أعادت زيارات مسئولين سودانيين الي القاهرة الزخم والحراك الي العلاقات وربما تسهم في تحريك مياه ظلت راكدة علي مدي نحو سبعة أشهر مضت منذ ثورة30 يونيو وسقوط حكم الإخوان برئاسة محمد مرسي.. وخلال هذه الفترة تعثرت الكثير من اللجان ومعها الخطوات التي كان يتعين أن تشهدها العلاقات والتعاون الثنائي بسبب مناخ عدم الثقة الذي حال' لأول مرة' دون عقد لقاء قمة ثنائي بين الرئيسين علي هامش قمة الكويت العربية الإفريقية الثانية في19 و20 نوفمبر الماضي. ولم يكن خافيا أن العلاقات المصرية السودانية شهدت ما يمكن اعتباره' سحابة صيف' لم تقف عند سقوط حكم الإخوان فقط, وانما بسبب وجود شكوك في التعامل مع بعض الملفات أبرزها قضية سد النهضة وما أثير بشأن تحول مفاجئ بالموقف السوداني'رغم الأضرار المؤكدة التي ستلحق بالخرطوم حال تنفيذ هذا المشروع بنفس المواصفات الإثيوبية له' ثم لسبب آخر غير معلن تروج له بعض الدوائر السودانية يتعلق بمثلث الحدود' حلايب وشلاتين'.. في هذا الصدد يؤكد السفير د. محمد بدر الدين زايد مساعد وزير الخارجية لشئون دول الجوار أن الطبيعي والقاعدة هي وجود علاقات قوية بين البلدين, وكذا أن تكون الأولوية لهذه العلاقات لدي طرفيها وأن تتقدم علي أي اعتبارات أو أولويات وارتباطات أخري بحكم خصوصية ما يربط بينهما وبين شعبيهما علي مر التاريخ. يضيف السفير زايد قوله في تصريحات خاصة لالاقتصادي: هذه العلاقات وبعيدا عن أي توصيفات انشائية لها يعتبرها طرفاها أن استراتيجية لا تحتمل أي تلاعب بها أو نيل منها, أو تقصير بها كما أن لديهما القدرة في التعامل مع أي اشكالية تحدث من حين لآخر.. ويؤكد مساعد وزير الخارجية لشئون دول الجوار أن زيارة المسئولين السوادنيين'التي بدأت بزيارة وزير الدفاع ثم الترتيب لزيارة وزير الخارجية في وقت لاحق'يمكن اعتبارها في هذا الاطار, كما أن زيارة وزير الخارجية السوداني د.علي كرتي للقاهرة تأتي ردا علي زيارة سابقة لوزير خارجيتنا نبيل فهمي الذي آثر أن تكون الخرطوم محطته الأولي في جولاته الخارجية عقب توليه مهام منصبه, وأن تكون لها الأولوية والأسبقية علي أي دول أخري مما يعكس مدي نظرته لأهمية السودان بالنسبة الي مصر وهو موقف ثابت لم ولن يتغير. ونوه السفير د. محمد بدر الدين بأنه من الطبيعي أن يدرك الأشقاء بالسودان مدي التغير الذي تشهده مصر بعد اقرار الدستور والمضي في تنفيذ خارطة الطريق, ويشير الي أن زيارة المسئولين السودانيين تؤكد وجود رغبة وجدية لدفع التعاون في مختلف المجالات, مدللا علي ذلك بما أعلن عنه ابان زيارة وزير الدفاع من اتفاق علي تسيير دوريات أمنية لضبط ومراقبة الحدود وهو اجراء عملي يحدث لأول مرة بعد أن كان يتم الاكتفاء بالتنسيق الأمني وتبادل المعلومات بين الجانبين فقط. ووفقا لتقرير أعدته وزارة الخارجية استعرض مختلف جوانب العلاقات الثنائية تأتي علي رأس الأطر السياسية التي تدير هذه العلاقات اللجنة العليا المشتركة التي عقدت آخر جولاتها, وهي الجولة السابعة, في مارس2011 فكانت أولي الجولات الخارجية للدكتور عصام شرف رئيس الوزراء المصري الأسبق عقب الثورة الأولي في25 يناير2011 وكانت هذه الجولة الي الخرطوم وجوبا, رافقه خلالها سبعة وزراء وذلك بهدف بدء صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين. كانت اللجنة العليا المشتركة السادسة قد عقدت في يوليو2008 بالإسكندرية. وقد تشكلت اللجنة العليا عام2000 لتكون مقدمة لمرحلة تكامل بين البلدين علي أساس خطط تساهم في انجاز ما لم يتحقق في الماضي في النواحي الاقتصادية والثقافية والسياسية. وينبثق عن اللجنة العليا المشتركة لجنة متابعة وزارية برئاسة وزيرتي التعاون الدولي في البلدين وعقدت آخر اجتماعاتها في القاهرة إبريل2012, وبجانب اللجنة العليا المشتركة ولجنة المتابعة الوزارية هناك عدد من اللجان الفنية التي تعقد بين البلدين بصفة دورية للنظر في موضوعات خاصة, وأهم هذه اللجان الفنية اللجنة التجارية, والصناعية المصرية السودانية المشتركة, لجنة المنافذ الحدودية المشتركة, اللجنة الفنية الجمركية المشتركة, الهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل, لجنة الحريات الأربع, لجنة الحوار الاستراتيجي علي مستوي وزيري الخارجية. وفي شأن أهم مشروعات التعاون المشترك القائمة حاليا بين البلدين يشير التقرير الي أنها تشمل: *التدريب المصري للكوادر السودانية في مجالات صناعة البترول و الغاز والثروة المعدنية والتجارة والتربية والتعليم والتعليم العالي.