مدبولى: الحكومة حريصة على الاستماع لمختلف الآراء بشأن رد الأعباء التصديرية    على الهواء مباشرة، لحظة مقتل مرشحة لمنصب عمدة في المكسيك برصاص مسلحين (فيديو)    باختصار.. أهم أخبار العرب والعالم حتى منتصف الليل.. ترامب: نستخدم قوتنا العسكرية لإحلال السلام.. وروسيا: المحادثات مع أوكرانيا يجب أن تعقد خلف أبواب مغلقة.. والاتحاد الأوروبى يحتاج 372 مليون يورو استثمارات    ترامب: ما حدث فى السابع من أكتوبر لم يكن ليحدث فى وجودى    ترامب يعلن رفع العقوبات عن سوريا والكويت تؤيد: خطوة نحو الاستقرار    الخطيب يهنئ رجال يد الأهلي بعد الفوز بالسوبر الإفريقي علي حساب الترجي    نجم الأهلي: حزين على الزمالك ويجب التفاف أبناء النادي حول الرمادي    سامبدوريا الإيطالي إلى الدرجة الثالثة لأول مرة في التاريخ    الدكش يكشف رد فعل الرمادي بعد خطأ عواد الكارثى أمام بيراميدز.. فيديو    إصابة 9 أشخاص إثر حادث اصطدام سيارة برصيف فى التجمع    تعليم سوهاج تواصل تقديم المحاضرات المجانية لطلاب الثانوية العامة.. صور    التحفظ على سيارات بدون لوحات معدنية ودراجات بخارية مخالفة بحى المنتزه بالإسكندرية    المرة الثانية خلال 24 ساعة، حريق هائل بكورنيش النيل في حلوان (صور)    فتحي عبد الوهاب: "مش بزعق في البيت وبحترم المرأة جداً"    محافظ الإسماعيلية يشيد بالمنظومة الصحية ويؤكد السعى إلى تطوير الأداء    محافظ الدقهلية يهنئ وكيل الصحة لتكريمه من نقابة الأطباء كطبيب مثالي    طريقة عمل أم علي، ألذ تحلية لأفراد أسرتك وضيوفك    أحمد موسى: قانون الإيجار القديم "خطير".. ويجب التوازن بين حقوق الملاك وظروف المستأجرين    وزير التعليم يستقبل الممثل المقيم لصندوق الأمم المتحدة للسكان    رئيس جامعة المنيا يستقبل أعضاء لجنة المشاركة السياسية بالمجلس القومي للمرأة    حرس الحدود يعين أحمد عيد عبد الملك مديرًا فنيًا جديدًا للفريق    «لماذا يركز على لاعبي الأبيض؟».. نجم الزمالك السابق يهاجم سياسة الأهلي    نجم الكرة المصرية السابق: رحيل كولر أنقذ الأهلي.. والنحاس يسير بخطى ثابتة    بورفؤاد يتحدى الإنتاج الحربي في صراع الصعود إلى دوري المحترفين    سعر الطماطم والخيار والخضروات في الأسواق اليوم الأربعاء 14 مايو 2025    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 14 مايو في الصاغة    سعر السكر والارز والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الأربعاء 14 مايو 2025    في وجود ترامب بالمنطقة.. الحوثي يستهدف مطار بن جوريون الإسرائيلي بصاروخ باليستي    «بيطري دمياط»: مستعدون لتطبيق قرارات حيازة الحيوانات الخطرة.. والتنفيذ خلال أيام    هدوء ما بعد العاصفة .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأربعاء    «من الخميس للثلاثاء».. تفاصيل جدول امتحانات الصف الرابع الابتدائي 2025 بدمياط    أرعبها وحملت منه.. المؤبد لعامل اعتدى جنسيًا على طفلته في القليوبية    البيت الأبيض يكشف عن أبرز الصفقات مع السعودية بقيمة 600 مليار دولار    فرصة لخوض تجربة جديدة.. توقعات برج الحمل اليوم 14 مايو    الكثير من المسؤوليات وتكاسل من الآخرين.. برج الجدي اليوم 14 مايو    وقت مناسب لاتخاذ خطوة