"التعليم العالي": التقديم الإلكتروني المباشر لطلاب مدارس التكنولوجيا التطبيقية للقبول بالجامعات    رئيس جامعة سوهاج: جاهزون لاستقبال العام الدراسي الجديد    قبل انتخابات النواب.. الهيئة الوطنية تتيح خدمة مجانية للاستعلام عن الناخبين    حصيلة الإنتربنك تسجل 400 مليون دولار خلال تعاملات اليوم    صرف رواتب شهر سبتمبر للعاملين بالدولة الأربعاء المقبل    لأول مرة.. خدمة لشراء الهواتف المحمولة المستعملة والدفع لاحقا    محافظ كفرالشيخ يتسلم «أطلس نخيل البلح والتمور في مصر» من ممثلي منظمة فاو    الاحتلال يغلق معبر الكرامة بعد إطلاق نار في محيطه    غزة.. ارتفاع عدد وفيات التجويع الإسرائيلي إلى 435 شهيدا    الأمين العام لجامعة الدول العربية يستقبل ملك إسبانيا ويعبر عن التقدير لمواقف مدريد المبدئية من القضية الفلسطينية    مشاهدة مباراة برشلونة ونيوكاسل يونايتد اليوم في دوري أبطال أوروبا عبر القنوات الناقلة    تقارير: مورينيو يوقع على عقود تدريب بنفيكا    موعد مباراة مانشستر سيتي ونابولي اليوم في دوري أبطال أوروبا عبر القنوات الناقلة    الخطيب يستقر مبدئيا على الترشح لانتخابات الأهلي    "إحماء والمحاضرة الأخيرة".. حافلة الزمالك تصل ملعب مواجهة الإسماعيلي    ليس صلاح.. كيليان مبابي يتوقع الفائز بجائزة الكرة الذهبية    تجديد حبس البلوجر أم سجدة 45 يوما في اتهامها بغسل أموال متحصلة من محتوى خادش    نظام امتحانات أولى بكالوريا.. تفاصيل توزيع الدرجات وآلية النجاح    سحب 961 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    سرقة وصهر الأسورة الأثرية بالمتحف المصري.. قانوني يكشف العقوبة المنتظرة    صفعة على وجه الحضارة.. القصة الكاملة لسرقة إسورة أثرية من المتحف المصري وصهرها    الإنسان وتحولات الواقع.. معرض صور على هامش فعاليات مهرجان ميدفست    «بطة بلدي».. رجال هذه الأبراج يعشقون الكسل و«الأنتخة»    قصة مدينة عملاقة تحت الأرض.. يبلغ عدد سكانها 20 ألف نسمة    استمتع بصلواتك مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    الإمام الأكبر يكرِّم الطلاب الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18-9-2025 في بني سويف    فيديو.. وزير الصحة: جامعة الجلالة أنشئت في وقت قياسي وبتكليف رئاسي مباشر    نائبة وزير الصحة: نستهدف الوصول بمعدل الإنجاب إلى 2.1 في 2027    قرض ومنحة ب60 مليون يورو.. قرار جمهوري بشأن مركز التحكم الإقليمي بالإسكندرية    «الري»: خرائط لاستهلاك المحاصيل للمياه للوفاء بالتصرفات المائية المطلوبة    بينهم رضيع.. إصابة 12 شخصا في حادث انقلاب سيارة أجرة بأسوان    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات الخميس    أيمن بهجت قمر ينعى الإعلامية يمنى شري: «كانت إنسانة رائعة وجميلة»    فى حوار له مع باريس ريفيو فلاديمير سوروكين: نغمة الصفحة الأولى مفتتح سيمفونية    الصحة: المبادرة الرئاسية «صحتك سعادة» تقدم خدماتها المتكاملة في مكافحة الإدمان    وزير الدفاع الصيني يجدد تهديداته بالاستيلاء على تايوان لدى افتتاحه منتدى أمنيا    آثار تحت قصر ثقافة ومستوصف.. سر اللقية المستخبية فى الأقصر وقنا -فيديو وصور    فيديو متداول يكشف مشاجرة دامية بين جارين في الشرقية    "الطفولة والأمومة" يطلق حملة "واعي وغالي" لحماية الأطفال من العنف    مفتى كازاخستان يستقبل وزير الأوقاف على هامش قمة زعماء