الشركة تتحول من أكبر بائع للتليفونات المحمولة فى العالم لشركة تقاوم السقوط بدأت شركة نوكيا فى إنتاج التليفونات المحمولة منذ أكثر من 32 عاما، استطاعت أن تقف خلالها بمفردها فى الأسواق العالمية لتحقق نجاحات دامت لسنوات كثيرة، ولكنها هبطت هبوطا كبيرا فى آخر 5 سنوات، لم تكن ورغم أن الأسباب متعددة، إلا أنه يبدو أن نوكيا تريد العودة بقوة مرة أخرى لتنافس فى سوق التليفونات الذكية بعد أن سيطرت عليه شركات بعينها. استطاعت شركة نوكيا الفنلندية أن تسيطر على سوق التليفونات المحمولة فى أواخر التسعينيات من القرن الماضى، وأول الألفية الجديدة، لتحقق أعلى مبيعات للموبايلات طوال أكثر من 20 عاما كانت خلالهم أكبر بائع للتليفونات المحمولة فى العالم، ولكن يبدو أنها فشلت فى الاستجابة لمتطلبات العصر والتكنولوجيا الحديثة، لتخرج من سباق القوى لإنتاج التليفونات الذكية ذات التقنيات الحديثة، وتترك سامسونج وأبل يتنافسان وحدهما، لتحصل هى على شتات من كعكة المبيعات فى آخر 5 سنوات مع انتشار الأجهزة الذكية. 2007 العام الأسوأ لنوكيا لم يكن حظ نوكيا موفقا بالمرة فى عام 2007، فرغم اجتهادها للحفاظ على ما وصلت إليه خلال السنوات التى سبقته من مبيعات وأرباح، إلا أن المصائب لا تأتى فرادى، فقد شهد 2007 بزوغ نجمى نظام iOS بالإعلان عن أول آي فون تابع لشركة آبل، ونظام أندرويد الذى عكفت جوجل على تطويره منذ ان اشترته فى 2005، ورغم أن نوكيا كانت مازالت تسيطر على السوق فى هذا الوقت، إلا أن هناك شركات – كانت صغيرة – استطاعت الاستفادة من نظام أندرويد فى الحصول على نصيب أكبر من الحصص السوقية فى العالم، وهو الأمر الذى استفادت منه سامسونج وأصبحت تنافس نوكيا بضراوة حتى تغلبت عليها، فى السنوات التالية. سامسونج.. VS نوكيا.. من يربح؟؟ بالمقارنة بين الشركات الثلاث منذ خمس سنوات، سنجد أن لكل شركة سياسة اتبعتها، ولكن سامسونج ونوكيا تقاسما نفس السوق تقريبا، فالشركة الأمريكية أبل تنحت جانبا معتمدة على الطبقة العليا من طبقات المجتمع العالمى لتكون شريحتها المستهدفة من خلال منتجاتها عامة، وتليفوناتها الذكية خاصة، حيث أنتجت سلسلة تليفونات آي فون والتى امتازت جميعها بإمكانيات مذهلة ولكن بأسعار عالية مقارنة بباقى التليفونات، كما أنها أيضا تتبع نفس النظام فى متجرها الإلكترونى الذى يوجد عليه الكثير من التطبيقات المدفوعة، مما جذب إليها نوعا معينا من المستهلكين. أما سامسونج فتقريبا أخذت مستخدمى نوكيا السابقين ليصبحوا مستهلكيها الحاليين والدائمين فى نفس الوقت، فنوكيا وسامسونج تقومان بإنتاج مجموعة متنوعة من الأجهزة بمواصفات مختلفة تناسب كل المستويات المادية للمستخدمين، خاصة تلك الفئة التى تبحث عن تليفونات مميزة بأسعار متوسطة، ولكن لماذا تفوقت سامسونج على نوكيا؟ افتقرت نوكيا لروح الابتكار والتطور التكنولوجى الذى دب بأرجله على الكرة الأرضية، فلم تراع احتياجات ورغبات مستهلكيها الذين كانوا يعتبرون التحويل من نوكيا لأى شركة أخرى أمر مستحيل، مما أجبرهم على اختيار شركة أخرى ربما تكون شبيهة بما تقدمه نوكيا، فماذا يحتاجه المستخدم من تليفونه الذكي؟؟ بالتأكيد أى مستخدم يبحث عن تليفون بمواصفات متطورة تحترم عقله وعلمه ومرحلة التطور التى وصل إليها بالإضافة إلى سهولة فى الاستخدام وسرعة فى الأداء، مع مجموعة متنوعة من التطبيقات التى تسهل له أعماله اليومية، وهو ما افتقدته نوكيا فى أول إنتاجها للتليفونات الذكية، وتداركته بعد 4 سنوات من تقلص حصتها فى سوق التليفونات الذكية. نوكيا تحاول فى كل الطرق.. ومايكروسوفت المنقذ الوحيد نوكيا تتخلى عن سيمبيان وتستبدله بويندوز فون اتهم كثير من مطورى التليفونات الذكية استمرار شركة نوكيا بالاعتماد على نظام تشغيل سيمبيان فى ظل تطوير وتطور أنظمة جديدة أثبتت نجاحات مزهلة مثل أندرويد وiOS كما أوضحنا بالسابق، وهو ما دفع الشركة الفنلندية لتوقيع اتفاق مع مايكروسوفت على اعتماد نظام تشغيل ويندوز فون كنظام رئيسى لكل التليفونات الذكية التى تنوى إطلاقها منذ تاريخ الاتفاق فى 2011، وذلك فى محاولة منها لاستعادة مكانتها الرائدة فى سوق التليفونات المحمولة مرة أخرى. وقالت نوكيا وقتها، إن نظام مايكروسوفت الجديد سيمثل نقطة تحول وانطلاقة نحو حصد المبيعات والأرباح كأحد السياسات التى انتهجها مديرها التنفيذى ستيفن إيلوب وقتئذ، ولكن يبدو أن مايكروسوفت هى الأخرى كان لها هدف واضح وصريح من هذا التعاون خاصة مع رغبتها بخلق أى حصة سوقية لها فى سوق التليفونات الذكية لتجد مكانا لها بين الاثنين الكبار «جوجل وآبل»، مطورى نظامى أندرويد وiOS على الترتيب. مايكروسوفت تشترى قطاع التليفونات الذكية فى نوكيا من الواضح أن اعتماد نوكيا على نظام تشغيل ويندوز فون الذى تطوره مايكروسوفت لم يكن كافيا لتجاوزها المحنة التى تمر بها والتى كبدتها العديد من الخسائر، مما أدى لتوقيع اتفاق جديد بين الشركتين يتضمن شراء مايكروسوفت لقطاع التليفونات بشركة نوكيا مقابل 7.2 مليار دولار.. ولكن هل سيساهم ذلك فى عودة الروح مرة أخرى لقطاع التليفونات الذكية فى نوكيا؟؟ وما هى المكاسب المتوقع أن تعود على كلتا الشركتين؟ بحسب بعض المحللين العالميين فإن مايكروسوفت قد تعيد بريق تليفونات نوكيا من جديد خاصة مع تركيزها على البرمجيات الحديثة التى تطورها، فربما يؤدى ذلك لإطلاق تليفونات مميزة ببرمجيات خاصة تحتكرها تليفونات نوكيا مما يزيد الإقبال على شرائها مرة أخرى. مايكروسوفت أيضا من أكبر المستفيدين من هذا بالطبع، فتليفونات نوكيا تعتبر أكبر مستخدم لنظام تشغيل ويندوز فون، والذى لم يستطع الوقوف على أرجله وسط أندرويد وiOS حتى الآن، وبالتالى تريد مايكروسوفت الاستحواذ على قطاع التليفونات فى نوكيا لضمان استمرار الشركة فى الاعتماد على نظام تشغيلها خاصة أن تليفونات نوكيا وحدها تمثل 90% من التليفونات العاملة على نظام ويندوز فون، وهى نسبة كبيرة لابد أن تحافظ عليها خاصة مع اتجاه المستخدمين لنظام أندرويد بوصفه الأسرع بين الأنظمة، وبالتالى نوكيا كانت بالطبع ستفكر فى التحالف مع جوجل للاعتماد على نظامه وهذا سيضع مايكروسوفت فى مأزق، وهو ما حدث بالفعل مؤخرا مع إطلاق تليفون نوكيا إكس العامل على نظام أندرويد، واستمرار سياستها فى الاعتماد على التليفونات منخفضة التكلفة لتحقيق أرباح كثيرة، ولكن هل التليفونات منخفضة التكلفة من الممكن أن تعيد نوكيا مرة أخرى كأكبر شركة للتليفونات المحمولة من حيث المبيعات؟ نوكيا تعول على الأسواق الناشئة فى نجاح «أشا».. و«لوميا» للأسواق الكبيرة أطلقت نوكيا سلسلة «أشا» والتى تعرفها الشركة الفنلندية فى موقعها الإلكترونى الرسمى بأنها «هواتف ذكية تمتاز بمجموعة كبيرة من المزايا، فهى ممتعة وملوّنة ومليئة بالتطبيقات التى يحبها أى أحد»، وبالفعل استطاعت تلك السلسلة أن تجذب العديد من المستخدمين خاصة مع أسعارهم المتوسطة والمنخفضة. وتأتى معظم تليفونات «أشا» بمواصفات متقاربة، بعضهم بشاشة لمسية وجزء آخر معتمدا على الأزرار بمساحة تتراوح ما بين 2.4 بوصة إلى 3 بوصات، أما الكاميرا فتقريبا تتراوح بين 0.3 ميجا بيكسل كحد أدنى، و5 ميجا بيكسل كحد أقصى، وجميعهم يعمل على نظام تشغيل سمبيان. استطاعت نوكيا خلال الربع الأخير من عام 2012 بيع 9.3 مليون وحدة من تليفوناتها منخفضة التكلفة «أشا»، وذلك بفضل الأسواق الناشئة خاصة الهند وإفريقيا. وهو ما يشير لنجاح الشركة فى مجال التليفونات المتوسطة، حيث إنها تمكنت من الاستفادة من مجموعة هواتف «أشا» فى تعويض الهبوط والإبقاء على معدلات ربح جيدة ولو نسبيا. كما أن هذه الأعداد تضاعفت باستمرار خاصة مع إطلاق الشركة لأكثر من تليفون متوسط الإمكانيات مؤخرا سواء كان ضمن سلسلة أشا، أو تليفون يحمل أسما جديدا. أما منذ أن أطلقت نوكيا أول تليفون لوميا يعمل على ويندوز فون فى 2011 وحتى أوائل العام الجارى –أى فى ثلاث سنوات- فقد تمكنت من بيع 44 مليون جهاز فقط ضمن سلسلة لوميا، وهى النسبة التى تقل كثيرا عن مبيعات التليفونات العاملة على نظام تشغيل أندرويد فى ثلاثة شهور، فرغم انخفاض المبيعات إلا أن سلسلتى «أشا» و«لوميا» ساهما فى تحقيق بعض المبيعات لشركة نوكيا التى كانت على حافة الهاوية. هاتف بشاشة منحنية .. وأخر بنظام أندرويد .. وكاميرا عالية الدقة أخر محاولات نوكيا لتحدى السقوط فى الهاوية. تحاول نوكيا بشتى الطرق العودة مرة أخرى للساحة، وهو ما يدل على صبرها وتحديها ورغبتها فى العودة مجددا للمنافسة بين الكبار، لذا فإنها حاولت تطوير نفسها ومسايرة التطور البرمجى فى الآونة الأخيرة، وذلك بإطلاق تليفونيين ذكيين يعملان على نظام أندرويد فى محاولة منها لجذب مستخدمى أندرويد، مع وجود تقارير تشير إلى عملها على تليفون بشاشة منحنية مثل غريمتها سامسونج والتى تعمل على إطلاق تليفون جالاكسى راوند ذو الشاشة المنحنية، فضلا على محاولاتها جذب هؤلاء الذين يحبون التصوير بتليفونات تحتوى على كاميرا عالية الدقة. فى فبراير الماضى، أعلنت الشركة الفنلندية عن إطلاق أول تليفون يعمل على نظام تشغيل أندرويد تحت اسم «نوكيا إكس»، وذلك بإطلاق إصدارين من التليفون أحدهما يحمل شاشة 4 بوصة، والآخر XL بشاشة 5 بوصة، ويعمل الهاتفان بمعالج ثنائى النواة من النوع سنابدراجون، بالإضافة إلى رامات 512 ميجا بايت، و4 جيجا بايت كسعة تخزينية قابلة للزيادة من خلال كروت ذاكرة من النوع microSD. المميز بالطبع فى الهاتفين، أنهما يعملان على نظام تشغيل أندرويد الأكثر استخداما فى العالم، ولكن بواجهة تشبه نظام ويندوز فون، كما أن متجر التطبيقات الموجود عليهما هو متجر نوكيا وليس جوجل بلاى، ولكن يمكن الوصول إلى 75% من تطبيقات أندرويد عبر متجر نوكيا أو «يانديكس». التقنية الأخرى التى تنافس بها نوكيا هى إنتاج تليفون ذكى متطور بشاشة منحنية. أما عائلة لوميا، فربما كان لها فضل كبير فى بقاء نوكيا على ساحة التليفونات فى الآونة الأخيرة، وذلك بفضل إمكانياتها الجيدة مع التركيز على جودة ودقة الكاميرا.