تجاه من تحب.. حظ برج القوس اليوم 14 مايو    بحضور يسرا وأمينة خليل.. 20 صورة لنجمات الفن في مهرجان كان السينمائي    حدث بالفن | افتتاح مهرجان كان السينمائي وحقيقة منع هيفاء وهبي من المشاركة في فيلم والقبض على فنان    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    البديل الألماني يطالب بتفهم موقف روسيا في النقاش حول عقد هدنة في أوكرانيا    الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء واسع شمال قطاع غزة    نشرة التوك شو| استعدادات الحكومة لافتتاح المتحف المصري الكبير.. وتعديلات مشروع قانون الإيجار القديم    مهمة للرجال .. 4 فيتامينات أساسية بعد الأربعين    لتفادي الإجهاد الحراري واضطرابات المعدة.. ابتعد عن هذه الأطعمة في الصيف    فتحى عبد الوهاب: العلاقة تاريخيا ملتبسة بين الإخراج والإنتاج ويشبهان الأب والأم    اجتماع لمجلس النقابة العامة للمحامين والنقباء الفرعيين غدًا    من بين 80 غزوة.. علي جمعة يكشف عدد الغزوات التي شارك فيها النبي؟    هل تعليق الصور في البيوت يمنع دخول الملائكة؟.. أمين الفتوى يحسم    هل تأثم الزوجة إذا قررت منع الإنجاب؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ جنوب سيناء خلال لقاؤه «الجبهة»: المواطن السيناوي في قلب الأولويات    الصين صدرت 242 ألف سيارة تجارية في الربع الأول من 2025    التقنية الحيوية ومستقبل مصر.. رؤية من جامعة القاهرة الأهلية    المستشارة أمل عمار تشهد ختام التدريب التفاعلي الثالث لقاضيات مجلس الدولة    محمد رمضان يكشف موعد طرح أحدث أغانية «البابا راجع»    انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم بمديرية أوقاف كفر الشيخ    براتب 87 ألف جنيه.. تعرف على آخر موعد لوظائف للمقاولات بالسعودية    الأكاديمية الطبية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة أسيوط جميع الصفوف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتصاد المصري.. الي أين؟
نشر في الأهرام الاقتصادي يوم 14 - 01 - 2014

في ظل الأزمات السياسية المتلاحقة علي مدار ستة أشهر والتي أثرت حتما في مسيرة الاقتصاد المصري وأداء القائمين عليه اختلفوا حول أسباب تردي الوضع الاقتصادي وتنوعت حلولهم للخروج من الأزمة وتباينت رؤاهم حول مستقبل الاقتصاد المصري.
التحقيق التالي يرصد أهم هذه الآراء..
في البداية تقول الدكتورة يمن حماقي- رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس- إنه لا أمل في إنعاش الاقتصاد المصري الآن إلا بالاتجاه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وهذا هو الملجأ الوحيد لهذا البلد ولكن يجب التعامل مع تلك المشروعات بحرفية ومنهج علمي متكامل بحيث نخرج منها بنتائج إيجابية, مشيرة إلي أن الحكومة ليس لديها إمكانية لجذب استثمارات أجنبية مباشرة في ظل الإمكانيات الضعيفة وحتي الاستثمارات المحلية الكبيرة لا تريد التوسع في ظل عدم الاستقرار السياسي والأمني ومنتظرين اتضاح الرؤية بعد إقرار الدستور والانتخابات الرئاسية والبرلمانية وبالتالي فالبديل الفوري والإيجابي لدعم الاقتصاد المصري وصموده هو الاستثمار في المشروعات الصغيرة ولكن بشكل مدروس كي يعود بنتائج إيجابية علي الاقتصاد.
