جاء موسم نتائج اعمال الشركات للربع الثاني من العام الحالي ليعكس بعضا من اهم التطورات في الاقتصاد العالمي, وابرزها ظل الدولار القوي الذي يخيم علي ارباح الشركات متعددة الجنسيات ليستمر تراجع نموها للربع الرابع علي التوالي،وبعدما الآمال كانت تنعقد علي الربع الثالث يقول محللون ان عودة الربحية لن تكون قبل الربع الاخير من 2016 والربع الاول من 2017. سجلت شركات مؤشر ستاندرد اند بورز 500 ارباحا متواضعة - بحسب وصف الايكونومست- للربع الرابع علي التوالي تراجعت ارباح الشركات مع توقعات بانخفاضها 2.5٪ خلال الربع الثاني من العام الحالي مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وقد تعددت الاسباب والتراجع في الارباح واحد علي سبيل المثال تسبب الدولار القوي في انخفاض الطلب الخارجي مما اثر علي ارباح الشركات متعددة الجنسيات , في حين تضررت نتائج اعمال شركات الطاقة بسبب انخفاض اسعار النفط ( تراجع الارباح %85). اما الشركات التي تبيع السلع الاستهلاكية فشهدت نموا في ارباحها بفضل انخفاض اسعار النفط .في الوقت نفسه, انخفاض اسعار الفائدة عزز ربحية الشركات كثيفة رأس المال, اما شركات التكنولوجيا فقد استفادت كثيرا من ظاهرة التحول الي تكنولوجيا الحوسبة السحابية, وقد عززت الاعلانات الرقمية ارباح الشركات العملاقة فيس بوك وجوجل وامازون، ويتوقع المحللون ان تحقق شركات المؤشر ارباحا صافية بنهاية العام. في الوقت نفسه ,مناخ النمو الضعيف يؤثر علي ارباح الشركات في رأي الفاينانشال تايمز, والتي اشارت الي عدة عوامل تمثل ضغوطا علي ربحية الشركات في مقدمتها انهيار اسعار النفط الذي يلحق اضرارا جسيمة بشركات الطاقة، انخفاض اسعار الفائدة وانخفاض صفقات الاندماج والاستحواذ مما يؤثر علي الشركات المالية, وتشبع سوق المحمول مما بدأ يلقي بثقله علي ارباح شركة «ابل» اكبر شركة من حيث الايرادات في مؤشر ستاندرد اند بورز 500. تراجع الارباح كان لاسباب اخري كشف عنها تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال والذي حذر من تراجع انتاجية العمالة غير الزراعية في الولايات المتحدة بحسب ما كشفت عنه نتائج اعمال الشركات مؤخرا. ارجع التقرير التراجع الي انخفاض الاستثمارات الخاصة والتي تمثل حاليا 71% فقط من اجمالي الناتج المحلي،ولفت الي سلبيات العزوف عن الاستثمار في تحسين انتاجية العمال - مثل تعزيز المهارات والتدريب ,البحث والتطوير,شراء برمجيات ومعدات جديدة -. من منظور الاعمال اوضح التقرير ان اهمية مشكلة انتاجية العمالة لا تقتصر علي تأثيرها علي الاقتصاد فحسب وانما علي ربحية الشركات كذلك، وذكر انه خلال السنوات السبع الماضية قد استفادت هوامش الشركات وربحيتها كثيرا من العمالة الرخيصة والانفاق الاستثماري (من بين عوامل اخري)، وبين عامي 2009 و2015 ارتفعت ارباح التشغيل للسهم بنسبة 93% مقابل زيادة 42% في الايرادات لكل سهم. أسهم الموسم على صعيد اسعار الاسهم في موسم نتائج الاعمال: يتساءل البعض كيف تحتفظ الشركات بقيمة اسهمها مرتفعة بالرغم من تراجع ربحيتها, ويقول البعض ان نتائج اعمال الشركات حتي وان كانت افضل من التوقعات الا انها لا تبرر تقييمات الاسهم الحالية . وتفسر «وول ستريت جورنال» ذلك بان الشركات الكبيرة تتجه الآن الي توزيع حصة اكبر من ارباحها علي حملة الاسهم وذلك عن أي فترة مضت منذ الازمة المالية العالمية. وفقا لاحصاءات «فاكت ست» , توزيعات اسهم شركات مؤشر ستاندرد اند بورز 500 للاثني عشر شهرا الماضية تمثل حوالي 38% من صافي الدخل خلال تلك الفترة, وهو اعلي مستوي منذ فبراير 2009. بل ان 44 شركة قد وزعت ارباحا تزيد عما حققته خلال اثني عشر شهرا, ومن بينها، فايزر للادوية ، كيلوج ، كرافت هاينز للاغذية. يذكر ان الشركات قد اعتادت انفاق مبالغ طائلة علي توزيعات الاسهم وعلي اعادة شرائها وذلك من اجل تعزيز قيمة تلك الاسهم، وحاليا يطالب المستثمرون بالمزيد من التوزيعات نتيجة لانخفاض اسعار الفائدة , ولا تستطيع الشركات ان تخيب املهم بالرغم من تباطؤ النمو الذي يضغط علي ارباح شركات عديدة. ومن ثم يري البعض ان الوضع لا يمكن ان يستمر ولابد وان تضطر الشركات لتخفيض توزيعاتها ما لم تزد ربحيتها. كانت «ابل» هي اكبر شركة من حيث توزيعات ارباح الاسهم السنوية فدفعت نحو 512. مليار دولار , يليها اكسون موبيل التي دفعت 12.4 مليار دولار. ويحذر البعض من تفاؤل المستثمرين بشأن العوائد المستقبلية للاسهم, فتغير مناخ التفاؤل هذا فيه مخاطر كبيرة لاسيما مع افتقار الشركات للتفاؤل الذي كان يجب ان ينعكس علي انفاقها الاستثماري وهو ما لا يتوافر في موسم الانتخابات عادة. قطاع السيارات جاءت شركتا فورد ، جنرال موتورز الأمريكيتان ضمن أعلى شركات صناعة السيارات ربحا على مستوى العالم في النصف الأول من العام الحالي وذلك وفقا لما انتهت إليه دراسة تحليلية لمركز السيارات الالماني، ولفتت الدراسة إلى أن مبيعات فورد وجنرال موتورز حققت في الأشهر الستة الأولى هوامش أرباح كبيرة ولاسيما في السوق المحلية الأمريكية. وبلغ هامش الربح التشغيلي (قبل الضرائب والفوائد) للشركتين في النصف الأول من العام الحالي 8.6% و: 8.7 ٪ علي التوالي. أظهرت النتائج أن حجم المبيعات ليس كل شيء، فعلى الرغم من أن مبيعات فولكس فاجن الألمانية فاقت مبيعات الأمريكيين، إلا أن هامش الربح التشغيلي لفولكس فاجن جاء الأقل عند 5.4% إذ بلغ ربح فولكس فاجن من كل سيارة باعتها 801 يورو مقابل 1652 يورو لفورد. وبلغ هامش الربح التشغيلي لشركه بي إم دبليو الألمانية خلال النصف الأول من العام الحالي 5ر9٪ ومواطنتها مرسيدس 9.7٪.