أكد خبراء اقتصاديون اهمية تغيير الصورة الذهنية لمصر وانها دولة تحترم تعاقداتها, وتفعيل قانون محاسبة الوزراء الذي صدر في الخمسينيات من القرن الماضي, وضرورة إقرار حكومة الببلاوي قانون منع تضارب المصالح قبل البحث عن تأمين الوزراء, ووضع نموذج حوكمة جديد, وحماية المستثمر مادام لم يكن طرفا في واقعة جنائية. وقالت د. أمنية حلمي رئيس المركز المصري للدراسات الاقتصادية- خلال ندوة نظمها المركز تحت عنوان كيف نحمي متخذ القرار الاقتصادي في مصر- ان تردد المسئولين في اتخاذ القرارات الاقتصادية ادي إلي انخفاض الاستثمار من22% من الناتج المحلي الاجمالي في العام المالي2007-2008 إلي14% في الوقت الراهن وهذا يعني بالتبعية تباطؤ معدل النمو الاقتصادي ليصل خلال الربع الأخير للعام المالي2012-2013 إلي1.5% و هو اقل من معدل النمو السكاني. وترجع د. أمنية الأسباب الرئيسية وراء هذا التردد إلي الملاحقة القضائية المتعسفة للمسئولين والمساواة بين سوء النية وإساءة التقدير علاوة علي عدم وضع ضوابط تشريعية وضعف الشفافية وغياب آليات تعويض المستثمرين المتضررين سواء نتيجة الأزمات الاقتصادية أو عدم التواتر التشريعي. وللخروج من ذلك المأزق تقترح د. أمنية ان تتناسب العقوبة مع جسامة الجرم وان تتم معاقبة مقدمي البلاغات الكيدية بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر مع دفع غرامة مالية. وان يقدم المسئول إقرار ذمة مالية قبل وأثناء تولي الخدمة بصفة دورية وبعد خروجه من الخدمة. بالإضافة إلي أحقية المواطن المتضرر من قرار ما بملاحقة متخذ القرار قضائيا إذا لم يرد علي شكواه خلال14 يوما. كما تؤكد د. أمنية علي ضرورة الحرص علي الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. ومن جانبه يري د. احمد درويش وزير التنمية الإدارية الأسبق ان متخذ القرار قد يقر سياسات نبيلة وذات وجاهة اقتصادية لكن القرارات التنفيذية تأتي بنتيجة عكسية. لذلك فمن الأفضل محاسبة المسئولين سياسيا أمام قاضي طبيعي وان يتم تفعيل قانون محاسبة الوزراء الذي صدر في الخمسينيات من القرن الماضي وتوقف نتيجة الوحدة مع دولة سوريا الذي كان ينص علي محاسبة المسئول عند قيامة بالتأثير علي ارتفاع أو انخفاض أسعار السلع أو الأوراق المالية بقصد التربح أو استغلال النفوذ أو التأثير علي القضاة. ويؤكد د. درويش علي ضرورة إقرار حكومة الببلاوي قانون منع تضارب المصالح قبل ان تبحث عن تأمين الوزراء. وفي حال إذا ما تمت حماية المسئول فيجب الفصل بين السلطة التنفيذية والأجهزة الرقابية والبحث عن نموذج حوكمة جديد وحماية المستثمر إذا لم يكن طرفا في واقعة جنائية. ويري د. هاني سري الدين رئيس هيئة سوق المال الأسبق انه في أعقاب ثورة25 يناير قرر الرأي العام محاسبة الفساد لكن بشكل خاطئ فتمت إحالة عدد من الوزراء في كل القطاعات إلي النيابة استنادا إلي سيل من البلاغات منها ما هو كيدي ومنها ما هو مبهم ونتج عن ذلك ارتفاع الفساد إلي نسبة غير مسبوقة وتخريب الاستثمار. كما تم وضع النيابة العامة تحت ضغط الرأي العام والإعلام مما دفعها إلي مساءلة المسئولين استنادا إلي أحكام قانون العقوبات المتعلقة بجرائم العدوان علي المال العام خاصة المادتين115 و116 مكرر بدون إثبات تحقق منفعة أو الحصول علي رشوة. ومما زاد الطينة بلة من وجهة نظر د. هاني هو المحاكمة الجنائية وتوجيه تهم العدوان علي المال العام فيما يتعلق بالمنازعات التعاقدية وهذا ما يتعارض مع الاتفاقات والمعاهدات الدولية وأدي إلي وصم الحكومة الحالية بأنها ذات أيد مرتعشة. ويشير د. هاني إلي انه حتي هذه اللحظة لم يتم اتخاذ اي إجراءات إصلاحية حقيقية لمعالجة القصور التشريعي فلم يطرأ اي تعديل نظم تسعير الاراضي وآليات تقييمها. كما ان الحكومات بعد ثورة يناير تعاملت مع ملف الفساد بسطحية بإصدار قانون للتصالح مرة وإنشاء لجنة لتسوية المنازعات مرة أخري مما أدي إلي تفاقم المشكلات وشعور المستثمر بالإكراه. ويقترح د. هاني تغيير الصورة الذهنية لمصر انها دولة إكراه لا تحترم تعاقداتها بأن يتم الابتعاد عن محاسبة المسئول جنائيا إلا في حالة ثبوت تلقيه لرشوة أو تربحه وان يتم عقوبته بحرمانه من وظيفته وتغليظ العقوبات الإدارية أو بالحبس في حالات الإخلال الجسيم. بالإضافة إلي تفعيل قانون محاكمة الوزراء وأخيرا إعادة النظر في آليات عمل الأجهزة الرقابية وتفعيل مشاركة ممثلي هذه الجهات في التعديلات التشريعية المتعلقة بالمسئولية والمحاسبة الإدارية والتعامل مع توصياتها بجدية.