يجمع الكثير من الخبراء علي أن هناك العديد من الثغرات والثقوب التي يعاني منها نظام الأجور في مصر وتهدد بفشل نظام الحد الاقصي. في مقدمة هذه الثغرات والثقوب نظام المستشارين وتمثيل الشركات الحكومية في مجالس إدارات شركات أخري. ويشير هؤلاء إلي ضرورة إحكام الرقابة عند تطبيق نظام الحد الاقصي للأجور ضمانا لتفعيله علي نحو أكثر كفاءة وبما يحقق الهدف منه. علي الرغم من ان الرواتب الحكومية متدنية للغاية في الجهاز الاداري للدولة فإن هناك العديد من مصادر لدخل بعض الموظفين في الدولة تساهم في إحداث طفرة في دخله بحيث يصبح ما يحصل عليه عشرات الاضعاف لهذا المرتب منها بدلات الحضور في جلسات مجالس الادارات واللجان المختلفة فضلا عن ظاهرة العمل كمستشارين في الشركات او الوزارات. وقد صدر قرار مؤخرا من مجلس الوزراء بحصر المستشارين في الوزارات الذين يتركز معظمهم في وزارات كالمالية والتخطيط والتنمية الادارية, ويتقاضون ما يمثل9% من حجم الرواتب التي يتقاضاها الجهاز الحكومي بالكامل في الدولة, وقد أكد د. حسام عيسي نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق أن الحكومة تتحمل ما يقرب من68 مليون جنيه شهريا تمثل تكلفة مرتبات المستشارين بالوزارات فعلي سبيل المثال هناك أحد المستشارين بوزارة التضامن الاجتماعي يحصل علي راتب شهري يقدر بنحو19 الف جنيه, بالاضافة الي بدلات حضور اللجان وبدلات انتقال وعضوية مجالس ادارات5 جهات أخري وايضا وزارة المالية يوجد بها نحو3 مستشارين للقيام بمهمة واحدة وهي التمثيل الاعلامي للوزارة, وقطاع الاعمال العام ايضا يوجد به ما يقرب من600 مستشار في147 شركة ومعظمهم تجاوز سن المعاش, ويقول مصدر مسئول بوزارة الاستثمار ان عدد المستشارين بإحدي الشركات القابضة حتي عام2011 بلغ9 اشخاص مقابل43 موظفا بعد استبعاد السائقين وعمال الخدمات وعقب ثورة يناير ونتيجة للضغوط الاعلامية الشديدة علي رئيس الشركة القابضة قام بإنهاء تعاقد5 منهم, ويتقاضي المستشارون ما يقرب من6 آلاف جنيه شهريا معفاة من الضرائب( أي تتحمل الشركة القابضة الضرائب المفروض ان يسددها المستشار) ولا يقتصر الامر علي الأجر بل تتعدد مصادر دخل المستشارين علي النحو التالي: عضوية مجالس ادارات الشركات المساهمة( المشتركة) أي التي يوجد بها حصة لقطاع الاعمال العام وحصة أخري للقطاع الخاص ويعقد المجلس اجتماعا شهريا علي الاقل مقابل3 آلاف جنيه للجلسة الواحدة ومعظم المبالغ قد تدفع تحت مسمي بدل انتقال للتهرب من الضرائب بخلاف عضوية لجنة علي الأقل في هذه الشركة كما يتقاضي مكافأة عن حصة العضو في ارباح الشركة وبلغ ما يتقاضاه اثنان من المستشارين يمثلان هذه الشركة القابضة في مجالس ادارة الشركات المشتركة في عام2011 نحو150 الفا لكل منهما. وذلك فضلا عن بدلات حضور اللجان بالشركة القابضة والشركات التابعة ويضربون رقما قياسيا في اللجان المنعقدة فقد رصد أحد تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات حضور شخص واحد100 اجتماع في شهر واحد بينما ايام العمل الفعلية25 يوما, وأضاف المصدر ان تقرير الجهاز رصد ان الموضوعات المطروحة كلجان هي من صميم عمل الادارات التنفيذية ولا يحتاج للجان اصلا لتشكيلها ويمكن القول بأن المستشارين جميعا لا يؤدون عملا مميزا فعلي سبيل المثال المستشار المالي دوره الاساسي التفاهم مع بعض اعضاء الجهاز المركزي لتخفيف الملاحظات فضلا عن بعض الحيل