هذا الأسبوع، أمام رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي مهمة يجب إتمامها ، وهي مهمة تتعلق بالتجارة الحرة على وجه التحديد. وكانت الولاياتالمتحدةالأمريكية في 23 يناير الماضي، بعد سبعة أعوام من المفاوضات، قد انسحبت من اتفاقية شراكة عبر المحيط الهادي، وهي اتفاقية تجارية كبيرة ومحور أساس لاستراتيجية نمو اقتصاد اليابان الذي يعتمد على الصادرات. وتمثل الدول الموقعة على الاتفاقية، ومن بينها أمريكا، نحو 40 % من اقتصاد العالم و 26 % من تجارة العالم. وكانت كل من دول أمريكاواليابان واستراليا وبروناي وكندا وتشيلي وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا وبيرو وسنغافورة وفيتنام قد وقعت الاتفاقية عام 2016. وقال ماثيو دوشاتيل نائب مدير برنامج آسيا والصين في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ومقره باريس " اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي مهمة لليابان، فقد كانت محور أوباما في آسيا". وأضاف " الحكومة اليابانية شعرت بخيبة أمل شديدة عندما انسحبت الإدارة الأمريكية الجديدة من الاتفاقية". ولكن بدلا من التراجع عن أجندته التجارية، يقود آبي مهمة هجومية . وأثناء زيارته لأوروبا هذا الأسبوع سيتجه آبي نحو بروكسل ، حيث سوف يلتقى غدا الثلاثاء برئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك. ويشار إلى أن اليابان والاتحاد الأوروبي يجريان مناقشات بشأن اتفاقية التجارة الحرة منذ مارس 2013، ويأمل آبي أن يعطي الاتفاق الدفعة النهائية والسياسية المطلوبة لكي يتم إقرار الاتفاقية هذا العام. وقال دوشاتيل " بالطبع هناك زخم". وأوضح " توقيع اتفاقية تجارة حرة جديدة مع أوروبا سوف يكون ذو منفعة اقتصادية وسياسية لليابان.مواجهة النفوذ الصيني عالميا يعد محور السياسة الخارجية تحت قيادة آبي، لذلك فان اليابان مهتمة بتسريع المفاوضات والتوصل لصيغة نهائية مبكرا". وقد أوضح كل من يونكر وتوسك ، بدعم من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ومسئولين أوروبيين آخرين ، أنه يجب التوصل لصيغة نهائية لاتفاقية تجارة حرة مع اليابان في أقرب وقت ممكن. ويبدو أن أوروبا في نفس المركب مع اليابان: حيث توقفت مفاوضات التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا في إطار اتفاقية الشراكة التجارية والاستثمارية العابرة للأطلسي. وإذا ألغت اليابان ودول الاتحاد الأوروبي جميع الرسوم الجمركية ، وقاما بتحرير تجارتهما كليا، فان إجمالي الناتج المحلي في أوروبا سوف يرتفع بنسبة 75ر0% بحلول عام 2030، وذلك بحسب تقييم وضعته المفوضية الأوروبية لتأثير توقيع اتفاقية تجارة حرة بين الاتحاد الأوروبي واليابان. وقالت اليتسا جارنيزوفا الباحثة في كلية لندن لعلوم الاقتصاد، التي ساعدت في وضع هذا التقييم " من المتوقع تحقيق مكاسب كبيرة في عدد من القطاعات من بينها قطاع الزراعة في أوروبا وقطاع السيارات فى اليابان وذلك جراء إحياء التجارة بين أوروبا واليابان". وبخلاف الفرص الاقتصادية، ترى أوروبا واليابان أن توقيع اتفاق تجاري يعد بمثابة فرصة سياسية لمواجهة حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتعلق بالحمائية. ويقول بيتر يازيك، العضو التشيكي في البرلمان الأوروبي ورئيس وفد العلاقات مع اليابان " يبدو أن الإدارة الأمريكية تبنى حصنا عندما يتعلق الأمر بالتجارة الحرة، لذلك هناك حاجة لأن تكون هناك قدوة". وتدرك بروكسل وطوكيو فوائد التوصل لاتفاقية التجارة، ولكن مازالت هناك نقاط عالقة بعد إجراء 17 جولة من المفاوضات. على سبيل المثال، تريد اليابان السماح لها بالوصول بصورة كاملة لقطاعي السيارات والإلكترونيات في أوروبا، في حين تريد أوروبا الوصول الكامل لسوق الزراعة في اليابان لتصدير منتجات الألبان واللحم. وكان المزارعون اليابانيون، الذين يمثلون شريحة انتخابية مهمة للحزب الديمقراطي الليبرالي الذي ينتمى له آبي، قد وقفوا في طريق التوصل لاتفاقيات تجارة حرة مع دول في المنطقة، ولكن المحللين يقولون إن آبي مستعد هذه المرة لتقديم تنازلات ومقاومة اللوبي الزراعي القوي في اليابان. وترى أوروبا أنه بعد عقود من السير وراء الولاياتالمتحدة ، قد يكون عام 2017 هو عام تغيير الوضع التجاري.