في أول تقديم لأداء قطاع تجارة السلع الأولية العالمي منذ نشأته عام2000, نشرت صحيفة الفاينانشال تايمز تقريرا يرصد أرباح الصناعة التي تشهد نموا مذهلا ويلقي الضوء علي الحاجة الي المزيد من الشفافية بالنسبة لصناعة, رغم تزايد أهميتها للاقتصاد العالمي- لا تزال غامضة وغير منظمة بشكل كبير. فالصناعة التي تضم شركات عملاقة مثل جلينكور, كارجيل, فيتول, ترافيجورا وميتسوبيشي هي وسيط حيوي بين منتجي ومستهلكي السلع الأساسية, مثل النفط, النحاس والقمح, وعلي الرغم من قيد بعضها في البورصات العالمية وكشفها عن نتائج أعمالها الا أن الغالبية لم تنشر قط أي بيانات مالية وأسرارها في حسابات سرية في جزر فيرجن وسنغافورة وغيرهما من الملاذات الضريبية البعيدة عن رقابة الحكومات. وقد اجتذبت نسبة النمو الخيالية التي حققها قطاع تجارة السلع الأولية الرساميل الاستثمارية وتم ضخ400 مليار دولار فيها علي مدار السنوات العشر الماضية, وحسب تقديرات الفاينانشال تايمز, ارتفعت قيمة ارباح التجار العشرين الأوائل في العالم من2.1 مليار دولار في عام2001 الي36.5 مليار في2008, وهو مستوي الذروة, حيث تراجعت الي33.5 مليار دولار في عام2012, وهكذا حقق التجار العشرين الكبار250 مليار دولار خلال العقد الماضي بما يفوق مجموع ارباح عمالقة وول ستريت ساكس, جي بي مورجان تشيس ومورجان ستانلي(225.5 مليار) او عمالقة السيارات, تويوتا, فولكس فاجن, بي ام دبليو, رينو وفورد(235.3 مليار دولار) خلال نفس الفترة. والمكاسب الكبيرة المتحققة من تجارة السلع الأولية تعكس مدي استفادة الشركات الخاصة التي تيمن علي القطاع من صعود الصين ودول ناشئة أخري. فالاتجاه الي التصنيع فيها كان له أثره الواضح علي موجة صعود الاسعار, والتي غالبا ماتسمي الدورة الفائقة. Super.cyde. والدورة الفائقة التي تمر بها السلع الأولية لم تنعش حجم تجارة السلع فحسب لكنها ايضا عززت ربحية مستثمري حقول النفط والمعادن والاراضي الزراعية. اسعار السلع: علي الرغم من تراجع اسعار السلع الا أن الدورة الفائقة التي تمر بها السلع الاساسية- حيث تصل اسعار السلع الي أعلي مستويات الارتفاع ثم تهبط الي أدني مستوي- لم تنته بعد في رأي بعض المحللين مثل مايكل كاماتشو رئيس تنفيذي للسلع في جي بي مورجان تشيس الذي يقول ان الدورة الفائقة الحالية سوف تستمر لمدة عشر سنوات وأن التكاليف الحدية سوف ترتفع لجميع السلع في السنوات العشر المقبلة بعدالهدوء النسبي الحالي الذي قد يستمر لاثني عشر شهرا فقط. ويستند مؤيدو هذا الرأي الي انه مادام الطلب الصيني علي السلع الأساسية مستمرا في النمو بمعدل أعلي من نمو المعروض العالمي فإن الاسعار سوف ترتفع. ولكن من ناحية أخري يؤكد البعض انتهاء الدورة الدورة الفائقة حيث خفض باحثون في سيتي جروب توقعاتهم لأسهم العديد من شركات التعدين مع استمرار تراجع اسعار المعادن منذ بدايةالعام. ومن المتوقع انخفاض معادن اساسية مثل الألومنيوم, النحاس والنيكل5 الي10% في عام2013 و8 الي13% في عام2014. كما حفض بنك جولدمان ساكس توقعاته للسلع الأولية علي المدي القريب بالتزامن مع خفض التوقعات للنفط في ظل قلق من تباطؤ الطلب من الصين وأوروبا. وقلص البنك توقعاته لمؤشر ستاندرد آند بورز جي اس سي أي الذي يتابع أربعة وعشرين سلعة الي2.5% من6% خلال ثلاثة أشهر والي3% خلال12 شهرا, وذلك بعد ان تراجع المؤشر6.6% منذ بداية العام الحالي. ويفسر البعض انخفاض الاسعار بتباطؤ الدورة الاستثمارية وكذلك الطلب علي السلع الأساسية واللذان يظلان عاملين رئيسيين في تحديد اتجاه الاسعار وما اذا كانت دورتها الفائقة قد تستمر أم لا. وواقع الأمر أن قطاع تجارة السلع الأولية يواجه تحديات قوية بالتباطؤ في ظل ضعف الاقتصاد العالمي. وشركة جلينكور, عملاق تجارة السلع انخفض العائد علي سهمها في عام2012 الي9.7% فقط مقارنة بالمستوي القياسي الذي بلغه في مطلع الألفية وكان61%, وشركات كارجيل, عملاق تجارة السلع الزراعية واكبر تاجر للحبوب في العالم, فيتول أكبر شركة لتجارة النفط وغيرهما, تواجه تحديات صعبة بسبب تباطؤ النمو العالمي, فمخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي, خاصة في الصين دفعت بأسعار السلع الأساسية الي الانخفاض في الاسابيع الأخيرة فسجل الذهب انخفاضا غير مسبوق منذ يناير2011 بينما تراجع سعر خام برنت الي أقل من100 دولار لأول مرة منذ تسعة أشهر. بل إن عملات الدول المصدرة للسلع الرئيسية تأثرت بمخاوف انتهاء الدورة الفائقة وخلال الشهرين الماضيين تراجعت عملات الدول المصدرة للحديد الخام, الذهب, النحاس والنفط, وعلي سبيل المثال انخفضت عملات كندا, نيوزيلاندا, جنوب افريقيا, المكسيك, شيلي, وروسيا فانخفض الروبل الروسي3% مقابل الدولار الأمريكي, وانخفض الدولار الاسترالي2% والدولار الكندي0.5%.