الأديان    فرنسا تستعد لاحتجاجات واسعة وسط إضرابات وطنية ضد خطط التقشف الحكومية    ديستيني كوسيسو خليفة ميسي ويامال يتألق فى أكاديمية لا ماسيا    النقل تناشد المواطنين الالتزام بعدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    10 ورش تدريبية وماستر كلاس في الدورة العاشرة لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب    مورينيو يرحب بالعودة لتدريب بنفيكا بعد رحيل لاجي    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    ضبط المتهم بإنهاء حياة زوجته بمساكن الأمل في بورسعيد    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    مقتل 3 عناصر شرطة وإصابة 2 في إطلاق نار بالولايات المتحدة الأمريكية (تفاصيل)    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    ملك إسبانيا: المتحف الكبير أيقونة مصر السياحية والثقافية الجديدة    رئيس اتحاد الصناعات: العمالة المصرية المعتمدة تجذب الشركات الأجنبية    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    سعر الأرز والفول والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتصاد المصري.. الي أين؟
نشر في الأهرام الاقتصادي يوم 14 - 01 - 2014

في ظل الأزمات السياسية المتلاحقة علي مدار ستة أشهر والتي أثرت حتما في مسيرة الاقتصاد المصري وأداء القائمين عليه اختلفوا حول أسباب تردي الوضع الاقتصادي وتنوعت حلولهم للخروج من الأزمة وتباينت رؤاهم حول مستقبل الاقتصاد المصري.
التحقيق التالي يرصد أهم هذه الآراء..
في البداية تقول الدكتورة يمن حماقي- رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس- إنه لا أمل في إنعاش الاقتصاد المصري الآن إلا بالاتجاه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وهذا هو الملجأ الوحيد لهذا البلد ولكن يجب التعامل مع تلك المشروعات بحرفية ومنهج علمي متكامل بحيث نخرج منها بنتائج إيجابية, مشيرة إلي أن الحكومة ليس لديها إمكانية لجذب استثمارات أجنبية مباشرة في ظل الإمكانيات الضعيفة وحتي الاستثمارات المحلية الكبيرة لا تريد التوسع في ظل عدم الاستقرار السياسي والأمني ومنتظرين اتضاح الرؤية بعد إقرار الدستور والانتخابات الرئاسية والبرلمانية وبالتالي فالبديل الفوري والإيجابي لدعم الاقتصاد المصري وصموده هو الاستثمار في المشروعات الصغيرة ولكن بشكل مدروس كي يعود بنتائج إيجابية علي الاقتصاد.
وتضيف أن المشروعات الصغيرة يجب أن تحل محل الواردات كالسلع البسيطة فعلي سبيل المثال حقيبة المدرسة والتي نستورد منها سنويا أرقام مهولة وهي من السهل جدا تصنيعها محليا بأقل الأسعار بل يمكننا تصديرها لأوروبا فهل يعقل أن نظل نستورد سلعة كهذه في ظل أزمتنا الاقتصادية. هذا يعني أن الدولة لا تقوم بدورها لا في الدعم ولا المتابعة ولا التنفيذ ولا تقوم بدورها في دعم سياسات الإنتاج المحلي, مثال آخر هو مصانع البتروكيماويات التي تقوم علي مادة البروبلين التي تدخل في كل صناعات البلاستيك والأجهزة المنزلية وكل معدات الإسكان والسباكة, فهل يعقل أن نصدر هذه المادة خام بدلا من أن نستخدمها في التصنيع ونوفر تكلفة استيراد تلك الصناعات الجاهزة من الخارج ونحن لدينا قدرة ومصانع علي إدارة تلك الصناعة. هذا الكم المهول من السلع التي يمكن أن تشغل وتفتح مصانع صغيرة بتكلفة منخفضة جدا وفي نفس الوقت تساهم في توظيف كثير من العمال وتنتج الكثير محليا وتحرك عجلة الاقتصاد.
