حتي لايكون المؤتمر الاقتصادي الذي تدعو إليه الحكومة عبر وزارة التخطيط والتعاون الدولي ملفا للكلام يضاف الي مجموعة من الحوارات التي تمت حول أمور كثيرة سياسية واقتصادية لابد أن يكون لهذا الحوار أجندة محددة يتخلي فيها اصحاب المصالح عن مصالحهم الشخصية وينظرون بعين الرعاية الي المجتمع المصري وماتمر به البلاد من ازمة اقتصادية طاحنة, وبخلاف الرؤية العامة لابد أن يكون المؤتمر ملزما للحكومة في نقاشه وأعماله بالشكل الذي يتيح لها تنفيذ أعمال المؤتمر وتشكيل لجان فرعية تتابع بحرص ماتم تنفيذه من توصيات ونتائج المؤتمر لأن النتائج الفورية لحل المشاكل العاجلة هي دليل نجاح المؤتمر. وحتي يكون تجمع الخبراء شكلا عاما يدلل علي التحاور والديمقراطية, علينا أن نساهم في حل مشاكل المواطنين من خلال رؤية عامة للحكومة يشعر من خلالها المواطن بأهمية لدي الدولة وشعورها بالمسئولية تجاهه. تلك هي أبرز الملامح التي وضعها الخبراء لنجاح المؤتمر الاقتصادي الأول والأكبر في عهد الدكتور محمد مرسي والتفاصيل في التحقيق التالي: الدكتور عبد العزيز حجازي رئيس وزراء مصر الأسبق ورئيس مجلس أمناء جامعة النيل يري أن أهداف المؤتمر المزمع انعقاده في مارس المقبل لابد أن تحدد سلفا وتكون معدة بشكل جيد وتركز علي المشاكل الحالية للمواطنين بمعني ان يكون الهدف الأول خاص بالقرارات الاقتصادية العاجلة والقصيرة الأجل ثم بعد ذلك يعرض المؤتمر للقرارات طويلة الأجل, وضرب حجازي مثلا بالقرارات العاجلة مثل قضايا تشغيل الشباب العاطل ووضع رؤية واضحة لهم من خلال برامج تشغيل يتم متابعتها لأن الشباب هم وقود ثورة يناير وهم عماد الاقتصاد المصري وعلينا أن نستغل طاقاتهم والعمل الجاد, ايضا من القضايا الهامة موضوع الحد الأدني والحد الأقصي للأجور والذي لم يتم تنفيذه حتي الآن والمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تحتاج الي مساندة ودعم من الدولة لأنها تقود العمل وتفتح الأبواب أمام الشباب, إضافة الي تنمية الاقتصاد, كذلك لابد من الإشارة الي دورالجمعيات الأهلية, كل القضايا العاجلة لابد أن يضع المؤتمر خططا وبرامج لتنفيذها حتي يشعر المواطن بما تفعله الدولة لأن الوضع الاقتصادي أصبح مقلقا, وأضاف د. حجازي أن المؤتمر لابد أن تمثله كل أطياف المجتمع سواء كانت معارضة او مناصرة للحكم او اشتراكيون ومتخصصون في الاقتصاد يحملون كافة التخصصات, الاقتصاد بحاجة الي كل هؤلاء مشيرا الي ان نتائج الحوار لابد أن تكون مدونة في برامج تنفيذية ويكون هناك جهة تتابع تنفيذ هذه النتائج وليست مجرد توصيات وكلام لأن الشعب المصري لايشعر بالثقة تجاه الحوارات التي لاتصل الي نتائج ملزمة للدولة. وأشار د. حجازي الي أن مصر الآن بحاجة الي تغيير في نمط التفكير الاقتصادي بحيث تعكس موازنة الدولة مايحتاجه المواطنون بالفعل من خلال عدة أمور منها: التركيز علي دعم برامج التنفيذ الاقتصادية ولتعظيم الانتاج القومي بمعدلات تفوق ماتم في الماضي لأنها لازالت أقل من طموحات مصر للوفاء