وتضيف أن المشروعات الصغيرة يجب أن تحل محل الواردات كالسلع البسيطة فعلي سبيل المثال حقيبة المدرسة والتي نستورد منها سنويا أرقام مهولة وهي من السهل جدا تصنيعها محليا بأقل الأسعار بل يمكننا تصديرها لأوروبا فهل يعقل أن نظل نستورد سلعة كهذه في ظل أزمتنا الاقتصادية. هذا يعني أن الدولة لا تقوم بدورها لا في الدعم ولا المتابعة ولا التنفيذ ولا تقوم بدورها في دعم سياسات الإنتاج المحلي, مثال آخر هو مصانع البتروكيماويات التي تقوم علي مادة البروبلين التي تدخل في كل صناعات البلاستيك والأجهزة المنزلية وكل معدات الإسكان والسباكة, فهل يعقل أن نصدر هذه المادة خام بدلا من أن نستخدمها في التصنيع ونوفر تكلفة استيراد تلك الصناعات الجاهزة من الخارج ونحن لدينا قدرة ومصانع علي إدارة تلك الصناعة. هذا الكم المهول من السلع التي يمكن أن تشغل وتفتح مصانع صغيرة بتكلفة منخفضة جدا وفي نفس الوقت تساهم في توظيف كثير من العمال وتنتج الكثير محليا وتحرك عجلة الاقتصاد.
وتشير إلي أنها قامت بعمل دراسة علي100 ألف منتج يمكن صناعتهم محليا في الداخل وبتكلفة بسيطة بدلا من استيرادهم وبالتالي فسوف يحل الانتاج المحلي محل الواردات في سلع كثيرة وتوظف ناس وتنعش الاقتصاد لكن تبقي التركيبة المعروفة لدي القائمين علي إدارة الاقتصاد المصري من سوء إدارة وفساد وسيطرة المصالح الخاصة في اتخاذ القرارات التي تتحرك وفقا للمصالح والسياسات ولم يتغير أي شيء بعد ثورة يناير بل الأمر ازداد سوءا عن عصر مبارك بالنسبة للاقتصاد والقائمين عليه وتبقي الإيجابية الوحيدة في تلك المرحلة هي تلك التي يتبناها الوزير عادل لبيب وهو برنامج لتنمية المشروعات الصغيرة مبنية علي المزايا النسبية لكل محافظة وهناك اتجاه إيجابي جدا من المحافظين في مصر من خلال المشروعات الصغيرة لتشغيل الناس وتوظيفهم.
وتأمل أن يقوم الصندوق الاجتماعي بدروه في دعم تلك المشروعات وأن يتكاتف معها دون روتينية وعراقيل وأن تتكاتف البنوك والمؤسسات الخيرية في دعم واستهداف الشباب وإقناعهم وعمل آليات غير تعقيدية لجذب الشباب للمشروعات الصغيرة حيث كان الشباب يحجمون عن تلك المشروعات لأن فوائد القروض عالية والمشاريع غير مدروسة من قبل الشباب في حين يجب الاستفادة من تجربتي الصين والهند في هذا الشأن حيث يعلمون الشباب أولا ويدربونهم تكنولوجيا في شكل' حضانات' لمدة عام حتي' يشربوا الصنعة' ثم يخرجوا منها علي المشروع مباشرة فينتجوا أفضل النتائج فإذا طبقنا ذلك في مصر وهو لن يكلف الدولة شيئا فسوف يحل الانتاج المحلي مكان المستورد في سلع كثيرة كحقائب المدارس كما ذكرنا مسبقا, لكن يبقي السؤال هل سيتركك المستفيدون من الاستيراد تفعل ذلك وتقضي علي مصالحهم الخاصة؟!
وتؤكد أن جميعنا في مركب واحدة وإن لم نساعد الشباب في تلك المرحلة سوف تزيد البطالة مع ارتفاع معدلات الفقر والتضخم فذلك الخطر الأكبر علي الأمن القومي المصري وبالتالي فمن الضروري الانتباه للمصلحة العامة والتكاتف والشفافية والمكاشفة والمتابعة مع الشباب والاستفادة من النقاط الإيجابية والاستفادة من التجارب الناجحة فنحن عشنا في نظام تعليم فاشل ومتخلف علي مدار عقود فكيف نتوقع من هؤلاء الشباب أن يديروا المشروعات الصغيرة. يجب أن نعوضهم عن هذا الفشل التعليمي باحتذاء نموذج' الحضانات' الذي طبقته الهند والصين ولكن يجب أن تكون تلك الحضانات في سلع وصناعات مربحة ومضمونة المكسب والربح وقد طبقنا ذلك بالفعل علي تجربة' شنط' المدارس وأنتجنا حقائب أفضل وأحسن من ناحية الجودة وبسعر أرخص من المستورد.