وتشير إلي أنها قامت بعمل دراسة علي100 ألف منتج يمكن صناعتهم محليا في الداخل وبتكلفة بسيطة بدلا من استيرادهم وبالتالي فسوف يحل الانتاج المحلي محل الواردات في سلع كثيرة وتوظف ناس وتنعش الاقتصاد لكن تبقي التركيبة المعروفة لدي القائمين علي إدارة الاقتصاد المصري من سوء إدارة وفساد وسيطرة المصالح الخاصة في اتخاذ القرارات التي تتحرك وفقا للمصالح والسياسات ولم يتغير أي شيء بعد ثورة يناير بل الأمر ازداد سوءا عن عصر مبارك بالنسبة للاقتصاد والقائمين عليه وتبقي الإيجابية الوحيدة في تلك المرحلة هي تلك التي يتبناها الوزير عادل لبيب وهو برنامج لتنمية المشروعات الصغيرة مبنية علي المزايا النسبية لكل محافظة وهناك اتجاه إيجابي جدا من المحافظين في مصر من خلال المشروعات الصغيرة لتشغيل الناس وتوظيفهم.
وتأمل أن يقوم الصندوق الاجتماعي بدروه في دعم تلك المشروعات وأن يتكاتف معها دون روتينية وعراقيل وأن تتكاتف البنوك والمؤسسات الخيرية في دعم واستهداف الشباب وإقناعهم وعمل آليات غير تعقيدية لجذب الشباب للمشروعات الصغيرة حيث كان الشباب يحجمون عن تلك المشروعات لأن فوائد القروض عالية والمشاريع غير مدروسة من قبل الشباب في حين يجب الاستفادة من تجربتي الصين والهند في هذا الشأن حيث يعلمون الشباب أولا ويدربونهم تكنولوجيا في شكل' حضانات' لمدة عام حتي' يشربوا الصنعة' ثم يخرجوا منها علي المشروع مباشرة فينتجوا أفضل النتائج فإذا طبقنا ذلك في مصر وهو لن يكلف الدولة شيئا فسوف يحل الانتاج المحلي مكان المستورد في سلع كثيرة كحقائب المدارس كما ذكرنا مسبقا, لكن يبقي السؤال هل سيتركك المستفيدون من الاستيراد تفعل ذلك وتقضي علي مصالحهم الخاصة؟!
وتؤكد أن جميعنا في مركب واحدة وإن لم نساعد الشباب في تلك المرحلة سوف تزيد البطالة مع ارتفاع معدلات الفقر والتضخم فذلك الخطر الأكبر علي الأمن القومي المصري وبالتالي فمن الضروري الانتباه للمصلحة العامة والتكاتف والشفافية والمكاشفة والمتابعة مع الشباب والاستفادة من النقاط الإيجابية والاستفادة من التجارب الناجحة فنحن عشنا في نظام تعليم فاشل ومتخلف علي مدار عقود فكيف نتوقع من هؤلاء الشباب أن يديروا المشروعات الصغيرة. يجب أن نعوضهم عن هذا الفشل التعليمي باحتذاء نموذج' الحضانات' الذي طبقته الهند والصين ولكن يجب أن تكون تلك الحضانات في سلع وصناعات مربحة ومضمونة المكسب والربح وقد طبقنا ذلك بالفعل علي تجربة' شنط' المدارس وأنتجنا حقائب أفضل وأحسن من ناحية الجودة وبسعر أرخص من المستورد.
