جاء رفض رئيس مجموعة اليورو لدعم البنوك المتعثرة فى منطقة العملة الأوروبية الموحدة ليثير مخاوف بشأن سلامة القطاع وتأثيره على اقتصاد المنطقة. حذرت تقارير عديدة مؤخرا من خطورة مشكلات البنوك الايطالية، وأكد صندوق النقد الدولى ان تلك المشكلات قد تتحول إلى عدوى مسمومة فى القطاع المصرفى الاوروبى مع التنبيه على ضرورة ايجاد حلول من داخل البنوك. ويقول محللون ان جهود رئيس الوزراء ماثيو رينزى قليلة للغاية وبطيئة جدا. ويفتقر البنك المركزى لبيانات دقيقة حول فجوة رأس المال فى البنوك ولكن وفقا لاحصاءات جولدمان ساكس تصل تلك الفجوة إلى 38 مليار يورو. ولسوء حظ رينزى نفد الوقت لاعادة رسملة البنوك حيث كان من المفترض ان يتم ذلك بعد عام 2008 . ووفقا لتحليل للفاينانشيال تايمز يحتاج بنك يونى كريدى إلى 10 مليارات يورو من رأس المال اما البنوك الاصغر حجما فتحتاج إلى مئات الملايين وفى الوقت الذى تزايد فيه الحديث عن حاجة البنوك الإيطالية إلى دعم حكومى للخروج من أزمتها رفض يروين ديسلبلويم رئيس مجموعة اليورو أن يعتمد الاتحاد الأوروبى برنامج إنقاذ جديد للبنوك الأوروبية المتعثرة بأموال دافعى الضرائب وشدد ديسلبلويم خلال لقاء وزراء مالية دول اليورو الاسبوع الماضى فى بروكسل على ضرورة حسم المشكلات التى تعانى منها البنوك داخل البنوك نفسها. كانت القيمة السوقية لأسهم البنوك الإيطالية قد تراجعت بشدة فى أعقاب إعلان نتائج استفتاء البريطانيين على خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبى يوم 23 يونية الماضي. وكان سهم بنك «مونتى دى باشى دى سيينا» (إم.بي.إس) الأشد تضررا من الأزمة حيث تراجع سعره بأكثر من 50٪ ليصل إلى 27ر0 يورو (30ر0 دولار). وتجرى الحكومة الإيطالية محادثات مع المفوضية الأوروبية بشأن طرق تنفيذ خطط إنقاذ البنوك، وهى الخطوة التى قد تتعارض مع قواعد الاتحاد الأوروبى بشأن ضرورة تحميل البنوك عبء الخروج من أزماتها بدلا من تحميل دافعى الضرائب هذا العبء. وكان الاتحاد الأوروبى قد وافق على القواعد الجديدة فى أعقاب الأزمة المالية التى تفجرت أواخر 2008 حيث دفعت الحكومات الأوروبية مئات المليارات من اليورو لإنقاذ البنوك من الانهيار. وكان كبير اقتصادى بنك دويتشه بنك الألماني، ديفيد فولكيرتس، قد اقترح فى وقت سابق ضخ 150 مليار يورو (166 مليار دولار) فى إعادة رسملة بنوك أوروبية، وأشار إلى إمكانية غض الطرف عن القواعد البنكية الجديدة المتبعة داخل الاتحاد الأوروبى لاتخاذ هذه الخطوة فى الوقت نفسه، قال وزير ماليةألمانيفولفجانج شويبله إن القواعد الأوروبية الجديدة تتيح فرصة كبيرة للتعامل مع كل موقف بالطريقة المناسبة، فى حين تطالب بالصبر حتى تظهر نتائج اختبارات تحمل البنوك للضغوط المالية المقرر نشرها فى وقت لاحق من الشهر الحالي. أما وزير ماليةالنمسا هانز يورج شيلنج فقال إن أوروبا لديها القليل من القواعد لكن يجب اتباعها. وأضاف أن ما يحدث فى إيطاليا ليس له علاقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى محذرا من أنه لا يجوز استخدام خروج بريطانيا كمبرر. وقال فالديس دومبروفسكيس نائب رئيس المفوضية الأوروبية إن هناك عددا من الطرق للتعامل مع مشكلات نقص السيولة أو الحاجة لرأسمال جديد فى القطاع المصرفى الإيطالى بما يتوافق مع قواعد الاتحاد الأوروبى دون الإضرار بالاستقرار المالي. ومن جانبه أعلن إجنازيو فيسكو محافظ البنك المركزى الإيطالى عن حاجة البنوك الإيطالية إلى تفعيل شبكة أمان مالى حكومية اذا لزم الامر وذلك فى ظل الفوضى المالية المستمرة التى يواجهها ثالث أكبر اقتصاد فى منطقة اليورو. وقال فيسكو فى اجتماع لاتحاد المصارف الإيطالية إن الموقف الراهن مليء بالمخاطر على الاستقرار المالى ويحتاج إلى تخصيص دعم حكومى يكون جاهزا للتفعيل فى حالة الضرورة مع الاحترام الكامل لقواعد الاتحاد الأوروبي. وأضاف أنه فى مواجهة هذه المخاطر فى بيئة شديدة الغموض فإن المشكلة المقيدة يمكن أن تهدد الثقة فى النظام المصرفى ولذلك لا يمكن استبعاد التدخل الحكومى لدعم البنوك يذكر أن البنوك الإيطالية تعانى من وجود ديون مشكوك فى تحصيلها تصل إلى 360 مليار يورو وهو ما يعنى أن الديون التى قدمتها هذه البنوك للشركات والمستهلكين مستبعد استردادها. ويعادل هذا المبلغ حوالى ثلث قيمة الديون المشكوك فى تحصيلها فى النظام المصرفى لمنطقة اليورو بالكامل. فى الوقت نفسه، قال فيسكو إن مشكلة الديون المشكوك فى تحصيلها تحت السيطرة، مشيرا إلى أغلب البنوك لديها مخصصات لتغطية أى خسائر محتملة لهذه الديون، إلى جانب وجود «فرص قوية «لاسترداد جزء من هذه الديون وطلب البنك المركزى الأوروبى من مصرف «مونتى دى باشى دى سيينا» الإيطالى المتعثر أن يحد من تعرضه للقروض المعدومة، وهى دعوة تسببت عند إعلانها فى أن يفقد البنك المزيد من قيمة أسهمه فى السوق. وأكد البنك ،الذى يعرف أيضا باسم «إم.بي.إس» صحة التقرير الذى نشر ووصف موقف البنك الإيطالى المتعثر بأنه «إنذار». وأكد «إم.بي.إس» ،الذى أسس عام 1492 ويعد أقدم بنك نشط فى العالم، أن ذلك كان «مشروع» طلب ولا يزال قيد المفاوضات قبل أن يتخذ البنك المركزى الأوروبى قرارا نهائيا بحلول نهاية هذا الشهر وتسبب التقرير فى رد فعل سلبى فى سوق الأوراق المالية، حيث تراجعت قيمة سهم البنك بنسبة 01% تقريبا ،أى ما يقل قليلا عن 35 سنتا، يشار إلى أن جميع البنوك الإيطالية الكبرى تعانى من التعثر، ولكن ربما يكون بنك «إم.بي.إس» هو الأكثر توعكا. ولم يتعاف البنك أبدا منذ حزمة الإنقاذ المالى التى قدمتها إيطاليا لبنوكها عام 2012، وخلال الشهور ال12 الماضية، تراجعت القيمة السوقية للبنك فى بورصة ميلانو بنسبة 08% تقريبا.