وتري أن نظرية اكتساح الصين في مجال الصناعة وهم كبير عشنا فيه لأننا لم نستغل تلك الثروة البشرية التي نملكها وهم الشباب لو شجعناهم مع شيء من حسن الإدارة واتخاذ القرار ورؤي اقتصادية وسياسات اقتصادية تصب في الصالح العام بعيدا عن المصالح الشخصية والخاصة فسوف تنهض مصر بسواعد شبابها لكن نعود مرة اخري لنكرر أن أزمتنا في الحقيقة تتلخص في الجهاز الحكومي الذي أصبحت شغلته الأساسية هي تدمير أحلام الشباب بدءا من منظومة الترخيصات والموافقات علي المشروعات والمصانع الصغيرة وحتي خروج المنتج وبالتالي فمن المهم جدا أن تسهل الدولة علي الشباب وتحتضنهم من قبل القائمين علي اتخاذ القرار, لكن أين هم صناع القرار أولئك الذين باستطاعتهم مواجهة العقبات والفساد ليحققوا أحلام الشباب؟!
من جانبه يقول الدكتور محمود عبد الحي- أستاذ الاقتصاد بمعهد التخطيط القومي- إن الاقتصاد المصري في أزمة ومشكلة من ناحية الإدارة ومن ناحية مفاهيم تلك الإدارة, فحينما تكون مصر في أزمة اقتصادية وتحتاج لمساعدات فلماذ لم يخصص القائمون علي الاقتصاد جزءا بسيطا من ال12 مليار دولار الذين جاءوا من الخليج لعمل مشروعات انتاجية كزراعة القمح مثلا أو تعزيز مشروع الطاقة الشمسية ومن ثم تشغل ناس وتوظف شباب ولا تجعلنا متلهفين علي استيراد كل هذه الكمية من القمح, وكم قدمنا تقارير اقتصادية ودراسات عن مشكلة الطاقة وتخيلنا أن الحكومة سوف توجه جزءا من تلك الأموال لنطفئ بها حرائق الاقتصاد المصري وتخصص منها جزءا للمشروعات لتخفف الضغط علي ميزان المدفوعات لكن لم تفعل الحكومة ذلك.
ويشير إلي أن هناك مشروعات خاصة بالشباب لن تكلف الدولة شيئا وتساهم في تخفيف البطالة وتنمية الشباب من خلال مشروعات حق الانتفاع بالأراضي بالاشتراك مع الجمعيات التعاونية وليس شرطا أن يكون تعمير الصحراء في مجال زراعة بل يمكن أن يكون التعمير في شكل إسكان ومشروعات حرفية لكن علي الأقل افتحوا هذا الباب الذي سيساهم حتي في تخفيف ازدحام السكان والفكرة تقوم ببساطة أن تعطي الدولة حق انتفاع10 أفدنة مثلا ل60 شابا وتتركهم لتعمير تلك الأراضي وممارسة الأنشطة المناسبة فيها وبعد انتهاء الفترة المسموحة إذا وجدت الدولة التزاما من الشباب وانتاج وتعمير فتترك لهم ملكية تلك الأراضي وتسديد قيمتها من الأرباح وبالتالي فأنت قد ضمنت الربح والإنتاج والتوظيف لهؤلاء وتخفيف الضغط عن المدن وإذا اتجهت الدولة لمثل تلك المشروعات فلن تجد مظاهرات في الشوارع ولا نهبا أو سرقة فربما السبب الأول في كل أزماتنا الحالية بالشارع هي البطالة وعدم توظيف الشباب فإذا وجدوا العمل لما وجدت أحدا منهم في الشوارع أو علي المقاهي.
