اعتبارا» من شهر ابريل المقبل سوف تفرض فى بريطانيا ضريبة أرباح رأسمالية بنسبة 25٪ على الشركات الأجنبية التى تستخدم «ترتيبات معينة» لتجنب الخضوع للنظام الضريبى للمملكة وتحويل أرباحها إلى أحد الملاذات الضريبية. ووفقا لتقديرات ذكرتها فاينانشال تايمز سوف تبلغ حصيلة الضريبة الجديدة 1.4 مليار جنيه استرلينى على مدار السنوات الخمس المقبلة. حيث يتوقع وزير المالية البريطانى جورج اوزبورن ان تحقق 355 مليون سنويا ما يعنى ضمنيا» ان شركات التكنولوجيا الأمريكية تحقق مليار جنيه استرلينى سنويا دون دفع ضرائب عليها. والواقع إن فيس بوك مثلا» لم تدفع ضرائب طوال الثلاث سنوات الماضية فى بريطانيا بالرغم من زيادة مبيعاتها عن 300 مليون جنيه استرلينى سنويا. وهذه الأيام يجرى نقاش داخل منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية حول أفكار مشابهه لكن من غير المرجح الوصول الى شىء قبل سبتمبر 2015.واتخاذ بريطانيا إجراء بشكل منفرد أثار انتقادات واسعة النطاق. وشكك البعض فى قدرة بريطانيا على الخروج بالقانون الى النور واعتبروه غير قانونى مؤكدين ان دول الاتحاد الأوروبى قد ترفع دعوى لأن تلك الضريبة تتعارض مع اتفاقيات منع الازدواج الضريبي. هذا بالإضافة إلى تعقيداته مع ما يتطلبه من إفصاح الشركات عن مستوى عال من البيانات بخصوص أرباحها لكل دولة من اجل تحديد الضريبة المفروضة عليها. القانون الجديد الذى سيتم تقديمه فى شهر ابريل المقبل تعرض لانتقادات حادة أيضا» من مجتمع البيزنس والاستشاريين على اعتبار ما يبديه من عدوانية وصعوبة التطبيق فى رأى البعض . وأكد منتقدو الضريبة الجديدة أنها أثارت جدلا» أوسع بكثير من الفائدة المرجوة منها. ويقول خبراء إن الشركات الأجنبية لا تدفع حصتها الكاملة من الضرائب لكنها تستثمر أرباحها فى بريطانيا مما يوفر وظائف . وقد تمتنع عن ذلك إذا شعرت أن المناخ غير موات. وتعد شركات التكنولوجيا الأمريكية أبرز الشركات المتضررة من الضريبة الجديدة والمعروفة خارج الدوائر الرسمية ب»ضريبة جوجل» نسبة» إلى شركة جوجل.فالشركات الأمريكية تدفع أقل من 5٪ ضرائب بفضل «الترتيبات» المشار اليها ونظرا» لقيامها بتسجيل العمليات المولدة لأرباح كبيرة فى الدول المنخفضة الضرائب مثل ايرلندا وإعطاء قيمة متدنية لعمليات التسويق ومبيعات الشركة فى بريطانيا. من ناحية أخرى أبدى إريك شميدت رئيس شركة جوجل فخره بقدرة الشركة على التهرب من الضرائب قائلا» « إنها الرأسمالية».وإن ذلك بفضل القواعد الضريبية فى الدول التى تعمل فيها. يذكر إن جوجل تجنبت دفع مليارى دولار ضرائب عالمية العام الماضى عن طريق وضع أرباحها فى برمودا التى لا تفرض ضريبة دخل على الشركات . ووفقا لنيوروك تايمز فإن متوسط الضريبة الذى دفعته شركة آبل العملاقة العام الماضى 9.8٪ فقط . وفى فرنسا قضية جوجل مع الحكومة تعكس الصراع الدائر بين شركات الالكترونيات الأمريكية وأوروبا حيث تخوض جوجل معركة بسبب الضرائب المنخفضة التى تدفعها . فوفقا لاتفاقيات ضريبية من بينها واحدة بين فرنساوايرلندا ,شركات مثل جوجل ايرلندا -المركز الرئيسى للشركة فى أوروبا, الشرق الأوسط وافريقيا- لا تدفع ضرائب فى دولة فيها طلبيات ولكن ليس لديها فيها مقر دائم. وخسارة شركة جوجل لقضيتها مع مصلحة الضرائب الفرنسية تعنى تأثيرات كبيرة بالنسبة للشركات المتعددة الجنسيات فى أنحاء أوروبا والتى ستخضع بدورها لتحقيقات وضغوط لتغيير هياكلها المالية. ووفقا لتقرير لصحيفة وول ستريت جورنال تنظر مصلحة الضرائب الفرنسية فى ملفات فيس بوك , آبل , أمازون وشركات أخرى حيث تسعى فرنسا الى زيادة حصيلتها الضريبية عن طريق مطاردة الشركات المتعددة الجنسيات والتى يتوقع لها ان تحقق6 مليارات يورو اضافية فى 2014 . قضية التهرب الضريبى للشركات المتعددة الجنسيات فجرتها فضيحة «لوكس ليكس» حيث أظهرت وثائق مسربة مرور مليارات الدولارات من الأرباح فى لوكسمبرج بفضل الهيكلية المالية التى تسمح للشركات بتخفيض ضرائبها.