*المزرعة البحثية المشتركة في الولاية الشمالية بالسودان بمساحة10 آلاف فدان( يتم زراعة1000 فدان منها حاليا كمرحلة أولي). * مشروع اللحوم الاستراتيجي لإنتاج وتصدير اللحوم في السودان, وتقوم إحدي الشركات حاليا( يام للتنمية والاستشارات) بإعداد دراسات الجدوي للمشروع. * مشروع تأسيس شركة مصرية سودانية لإنتاج الوقود الحيوي( مصرودان). * مشروع الربط البري بين مصر والسودان, ويعد الجانبان الإجراءات اللازمة لافتتاح الطريقين البريين اللذين سيربطان مصر والسودان وهما طريق قسطل/وادي حلفا( شرق النيل), وطريق أرقين/دنقلا( غرب النيل). ويتعرض التقرير للعلاقات الاقتصادية حيث يشير الي تضاعف حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان من215 مليون دولار عام2009 إلي595 مليون دولار عام2010( منها497 مليون دولار صادرات مصرية). ثم وصل حجم التبادل التجاري مع السودان عام2011 إلي حوالي600 مليون دولار تمثل الصادرات المصرية فيه561 مليون دولار(حوالي2% من حجم الصادرات المصرية في نفس العام) وكانت أهم الصادرات المصرية للسودان عام2011( السكر والمصنوعات السكرية والمواد البلاستيكية واللدائن الصناعية والمنتجات الدوائية والمنسوجات والحديد والصلب ومنتجاته والألومونيوم ومنتجاته والآلات والأجهزة الكهربية والفاكهة والأسمدة والزيوت) وبالنسبة للواردات المصرية من السودان عام2011 فقد بلغت حوالي39.6 مليون دولار وأهمها: الحبوب والبذور الزيتية والقطن الخام. وتأتي السودان في المرتبة الثامنة بين الدول العربية في حجم التجارة مع مصر عام2011 ولم يتضمن التقرير معلومات دقيقة أو محددة عن حجم التبادل التجاري خلال فترة الأحداث الداخلية المتلاحقة في البلدين, ولكن مجلس الوزراء المصري أعلن في إحصائية أخيرة أن حجم التبادل التجاري مع السودان قد انخفض بسبب الأحداث السياسية في البلدين ليصل إلي حوالي530 مليون دولار لسنة2012. وفي مجال الاستثمار ووفقا لبيانات وزارة التعاون الدولي فقد بلغت الاستثمارات المصرية في السودان5.4 مليار دولار حتي2010 لتحتل مصر بذلك المرتبة السابعة بين دول العالم والمرتبة الثانية بين الدول العربية المستثمرة في السودان. ويبلغ عدد الشركات المصرية المستثمرة في السودان حوالي146 شركة موزعة كالآتي(84 في قطاع الصناعة,54 في الخدمي,8 في الزراعي), بينما يحتل السودان المركز الأربعين بين الدول العربية المستثمرة في مصر, حيث بلغت الاستثمارات السودانية في مصر2.891 مليار دولار حتي شهر يونيو2011 في241 شركة. تعمل الشركات المصرية في المجالات الصناعية والزراعية والخدمية مثل مجموعة السويدي التي أقامت ثلاثة مصانع لخطوط الكهرباء وتصنيع الكابلات وتحويل الكهرباء وإنشاء مصنع أسمنت بعطبرة بالإضافة إلي تنقيب مجموعة القلعة الاستثمارية عن البترول والتنقيب عن الذهب بشرق السودان. كما زار رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي ورئيس مجلس إدارة شركة البنك الأهلي للاستثمار الزراعي بالسودان الخرطوم في الأول من يونيو2011 لتأسيس فرع للبنك في الخرطوم( بالشراكة مع مساهمين سودانيين برأس مال قدره50 مليون دولار) وافتتاح المقر الرسمي لشركة البنك الأهلي للاستثمار الزراعي بالخرطوم( بدأت في استصلاح5 آلاف فدان بغرب أم درمانبالخرطوم جار الانتهاء من بنيتها الأساسية تمهيدا لزراعتها ويتفاوض البنك الأهلي للحصول علي50 ألف فدان لزراعة قصب السكر. ويشير التقرير في النهاية الي أنه يجري حاليا من جانب الأشقاء بالسودان تخصيص أراض من جانب وادي كسلا( بشرق السودان) تخصص كمزرعة تجريبية لشركة البنك الأهلي كنتيجة للزيارة التي قام بها رئيس مجلس ادارة البنك في وقت سابق للخرطوم.