وتري أن نظرية اكتساح الصين في مجال الصناعة وهم كبير عشنا فيه لأننا لم نستغل تلك الثروة البشرية التي نملكها وهم الشباب لو شجعناهم مع شيء من حسن الإدارة واتخاذ القرار ورؤي اقتصادية وسياسات اقتصادية تصب في الصالح العام بعيدا عن المصالح الشخصية والخاصة فسوف تنهض مصر بسواعد شبابها لكن نعود مرة اخري لنكرر أن أزمتنا في الحقيقة تتلخص في الجهاز الحكومي الذي أصبحت شغلته الأساسية هي تدمير أحلام الشباب بدءا من منظومة الترخيصات والموافقات علي المشروعات والمصانع الصغيرة وحتي خروج المنتج وبالتالي فمن المهم جدا أن تسهل الدولة علي الشباب وتحتضنهم من قبل القائمين علي اتخاذ القرار, لكن أين هم صناع القرار أولئك الذين باستطاعتهم مواجهة العقبات والفساد ليحققوا أحلام الشباب؟!
من جانبه يقول الدكتور محمود عبد الحي- أستاذ الاقتصاد بمعهد التخطيط القومي- إن الاقتصاد المصري في أزمة ومشكلة من ناحية الإدارة ومن ناحية مفاهيم تلك الإدارة, فحينما تكون مصر في أزمة اقتصادية وتحتاج لمساعدات فلماذ لم يخصص القائمون علي الاقتصاد جزءا بسيطا من ال12 مليار دولار الذين جاءوا من الخليج لعمل مشروعات انتاجية كزراعة القمح مثلا أو تعزيز مشروع الطاقة الشمسية ومن ثم تشغل ناس وتوظف شباب ولا تجعلنا متلهفين علي استيراد كل هذه الكمية من القمح, وكم قدمنا تقارير اقتصادية ودراسات عن مشكلة الطاقة وتخيلنا أن الحكومة سوف توجه جزءا من تلك الأموال لنطفئ بها حرائق الاقتصاد المصري وتخصص منها جزءا للمشروعات لتخفف الضغط علي ميزان المدفوعات لكن لم تفعل الحكومة ذلك.
ويشير إلي أن هناك مشروعات خاصة بالشباب لن تكلف الدولة شيئا وتساهم في تخفيف البطالة وتنمية الشباب من خلال مشروعات حق الانتفاع بالأراضي بالاشتراك مع الجمعيات التعاونية وليس شرطا أن يكون تعمير الصحراء في مجال زراعة بل يمكن أن يكون التعمير في شكل إسكان ومشروعات حرفية لكن علي الأقل افتحوا هذا الباب الذي سيساهم حتي في تخفيف ازدحام السكان والفكرة تقوم ببساطة أن تعطي الدولة حق انتفاع10 أفدنة مثلا ل60 شابا وتتركهم لتعمير تلك الأراضي وممارسة الأنشطة المناسبة فيها وبعد انتهاء الفترة المسموحة إذا وجدت الدولة التزاما من الشباب وانتاج وتعمير فتترك لهم ملكية تلك الأراضي وتسديد قيمتها من الأرباح وبالتالي فأنت قد ضمنت الربح والإنتاج والتوظيف لهؤلاء وتخفيف الضغط عن المدن وإذا اتجهت الدولة لمثل تلك المشروعات فلن تجد مظاهرات في الشوارع ولا نهبا أو سرقة فربما السبب الأول في كل أزماتنا الحالية بالشارع هي البطالة وعدم توظيف الشباب فإذا وجدوا العمل لما وجدت أحدا منهم في الشوارع أو علي المقاهي.
