يتوقع محللون وخبراء مصرفيون ان تستعيد مصر خلال الفترة المقبلة درجات فقدتها من تصنيفها الائتماني بدافع من الاستقرار للاوضاع السياسية والتحسن الاقتصادي نتيجة تدفق المساعدات العربية القادمة من دول الخليج لمصر بعد الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي. ويبني المحللون رؤيتهم الخاصة بتحسن تصنيف مصر الائتماني علي خلفية تخفيف الضغوط علي ميزان المدفوعات بعد الاعلان عن مساعدات بنحو12 مليار دولار أي ما يوازي4.4% من اجمالي الناتج المحلي للبلاد بعد قيام وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني باعادة تصنيف الدين السيادي المصري عند درجة+ccc مع نظرة مستقبلية مستقرة ويعني التصنيف الأخير ان مصر تواجه خطرا حقيقيا في عدم قدرتها علي سداد ما عليها من مستحقات. ورغم الحديث عن حزم مساعدات بقيمة12 مليار دولار من دول خليجية فإن كلمة السر للخروج من الوضع الراهن واستعادة ما فقدناه من درجات للتصنيف الائتماني ترتبط بمدي انهاء الانقسام ووجود رفض من بعض القوي السياسية المرتبطة بالاسلام السياسي لنتائج30 يونيو مع سرعة العمل علي توحيد الصف الوطني بهدف المضي قدما في طريق الاصلاح السياسي الاقتصادي الذي يؤهلنا لانطلاقة اقتصادية يتبعها رفع تصنيف مصر الائتماني. ويتوقع محللون بالتبعية ان يشهد التصنيف الائتماني لبعض البنوك الذي تم تخفيضه خلال الفترات الماضية عودة أخري بعد تحقيق ذلك علي مستوي تصنيف جدارة الائتمان والوفاء بالالتزامات المالية للدولة التي تعمل بها هذه المصارف. سهر الدماطي رئيس قطاع مخاطر الائتمان ببنكHSBC تري انه بمجرد استكمال مرحلة استعادة الثقة في الطريق السياسي للبلاد عبر الانتخابات القادمة الي جانب الانتهاء من تعديل المواد الخلافية بالدستور المستفتي عليه العام الماضي فإن الاوضاع السياسية ستشهد تحسنا من شأنه ان يدفع المؤسسات الخاصة بالتصنيف الائتماني الي اعادة النظر في رفع التصنيف الائتماني لمصر خلال الفترة القادمة. وتتابع الدماطي: الاقتصاد المصري لم يتحرك بعد لأن الحكومة لم تبدأ انطلاقتها الاقتصادية وان كانت هناك زيادة في الاحتياطي من النقد الأجنبي فهي تعتمد بشكل اساسي حتي الآن علي المساعدات العربية التي ستدعم الاحتياطي لكن لابد من تسيير عجلة الانتاج وسرعة تهيئة المناخ الخاص بجذب الاستثمار وتوفير الأمن باعتباره الرقم الرئيسي في عودة السياحة الي معدلاتها الطبيعية والتي تعتبر الداعم الأول للاحتياطي النقدي من سلة العملات الأجنبية الي جانب تحويلات المصريين بالخارج والتي تلعب دورا هاما في ذلك. وأشارت الي ان البنوك العاملة بالسوق المصرية التي شهدت تراجعا في تصنيفها الائتماني خلال الفترة الماضية من المتوقع ان تعوض هذه الدرجات مستقبلا بعد تثبيت تصنيف الدولة اذ لا يمكن ان يحصل بنك علي تصنيف ائتماني اعلي من الدولة التي يعمل بها كما انه لا يمكن تقييم هذه البنوك فقط بسبب اعتمادها علي آلية شراء الدين الحكومي عبر السندات والاذون لأنها لم تجد أمامها طريقا غير ذلك. وتابعت الدماطي: الفجوة بين سعر الصرف الرسمي للدولار والأسواق السوداء انحسرت مؤخرا ليستقر سعر الدولار عند7 جنيهات بعد ان تفاقمت الأزمة خلال السنة الماضية وهو ما يعزز من وضعنا الاقتصادي ويجعل استعادة الدرجات المفقودة من التصنيف أمرا ليس مستحيلا. وشددت الدماطي علي ان مؤسسات التصنيف الائتماني تضع نصب عينيها الوضع السياسي للبلاد ولا يمكن ان يكون تقييم فقط بناء علي وضع اقتصادي لذلك فإن انهاء حالة الاضطراب والانشقاق في الشارع السياسي سيكون له دور كبير