جاء القرار المفاجئ الذى اتخذته لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزى مساء الخميس قبل الماضى برفع سعر عائد الإيداع والإقراض بنحو 1% ليثير موجة جديدة من الجدل فى الأسواق. فالقرار الذى لم يكن يتوقعه احد بمن فيهم رؤساء بنوك كبرى جاء بهدف حسب بيان البنك المركزى- تحجيم التضخم ومراعاة اعتبارات وعوامل ضاغطة على الاقتصاد الكلى إلى جانب الرغبة فى تعزيز جاذبية الادخار بالعملة الوطنية لمكافحة الدولرة. القرار قوبل بمعارضة شديدة من جانب البعض لاسيما قطاع الصناعة الذى يرى أن ارتفاع تكلفة التمويل تضر بالعملية الانتاجية فيما أبدت دوائر أخرى داخل السوق ارتياحا للقرار. وبمجرد إعلان لجنة السياسات النقدية عن الارتفاع الثالث لأسعار الفائدة منذ تولى طارق عامر مسئولية البنك المركزى هب مصنعون ورجال أعمال لرفض القرار بدعوى أنه يرفع الفائدة على الاقتراض ما يصعب من فرص القطاع الخاص فى الحصول على الائتمان من الجهاز المصرفى ومن ثم زيادة سعر المنتج النهائى التى تنعكس على أسعار السلع فى النهاية. وسارعت البنوك العامة وبعض البنوك الخاصة بتحريك العائد على شهادات الادخار المرتبطة بالكوريدور فى خطوة تستهدف جذب المزيد من المودعين والحفاظ على العملاء الحاليين، فيما ارتفع متوسط العائد على أذون الخزانة لأجلى 91 يوما و266 يوما لأعلى معدلاته منذ يونيو 3013، ليقفز 1% فى اول مزاد بعد رفع البنك المركزى أسعار العائد على الكوريدور 1%. - إيجابيات رحب عبدالمجيد محى الدين، رئيس البنك العقارى المصرى العربى، بقرار رفع الفائدة خاصة أنه يسهم فى مواجهة الارتفاع المقلق فى معدلات التضخم، مشيرا إلى أن القرار له إيجابيات عدة أهمها رفع معدلات الادخار واستعادة الثقة فى الإيداع بالجنيه المصرى ومن ثم مواجهة عمليات الدولرة التى نشطت خلال الفترة الماضية مستفيدة من ارتفاعات الدولار فى مقابل الجنيه. وقال إن مصرفه سيرفع العائد على أوعيته الادخارية للحفاظ على عملائه الحاليين وجذب مزيد من العملاء خلال الفترة المقبلة مؤكدا أن البنك المركزى لم يكن أمامه طريق آخر لمحاربة التضخم بسوى رفع سعر الفائدة. واتفق مع سابقة محمد بدرة، عضو مجلس إدارة بنك القاهرة، على أن القرwار كان ضروريا فى ظل توحش التضخم خلال مايو بنسبة 2.3% مقارنة ب %1.3 وهو ما دفع البنك المركزى لتحجيمه ومحاولة التخفيف من تأثيره على أسعار السلع والخدمات على الأفراد. وأشار إلى أن المركزى قد يلجأ إلى اتخاذ قرار بخفض الفائدة مرة أخرى فى حالة تراجع مستويات التضخم خلال الفترة القادمة كما أن القرار الأخير برفع أسعار الفائدة سيمنح مزيدا من الثقة للمودعين فى البنوك حتى لا تتحول الفائدة إلى فائدة سلبية وهو ما قد يدفع المودعين إلى البحث عن وسائل ادخار أخرى كالذهب أوالأراضى . وفيما يتعلق بتأثير رفع الفائدة على الدين المحلى وعجز الموازنة أكد بدرة أن هذا التأثير المتوقع تمت مناقشته ضمن السياسة المالية للدولة ولا بد أن تقوم الدولة بالبحث عن مصادر حقيقية للإيرادات وعدم الاستمرار فى الاعتماد على البنوك فى تمويل سداد الدين الحكومى. وشدد بدرة على ضرورة وجود تنسيق فعلى بين المجلس التنسيقى للسياسات النقدية والمالية بالبنك المركزى ووزارة المالية خلال الفترة الحالية لبحث تبعات هذا القرار. وقالت سهر الدماطى نائب العضو المنتدب لبنك الإمارات دبى الوطنى إن القرارسيسهم فى وقف مسلسل ارتفاعات أسعار السلع بالأسواق عن طريق تحجيم الطلب على السلع وزيادة الطلب على الجنيه مقابل العملات الاجنبية الذى يؤدى بدوره الى زيادة الثقة فى العملة المحلية والاقتصاد كما أن زيادة الطلب على الجنيه سيقابلها زيادة نسب المعروض من الدولار والعملات الاجنبية وهو ما سيؤدى إلى تراجع سعر الدولار وتقليص الفجوة فى سعر الدولار بين السوقين الرسمية