اعتبر الدكتور حسين عيسى رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب أن موازنة 2016-2017 موازنة انتقالية ومخنوقة لذلك لا مفر من الاعتماد على القطاع الخاص المحلى والأجنبى والقروض الميسرة إلى ان يتعافى الاقتصاد. وأضاف ان المجلس لم يتلق أى بيانات من الحكومة تفيد بالمفاوضات للحصول قرض صندوق النقد الدولى وأنه لن يتم تمرير مثل هذا الأمر إلا بعد إقرار المجلس للموازنة العامة للدولة وقلل عيسى من المخاوف الخاصة بالآثار التضخمية لتطبيق ضريبة القيمة المضافة لان القانون خصم عددا كبيرا من المدخلات على السلع حتى لا يحدث ازدواج ضريبى. وأوضح ان القيمة الحقيقية للضريبة ليست فقط فى حصيلتها التى من المتوقع ان تصل الى 150 مليار جنيه تم ادراجها بالفعل فى الموازنة بل فى دخول الاقتصاد غير الرسمى وعدد كبير من الأفراد والمؤسسات فى المنظومة الضريبية. وقال ان نسب التعليم والصحة من الناتج القومى الاجمالى المنصوص عليها فى الدستور غير موجودة أصلا فى مصر كحال معظم دول العالم التى تحدد نسب الانفاق وفق الناتج المحلى الإجمالى. وفيما يلى نص الحوار .. - بداية ما هى أهم ملامح الموازنة العامة لعام 2016-2107؟ يبلغ إجمالى استخدامات الموازنة تريليونًا و200 مليار جنيه مصرى. يخصص 220 مليار جنيه للأجور العاملين بالدولة و210 مليارات جنيه للدعم العينى والنقدى وحوالى 292 مليار جنيه لفوائد الديون المحلية والأجنبية بينما تبلغ أقساط الدين نفسه 200 مليار جنيه ويبلغ نصيب الاستثمارات الحكوميه 107 مليارات جنيه.
- وكيف سيتم تمويل الاستخدامات الموجودة فى الموازنة؟ سوف نعتمد على الموارد التى تبلغ حوالى 600 مليار جنيه منها 435 مليار جنيه ضرائب مباشرة وغير مباشرة، ويبلغ العجز المتوقع حوالى 597 مليار جنيه وهو معدل كبير. - ما هى أهم ملاحظات اللجنة على الموازنة؟ الموازنة والخطة تفتقدان إلى مقاييس الحكم على الأداء فى قطاعات الصحة والتعليم والصناعة والزراعة إلى آخره فنحن كمجلس نواب رصدنا ملاحظاتنا فى تقرير للرد على بيان الحكومة يسجل رغبتنا فى الاطلاع ومتابعة ما أنجزته الحكومة فى برنامجها من خلال تقديم الحكومة للمؤشرات المالية وغير المالية التى تعكس مدى التقدم فى معدلات الأداء داخل الدولة كل ثلاثة أشهر وهذا ما التزمت به الحكومة وبهذا نستطيع التقييم والمتابعة. - هل توجد ملاحظات أخرى ؟ يجب ان تصاغ الموازنة بأسلوب مطابق لما يتم فى العالم كله منذ أكثر من 30 عاما وهو ما يسمى موازنة البرامج والأداء بمعنى تقديم الحكومة لبرامج مقسمة إلى مشروعات ثم أنشطة وبالتالى يستطيع المجلس محاسبة الجهة المسئولة عن تنفيذ مشروع أو برنامج محدد فالعبرة ليست بزيادة أو خفض المخصصات المالية التى توزع على المشروعات كل عام وهو المتبع فى أسلوب البنود التى تصاغ بها الموازنة فى مصر حاليا وهو ما يجب تعديله وتغييره. وقد اتفقت مع وزيرى المالية والتخطيط على ان يتم تطبيق هذا الأسلوب بشكل تجريبى هذا العام على وزارات التعليم العالى والتربية والتعليم والصحة والنقل بحيث نظهر للرأى العام الفرق بين الأسلوبين تمهيدا لتطبيقه بالكامل العام القادم. - كيف يمكن تعظيم الاستثمارات فى ضوء التهام الأجور وخدمة الدين والدعم أغلب الموازنة ؟ الاستثمارات السنوية تبلغ حوالى 576 مليار جنيه منها 107 استثمارات حكومية وباقى المخصص استثمارات قطاع خاص وأعتبرها موازنة انتقالية ومخنوقة لذلك لا مفر من الاعتماد على القطاع الخاص المحلى أو الأجنبى سواء كان فى صورة أفراد أو شركات أو مؤسسات تنمية أو صناديق تنمية لتمويل الاستثمارات لأن المبالغ المخصصة من الدولة محدودة لا ترقى لطموحات المواطنين فى الاستثمارات وما يتبعها من زيادة فى الإنتاج وتوفير فرص العمل وزيادة الصادرات وحصيلة الضرائب للدولة. - من المتوقع أن يصل الدين المحلى الى رقم قياسى 3 تريليونات جنيه فكيف يمكن الحد من هذا العجز وكيف يمكن خفض عجز الموازنة الذى يصل إلى 2.11%؟ هذه نتيجة حتمية عندما تزيد المصروفات على الموارد. وحجم الدين ضخم جدا وللإنصاف هو متوارث عبر أجيال ماضية إلى ان أصبح الدين مع فوائده يشكلان نصف استخدامات الموازنة. والتقرير الذى أعدته لجنة الخطة والموازنة وقدمته لمجلس النواب يحتوى على مجموعة من التوصيات تخص الدين المحلى وضرورة تحويله إلى ملكية بمعنى إذا كان هناك دين لبنك حكومى على الدولة باعتبارها من البنوك المشترية لأذون الخزانة، فما الذى يمنع من تنازل هذه البنوك عن الدين مقابل تملك أسهم فى المشروعات القومية العملاقة الجديدة مما سيقلص حجم الدين وفوائده؟ بالإضافة إلى ان مشاركة البنك فى اى مشروع ستعطى ثقة للمساهمين الأفراد عند طرح الأسهم للاكتتاب العام. وهذا ما بنى عليه طلعت حرب نهضة مصر اقتصاديا سنة 1920 عندما أسهم بنك مصر فى انشاء500 شركة فى شتى المجالات. - كيف يتحول هذا المقترح إلى واقع عملى؟ هذه الفكرة تحتاج إلى جهد وتنسيق بين وزارتى المالية والتخطيط ومحافظ البنك المركزى بالإضافة إلى ضرورة تعديل القانون الذى ينص على عدم تخطى البنوك لنسبة معينة من قاعدتها الرأسمالية لتملك أسهم شركات. وهذه من أفضل الأفكار العملية لتقليص الدين الداخلى بسرعة فقد طبقتها شركة المقاولون العرب بنجاح منذ حوالى عشر سنوات عندما كانت تحقق خسائر ثم تحولت الى تحقيق الربح وارتفعت القيمة السوقية للشركة. وهذا أفضل من تحقيق البنوك %70 من أرباحها عن طريق شراء أذون الخزانة. - يتردد بقوة داخل الأوساط الاقتصادية أن الحكومة ستعود الى المفاوضات للحصول على قرض صندوق النقد لسد الفجوة التمويلية يعيب البعض علينا اننا نوافق على قروض كثيرة إلا ان اغلبها قروض ميسرة طويلة الأجل لمشروعات إنتاجية وتكون من جهات دولية كالدول أو صناديق إنماء عربية وليس بنوكا تجارية. الخطورة كانت فى السنوات الماضية عندما كنا نحصل على قروض استهلاكية وقروض من بنوك تجارية. أما بالنسبة لقرض صندوق النقد الدولى فهو لم يصل للمجلس بعد ولن يتم تمريره إلا بعد إقرار المجلس للموازنة العامة للدولة والعمل بها كما اشترط الصندوق وهو بلا شك سوف يساعد على سد الفجوة التمويلية وزيادة الدخل الدولارى فنحن نحتاج إلى شراء مستلزمات إنتاج وسلع وسيطة حتى يتعافى الاقتصاد. وأنا أتصور انه قرض مؤقت ومرحلى ورغم عدم احتياجنا له فى المستقبل فإنه ضرورى لنا فى العام الحالى فى هذه المرحلة الانتقالية فى الاقتصاد. - كيف تم تقييم الدولار فى الموازنة العامة للعام المقبل ؟ الموازنة العامة اعتمدت السعر الرسمى الحالى فى البنوك وهو 8,8 جنيه. والدولار سلعة تخضع للعرض والطلب لذلك لم نكن نعانى من تلك المشكلة قبل ثورة يناير نظرا لامتلاكنا حينها احتياطيا بلغ 63 مليار دولار بالإضافة إلى دخل من السياحة وتحويلات المصريين فى الخارج وعوائد قناة السويس بلغ 30 مليار دولار وبالتالى كان العرض يفوق الطلب. ودائما كانت بعثة صندوق النقد الدولى تؤكد ان مصر لا تحتاج قروضا دولارية. وأتصور ان إصلاح الاقتصاد وتدفق الاستثمارات هو خطوة للتغلب على مشكلة نقص الدولار، وعلى البنوك القومية ان تنشئ شركات صرافة خاصة بها فى الخارج لجذب تحويلات المصريين من النقد الاجنبى. - هل سيتم إقرار قانون ضريبة القيمة المضافة خلال الدورة البرلمانية الحالية ؟ نعم، وسنبدأ فى مناقشته فور الانتهاء من مناقشة الموازنة العامة. وهو قانون مهم وأتصور ان ننتهى من دراسته فى شهر يوليو القادم ويبدأ العمل به فور اقراره مع العلم ان القانون كان قد وصل مجلس النواب بالفعل منذ فترة إلا ان الحكومة قامت بسحبه مرة أخرى لإجراء تعديلات على نصوصه بنسبة 30% تقريبا وهذا شىء بديهى مع تغير وزير المالية وتعيين نائب لشئون الضرائب بالوزارة وتم الأخذ فى الاعتبار طلبات الشركات والقطاعات الصناعية الكبرى التى تمول الخزانة العامة بمبالغ كبيرة. - وما الحصيلة المتوقعة من ضريبة القيمة المضافة؟ وكيف يمكن تلاشى الآثار التضخمية لهذه الضريبة؟ الإيرادات المتوقعة من القانون تم إدراجها فى الموازنة الجديدة بالفعل ومن المنتظر ان تحقق فى حدود 150 مليار جنيه. والأهم من الحصيلة هو دخول عدد كبير جدا من الشركات والمؤسسات والأنشطة التى كانت خارج المنظومة الضريبية وتحويل قطاع كبير من الاقتصاد غير الرسمى إلى اقتصاد رسمى. وأتصور انه لن يكون للضريبة اثر تضخمى كبير لان القانون خصم عددا كبيرا من المدخلات على السلع حتى لا يحدث ازدواج ضريبى كما اننا نسير على خطى اغلب دول العالم التى بدأت بتطبيق ضريبة المبيعات ثم ضريبة القيمة المضافة. - هل طرح شركات قطاع الأعمال للخصخصة يمكن ان يسهم فى سد عجز الموازنة؟ الهدف من الطرح ليس سد عجز الموازنة لكن اجراء إصلاح هيكلى لهذه الشركات التى تحتاج مزيدا من رءوس الأموال وتوسيع قاعدة الملكية وحل مشاكلها الفنية والتكنولوجية. ولدينا 9 شركات قابضة ليس من المفروض ان تخسر لكنها تخسر. - كيف سيتم توفير نسبة الزيادة %10 فى المعاشات التى أمر بها الرئيس فى ظل عجز الموازنة؟ قرار رئيس الجمهورية يصب فى مصلحة تحسين الأحوال لأصحاب المعاشات فى الوقت الحالى الذين يبلغ عددهم 9 ملايين مواطن وهو ما سيكلف الخزانة العامة للدولة 15 مليار جنيه. لكن ما يدعو إلى الدهشة هو ان الحكومة تدعم المعاشات بالفعل بمبلغ 52 مليار جنيه إضافية عن مخصصاتها فى الموازنة العامة وهو أمر شديد الغرابة فمن المفترض ان تكون هيئة المعاشات والتأمينات الاجتماعية من اغنى الهيئات فى مصر. لذلك من المؤكد أن هناك خللا ما فى توظيف هذه الأموال ومن علامات هذا الخلل هو عدم رضا أصحاب المعاشات عن المبالغ التى يحصلون عليها . - وما هى الإجراءات التى يجب أن تتخذ لتدارك ذلك مستقبلا؟ تعد الحكومة حاليا قانونا جديدا للمعاشات يجعل الدخل يقترب من نحو 80% من جملة الدخل الذى يحصل عليه الموظف. وعلى هيئة التأمينات والمعاشات اتباع أساليب شبه آمنة ذات عائد مرتفع فليس بالضرورة ان تستثمر جميع الأموال فى أذون الخزانة الأكثر أمنا وذات عائد منخفض. وهناك صناديق معاشات على مستوى عال عالميا يمكن ان نقوم بإنشائها فى مصر أو نلتحق بصناديق عالمية بحيث نضع هذه الأموال فى استثمارات شبه آمنه وتحقق عائدا محترما. - ارتفع الإنفاق الاجتماعى الى 421 مليارا فى الموازنة فهل هذا المبلغ كاف لتلبية الاحتياجات الاجتماعية؟ قطعا هناك مشكلة ونناقش فى المجلس بشكل شبه يومى طلبات إحاطة عن مشكلات صرف صحى ومياه وطرق وما إلى ذلك. ومصر دولة كبيرة بها 0006 آلاف قرية و27 محافظة وتعداد سكانها يتزايد سنويا 2 مليون نسمة وهو ما يبتلع أى إنفاق على البنية التحتية خصوصا فى ظل ان الزيادة فى السكان لا تدخل بالضرورة فى سوق العمل إما لان أغلبهم غير مؤهل أو لم يصل لسن العمل بعد. وبالتالى فما يتم إنفاقه لا يقابل بإنتاج من الناحية الأخرى. والحل هو العمل على زيادة معدل العمالة وهو ما سيؤدى إلى زيادة الإنتاج وتحسين الأحوال الاقتصادية وزيادة صادرات الدولة ومستوى الخدمات بالتبعية. - هل وصلنا إلى النسبة التى حددها الدستور لتحديد موازنة الانفاق بمعدل %4 للتعليم و3% للصحة من الناتج القومى الإجمالى؟ معظم دساتير العالم تضع مبادئ وقواعد ولا تنص على نسب وإذا قمنا بوضع نسب يجب ان تستند إلى أرقام موجودة بالفعل وليس إلى رقم خيالى لا وجود له فى دفاتر وزارتى المالية أو التخطيط فمصر كحال معظم دول العالم لا تحسب الناتج القومى الإجمالى وبالتالى هى نسب من قيمة غير موجودة أصلا. وللخروج من هذا المأزق اعتمدنا على الناتج المحلى الإجمالى الذى هو المعيار الحقيقى الشامل الموجود فى العالم كله للتعبير عن اقتصاد أى دولة وبما ان الدستور لم يحدد الناتج المتوقع أم الفعلى وحيث ان معظم العوائد تتحقق فى الربع الأخير من السنة أخذنا أقرب شىء إلى الواقع الفعلى فى 2015-2106 وليس المتوقع خلال 2016-2107 مع العلم ان ضخ اموال فى منظومتى الصحة والتعليم الحاليتين دون النظر إلى المردود والناتج عبث ونصبح كمن يحرث فى الماء. - وما هى المخصصات الحالية للتعليم والصحة فى الموازنة؟ النص الدستورى به عوار شديد فهو يحدد الإنفاق الحكومى على التعليم بنسبة 4% إلى ان تزيد وتصل للمعدلات العالمية التى لم يتم تحديدها! علاوة على ان ما ينفق على الصحة فى مصر ينفق من خلال وزارتى الصحة والتعليم العالى من خلال المستشفيات التابعة لكل منهما بالإضافة إلى جهات كثيرة أخرى تنفق على الصحة. لذلك قمنا بعمل تقسيم وظيفى لما ينفق على الصحة سواء من الوزارة أو المؤسسات الصحية ونفس الشىء طبق فى التعليم والبحث العلمى وتوصلنا إلى ان اجمالى الإنفاق يتعدى نسبة 10%. ووجدنا قطاعات التربية والتعليم والصحة تعدت النسبة المحددة فى الدستور والتعليم العالى به عجز 4 مليارات جنيه والبحث العلمى 5 مليارات جنيه وقمنا برصد وتجنيب هذه المبالغ وعند تقديم مشروعات محددة بدراسات جدوى ذات مردود اجتماعى واقتصادى واضح سوف يتم صرفها حتى لا تلتهمها أجور العاملين بتلك الجهات. - ما أهم القوانين المعروضة على اللجنة فى الفترة القادمة؟ قانونا القيمة المضافة والخدمة المدنية . - هل تؤيد قانون الخدمة المدنية كخطوة أولى على طريق الإصلاح الادارى؟ بالطبع فلابد من اقتحام المشكلة لتجنب الفساد والبيروقراطية وتعطيل دولاب العمل. ولجنة القوى العاملة على وشك إنهائه وسوف تعرضه علينا فى لجنة الخطة والموازنة ثم سنتقدم بتقييم مشترك إلى المجلس لمناقشته مادة مادة. فليس من المعقول ان تصرف الدولة 220مليار جنيه أجورا ومرتبات لسبعة ملايين موظف فى الجهاز الحكومى بينما لا يحتاج سير العمل سوى 2 مليون موظف فقط أى أنها تصرف %70 من إجمالى المرتبات كإعانات بطالة. والحل هو تحويل الخمسة مليون موظف إلى طاقة منتجة عن طريق تدريبهم لمدة عام أو عامين على مهارات يحتاجها سوق العمل المحلى والدولى مع إعطائهم 57% من مرتباتهم وبعد إعادة تأهيلهم يصبحون مستعدين للعمل خارج مصر أو فى مكان آخر فى الحكومة فى المشروعات القومية التى تعانى من نقص فى العمالة أو القطاع الخاص وسيكون المردود الاقتصادى الحقيقى ليس الوفر فى الأجور بل تحويل 5 ملايين موظف لا يعملون إلى طاقة منتجة وهذا هو العائد الاقتصادى الحقيقى وهو ما حدث بالفعل فى دولة مثل لاتفيا.