ويؤكد أن خط الاقتصاد لم يتغير منذ عصر مبارك وهو الاعتماد علي كبار المستثمرين وهو أمر لا يصلح في كل الأحوال ولا يتماشي في كل الظروف ولابد من ابتكار حلول اقتصادية خاصة في ظل عدم الاستقرار السياسي والأمني الذي لن يجلب استثمارات علي الأقل في الوقت الحالي لكن الكل يتحدث من غير تقدير للموقف كما أن مناقشة الحد الأدني والأقصي للأجور يجب أن يسبقه إجراءات تقوم علي قواعد الاقتصاد المصري وهو الأمر الذي لا يلتفت إليه أحد وجزء من تحقيق الأمن في الشارع أن تشغل الناس وفكرة أننا في فترة انتقالية وتعطيل الاقتصاد ليس له جدوي الآن فأنت أمام مشكلات لا يمكن تأجيلها حتي أن دول الخليج أصابها الملل والاحباط من كثرة المعونات التي ترسلها لمصر دون أن تري نتائج وقالت للببلاوي أنهم لابد أن يتجهوا للإنتاج والعمل وبالتالي فأنت أمام مشكلة طارئة يجب معالجتها من خلال قواعد اقتصادية علمية وممنهجة لكن الحكومة مبتعدة عن كل ذلك وعن وضع سياسات اقتصادية ومنشغلة بقصة استعادة الأمن الذي لن يعود إلا إذا اشتغل الشباب.
ويوضح أنه لزاما علي الحكومة أن تتوسع في عمل أنشطة انتاجية في تلك المرحلة الصعبة واستغلال القطاع العام الذي حمل بأعباء سياسية كبيرة فكان السبب في ركود وانهيار هذا القطاع فإذا خلصناه من التبعية السياسية والعبء السياسي فيكون حلقة كبيرة للإنتاج وطبق عليه القواعد الاقتصادية السليمة وشغلوه واترك المشروعات الاجتماعية لجهات أخري غير القطاع العام, ثم إننا من بعد30 يونيو سمعنا عن مليارات وعد بها نجيب ساويرس لعمل مشروعات واستثمارات ولكن حتي هذه اللحظة لم نسمع حتي عن مشروع واحد بنصف مليار, كل ما نراه علي الساحة حركات سياسية فقط, وكلنا يعلم منطق القطاع الخاص بأن رأس المال جبان ولو كنا بدأنا في زراعة القمح منذ تولي حكومة الببلاوي لكنا تخطينا مراحل كثيرة من الخطر وعززنا الاقتصاد بجزء من تلك المعونات وليس جميعها حيث كان تشجيع الإنتاج المحلي وتشغيل الشباب وكنا أنتجنا الحبوب الزيتية التي نستورد منها70% من احتياجاتنا ووفرنا هذا الكم من زيوت الطعام وكل ذلك كان سيخفف الضغط علي ميزان المدفوعات.
ويري أن القصة تتلخص في عمليتي التنظيم والابتكار التي تعطي أملا للناس وللاقتصاد وأن العجلة ستدور وتقضي علي الصراع بين فئات المجتمع مع بعضها البعض وتقضي علي الصراع بين التجار المستغلين وبين المستهلكين وبين الباعة الجائلين بعمل أسواق متنقلة خاصة بهم وهذه الصراعات التي تشبه الصراعات السياسية, مشيرا إلي أن العلاقة بين السياسة والأمن علاقة تفاعلية لو شغلت الشباب هتنتهي المظاهرات لو أعطيتهم الأمل سوف يعطونك العمل والإنتاج, مصر تمر بأزمة مياه وطاقة فلو أنك أخذت نصف مليار من تلك المعونات لعمل محطة تحلية مياه كبيرة كنت أو استصلحت300 ألف فدان لزراعة القمح وزيوت الطعام أو مشروع الطاقة الشمسية أو فكرة تمليك الأرض للشباب بحق انتفاع مؤقت وحينما يثبت جديتهم يتم تمليكهم الأرض بأسعار زهيدة.