في زيادة التصنيف الائتماني للبلاد خلال الفترة القادمة. الدكتور عمرو حسنين رئيس شركة ميريس الشرق الأوسط للتصنيف الائتماني, أكد امكانية استعادة مصر لتصنيفها الائتماني شريطة سرعة استعادة الاستقرار السياسي بالشارع المصري باعتباره حجر الأساس في إعداد تقارير الجدارة الائتمانية التي تحددها جميع مؤسسات التصنيف الائتماني بالعالم. وأبدي حسنين تفاؤله بقدرتنا علي عبور هذه المرحلة بشكل قوي الا انه شدد علي ضرورة توافر برنامج اصلاح اقتصادي تعلنه الحكومة رغم انها مؤقتة الا انه بمقدورها ارساء دعائم وأسس للإصلاح تسير علي نهجها الحكومات القادمة. وقال لابد أن يستتبع هذا البرنامج خطة للتنمية الاقتصادية لتحقيق اصلاحات اقتصادية تعالج العوار الذي شهدته الحكومات التي تعاقبت منذ ثورة25 يناير الي جانب ضرورة استعادة الأمن وتوحيد الصف الوطني وانهاء الانقسام الذي يشهده الشارع المصري السياسي. وتابع ما يروج له البعض من ان أحداث30 يونيو انقلاب عسكري وليس ثورة شعبية دعمها الجيش لن يؤثر بحال علي نظرة المؤسسات الدولية لتصنيف مصر الائتماني ولكن بمجرد تسريع وتيرة العمل نحو العودة الي المسار الديمقراطي ممثلا في الانتخابات بجناحيها خلال الفترة القادمة سيعجل من استعادة التصنيف الائتماني المفقود بعض درجاته بسبب الاوضاع السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد. وقال حسنين بمقدور البنوك المحلية ايضا ان تشهد تحسنا في معدلات التصنيف الخاص بها مستقبلا وعلي المدي القصير بسبب تخفيف العبء عليها نتيجة استعادة نسبة الجدارة الائتمانية للبلدان التي تعمل بها مشيرا الي ان المساعدات العربية ستدعم الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية الذي سيكون له دور اساسي في رفع العبء بعض الشيء علي ميزان المدفوعات خاصة ان الاحتياطي سيصل الي20 مليار دولار وهو من الأمور الايجابية التي ينظر اليها في حال منح درجات تصنيف جديدة او الابقاء علي معدلات الجدارة الحالية. علي جانب آخر وبنبرة غير متفائلة يؤكد د. فخري الفقي استاد الاقتصاد بجامعة القاهرة والخبير السابق بصندوق النقد الدولي ان الوضع السياسي غير مطمئن في ظل استمرار مؤيدي الرئيس وبعض القوي الاسلامية الرافضة لتبعات30 يونيو في الاعتصام بالميادين وتنظيم المظاهرات المناهضة لبيانات يوليو الماضي, الأمر الذي سيكون له تأثير سلبي بعض الشيء علي استمرار ابقاء مؤسسات التصنيف الائتماني علي نظرة غير متفائلة لتصنيف مصر الائتماني خلال الفترة القادمة. وتابع: احتواء هذه القوي وتحقيق مصالحة وطنية والمضي قدما في انهاء تعديلات الدستور واجراء الانتخابات هو المسار الطبيعي الذي يمكننا من خلاله استعادة تصنيف مصر الائتماني بعد ان شهد تدنيا كبيرا في معدلات الجدارة بدافع من الاوضاع السياسية غير المستقرة في اعقاب ثورة25 يناير وحتي الان. و يري الفقي ان الاصلاحات الاقتصادية هي الحل الأمثل لمواجهة الوضع المضطرب اقتصاديا في ظل ضبابية موقف الحصول علي قرض الصندوق الذي يسهم بشكل ملحوظ في تعزيز موقف مصر امام مؤسسات التصنيف الائتماني وامكانية استعادة الدرجات التي فقدتها خلال الفترة الماضية. وتابع: التركيز علي تحقيق الاستقرار والأمن سيسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية والسياحة التي حققت معدلات ايجابية رغم الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد منذ الثورة مشيرا الي ان موقف مصر من الحصول علي القرض غير واضح حتي الآن ولكن أهميته تتمثل في كونه شهادة ثقة في الاقتصاد المصري خلال الفترة القادمة.