لتحسين ميزانية الشركات التابعة لكي لا تظهر خسائر بينما هي خاسرة في الواقع والبذخ والتبديد لا يقفان عند المستشارين فحرص رؤساء الشركات القابضة علي استمرار عضويتهم في مجلس ادارات للشركات المشتركة يمثل مصدرا آخر لبدل الحضور ومكافأة مقابل الارباح بالرغم من صدور فتوي مجلس الدولة تنص علي التفرغ الكامل لمن يشغل رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب لشركة قطاع اعمال عام وعدم عضويته لمجلس ادارة شركة أخري فرئيس مجلس الادارة للقابضة واعضاء المجلس يتقاضون1200 جنيه كبدل حضور مجلس الادارة وهو اجتماع شهري فضلا عن حضور40 جمعية عمومية سنوية للميزانية والموازنة التقديرية وجمعية عمومية غير عادية للشركات الخاسرة وحصص في ارباح الشركة القابضة التي حددها القانون ب5% من الارباح ولا يقل نصيب العضو عن100 الف جنيه بخلاف العضوية في اللجان المختلفة. ويؤكد المصدر انه لا يصح وجود المستشارين في قطاع الاعمال العام فتواجدهم يمثل إهدارا للطاقات البشرية الموجودة في الشركات فضلا عن استنزاف موارد الشركات, ويري انه لإحكام السيطرة علي عدم تجاوز الحد الاقصي لابد من ربط ما يحصل عليه الموظف بالرقم القومي بحيث يسهل معرفة جميع ما يتقاضاه من مبالغ, ومن اشكال التلاعب ان يتم صرف مكافآت وبدلات للموظفين تحت مسمي مصروفات نثرية او ضيافة, حيث تقوم الشركة باستصدار فاتورة من احد المطاعم الكبري وفي واقع الامر هي مكافآت وبدلات لموظفين في الشركات ويحصلون عليها مباشرة دون التوقيع ووجود أي إثبات مستندي لهذه المبالغ ومن ثم فإن ربط ما يحصل عليه كل هؤلاء الموظفين بالرقم القومي يساهم في تخفيف التلاعب في الحصول علي مبالغ تفوق الحد الاقصي للأجور او اموال بغير وجه حق او مشاركة حقيقية في الانتاج. ويري نادر الوكيل عضو المجلس القومي للأجور ان تحديد حد اقصي للأجور كان يعد امرا ضروريا للغاية نظرا للتفاوت الصارخ في الدخول لبعض العاملين بالجهاز الاداري الحكومي ويؤكد نادر ان الحد الاقصي الذي يحصل عليه الموظف يشمل كل ما يتقاضاه من اموال سواء المرتب والبدلات والمكافآت او عضوية اللجان وليس الراتب فقط أي كل ما يتحصل عليه من اموال من جهات حكومية في الدولة وحدد ذلك كله ب42 الف جنيه كحد اقصي. ويضيف قائلا: ان موازنة الدولة وما تعاني منه من عجز لا يتوافق إطلاقا مع ما يحصل عليه بعض العاملين بالجهاز الاداري للدولة فعلي سبيل المثال لا الحصر هناك أحد وكلاء وزارة المالية راتبه الاساسي لا يتجاوز700 جنيه لكنه عضو في كل اللجان المشكلة من قبل الوزارة ويتقاضي عن عضوية هذه اللجان ما لا يقل عن20 الف جنيه شهريا وبطبيعة الحال فإن عضوية هذه اللجان تأتي في اطار المجاملات. ويؤكد الوكيل ان الحد الاقصي للأجور حدد ب35 مثلا من أجر الدرجة الثالثة وفقا للوزارة او الجهة الحكومية التي يعمل بها الموظف وفي جميع الاحوال لا يتجاوز هذه القيمة الحد الاقصي والمقدر ب42 الف جنيه. ويري الوكيل ان الرقابة الكاملة والفعالة هي الضمانة الوحيدة لعدم وجود أي ثغرات في تطبيق الحد الاقصي وهو امر في غاية الضرورة لاسيما انه سوف يؤدي في النهاية الي حدوث عدالة لاسيما انه سوف يؤدي في النهاية الي حدوث عدالة في التوزيع وقد ينتج عن تطبيقه بعض ردود فعل سلبية من جانب بعض كبار الموظفين في الدولة لكنه سوف يعطي فرصة اكبر للشباب ويساهم في عمل صف ثان من القيادات. ويقول د. رضا العدل استاذالاقتصاد- كلية