وأشار أن الحرب الأهلية في لبنان قامت لأن اقتصادها كان خدميا وليس انتاجيا لكنهم تعلموا الدرس وبدأوا في عمل المزارع والمصانع لإنهاء الصراعات الطائفية لأن تلك المشروعات تجعل لكل فرد رأس مال وعمل متكامل مع غيره وبالتالي فلا يمكن لأحد أن يؤذي أحدا لأن هناك صلات عمل تربطهم هذا بمصنعه وهذا بمزرعته وهكذا فإن قواعد الإنتاج الصناعية والزراعية هي التي تثبت جذور المجتمعات وتجعلها أكثر تماسكا وتحفظه من تغيرات رأس المال السوقي, ولو كانت أصول وموارد الدولة أصولا حقيقية كانت ستغير وضعك الاقتصادي وقت الأزمات كأن تكون هناك قواعد إنتاج حقيقية متمثلة في مشروعات صناعية وزراعية تثبت جذور المجتمع وتطبق عليها حقوق العدالة والكرامة وليس استعباد الناس مقابل مبالغ زهيدة لكن أشغله وأعطيه مقابلا مناسبا ثم أحاسبه كما ينبغي وبالتالي تكون هناك شروط للعمل أكثر جدية يقابلها مقابل مادي محترم يراعي العدالة والكرامة لكن منطق وثقافة' علي أد فلوسكم' لن تؤدي بنا إلا للخلف.
ويقول إن فكرة الحد الدني للأجور يجب أن تتم بدراسة موضوعية سليمة تجعل الناس يعيشون بكرامة ولكن بطريقة صحيحة دون أن تؤثر وتقصر في جوانب أخري وبالتالي فلابد من وضع معايير تضمن ارتفاع مستوي معيشة الأفراد وارتفاع إنتاجيتها ووضع أسس لحل مشكلات الاقتصاد لكن نحن وضعنا العقدة في المنشار وتركنا كل ذلك ودخلنا في جدل حول ما إذا كان الأمن أولا أم الاقتصاد, لابد من عمل دراسات علمية وسريعة لكيفية الخروج من الأزمة, دراسات تستغل الأراضي وتشغل الناس وتعطيهم الأمل وبالتالي سينتهي التخريب الذي يحدث في الشوارع كل يوم للمال العام والخاص في ظل تهييج حاد في الشارع المصري من أجل أغراض سياسية رخيصة فمن الذي سيبني الاقتصاد وهم مشغولون جميعا بالإثارة والتقطيع. لابد من تقييم الأمور بشكل صحيح حتي لا تتفاقم الأزمات والقصة أن هناك حلولا سياسية لابد من البحث فيها وإلا فلن نعمل ولن ننتج.
ويضيف أنه من الضروري وجود قدسية للعمل الاقتصادي في تلك الفترة الصعبة ولابد للمشروعات الاقتصادية أن تنمو في ظل وجود رقابة ومحاسبة جيدة دون النظر للانتماء السياسي لأصحاب الشركات والمصانع وغيرهم, وأن يعود القطاع العام للعمل من أجل الانتاج محكوما بالقواعد الاقتصادية السلمية التي تقوم الاقتصاد وتنعشه وترك المشروعات الخدمية لجهات أخري وضرورة الفصل بين الأزمة المالية للشخص والأزمة المالية للمشروع, مستنكرا فرض الحراسة علي أموال وشركات المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين لأن في ذلك تخوفا لكثير من المستثمرين ويجب التعامل مع المصالح الاقتصادية التي تحتم التعامل مع الأموال في مجتمع مهما كان اختلاف الانتماء السياسي مادام أصحابها واقتصاديات المشروع كلها سليمة وبعيدة عن الشبهات.
