يجمع أكاديميون وخبراء اقتصاد علي أن العام القادم سوف يشهد مزيدا من التحسن واستمرار الاصلاحات مع استكمال المشروعات القومية الكبرى الأمر الذى من شأنه أن يسهم فى مزيد من الاستقرار . ويشدد هؤلاء على ضرورة اتخاذ المزيد من الاجراءات اللازمة لضبط حركة الاسواق حتى يشعر المواطن بقدر من التحسن واستقرار اسعار السلع الرئيسية . وتوقعت د.ياسمين فؤاد مديرة مركز الدراسات الاقتصادية بجامعة القاهرة أن يشهد الاقتصاد المصرى تحسنا خلال عام2015 نتيجة عدة عوامل منها حدوث استقرار سياسى و انخفاض اسعار النفط عالميا و الشروع فى تنفيذ عمل إصلاحات ضريبية و اقتصادية و محاولة التحول من دعم عينى الى نقدى و إصدار قانون الاستثمار الموحد و قدوم العديد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة بعد مؤتمر مارس والذى يحظى بإقبال من الدول العربية التى تبحث عن استثمارات بديلة لتعويض انخفاض سعر البترول و بالتالى فالاستفادة ستكون متبادلة لجميع الأطراف. وقالت إن المؤتمر يتم الإعداد له بطريقة علمية من قبل الحكومة المصرية. و ترى ان الشعب المصرى و الحكومة استخلصوا دروسا مستفادة من التجارب الماضية منها ضرورة وضع رؤية اقتصادية طويلة الأمد. بالنسبة للاقتصاد العالمى توقعت إعادة ترتيب الدول الأولى اقتصاديا لأن أوروبا وصلت الى درجة الإشباع وأصبحت قارة عجوزا نتيجة انخفاض عدد الشباب بها على عكس اقتصاديات صاعدة فى أمريكا اللاتينية و بعض الدول الآسيوية و الصين. و تقول د. هبة نصار أستاذة الاقتصاد بكلية الاقتصاد و العلوم السياسية أن مصر أطلقت عدة رسائل مطمئنة قوية للعالم منها الشروع فى تنفيذ مشروعات قومية و بناء بنية تحتية قوية على الرغم من مرورها بأحداث كثيرة معرقلة الا ان هذا لم يحد من تصميمها على المضى قدما فى مسيرة التنمية. إضافة الى البدء فى إصلاح احد اهم أسباب الاختلالات الهيكلية فى الاقتصاد و هى الحد من الدعم و هو ما نال استحسان صندوق النقد الدولى. علاوة على الزيارات الخارجية المخطط لها بعناية فائقة لبعض دول العالم من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسى بغية جذب استثمارات و من المنتظر جنى الاقتصاد ثمار ذلك الجهد العام القادم. الا انها تشدد على ضرورة صياغة سياسة و رؤية واضحة لتحقيق العدالة الاجتماعية و زيادة نصيب الفرد من الدخل القومى و استهداف الفئات الأكثر فقرا مع عدم الإخلال بقواعد الاقتصاد الحر. و توقعت ان تستمر أزمة انخفاض سعر البترول لفترة بما يؤثر على الإنفاق العام و الاستثمارات الخارجية للدول النفطية و روسيا و الصين و ايضا على استقدام عمالة من الدول النامية و منها مصر و بالتالى فقدان مصر لمصدر رئيسى من العملة الصعبة. وتتوقع كذلك استقرار سعر صرف الجنيه فى مقابل الدولار مع ضرورة ربط الجنيه بسلة عملات العام القادم. ويؤكد د.حسين عبيد أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ان توقعاته بالنسبة للاقتصاد المصرى فى عام 2015 ليس لها علاقة بالتفاؤل او التشاؤم -على حد قوله- قدر مالها علاقة بتحليل مدخلات الاقتصاد المصرى فى النصف الثانى من عام 2014 و وضع بذور من المتوقع جنى ثمارها فى عام 2015 و منها البدء فى تنفيذ عدد من المشروعات اللوجستية و الإنمائية فى منطقة القناة و إنشاء شبكة ضخمة من الطرق لربط مراكز الإنتاج بالموانئ أضافة الى رفع التصنيف الائتمانى لمصر. واضاف ان التوجه الى إصدار قوانين استثمار جديدة من المنتظر ان تعالج المشكلات السابقة التى كان يشكو منها المستثمر الأجنبى و