بمتطلبات الاستهلاك والتصدير والادخار وبالتالي ضرورة الانتقال من فلسفة إلقاء العبء علي الحكومة الي المشاركة بين القطاع العام والخاص. إعطاء المزيد من الاهتمام بتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال تقديم الخدمات المعاونة والدعم الذي تقدمه الدولة طواعية لمحدودي الدخل ولابد أن يستمر توفيره خاصة انه مازال حجم هذه الفئات يشكل عبئا علي المجتمع ولابد أن يساهم القادرون في تغطية ماتعجز الحكومة عن تدبيره. حل مشاكل الدين الداخلي الذي يتصاعد مع استمرار الأزمات الاقتصادية وتلاحقها. تعظيم حجم الصادرات وترشيد أرقام الواردات وخاصة من السلع الاستهلاكية غير الضرورية وتتأثر المتحصلات غير المتطورة بالتغيرات التي تحدث بالنسبة لبعض المصادر كرسوم المرور في القناة ومتحصلات السياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج وهي مصادر غير مستقرة. من جانبه حدد الدكتور حسن عودة الاستاذ بالجامعة الألمانية وخبير الموازنات ان المؤتمر الاقتصادي لابد أن يكون له هدف رئيسي وهو تشخيص المشكلة وتحديدها وماذا نريد وهل ما لدينا من مشاكل اساسها اقتصادي أم سياسي, من هنا ينطلق الحوار وبالتالي يمكن للمؤتمر ان يصل لحل لأن معظم المشاكل الاقتصادية الحالية اساسها سياسي واضاف د. عودة أن المؤتمر يجب ان يشارك فيه المتخصصون الملمون بالقضايا الاقتصادية اضافة الي السياسيين دون النظر لانتماءات سياسية لأن حل مشاكل مصر الاقتصادية الحالية تحتاج الي تكاتف وترك المصالح الشخصية جانبا بحثا عن مصلحة الوطن واشار الي ان هناك قضايا عاجلة يجب أن يبحثها هذا المؤتمر منها: كيفية زيادة موارد الدولة. كيفية إيجاد قيمة مضافة لهذه الموارد. آليات السيطرة علي عجز الموازنة. بالاضافة الي بحث مصادر زيادة الايرادات موضحا أنه لا يمكن لمؤتمر مهما كانت اهميته ان يعطي حلولا عاجلا يشعر بها المواطن قبل أن يتم تنفيذها أولا, لذلك علي المؤتمرأن يناقش المشاكل العاجلة والمتوسطة والطويلة الاجل معا. وضرب د. جودة مثلا بالسياحة التي تمثل مشكلة كبيرة بعد أن توقفت بشكل نهائي بعد ثورة يناير فالسياحة مشكلة حلها سياسي ويخص الهدوء في الشارع وتنظيم المظاهرات والاعتصامات بالشكل المتعارف عليه عالميا, كذلك الضرائب المتأخرة وهي مصدر من مصادر موارد الدولة لابد أن تكون هناك آلية للحصول عليها وتنمية الحصيلة الضريبية. واشار د. حسن الي أن نتائج المؤتمر ليست هي الحل الوحيد للخروج من الازمة الاقتصادية الحالية ولكن لابد من أن تكون هناك رؤية واضحة للحكومة لها اهداف محددة يتم توزيعها علي الوزارات المختلفة وبهذا يكون للدولة اهداف استراتيجية وهذا ما يحدث في كل دول العالم المتقدمة الآن الاهداف الشاملة لأي وزارة لابد أن تكون مرتبطة بهدف حكومي مستمر ولا يرتبط بوجود رئيس وزراء معين أو وزير معين وانما هي رؤية شاملة وواضحة للدولة فهي تريد أن تحقق هذه الرؤية مهما اختلفت الظروف او تغيرت الحكومات فلا يوجد حل سحري لكافة المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها مصر حاليا بل تحتاج الي حلول طويلة الاجل محددة الهدف واضحة الرؤية بخطط محكمة فهناك حلول جذرية لحل عجز الموازنة علي سبيل المثال منها: تجميع الاصول الثابتة المتراكمة لدي الجهاز الحكومي وغير المستخدمة وعرضها للبيع في مزاد علني وهذا يوفر قرابة ال86 مليار جنيه. ايضا طرح أراض للبيع في المدن الجديدة المميزة حيث إن طرح هذه الاراضي سيوفر100 مليار جنيه. اتخاذ اجراءات عاجلة لتحصيل المتأخرات الضريبية وفرض ضرائب علي ارباح البورصة. تخفيض التمثيل الدبلوماسي لمصر في الخارج حيث يوجد لمصر183 سفارة وهو عدد كبير جدا. تلك الحلول العاجلة قد يشعر المواطن بها فورا ولكنها لاتغني عن استراتيجية شاملة الرؤية وواضحة المعالم فتلك هي الطريقة التي تداربها الدول المتقدمة. الدكتور ايهاب الدسوقي استاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات يري ان الحوار الاقتصادي له شروط خاصة تختلف عن الحوارات السياسية لانه يهم كل مصري ويمس مشاكله اليومية لذلك يجب ان يكون مقنعا ويبدأ بالمشاكل العاجلة ثم المتوسطة الاجل ثم الطويلة الاجل. واضاف ان ترتيب الحضور في المؤتمر لابد أن يكون علي رأس القائمة الاقتصاديون ثم بعد ذلك تكون الفئات الاخري والتي لابد ان تكون لها علاقة مباشرة او غير مباشرة بالاقتصاد حتي يمكن للمؤتمر ان يصل الي نتائج حقيقية. ورفض الدسوقي ان تكون النتائج ملزمة لانهالن تكون قرارات حكومية ولكن يمكن ان تكون استرشادية للحكومة خاصة ان المشاكل التي سوف يتعرض لها المؤتمر كثيرة منها العاجل ومنها قصير الاجل ومنها طويل الاجل, واضاف ان مصر تدار بطريقة عشوائية من الناحية الاقتصادية وبلا رؤية فاذا قدم هذا المؤتمر رؤية شاملة سوف يكون فعل الكثير لمصر. الدكتورة امنية حلمي رئيسة المركز المصري للدراسات الاقتصادية تقول ان الاقتصاد حائر في امور السياسة واذا كان لابد ان يكون هناك مؤتمر اقتصادي فعليه ان يفض الاشتباك الاستثماري بين السياسة والاقتصاد لأن هذا الاشتباك جعل الاقتصاد عالقا بلا هدف او رؤية فلا أحد يعرف علي اي اساس اقتصادي ترتكز مصر هل هو اقتصاد حر, أم اسلامي, أم له ملامح أخري, فعلي المؤتمر الاقتصادي ان يحدد الهدف الرئيسي من الاقتصاد المصري والي اي مدي يجب أن يصل هذا بالاضافة الي ان المشاركين في الحوار لابد من ان يكونوا ممثلين لكل الاطياف الموجودة حتي تكون النتيجة متفقا عليها من قبل الجميع وان يكون هناك اهداف محددة من قبل الحكومة وهي المنظمة للمؤتمرالاقتصادي تحدد ماذا تريد من الاقتصاد المصري هل تريد نموا, أم تنمية, وبأي قدر, وكيف يحدث هذا وأي القطاعات الاكثر قدرة علي تحمل المسئولية بالنسبة لقيادة قاطرة الاقتصاد وكذلك لابد أن يهدأ الشارع حتي يبدأ الاقتصاد في النمو. اشارت الي ان نتائج المؤتمر لابد أن يحدد لها برنامج زمني علي الحكومة ان تقوم به حتي يشعر المواطن بجدية الحوار واهميته لأن الثقة الآن اصبحت مفقودة بين الحكومة والمواطنين بالشكل الذي يحتاج الي جهد عملي حتي تعود*