التجارة جامعة عين شمس إننا قد نواجه بالمماطلة وبالمناورة من بعض كبار الموظفين الذين سوف يتأثرون سلبيا من جراء تطبيق الحد الاقصي لانه اذا لم يكن الامر طواعية كما فعل بعض المسئولين في الدولة فسوف يقابل بالمقاومة من المتضررين منه. ويري د. العدل انه لابد من وضع قواعد حاكمة للرقابة للقضاء علي اي سبيل للتحايل لتجاوز الحصول علي ما يزيد علي الحد الاقصي وكلما كانت الرقابة محكمة زادت فاعلية القرار. ويشير د. العدل الي احد مظاهر التراجع في موارد الدولة في ظل فوضي بدلات التمثيل والحضور في اللجان والمؤتمرات ويقول علي سبيل المثال ممثل الجهات الحكومية مثل الجامعات مثلا بدلاتهم معفاة من الضرائب. ويقول فواد ثابت رئيس اتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية ان تطبيق الحد الاقصي للاجور هدفه الاساسي هو توزيع الثروة وفقا لقواعد العدالة الاجتماعية ولطالما طالبنا بتطبيق الحد الاقصي للاجور قبل تطبيق الادني, لان هذا الاخير يحتاج الي حزمة من الاصلاحات التشريعية. ويري ثابت انه لا سبيل لوجود ثغرات في تطبيق الحد الاقصي للاجور حيث من المقرر ان يحكم موارد الموظف المتحصل عليها من الدولة ولكن قد يترتب علي تنفيذه عدد من الاثار السلبية علي سبيل المثال عرقلة العمل من بعض الموظفين المتضررين من تنفيذ القرار او زيادة الرشوة والفساد لتسيير الاعمال في ظل تراجع الدخول التي كان يحصل عليها بعض المسئولين ومن ثم لابد من وجود رقابة فعالة حتي لا نفاجأ بتوقف العمل في احدي الجهات وان يستبدال فورا بالقيادات المعطلة أخري شابة منتجة وهذا يضخ دماء جديدة للجهاز الاداري الذي شاخ منذ عشرات السنوات ويحتاج الي تجديد في كل اجهزته التابعة, بمعني ان تتم الرقابة المالية بالتوازي مع الرقابة علي الاداء والانتاج وبالتالي يتحقق المستهدف النهائي لهذا القرار. اما د. عبدالمنعم التهامي استاذ التمويل والاستثمار بكلية التجارة بجامعة حلوان فيقترح تطبيق الحد الاقصي للاجور لمدة5 سنوات كمرحلة انتقالية لتطبيق هذا القرار وتتم اعادة تقييم الاثار الاجتماعية والاقتصادية لتطبيق هذا القرار لان هذا القرار بمثابة تسعيرة جبرية تساوي الرديء بالجيد فلا احد يمانع في تطبيق العدالة ولكن ذلك قد يخنق بعض الكفاءات وعقب انتهاء فترة الخمس سنوات يتم اعادة هيكلة الوظائف والاجور علي اسس سليمة فلابد ان يعكس الاجر طبيعة الوظيفة ومعيار الكفاءة سوف يظل دائما هو المعيار النموذج لتقدير الاجور وعن اشكال الثغرات التي يمكن ان تواجه تنفيذ قرار الحد الاقصي فهي بدلات السفر التي يحصل عليها العاملون بالدولة واذا نظرنا الي المزايا العينية التي يحصل عليها المسئولون فهي ايضا تعد بوابة ملكية للاسراف واهدار المال العام مثلا يكون لدي المسئول ما لا يقل عن ثلاث سيارات فضلا عن حصوله علي اماكن للترفيه مثل مصيف في احدي قري الساحل الشمالي فضلا عن الهدايا التي يحصل عليها هؤلاء المسئولين فهي شكل من اشكال التربح فلابد من تحجيم ذلك كله في ظل تحجيم دخول كبار العاملين بالدولة وان تكون هناك حصة من البنزين لا يتجاوزها المسئول للحد من الاستخدامات الشخصية للمسئولين لسيارات الدولة. ويقول د. تهامي انه لابد ان يشهد الحد الاقصي زيادة سنويا لا تقل عن10% بحيث تواجه الزيادة في الاسعار والتضخم وتكفل في ذات الوقت حياة كريمة للموظف وتمنعه عن اللجوء للاساليب غير القانونية لتعويض ما كان يحصل عليه من مبالغ مسبقا.