*40 مليار جنيه من تطبيق القيمة المضافة *تطبيق الحد الأقصي يمول الحد الأدني للأجور *تغيير شامل في الموازنة وربطها بالأداء والإنتاج -------------- صدقت توقعات الاقتصادي عندما وضعت موازنة2014/2015 امام الرئيس السابق المستشار عدلي منصور ورصدنا تخوف المحللين الماليين من رفض الرئيس السيسي لموازنة الدولة لأن الموازنة إنما تعبر بالدرجة الاولي عن سياسة عمل رئيس الجمهورية واتجاه حكومته, وهذاماحدث بالفعل عندما هزمت الديون- التي وصلت الي2 تريليون جنيه وتستحوذ فوائد الديون وخدمتها علي25% من الانفاق في الموازنة- موازنة الحكومة الانتقالية لتعود اليها من جديد لوضع سياسة جديدة يضفي عليها التقشف والترشيد طابعا جديدا ولكن ليس مختلفا لأن التقشف وحده لا يكفي, وانما يحتاج تعديل الموازنة العامة للدولة بسياسة استراتيجية شاملة تقوم علي العمل الدائم. ويأتي هذا الرفض للموازنة في وقت حرج حيث يبدأالعمل بالموازنة في الاول من يوليومن كل عام, ويحتاج التعديل الذي افصح هاني قدري وزير المالية عن ملامحه الاساسية في خفض عجز الموازنة الي10% من الناتج المحلي ليصل الي حوالي200 مليار جنيه اجراءات كثيرة ربما لا تستطيع الموازنة القيام بها كلها في هذا الوقت الضيق وانما تتجه استراتيجية وزارة المالية خلال المرحلة المقبلة الي تطبيق ضريبة القيمة المضافة بشكل كامل لتوفر40 مليار جنيه بداية من العام الثاني للتطبيق وفق ما اعلن عنه وزير المالية بالاضافة الي خفض الدعم الموجه للطاقة وتطبيق الحد الاقصي للاجور الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية بالاضافة الي اتباع سياسة تقشفية في الانفاق تعتمد علي مراعاة البعد الاجتماعي وعدم الاضرار بالفقراء ومحدودي الدخل, فهل تصلح الاجراءات التقشفية في بناء اقتصاد بعد سنوات عجاف خسر فيها الاقتصاد المصري الكثير؟ اجابة السؤال في التحقيق التالي: رصد البيان المالي لموازنة الدولة الذي قدم لرئيس الجمهورية مع الموازنة توجيه نسبة من الاستثمارات لزيادة معدلات التشغيل باعتبارها خط الدفاع الاهم لمحاربة الفقر وتحسين الاوضاع المعيشية, بالاضافة الي ارتكاز الموازنة علي تحقيق الاستقرار الاقتصادي علي مستوي المؤشرات الكلية خاصة وان عجز الموازنة الذي رفض من قبل رئيس الجمهورية كان في حدود12% من الناتج المحلي هذه الرؤية التي تبدو في ظاهرها حسنة النوايا تحتاج الي آليات تنفيذ واضحة وشاملة هذا ما اكده الخبير الاقتصادي هاني توفيق مشيرا الي اتباع سياسة تقشفية ليس امرا جديدا ولكنه سبق وان اتخذته دول كثيرة مرت بأزمات مالية طاحنة استطاعت بعد اجراءات استهدفت الترشيد في الانفاق وكان لهذا اثار سلبية ولكنها علي المدي القصير فقط وانما آتت هذه السياسات أكلها في المدي البعيد واذا كان الهدف هو كبح جماح الديون حتي لا تترك الحكومات المتعاقبة ميراثا ثقيلا من الديون للاجيال القادمة, فهو هدف جيد مجرد وضع حدود للاستدانة وتوقف نزيف الديون امرا ليس سهلا, واضاف توفيق ان الحل من وجهة نظره هو رفع الدعم عن الطاقة بشكل كامل واستبدال سياسة الدعم العيني بالنقدي مع توفير مظلة حماية لوصول الدعم النقدي لمستحقيه ودون تأخير, لأن الاقتصاد في مجمله يعتمد علي دوران النقود وما يحدث عند الدعم العيني ان السلعة المدعومة في السيارات الخاصة وينتهي الأمر ولكن النقود عندما تدور في الاسواق تسجل دورة نقدية تسهم في تنشيط عجلة الاقتصاد وخفض نسبة البطالة والتضخم واضاف ان الحكومة عليها ان تضع اطرا مناسبة لتنفيذ سياسات الرئيس وتبدأ في اتخاذ قرارات حاسمة تجاه الاموال التي تنفق بلا عائد حقيقي سواء كانت متعلقة بالدعم العيني للطاقة او الانفاق الحكومي المبالغ فيه علي الوزراء ومكاتبهم. يتفق مع هذا الرأي الدكتور احمد غنيم استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة موضحا انه في ظل الظروف الصعبة التي يعاني فيها الاقتصاد المصري لابد من اتخاذ قرارات حاسمة يتم قبلها مصارحة الشعب المصري بها وما حدث من رفض للموازنة العامة للدولة هو واحد هذه القرارات موضحا ان اهم آلية يجب ان تراعيها الدولة عند مراجعة الموازنة العامة للدولة هي عدم التأثير علي