من جهة أخري يقول السفير جمال بيومي- أمين عام اتحاد المستثمرين العرب- إن30 يونيو أعطت دفعة جيدة للاقتصاد المصري وسيولة فهناك12 مليار دولار جاءت من دول الخليج وهناك تفاوض علي9 مليارات أخري وبدأت الاستثمارات في التحرك شيئا فشيئا, مشيرا إلي أن أزمتنا دائما تتلخص في الاختيارات السياسية التي نتمني أن تتحسن بعد إقرار الدستور لأن المستثمر لن يأتي إلا في ظل الاستقرار السياسي, كما أن قرار عودة الكثير من المؤسسات إلي ملكية الدولة أثر سلبا علي الاقتصاد إلي جانب أن الدولة ليس لديها متحدثون جيدون للتعبير عنها كما ينبغي علي الرغم من الحكومة الحالية بها4 وزراء من خيرة رجال الاقتصاد علي مستوي الوطن العربي لكن ليس هناك متحدث يعبر عن الاقتصاد المصري كما ينبغي ونحن بحاجة فعلية لتسويق خارجي وسياسي, ويضيف أن الجميع يطالبون بقرارات حكومية لكنها لا تعرف هل الحاجة الآن لقرار اقتصادي أم لقرار سياسي وهل مطلوب سياسيا أن نسوق لحل اقتصادي. كل ذلك سيتم تحديده بشكل أكثر وضوحا إذا مر يوما الاستفتاء علي الدستور14-15 يناير بخير لأن الأجندة الاقتصادية تتأثر بكل أعمال العنف لكن ربما بعد إقرار الدستور وانتخاب الرئيس والبرلمان أن تستقر الأمور.
وأكد أن الوضع السياسي هو الذي أدي للأزمة الاقتصادية المتمثلة في سوء توزيع الدخل والفشل السياسي وفكرة التوريث الذي استمر علي مدار عقود من حكم مبارك حتي خلف لنا6 طبقات اجتماعية فقيرة وتحت خط الفقر لا تستطيع أن تأكل, ربما بعد الثورة حدث نمو محترم لكن العدالة في توزيع الدخل تم ترجمتها في الحد الأدني والحد الأقصي للأجور وهذه فكرة خاطئة حيث إن الحد الأقصي لا نعرف كم سيوفر للدولة لأن الأرقام المعلنة غير حقيقية وغير دالة ولا كافية والحد الأدني يتطلب19 مليارا أي ما يعادل ثلثي الاستثمارات فتجد أن التضخم زاد ثم تظهر مشكلة أخري هل ستزيد دخل الموظفين أم تعين شبابا جددا وهل هؤلاء الجدد سيحصلون علي نفس راتب الموظف القديم؟ أنت بذلك وضعت العربة أمام الحصان ولن تستطيع أن تطبقها فهذه الزيادة يجب أن تكون تدريجية.. هل تشغل الناس أم تزيد الأجور. هي قنبلة موقوتة وكلها في النهاية اختيارات سياسية وليست اقتصادية ولدينا أزمة كبيرة ومفتوحة في الاختيارات السياسية التي تحتاج جرأة سياسية كبيرة جدا كنا نتمني أن يتحلي بها رئيس الحكومة الحالي ويفعلها.
ومن جانبه يؤكد الدكتور سلطان أبو علي- وزير الاقتصاد الأسبق- أن الأمن إن لم يستتب ويتم القضاء علي الانفلات السياسي فسوف يزداد تردي الاقتصاد في ظل انخفاض معدل النمو وزيادة التضخم وتدهور الجنيه أمام سعر الدولار, مشيرا إلي أن الاستقرار السياسي والأمني والانتباه للإنتاج والبناء الديموقراطي هي الأمور التي ستجعل أحوال الاقتصاد تتحسن خاصة أن مصر بها موارد متنوعة ومناخ وثقافة تؤهلها لتحقيق تقدم اقتصادي غير مسبوق وكل ذلك سيحدث بعد الفترة الانتقالية ولكن علينا ألا نتعجل لأن الفترة الانتقالية لدول شرق آسيا استمرت12 سنة والتحسن بدأ تدريجيا وهذا هو الطبيعي وبالتالي فيجب أن تكون هناك قرارات سياسية لصالح الوطن وليس لمصالح شخصية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.