أصبح فى حكم المؤكد أن الرخصة الموحدة ستكون خلال أيام تأكيدا لتصريحات المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، الذى قال سنمنح المصرية للاتصالات الرخصة الرابعة للمحمول، وأيضا تصريحات وزير الاتصالات المهندس عاطف حلمى، كما اعتبرت شركات المحمول أن قرار إصدار الرخصة الموحدة بات فى يد وزارة الاتصالات والجهاز القومى لتنظيم الاتصالات. لكن مع تصريحات المهندس نجيب ساويرس الأخيرة وضغط شركات المحمول الثلاث خلال الشهور الماضية نكتشف أن هناك تفاصيل يمكن التعرف عليها من خلال هذا التحقيق. يقول المهندس محمد ابوكريشة امين عام جمعية مهندسي الاتصالات يمكننا تفسير كل التصريحات والاحداث التى تدور فى قطاع الاتصالات فى مصر على ضوء تاريخى، حيث بدأت الخصخصة فى قطاع الاتصالات منذ أن تقدم الامريكان فى 1993 باتفاقية لاعتمادها من مجلس الشعب المصرى، وبمقتضاها يتم بدء الخصخصة فى قطاع الاتصالات وانشاء مركز لمراقبة وتشغيل شبكة الاتصالات العامة فى مصر المعروف باسم (النوك)، والذى أثيرت حوله شبهات عديدة بارتباطه بمشروع الايشلون (وتعنى النسق) والذى تتجسس به امريكا على الشاردة والواردة بكل دول العالم بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، مستندا فى ذلك للدكتور د. قدرى سعيد فى مقال "الأذن الكبرى التى تتجسس بها امريكا على العالم". وبالنسبة للخصخصة، بدأت خطواتها الأولى بغرض بيع شبكة المحمول الأولى التى امتلكتها الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية فى عام 1996. واضاف انه فى 1998 تم تحقيق شرط المعونة الأمريكية بخصخصة الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية بصدور قانون تحويلها الى قطاع أعمال، وفى 2003 غلب الطبع التطبع لوزير الاتصالات حينها د. أحمد نظيف وتم فرض بيع الرخصة الثالثة للمحمول بقيمة 1.8% مليار جنيه ايضا للقطاع الخاص بحجة ان ظروف السوق لا تسمح وكان مذهلا بعدها بيع رخصة المحمول بمبلغ 17مليار جنيه. واستمر مشروع الخصخصة فى قطاع الاتصالات المصرى وتحت شعارات مبهجه مثل جذب رءوس الأموال الأجنبية للاستثمار فى مصر، واستمر مشروع الخصخصة فى قطاع الاتصالات وابرز ملامحه التنازل عن السيادة الوطنية فى سوق الاتصالات امام المصالح الأجنبية حتى بلغت امتلاك الاستثمارات الاجنبية ل75% من مقدرات سوق الاتصالات وهذا لم يحدث فى بلد آخر. وكذلك تم تقييد المشغل الوطنى (المصريه للاتصالات) عن دخول سوق خدمات الاتصالات الجديدة فى الانترنت والمحمول وهذا لم يحدث فى اغنى البلاد الرأسمالية التى بدء بها الخصخصة تاريخيا مثل اوروبا الغربيةوامريكا فلم يسمح للقطاع الخاص بالدخول فى أسواق الاتصالات والصحة والنقل والتعليم إلا بشروط تقديم خدمة تنافسية جيدة مع ما تقدمه الدولة بالإضافة لالتزامه بمسئولياته الاجتماعية ولم يترك السوق لغرض الاقتراض من البنوك والهروب (نواب القروض). واضاف أبوكريشة انه لم يترك السوق لنزح الأرباح المحققه من جيوب المصريين للخارج بدون أى قيد أو شرط، واستمرت الأمور فى قطاع الاتصالات على هذا المنوال بقيادة المخصخصين حتى وصلنا إلى الرخصة الموحدة وشروطها المجحفة للكيان الوطنى (المصرية للاتصالات) والتى تتضمن فرض تخارجه من فودافون بالرغم من أنها لا تملك حصة حاكمة. واضاف ان خصخصة البنية الأساسية للجهاز العصبى للاتصالات فى مصر رغم أن بلدا مثل امريكا رفضت فيها المخابرات المركزية الأمريكية ان تقوم جهة أجنبية بإدارة جزء صغير فى بنيه شبكة الاتصالات العامة فى امريكا، علاوة على ان هناك امورا غامضة فى الرخصة الموحدة تتقيد بمدة معينة. وتساءل. إذا تخارجت إحدى الجهات الأجنبية من السوق ولم تتجدد الرخصة فما هو موقفها من حيازتها من الاسهم فى الجهاز العصبى للاتصالات فى مصر؟ موضحا ان الجهاز العصبى للاتصالات لايقل خطورة عن الامن الوطنى القناة السويس التى تم تحديد التمويل عن طريق شهادات استثمار وبالتالى ليس لاحد ملكية فيها. وقال أبوكريشة فى حقيقة الامر أن الخطوة الحالية آخر الخطوات فى اصدار الرخصة الموحده بشروطها التى تم توضيحها لاتمثل سوى حلقة أخرى من حلقات ملف الخصخصة المصرية والتى يمكن على ضوء هذا الخيط تفسير كل التصريحات والتحركات من مجموعة رجال الأعمال كبيرها وصغيرها التى تقود قطاع الاتصالات المصرى. اما المهندس احمد العطيفي، خبير اتصالات وتكنولوجيا المعلومات فقال ان المهندس نجيب ساويرس يتصرف بوطنية بحتة وآراؤه التى نشرها أخيرا لابد من النظر اليها بعنابة شديدة جدا واخذها فى عين الاعتبار. وقال ان الشركة المصرية للاتصالات تحتاج الى إعادة النظر فى استراتيجيتها كما أن المحمول ليس هو الحل لمشاكل الشركة المصرية للاتصالات وانما يمكن ان يضيف الى مشاكلها وان الخساره التى قد تتحقق من بيع حصتها فى فودافون والمنافسه فى سوق الاتصالات الدولية لها فى السوق التى تحتكرها قد يكون تأثيره اكبر من العوائد أو الفوائد التى تعود عليها من رخصة المحمول. وقال العطيفى لابد ان المصرية للاتصالات تنظر الى الفرص الاخرى الواعدة التى يمكن اقتناصها سواء فى السوق المصرى او الاسواق الخارجية. وقال ان الرخصة الرابعة يمكن ان تكون لها مشكلة اكبر مما هى فيه. وقال ان قدرة المصرية للاتصالات على المنافسة مع شركات المحمول ضعيفة جدا نظرا لعدم وجود كوادر مناسبة. وقال ان ما يعرض من آراء القائمين على الامر والشعارات الوطنية هذا ينم عن سذاجه ففيها كثير من الشعارات وقليل من الحقائق والارقام راجيا ان يكون للمصرية للاتصالات دراسة جدوى حقيقية وخطة تفصيلية للتنفيذ حتى لاتتسبب القيادات الموجودة فى ضياع موارد الشركة وأموالها وراء مغامرات غير محسوبة وطموحات شخصية ليس لها صله بالواقع. وقال ان موظفى الشركة المصرية للاتصالات (45 ألف موظف) يستحقون فرصة للعمل والانتاج مثل زملائهم فى شركات المحمول الذين يعملون على مدار الساعة ولكن لايجب ان تكون هذه الفرص على حساب مستقبل قطاع الاتصالات فى مصر، فالاتصالات هى عصب الاقتصاد ومصر قد تأخرت فى خلال الخمس الماضية عن اقرانها فى العالم بعد ما كانت متفوقه عليهم. وقال لابد ان ندرك ان شركات المحمول الثلاث لديهم عمالة مباشرة قدرها 20 ألف وغير مباشرة تزيد على ال100 ألف ولابد لصانع السياسات ان ينظر نظرة متوازنة بحيث لايؤثر على مصالح العاملين فى القطاع الخاص والذين ليس لديهم مصدر دخل منتظم وليست لديهم امتيازات الثبات الوظيفى التى يستمتع بها موظفو المصرية للاتصالات، قبل ان يأخذ اى قرارات ولم يستفيدوا من فرص العمل ولم يكلفوا الدولة أى شىء لتوفير فرص عمل لهم، وجزء كبير منهم من دافعى الضرائب قبل ان يأخذ قرارات تؤثر على ربحية شركات المحمول الثلاث. وقال ان المصرية للاتصالات لم تستثمر استثمارات جديدة فى البنية التحتية خلال السنوات العشر الماضية وانها مسئولة بصورة كبيرة عن سوء خدمة الانترنت التى نعانى منها اليوم، وسوء خدمة اتصالات المحمول، حيث انها غير قادره اوغير راغبه - لست ادري - على توفير عقود مستويات الخدمة المطلوبة طبقا للمقاييس العالمية وهذا يؤثر على قدره مرفق الاتصالات ان يحاسب شركات المحمول على سوء الخدمة. فيما قال المهندس محمد النواوى الرئيس التنفيذى للمصرية للاتصالات إن الشركة تمتلك إمكانات بشرية تؤهلها لأن تصبح مشغلاً عالميا للاتصالات، موضحاً أن الانفتاح على كامل مساحة السوق سيتيح للشركة زيادة مواردها، ومن ثم تلبية تطلعات عملائها وتعظيم ثروات المساهمين وزيادة العائدات للدولة، وكذلك تحقيق جميع طموحات العاملين. وأوضح النواوى أن السياسات التى تتبناها المصرية للاتصالات تعتمد على تطبيق اللامركزية فى اتخاذ القرار بهدف إنجاز أكبر كم ممكن من الأعمال دون الحاجة إلى الرجوع إلى المقرات الرئيسية للشركة فى القاهرة، توفيراً للوقت والجهد، معربا عن تقديره للدور الكبير الذى يقوم به أبناء الشركة من أجل الارتقاء بمستوى الخدمات التى تقدمها الشركة، وأن عليهم إدراك اللحظة التاريخية التى تمر بها وهى على مشارف الدخول إلى سوق المحمول، وأن نجاح الشركة فى هذه المرحلة يعتمد على ما يبذله العاملون من جهد. جدير بالذكر أن الرخصة الموحدة تتيح لشركات الاتصالات تقديم جميع خدمات الاتصال كالهاتف الأرضى والهاتف المحمول والإنترنت الأرضى والمحمول. ويتضمن نظام الترخيص الموحد ثلاث مراحل: الأولى تبدأ من عام 2014 إلى عام 2015 وتتضمن منح المصرية للاتصالات ترخيص محمول بدون ترددات بالاعتماد على شركات المحمول بنحو 2.5 مليار جنيه، ومنح ترخيص الثابت لشركات المحمول بالاعتماد على شبكة المصرية للاتصالات بنحو 100 مليون جنيه لكل شركة، ومنح الكيان الجديد ترخيص إنشاء وتأجير بنية أساسية بنحو 300 مليون جنيه للشركة الراغبة فى الحصول على ذلك.