ويؤكد أن خط الاقتصاد لم يتغير منذ عصر مبارك وهو الاعتماد علي كبار المستثمرين وهو أمر لا يصلح في كل الأحوال ولا يتماشي في كل الظروف ولابد من ابتكار حلول اقتصادية خاصة في ظل عدم الاستقرار السياسي والأمني الذي لن يجلب استثمارات علي الأقل في الوقت الحالي لكن الكل يتحدث من غير تقدير للموقف كما أن مناقشة الحد الأدني والأقصي للأجور يجب أن يسبقه إجراءات تقوم علي قواعد الاقتصاد المصري وهو الأمر الذي لا يلتفت إليه أحد وجزء من تحقيق الأمن في الشارع أن تشغل الناس وفكرة أننا في فترة انتقالية وتعطيل الاقتصاد ليس له جدوي الآن فأنت أمام مشكلات لا يمكن تأجيلها حتي أن دول الخليج أصابها الملل والاحباط من كثرة المعونات التي ترسلها لمصر دون أن تري نتائج وقالت للببلاوي أنهم لابد أن يتجهوا للإنتاج والعمل وبالتالي فأنت أمام مشكلة طارئة يجب معالجتها من خلال قواعد اقتصادية علمية وممنهجة لكن الحكومة مبتعدة عن كل ذلك وعن وضع سياسات اقتصادية ومنشغلة بقصة استعادة الأمن الذي لن يعود إلا إذا اشتغل الشباب.
ويوضح أنه لزاما علي الحكومة أن تتوسع في عمل أنشطة انتاجية في تلك المرحلة الصعبة واستغلال القطاع العام الذي حمل بأعباء سياسية كبيرة فكان السبب في ركود وانهيار هذا القطاع فإذا خلصناه من التبعية السياسية والعبء السياسي فيكون حلقة كبيرة للإنتاج وطبق عليه القواعد الاقتصادية السليمة وشغلوه واترك المشروعات الاجتماعية لجهات أخري غير القطاع العام, ثم إننا من بعد30 يونيو سمعنا عن مليارات وعد بها نجيب ساويرس لعمل مشروعات واستثمارات ولكن حتي هذه اللحظة لم نسمع حتي عن مشروع واحد بنصف مليار, كل ما نراه علي الساحة حركات سياسية فقط, وكلنا يعلم منطق القطاع الخاص بأن رأس المال جبان ولو كنا بدأنا في زراعة القمح منذ تولي حكومة الببلاوي لكنا تخطينا مراحل كثيرة من الخطر وعززنا الاقتصاد بجزء من تلك المعونات وليس جميعها حيث كان تشجيع الإنتاج المحلي وتشغيل الشباب وكنا أنتجنا الحبوب الزيتية التي نستورد منها70% من احتياجاتنا ووفرنا هذا الكم من زيوت الطعام وكل ذلك كان سيخفف الضغط علي ميزان المدفوعات.
ويري أن القصة تتلخص في عمليتي التنظيم والابتكار التي تعطي أملا للناس وللاقتصاد وأن العجلة ستدور وتقضي علي الصراع بين فئات المجتمع مع بعضها البعض وتقضي علي الصراع بين التجار المستغلين وبين المستهلكين وبين الباعة الجائلين بعمل أسواق متنقلة خاصة بهم وهذه الصراعات التي تشبه الصراعات السياسية, مشيرا إلي أن العلاقة بين السياسة والأمن علاقة تفاعلية لو شغلت الشباب هتنتهي المظاهرات لو أعطيتهم الأمل سوف يعطونك العمل والإنتاج, مصر تمر بأزمة مياه وطاقة فلو أنك أخذت نصف مليار من تلك المعونات لعمل محطة تحلية مياه كبيرة كنت أو استصلحت300 ألف فدان لزراعة القمح وزيوت الطعام أو مشروع الطاقة الشمسية أو فكرة تمليك الأرض للشباب بحق انتفاع مؤقت وحينما يثبت جديتهم يتم تمليكهم الأرض بأسعار زهيدة.