المصرى على حد سواء. الا أنه يوجد على الجانب الآخر قضايا مؤجلة و لم يتم حسمها فعلى سبيل المثال ورغم الجهود الرائعة لوزارة التموين إلا أنها لم تنجح فى توفير و العمل على استقرار أسعار السلع العادية الشائعة مثل الخصر و الفاكهة و مستلزمات المدارس التى يحتاجها المواطن و بالتالى فهو يتوقع ان يشهد العام القادم استمرارا لارتفاع أسعار تلك السلع و زيادة التضخم. أيضا من المشكلات العالقة التى يجب البت فيها قبل مؤتمر مارس الاقتصادى موضوع تملك الاراضى للمستثمرين الأجانب و العرب. و يطالب بضرورة التعامل مع تلك القضية بحذر لأنه ليس من حق الجيل الحالى التصرف فى أراض تعد ملكا للأجيال القادمة. وقال إن المشكلات العالمية التى ألقت بظلالها على الاقتصاد المصرى هبوط سعر النفط، فبالرغم من ان هذا سوف يؤدى الى انخفاض فى اسعار السلع المصنعة من ناحية و ما يترتب على ذلك من انخفاض فى فاتورة الواردات،الا انه من ناحية اخرى سوف ينتج عنه ارتفاع فى سعر صرف الدولار و بالتالى زيادة الأسعار النهائية للواردات. أيضا سيكون لة آثار سلبية على الدول النفطية و العربية بالرغم من استثمار تلك الدول لتدفقاتها النقدية فى شركات متعددة الجنسيات و أوراق مالية و أصول عالمية عالية الربحية فى عدد من دول العالم. و توقع د.عبيد أن تعاود أسعار البترول الارتفاع فى فبراير القادم بحد أقصى نظرا لأن المخزون العالمى من النفط لن يصمد أكثر من ذلك خصوصا فى فصل الشتاء. و من جانبها تتوقع د. أمنية حلمى مدير البحوث بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية ان تنعكس انخفاض اسعار النفط بالإيجاب على الاقتصاد المصرى فى عام 2015 نظرا لأن نسبة كبيرة من الموازنة العامة للدولة كانت توجه لدعم الطاقة بما سيقلل عجز الموازنة القادمة. إلا ان الوجة الآخر للعملة يحتوى على سلبيات فروسيا من أكبر الدول المتضررة من هبوط سعر البترول و بالتالى المتوقع انخفاض سعر صرف الروبيل فى مقابل الدولار مما سيزيد من تكلفة السياحة فى مصر بالنسبة للسائحين الروس وبالتالى عزوفهم عن القدوم الى مصر. ومن المتوقع خلال عام 2015 استمرار انخفاض الأسعار العالمية للغذاء و هذا بلا شك فى مصلحة مصر حال تمت إدارة منظومة النقل و الفاقد و التخزين و الوسطاء بكفاءة. وقالت إن مؤتمر مارس الاقتصادى سيجذب استثمارات عالمية و عربية خصوصا فى ظل جهود الدولة لعمل إصلاح تشريعى و اصدار قانون الاستثمار الموحد و بذلها جهود حثيثة للتصدى للفساد. و بفرض عدم ظهور آثار فورية للاستثمارات الجديدة على التشغيل إلا إنها ستعطى قدر من التفاؤل فى مجتمع الأعمال ومن المتوقع أن يصل نمو إجمالى الناتج المحلى إلى 4٪ فى الربع الأخيرمن العام القادم معربة عن أملها فى أن تترجم هذه الزيادة الى تحسن فى نصيب الفرد من الدخل القومى و ان لا تلتهم الزيادة السكانية النمو المأمول. ويقول الدكتور على لطفى رئيس وزراء مصر الأسبق إن مصر أنجزت كثيرا فى الجانب الاقتصادى مما يجعلنا نتوقع عاما افضل خلال 2015 خاصة مع السيطرة على الدين العام من خلال الرفع التدريجى لأسعار الطاقة الذى قامت به الحكومة 2014، ويرى أن القطاع الخاص سوف يشارك بكثافة خلال العام القادم وسوف يحقق للدولة إنجازا فى مجال الاستثمارات، مضيفا أن هناك عدة قوانين يجب أن تصدر على رأسها قانون الاستثمار لإضفاء مزيد من التسهيلات على المستثمرين خلال العام القادم، وأشار د. لطفى إلى أن وجود برلمان واستكمال الاستحقاقات السياسية سوف يساهم فى مزيد من النمو فى المؤشرات الاقتصادية