تشهد السوق المصرية أزمة «فكة» شديدة فى البنكنوت فئة عشرة وخمسة جنيهات والجنيه والنصف جنيه التى اندلعت قبل أيام من عيد الأضحى المبارك امتدادا لشهور سابقة، والغريب أن هذا النقص لا يقتصر على العملات فئة الجنيه والأقل بل امتد فى بعض محال السوبر ماركت إلى الفئات من الخمسة جنيهات، وأصبح من المعتاد أن تسمع عبارة: مفيش «فكة» سواء عند بائع الخضار والفاكهة أو فى محال الهايبر الشهيرة أو حتى فى المواصلات العامة ومحطات البنزين، وتفاقمت مشكلة الفكة حتى أصبحت المحال الكبرى تعطيك من اللبان أو الكبريت أو حلوى بديلا بل إن الصيدليات تعطيك أدوية مسكنات وصداع بديلة للفلوس الفكة . وهو ما يتسبب فى مشكلة مع البائع، فالمواطن لا يعذر البائع ويعتبره يتحايل لبيع سلعة إضافية ويصر على انتظار الحصول على الباقى من الفكة. أمام إحدى الصيدليات يقف المهندس مسعد شوقى ينتظر «الباقى» من الفكة يقول: إن صاحب الصيدلية عرض أن يعطينى الباقى ادوية لأنه ليس لديه فكة، ورفضت لأن فى هذا خطر على الإنسان فهذا ليس «لبان» أو حلوى ولكنه مادة كيماوية، فإذا لم يكن هناك حل فسأضطر لطلب ورقة منه مكتوب عليها باقى الحساب لأصرفها مرة ثانية فى علاج آخر، ولكن الصعوبة فى السوبر ماركت الذى نتعامل معه، فعندما يكون هناك باق يجبرنا عندما تنتهى عنده الفكة أن نأخذ الباقى مرقة دجاج أو أكياس ملح دون احتياج لها، فإذا كانت الأسرة لها ميزانية مصروفات مع ارتفاع الأسعار، فإن نقص العملة الصغيرة يعنى تبديدا إضافيا لميزانية الأسرة، وهذا يثير كثيرا من اسئلة الناس حول أسباب اختفاء هذه العملات من فئة ربع ونصف جنيه وحتى خمسة جنيهات، فالبعض يتهم الإخوان بالتسبب فى أزمة الفكة، وآخرون يتهمون بعض أصحاب المسابك الذين يحولون الجنيه المعدن لسبيكة تحل مشكلتهم فى توفير الخامات، خاصة أن وزارة المالية أعلنت أن تكلفة الجنيه المعدن 89 قرشا، فيقوم بعض معدومى الذمم بجمع الفكة وتخزينها، مما يزيد الأزمة من الفكة الصغيرة، وهو ما دفع البنوك لإعادة استخدام العملة الورقية ثانية . - مشكلة كل يوم ويؤكد على الزمر صاحب سوبر ماركت أن الفكة أصبحت مشكلته اليومية، وتسبب له كل يوم متاعب مع الناس وهناك من يتاجرون فيها، فيضطر لشراء كيس به مائة جنيه معدن به تشكيلة الفكة بسعر 120 جنيها، وأضطر أحيانا إلى أن أقف فى طوابير يومية أمام بنك للحصول على فكة، لأن الكل يضطر لإعطاء حلوى أو علب كبريت أو لبان، التى نضطر لوضعها بجانب «الكاشير» وهذا يجعلنا نتساءل إلى متى هذه الأزمة، خاصة أن لدينا مصلحة سك العملة تختص بهذه المهمة، ولديها الخامات المعدنية وهى تصنعها منها فئات الربع والنصف جنيه والجنيه أيضا، وفى نفس الوقت يجب ملاحقة تجار المعادن الذين يجمعونها لتحويلها لسبائك لأنها مستوردة بالدولار. وأضاف حمدى محمد بائع فى محل تجارى كبير أن أزمة اختفاء العملات من الفئات الصغيرة المعدنية والورقية بدأت منذ 6 أشهر تقريبا، وزادت مما اضطرنا لوضع لافتة للاعتذار للعملاء بعدما اشتكوا من الكاشير برفضه إعطاء الفكة، وأن يستبدلوا بها أشياء أخرى وكانوا يتهموننا فى البداية بتعمد ذلك لنبيع لهم سلعا إضافية، ولكن مع الوقت أدركوا أن هذه مشكلة عامة معروفة ونعطيهم منتجات رخيصة إضافية بديلة للفكة، والبعض يعترض أحيانا عليها. وهذا يضطرنا أحيانا مثل بعض التجار وأصحاب المحال إلى أن نذهب كل فترة إلى مصلحة الخزانة، لتغيير العملات الورقية، رغم أن هناك دائما طابورا طويلا من الباعة وأصحاب المحال والبقالة والتجار. - اختفاء العملة الصغيرة ويرى الدكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أنه من الواضح أن هناك يدا خفية وصاحبة مصلحة فى اختفاء العملة الصغيرة المعدنية، مما يستوجب على الدولة مراقبة حركة السوق والاستماع إلى أصحاب المحال والسوبر ماركت لمعرفة السر فى هذه المشكلة ومع ذلك فإن نقص الفكة، يجب ألا يقلقنا اقتصاديا فهى نقود مساعدة لا تؤثر على المعاملات التجارية الكبيرة، فمثلا من يشترى سيارة أو أملاكا لا يحتاج للنقود المعدنية أو الورقية الصغيرة، فإن كانت هناك شائعة بأن هذا مخطط كما يقال فإنه لن يؤثر على الإطلاق مؤكد أن مشكلة نقص الفكة فى السوق هى أزمة مفتعلة من جانب التجار غالبا، وستنتهى متى بدأ سك عملة إضافية فهذه العملات هى نقود مساعدة فى عمليات البيع والشراء، وغير أساسية، فهى تساعد فى تسهيل المعاملات التجارية، وأضاف أن قرار البنك المركزى جاء فى وقته للخروج من هذا المأزق بطرح 500 مليون جنيه ورقية ستسهل حركة التعاملات التجارية، وأن أهم شىء هو حل المشكلة وهى بسيطة ولا ننتظر حتى يشعر المواطن بمشكلة، فالجنيه المعدنى على الرغم من أن عمره الافتراضى أكبر بكثير من الورقى فإن الورقى سهل فى التداول، ويفضل المواطن الاحتفاظ به أكثر من المعدنى، ومع ذلك فإن بعض التجار يضطرون لشراء النقود المعدنية من بعض الأشخاص بأكثر من قيمتها لحل مشكلة عملهم، التى شاعت أخيرا، وهذه الظاهرة ربما تؤثر على حركة السوق . وأشار إلى أنه ينبغى على أجهزة الرقابة بأنواعها أن تتتبع مصادر وأسباب النقص المفاجئ الذى يبدو متعمدا من فئات غير وطنية، لإحداث نقص لها فى السوق . مع الحرص على إصدار الجنيه الورقى وهو الأفضل فى التعاملات التجارية، ومع ذلك فإن ارتفاع سعر خامة المعدن يعتبر سببا أساسيا فى اختفائه بدرجة كبيرة.