وأشار أن الحرب الأهلية في لبنان قامت لأن اقتصادها كان خدميا وليس انتاجيا لكنهم تعلموا الدرس وبدأوا في عمل المزارع والمصانع لإنهاء الصراعات الطائفية لأن تلك المشروعات تجعل لكل فرد رأس مال وعمل متكامل مع غيره وبالتالي فلا يمكن لأحد أن يؤذي أحدا لأن هناك صلات عمل تربطهم هذا بمصنعه وهذا بمزرعته وهكذا فإن قواعد الإنتاج الصناعية والزراعية هي التي تثبت جذور المجتمعات وتجعلها أكثر تماسكا وتحفظه من تغيرات رأس المال السوقي, ولو كانت أصول وموارد الدولة أصولا حقيقية كانت ستغير وضعك الاقتصادي وقت الأزمات كأن تكون هناك قواعد إنتاج حقيقية متمثلة في مشروعات صناعية وزراعية تثبت جذور المجتمع وتطبق عليها حقوق العدالة والكرامة وليس استعباد الناس مقابل مبالغ زهيدة لكن أشغله وأعطيه مقابلا مناسبا ثم أحاسبه كما ينبغي وبالتالي تكون هناك شروط للعمل أكثر جدية يقابلها مقابل مادي محترم يراعي العدالة والكرامة لكن منطق وثقافة' علي أد فلوسكم' لن تؤدي بنا إلا للخلف.
ويقول إن فكرة الحد الدني للأجور يجب أن تتم بدراسة موضوعية سليمة تجعل الناس يعيشون بكرامة ولكن بطريقة صحيحة دون أن تؤثر وتقصر في جوانب أخري وبالتالي فلابد من وضع معايير تضمن ارتفاع مستوي معيشة الأفراد وارتفاع إنتاجيتها ووضع أسس لحل مشكلات الاقتصاد لكن نحن وضعنا العقدة في المنشار وتركنا كل ذلك ودخلنا في جدل حول ما إذا كان الأمن أولا أم الاقتصاد, لابد من عمل دراسات علمية وسريعة لكيفية الخروج من الأزمة, دراسات تستغل الأراضي وتشغل الناس وتعطيهم الأمل وبالتالي سينتهي التخريب الذي يحدث في الشوارع كل يوم للمال العام والخاص في ظل تهييج حاد في الشارع المصري من أجل أغراض سياسية رخيصة فمن الذي سيبني الاقتصاد وهم مشغولون جميعا بالإثارة والتقطيع. لابد من تقييم الأمور بشكل صحيح حتي لا تتفاقم الأزمات والقصة أن هناك حلولا سياسية لابد من البحث فيها وإلا فلن نعمل ولن ننتج.
ويضيف أنه من الضروري وجود قدسية للعمل الاقتصادي في تلك الفترة الصعبة ولابد للمشروعات الاقتصادية أن تنمو في ظل وجود رقابة ومحاسبة جيدة دون النظر للانتماء السياسي لأصحاب الشركات والمصانع وغيرهم, وأن يعود القطاع العام للعمل من أجل الانتاج محكوما بالقواعد الاقتصادية السلمية التي تقوم الاقتصاد وتنعشه وترك المشروعات الخدمية لجهات أخري وضرورة الفصل بين الأزمة المالية للشخص والأزمة المالية للمشروع, مستنكرا فرض الحراسة علي أموال وشركات المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين لأن في ذلك تخوفا لكثير من المستثمرين ويجب التعامل مع المصالح الاقتصادية التي تحتم التعامل مع الأموال في مجتمع مهما كان اختلاف الانتماء السياسي مادام أصحابها واقتصاديات المشروع كلها سليمة وبعيدة عن الشبهات.