والموازية. وقالت إن القرار سيسهم فى زيادة حصيلة الدولار المتنازل عنه بعد رفع الفائدة ومن ثم زيادة الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية لدى البنك المركزى مع تعزيز معدلات السيولة لدى البنوك من العملة المحلية، مستبعدة أن يكون للقرار تأثير على معدلات الاستثمار فمعدلات الفائدة ليست وحدها العامل الرئيسى الذى يضعه المستثمر نصب عينيه قبل اتخاذ قرار بضخ أمواله من عدمه. وقال تامر يوسف، رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك الأجنبية، إن قرار المركزى برفع عائدى الكوريدور دفع البنوك لزيادة العائد على أوعيتها الادخارية حيث حركت البنوك العائد على حسابات التوفير والودائع لأجل بنفس نسبة قرار المركزى، فيما رفعت بعض البنوك الفائدة على الشهادات بنسب أقل أقصاها 75 نقطة أساس. - رفع العائد وأشار إلى أن تحريك العائد على أدوات الدين الحكومية سيحفز البنوك على رفع العائد، مع الحفاظ على هامش العائد الذى يحققه البنك، مستبعدا مزيدا من الارتفاع فى عائد الأذون والسندات خاصة أن معظم دوافع البنك المركزى لرفع الفائدة قصيرة الأجل، متوقعا خفض مستويات الفائدة خلال الربع الثالث من العام الحالى . وقال هيثم عادل، رئيس قطاع الخزانة ببنك التنمية الصناعية والعمال، إن أغلب البنوك لجأت لرفع الفائدة على الودائع وحسابات التوفير بنسب تتراوح بين 50 و100 نقطة أساس بيما تحفظ بعضها فى رفع العائد على الشهادات التى يتعدى العائد عليها 31%. وأكد أن متوسط العائد على أذون الخزانة أجل 91 يوما سجل 14.05٪، مقابل 13.06٪ بآخر مزاد له ، وبلغ أعلى سعر عائد 1.41%وأقل عائد 1.21% فى حين بلغ العائد على أذون الخزانة لأجل 266 يوماً %15.11، مقابل %14.01 فى المزاد السابق له. وتحفظ الدكتور محمد معيط نائب وزير المالية لشئون الخزانة العامة على القرار معتبرا إياه مزيدا من تحميل الأعباء على خدمة الدين العام نتيجة لزيادة سعر الاكتتاب فى أدوات الدين الحكومى بمختلف آجالها. وأشار إلى أن الحكومة مستمرة فى الاعتماد على أدوات الدين سواء الأذون أوالسندات ومن ثم فإن معدلات الدين العام سترتفع ومن ثم ستكون له انعكاسات سلبية على عجز الموازنة والدين المحلى ومعدلات النمو التى ستتأثر سلبا بمثل هذا القرار. وقال هانى توفيق الخبير الاقتصادى، رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر إن قرار رفع الفائدة ليس حلا ملائما لمشكلة التضخم الذى يمثل عقبة كبيرة أمام الاقتصاد حاليا ورفع معدلات الفائدة سيزيد من التضخم كما أن العلاقة بين رفع الفائدة والتضخم شهدت تغيرا عالميا خلال السنوات الماضية. وأوضح توفيق أن «فرملة» التضخم حاليا أمر صعب فى ظل خفض قيمة الجنيه مع ضرورة الوضع فى الاعتبار قرب إقرار ضريبة القيمة المضافة. وقال إن ارتفاع العائد على أدوات الدين الحكومية طبيعى، بعد رفع البنك المركزى الفائدة لتصل لمعدلات كبيرة، مشيراً إلى أنه فى حال زيادة 25 أو 50 نقطة أساس فى أسعار الفائدة فإنها تترجم إلى مليارات. - كلاكيت ثالث مرة قرار رفع سعر الفائدة لم يكن الأول منذ تولى عامر ففى أول اجتماع تحت رئاسته للبنك المركزى فى 24 من ديسمبر الماضى قرر زيادة العائد بواقع 50 نقطة مئوية، ثم تثبيت العائد فى أول اجتماع يناير الماضى، ليعود عامر لرفعه مرة ثانية فى اجتماع 17 من مارس بواقع 150 نقطة مئوية، قبل أن يثبته مرة أخرى فى اجتماع شهر أبريل، إلى أن قرر مؤخرا العودة لرفعه فى اجتماع الخميس قبل الماضى!. - التضخم سجل الرقم القياسى لأسعار المستهلكين الذى أعلنه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاعًا شهريًا قدره 3.05 ٪ خلال شهر مايو الماضى، فى مقابل ارتفاع شهرى قدره 1.27٪ فى إبريل، وارتفع المعدل السنوى للتضخم العام من 10.27 ٪ إلى 12.30 ٪ فى فترة المقارنة.