الطبقات الفقيرة والمهمشة ولابد ان تكون هناك اجراءات مساندة وقوية سواء كانت علي مستوي السياسة النقدية او الاجراءات المرتبطة بها وتلك السياسات تأتي عبر حزمة من اجراءات متصلة ومرتبطة معا في تناغم يحقق الهدف الاساسي وهو وقف الديون وزيادة الانتاج ومحاصرة العجز الدائم لموازنة الدولة. الدكتور حسن عودة استاذ المالية بالجامعة الالمانية يري ان وزير المالية امامه قطاعات يمكن ان يستغلها في خفض الانفاق وبالتالي خفض العجز وهي الطاقة والمستشارون حيث ثبت بالتجربة ان اجور المستشارين في الوزارات المختلفة لم تأت بعائد والدليل علي ذلك هو عدم تغير الحال في هذه الوزارات او تقدمها كذلك استخدام الحد الاقصي للأجر والفائض منه في تمويل الحد الأدني بالشكل الكامل فهناك موظفون في الحكومة يحصلون علي مبالغ فوق ال مائة الف جنيه وهذا مخالف للسياسة التقشفية التي سوف تستند اليها الدولة خلال المرحلة المقبلة. ويري د. عودة ان التغيير لابد وان يشمل الاستراتيجيات التي توضع بها موازنة الدولة وليست فقط بنود هذه الموازنة بمعني ان هيكلة الموازنة لابد وان يكون بشكل جزئي وعلي مراحل وان ترتبط موازنة الدولة ببرامج الاداء اي علي كل قطاع حصل علي تمويل من الدولة ربط هذه الاموال بادائه طول العام فلن تستمر مصر علي الاعانات والمنح فهي وسائل لا تؤدي الي تقدم الدول وانما الانتاج واتباع فكر منهجي قائم علي اساس سليم واستراتيجي, وقال عودة ان اتباع نفس النظم ونفس القواعد يقف حائلا امام تحقيق اي انجاز مرغوب من قبل الدولة فلابد وان تضع الدولة اهدافا استراتيجية واضحة للعدالة الاجتماعية يبدأ تنفيذها من خلال توجه عام واصلاح داخل الجهاز الحكومي نفسه فهذا الجهاز المترهل القائم علي نظم سابقة لا يمكنه انجاز الكثير حتي ولو كانت هذه هي رغبة الارادة السياسية واضاف ان كل الدول المتقدمة نجحت بعد تجارب فشل ومعاناة وازمات اقتصادية ولكن بعد ان قامت بوضع اسس هيكلية للاصلاح في القطاع الحكومي المنفذ لسياسات الدولة وقال ان عودة المشاكل في مصر مازالت تواجه بالشكل العلمي المطلوب وضرب بذلك مثلا انه عندما كان الدكتور جودة عبدالخالق وزيرا للتضامن الاجتماعي سأله لماذا لم توفق في ادارة الوزارة رغم افكارك الجيدة فقال ل د. جودة ان النظام الحكومي من الداخل تقليدي وغير مؤهل لاستقبال الافكار الجديدة وهذا ادي الي عدم تقبل افكاره وتنفيذها, فالقضية ليست اتباع سياسات تميل الي التقشف ولكنا علينا ان نغير نظام المحاسبة الحكومية ويتم محاسبة الحكومة في نهاية كل سنة مالية عما وضعته من تصورات وما انفقته من تكاليف علي هذه الخطط والعائد الاقتصادي ومدي نجاح وفشل هذه الخطط لأنه في ظل غياب هذه السياسة سوف تظل الاوضاع كما هي بلا تقدم ملموس وواضح وبلا هدف. الدكتور سعيد عبدالمنعم استاذ المالية العامة والضرائب بجامعة عين شمس يري ان السياسات الضريبية السلمية تكفل زيادة الايرادات وتحقيق العدالة معا وهو الامر الذي يجب ان تتجه اليه الدولة فالسياسة المالية ليست فقط فرض ضرائب جديدة واما استغلال البنود الضريبية غير المفعلة في القوانين ولايتم تطبيقها بشكل دقيق واضاف ان تطبيق ضريبة القيمة المضافة بالكامل سوف يحقق للمصلحة قرابة ال40 مليار جنيه اضافة الي حصيلة الضرائب العقارية التي سوف يبدأ تفعيلها في الاول من يوليو القادم هذا بالاضافة الي البحث عن الدفاتر المغلقة في الضرائب فهناك الكثير من الممولين يتبعون سياسة التحوط الضريبي بتجنب الضريبة وعلي المصلحة ان تعود لسابق عهدها وتقوم بحصر الأنشطة علي الطبيعة وخاصة الانشطة التي يكثر فيها التهرب الضريبي مثل المهن الحرة. وقال د. سعيد ان السياسة المالية لابد وان تساندها السياسة النقدية لتحقيق معدلات انجاز حقيقي في المرحلة القادمة ولابد ان يبدأ الوزراء بانفسهم ويطبقون التقشف علي مكاتبهم وسياراتهم ومستشاريهم اولا حتي يشعر المواطن المصري بالعدالة الاجتماعية ويشعر أيضا بان الدولة تسانده بحق وتبدأ بنفسها واشار ايضا الي ان العجز لن يتراجع الا بزيادة الاستثمارات في كل القطاعات وضخ اموال جديدة في جسد الاقتصاد المصري بدلا من الحقن المسكنة من المنح والمعونات.