من جهة أخري يقول السفير جمال بيومي- أمين عام اتحاد المستثمرين العرب- إن30 يونيو أعطت دفعة جيدة للاقتصاد المصري وسيولة فهناك12 مليار دولار جاءت من دول الخليج وهناك تفاوض علي9 مليارات أخري وبدأت الاستثمارات في التحرك شيئا فشيئا, مشيرا إلي أن أزمتنا دائما تتلخص في الاختيارات السياسية التي نتمني أن تتحسن بعد إقرار الدستور لأن المستثمر لن يأتي إلا في ظل الاستقرار السياسي, كما أن قرار عودة الكثير من المؤسسات إلي ملكية الدولة أثر سلبا علي الاقتصاد إلي جانب أن الدولة ليس لديها متحدثون جيدون للتعبير عنها كما ينبغي علي الرغم من الحكومة الحالية بها4 وزراء من خيرة رجال الاقتصاد علي مستوي الوطن العربي لكن ليس هناك متحدث يعبر عن الاقتصاد المصري كما ينبغي ونحن بحاجة فعلية لتسويق خارجي وسياسي, ويضيف أن الجميع يطالبون بقرارات حكومية لكنها لا تعرف هل الحاجة الآن لقرار اقتصادي أم لقرار سياسي وهل مطلوب سياسيا أن نسوق لحل اقتصادي. كل ذلك سيتم تحديده بشكل أكثر وضوحا إذا مر يوما الاستفتاء علي الدستور14-15 يناير بخير لأن الأجندة الاقتصادية تتأثر بكل أعمال العنف لكن ربما بعد إقرار الدستور وانتخاب الرئيس والبرلمان أن تستقر الأمور.
وأكد أن الوضع السياسي هو الذي أدي للأزمة الاقتصادية المتمثلة في سوء توزيع الدخل والفشل السياسي وفكرة التوريث الذي استمر علي مدار عقود من حكم مبارك حتي خلف لنا6 طبقات اجتماعية فقيرة وتحت خط الفقر لا تستطيع أن تأكل, ربما بعد الثورة حدث نمو محترم لكن العدالة في توزيع الدخل تم ترجمتها في الحد الأدني والحد الأقصي للأجور وهذه فكرة خاطئة حيث إن الحد الأقصي لا نعرف كم سيوفر للدولة لأن الأرقام المعلنة غير حقيقية وغير دالة ولا كافية والحد الأدني يتطلب19 مليارا أي ما يعادل ثلثي الاستثمارات فتجد أن التضخم زاد ثم تظهر مشكلة أخري هل ستزيد دخل الموظفين أم تعين شبابا جددا وهل هؤلاء الجدد سيحصلون علي نفس راتب الموظف القديم؟ أنت بذلك وضعت العربة أمام الحصان ولن تستطيع أن تطبقها فهذه الزيادة يجب أن تكون تدريجية.. هل تشغل الناس أم تزيد الأجور. هي قنبلة موقوتة وكلها في النهاية اختيارات سياسية وليست اقتصادية ولدينا أزمة كبيرة ومفتوحة في الاختيارات السياسية التي تحتاج جرأة سياسية كبيرة جدا كنا نتمني أن يتحلي بها رئيس الحكومة الحالي ويفعلها.
ومن جانبه يؤكد الدكتور سلطان أبو علي- وزير الاقتصاد الأسبق- أن الأمن إن لم يستتب ويتم القضاء علي الانفلات السياسي فسوف يزداد تردي الاقتصاد في ظل انخفاض معدل النمو وزيادة التضخم وتدهور الجنيه أمام سعر الدولار, مشيرا إلي أن الاستقرار السياسي والأمني والانتباه للإنتاج والبناء الديموقراطي هي الأمور التي ستجعل أحوال الاقتصاد تتحسن خاصة أن مصر بها موارد متنوعة ومناخ وثقافة تؤهلها لتحقيق تقدم اقتصادي غير مسبوق وكل ذلك سيحدث بعد الفترة الانتقالية ولكن علينا ألا نتعجل لأن الفترة الانتقالية لدول شرق آسيا استمرت12 سنة والتحسن بدأ تدريجيا وهذا هو الطبيعي وبالتالي فيجب أن تكون هناك قرارات سياسية لصالح الوطن وليس لمصالح شخصية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.