج سيارات بدون سائق والروبوتات وأجهزة الترموستات للبيوت الذكية. ولكن من ناحية أخرى تبدو آفاق تلك الشركات مثيرة للقلق على المدى البعيد . شركة آبل لا تزال تحقق أرباحا جيدة ولكن الشركات الأخرى أقل حظا" ، فبالنسبة إلى شركة جوجل على سبيل المثال انخفض العائد على رأس المال بواقع النصف إلى 20٪، وشركة امازون لم تحقق يوما" أرباحا عالية. الجدير بالذكر إن الشركات الخمس الكبار آبل ،جوجل، فيس بوك، امازون وتويتر لديها سيولة ضخمة ولكن معظمها خارج الولاياتالمتحدة ومن الصعب جلبها بدون دفع ضرائب باهظة . ويوضح تقرير الايكونومست انه إذا حافظت على معدل النمو بوتيرة جيدة لسنوات فلن يكون هناك مشكلة كبيرة. ولكن إذا تباطأ نموها ستكون الاستثمارات الحالية كارثة على تلك الشركات. ويعد نمو شركات التكنولوجيا قضية مثيرة للجدل فمشهد اصطفاف العشرات أمام المتاجر للحصول على أحدث موديل للتليفون الذكى يشير الى انه بعد 7 سنوات من إطلاق "آى فون" تحولت أجهزة التليفون المحمول لما يشبه الأساسيات أكثر منها رفاهية. وفى رأى تقرير لمجلة بزنس ويك ربما هى نهاية بداية ثورة التليفون المحمول فى تحول حتمى عندما تدخل مخترعات جديدة حياة الناس ثم ينصرفون عنها . والنتيجة انخفاض الاسعار واحتدام المنافسة بين الشركات. ويقول انه هكذا انخفض متوسط سعر التليفون الذكى من 335 دولار فى عام 2012 الى 314 دولار فى 2014 ،ومن المتوقع مزيد من الهبوط الى 267 دولار بحلول عام 2018. وحتى تليفونات آبل لم تكن بمأمن من تلك الانخفاضات/التراجعات حيث انخفض متوسط سعر الآى فون من 652 دولار فى عام 2011 الى 607 فى 2013 . الانخفاض فى متوسط أسعار بيع السلع التكنولوجية هى أكبر مشكلة تواجهها الصناعة لاسيما بالنسبة للتليفونات المحمولة ، ومما يثير قلق الصناع عدم تقبل المستهلكين لفكرة دفع مبلغ كبير مقابل التليفون المحمول ، وهى ظاهرة خطيرة فى رأى محللين فى بلومبرج انتليجنس. يذكر انه فى آخر شهر أكتوبر الماضى سجلت شركة سامسونج أدنى أرباح فصلية منذ عام 2011 ، وذلك فى ظل خسارتها لجزء من حصتها السوقية فى الصين والهند لصالح شركات محلية تنتج تليفونات ذكية رخيصة. ومن الشركات الكبيرة التى تسعى الى ان يكون لها مكان فى سوق السلع التكنولوجية الرخيصة ، شركة جوجل التى اطلقت فى شهر سبتمبر الماضى "اندرويد وان" وهى نسخة من نظام للتشغيل وتسمح للمصنعين فى دول مثل الهند بتصنيع تليفونات أندرويد رخيصة . قبل أربع سنوات كان ال "تابلت" صيحة جديدة فى عالم الاجهزة التكنولوجية ومنصة مهمة لصناعة "الفيديو جيم".ولكن البزنس بدأ يتقلص ، فكان متوسط سعر بيع "آى باد " آبل 665 دولارا فى عام 2010 لينخفض الى 450 دولارا فى 2013 بفضل إطلاق "آى باد ميني" فى أواخر 2012 . لكن من ناحية أخرى يمتنع العاملون فى الصناعة عن الاعتراف باستمرار تراجع أسواق التابلت والتكنولوجيا المتطورة بصفة عامة ، ويشيرون الى استبدال المستهلكين لتليفوناتهم المحمولة كل عامين مقابل خمسة أعوام ونصف ،معدل استبدال الحاسبات الشخصية، ومن ثم فهناك دائما" فرص واعدة لجذب المستهلكين من خلال تقديم خصائص وموديلات جديدة. ويقول نائب رئيس جوجل ورئيس وحدة أندرويد فى جوجل ان هناك بعض المؤشرات على حدوث تغييرات فى صناعة التليفونات الذكية وامكانات للنمو ، ويضيف أن أجهزة جديدة بخلاف التليفونات والتابلت يمكن أن تعطى السوق دفعة حيث تستعد شركات التكنولوجيا لإمداد السيارات بشرائح ذكية والبيوت بأجهزة لاسلكية بجانب إطلاق اكسسوارات متصلة بالانترنت يرتديها المستهلكون مثل ساعة آبل ،التى سيتم طرحها فى الاسواق خلال العام الجديد بسعر 349 دولار .