التى تعود على معدل النمو بصفة عامة. الدكتور شريف دلاور أستاذ الإدارة بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا يقول : عندنا دلائل جيدة والدليل مؤشر فيتش العالمى الذى رفع تصنيف مصر الائتمانى الي ما قبل الأزمة المالية العالمية سنة 8002 . ويضيف : هناك مؤشر جيد أيضا يساعد علي تصورى المتفائل وهو إعادة العلاقات الجيدة مع دول العالم والتحسن الأخير فى العلاقات المصرية القطرية نتيجة الجهود السياسية والمعلوم أن الاقتصاد تبع للسياسة. وهناك يستطرد د. دلاور الحلول الفعالة لأزمة كبرى عانت مصر منها كثيرا وهى أزمة الدعم فلا شك أن المنظومة الجديدة سواء كانت علي مستوى دعم الطاقة أو مستوى دعم رغيف الخبز وضعت حدا وأغلقت بابا كبيرا من أبواب النهب والاهدار كانت تسبح فيه هذه المنظومة. ويستدرك : ولاشك أنه مع هذا التفاؤل لابد أن نلقى الضوء علي وجود مشاكل اقتصادية يعمق منها الأسلوب الأدارى الذى يدار به الملف الاقتصادى خاصة الملف النقدى الذى يدار بالعقلية »المباركية« التى وضعتنا فى أزمة سعر صرف الدولار حاليا. فجميع دول العالم التى تتبنى الاقتصاد الحر لايوجد بها سعران لصرف أى عملة أجنبية كما هو الحادث فى مصر حاليا .. فهذا الفكر لا يتعامل مع الواقع الاقتصادى كما ينبغى أن يكون عليه الأساس الاقتصادى لادارة الملف النقدى .. إذ لا يمكن تصور أن يتحكم السوق الموازى أو شركات الصرافة فى أكثر من 57٪ من حيلة النقد الاجنبى التى تحتاجها البنوك والصناعة والاستثمار ولعل فى هذا تشخيص حقيقى لأزمة عجز ميزان المدفوعات التى تعانى منه مصر فى الآونة الأخيرة. وأخيرا أقول لابد من جرأة فى اتخاذ خطوات من شأنها تصحيح المسار خاصة فيما يتعلق بوجود سعرين للدولار حتى يكون سعرا واحدا مع تحمل تكلفة تنفيذ هذا القرار. ويؤكد الدكتور حسن أبوسعدة الخبير الاقتصادى يتوقع ألا يحدث تحسن ملحوظ فى 5102 عن 4102 فعام 5102 سيشهد كما هو مخطط له أحداثا مؤثرة مثل انتخابات مجلس النواب ، وكذلك المؤتمر الاقتصادى المقرر عقده فى شهر مارس الذى ينبغى أن تستعد له الحكومة ومنظمات الاعمال أكثر من ذلك، وهناك ايضا افتتاح قناة السويس الجديدة المقرر فى شهر سبتمبر .. كل هذه الخطوات الكبيرة لن يظهر تأثيرها بين عشية وضحاها أو فى يوم وليلة بل إن ثمارها سيأخذ وقتا حتى يظهر أثره. ويقول : لكى تعزز من مؤشرات التقدم لابد أيضا من تعظيم الاهتمام بملف الامن واعداد قوانين وتشريعات ليست لجذب الاستثمار الأخيرة فقط ولكن لضبط السوق لتحقيق تنمية شاملة للبلد وأن تعد تلك التشريعات وفقا للمعايير العالمية فى الاقتصاد. ويقترح لكى تجعل من عام 5102 عما مؤثرا فى الحياة الاقتصادية بأنه لابد من التخلى عن حالة الارتجالية التى تتعامل بها مع الاقتصاد وذلك بوضع خطط استراتيجية قصيرة الأجل لمعالجة الواقع الاقتصادي حاليا وأخرى طويلة الأجل لتبنى مصر المستقبل عن طريق وضع تصور مستقبل للمشروعات الكبرى ومستهدفات قومية لا ترتبط بأى نظام. مطلوب أيضا التعامل مع الافكار الابتكارية ووضع الأولية لأصحابها لقيادة المرحلة المقبلة. وكذلك مطلوب وضع سياسة نقدية بعيدة عن الإطار التقليدى الذى تتعامل به القيادة المصرفية الحالية للتغلب علي الفارق النقدى بين سعرى التعامل علي الدولار ، وايضا لابد من إحياء »البنوك المتخصصة« بأسلوبها الذى تتميز به فى التمويل .. ولابد من إعادة منصب وزير الخزانة الذى كان موجودا من قبل فى مصر وهو منصب موجود فى دول العالم المتقدم بصلاحياته التى يختلف عن صلاحيات وزير المالية.