التسريبات كشفت عن استغلال شركات مثل ديزنى وكوتش ، قوانين لوكسمبرج للتهرب من دفع الضرائب. ويشمل التحقيق الذى استمر ستة أشهر ويستند الى 28 الف وثيقة ممارسة «التوافق الضريبى المسبق».وهذه الممارسة قانونية ولا تشمل سوى لوكسمبورج وهى تتيح لمؤسسة ما ان تطلب مسبقا معرفة كيف ستتعامل الإدارة المالية لبلد معين مع وضعها، والحصول بالتالى على بعض الضمانات القانونية. وهذا من شأنه التأثير على توزيع الأرباح الخاضعة للضرائب لشركة متعددة الجنسيات بين فروعها المنتشرة فى عدة دول مما يتيح لها عدم دفع الكثير من الضرائب. وبحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية شركات كبرى تستفيد من لوكسمبورج وشروطها المالية المتساهلة وأيضا من «الخلل فى التشريع الدولى لنقل أرباح اليها دون إخضاعها للضرائب أو اقتطاع ضرائب بسيطة للغاية منها. والصحيفة الفرنسية احدى الوسائل الإعلامية التى نشرت التحقيق الذى أطلق عليه اسمه «لوكس ليكس» (تسريبات لوكسمبورج) وقالت «لوموند» ان «لوكسمبورج تحافظ على سرية هذه الاتفاقات» و»لا تبلغ شركاءها الاوروبيين بها» مع ان «هذه الشركات الدولية تبلغها سعيها لتفادى دفع الضرائب. فضيحة إقامة نظام واسع لتفادى الضرائب تستفيد منه شركات متعددة الجنسيات وضع الرئيس الجديد للمفوضية الأوروبية جان كلود يونكر فى موقف صعب والذى كان لمدة 18 عاما بين 1995 و2013 رئيسا لحكومة لوكسمبورج التى تعتبر من ابرز الملاذات الضريبية فى العالم. وخلال هذه الفترة بين 2002 و2010، وقعت لوكسمبورج اتفاقات مالية مع 340 شركة متعددة الجنسيات من بينها آبل وامازون وايكيا وبيبسى وهاينز وفيريزون وايه آى جى واكسا ،من اجل دفع اقل قدر ممكن من الضرائب وذلك عن طريق إنشاء فرع أو شركة قابضة أو نقل مقر الشركة إلى أراضى لوكسمبورج. ويجد يونكر نفسه أيضا فى موقع الاتهام. فقد فتحت المفوضية الاوروبية تحقيقا قبل عدة أشهر لمعرفة ما اذا كانت لوكسمبورج منحت من خلال «التوافق الضريبى المسبق» «دعماً حكوميا مقنعا» لعملاق التسوق الأمريكى امازون وشركة «فيات» الإيطالية لصناعة السيارات. كما يشمل التحقيق ايرلندا وآبل وهولندا وستارباكس وأعلن المتحدث باسم يونكر مارجريتس شيناس ان المفوضية مستعدة لفرض عقوبات على لوكسمبورج اذا تطلب الامر ذلك كما تعهد يونكر بالامتناع عن التدخل فى هذا الملف. البعض فى البرلمان الأوروبى اعتبر ان مصداقية يونكر باتت موضع شك بسبب «تضارب المصالح.» وكان وزير مالية لوكسمبورج بيار جرامينيا أكد قبل التسريبات انه من غير الوارد العدول عن ممارسة «التوافق الضريبى المسبق» لأن «القرارات المالية المسبقة مطابقة للتشريع». إلا انه اقر بضرورة توضيح بعض القواعد وتشريع ممارستها بموجب قانون. وأضاف جرامينيا ان الاتفاقات الحالية الموقعة بين حكومة لوكسمبورج والشركات المتعددة الجنسيات «غير ملائمة» بسبب «غياب قاعدة قانونية واضحة» وشدد على ضرورة «تشريع الممارسة السارية». هذه الفضيحة التى انفجرت بتسريب عشرات آلاف الوثائق الرسمية المتعلقة بهذه الاتفاقيات وأصبحتْ تُعرف بقضية «لوكس ليكس» كلفت المسرب، الذى لم تُكشَف هويتُه، المتابعةَ القضائية بتهمة السرقة وتبييض الأموال. وهو موظَّف سابق فى شركة تدقيق الحسابات «برايس ووتر هاوس « ويحمل جنسيةً فرنسية.