علي الرغم من الدور المحوري الذي يلعبه النقل البحري في دعم حركة التجارة الخارجية لأي دولة إلا أن الواقع المتدهور لقطاع النقل البحري في مصر أصبح يمثل مشكلة ليس فقط لحركة تجارتنا الخارجية بل للاقتصاد الكلي بصفة عامة. ذلك لأن الاسطول البحري المصري تعرض للانهيار والتصفية علي مدار سنوات عديدة ولأسباب مختلفة فقد جري بيع السفن خردة وجري وضع الموانئ المصرية علي القوائم السوداء عالميا نظرا لافتقادها المواصفات الدولية وتسلمت جماعات المصالح ومافيا الفساد مفاصل هذا القطاع الحيوي في منافسة غير متكافئة مع القطاع الخاص المحلي والاجنبي. وكانت المحصلة النهائية لكل ذلك خروج الاسطول البحري المصري من دائرة العمل والمنافسة وعجزت شركات النقل البحري عن ملاحقة التكنولوجيا الحديثة في هذا المجال بسبب نقص السيولة أو سوء الادارة. من هنا يطلب قطاع النقل البحري خطة إنقاذ عاجلة قبل أن يصبح الاسطول الذي بدأ بناءه محمد علي في مائتي عام, ذكري تاريخية وتصبح تجارتنا الخارجية بالكامل رهينة السفن الاجنبية. التفاصيل في السطور التالية.. بداية يكشف اللواء سيد هداية رئيس قطاع النقل البحري أن المجلس الأعلي للمواني يدرس وضع تشريعات وقوانين جديدة لتملك السفن للأفراد والقطاع الخاص وذلك لزيادة أسطول النقل البحري المصري. وأضاف هداية أن الهدف من اجراءات التعديلات علي القانون, تشجيع البنوك لتمويل مشروعات تملك السفن وتسهيل إجراءات تملك وبيع السفن وحل العراقيل التي تواجه صناعة السفن التي تحول دون التوسع في اسطول النقل البحري. وأوضح رئيس قطاع النقل البحري أن تعديل القانون يأتي في إطار التأكيد علي السياسة الاقتصادية التي تنتهجها الدولة لتشجيع حركة رؤوس الأموال وتوفير الضمانات اللازمة لتشجيع المستثمرين في هذا النشاط بما يحقق استراتيجية وزارة النقل في زيادة نسبة مساهمة الأسطول المصري في نقل البضائع لمصر بحرا إلي نسبة10% مقابل النسبة الحالية وهي5%. وتتضمن تعديلات أحكام قانون التجارة البحرية رقم8 لسنة1990 السماح بزيادة عمر السفن إلي25 سنة عند بداية الترخيص مع الوضع في الاعتبار الحالة الفنية للسفن ومراعاة شروط السلامة والأمان واعطاء اولوية للسفن المصرية في نقل البضائع بحرا والغاء الزام العميل بالاعلان في جريدة لبيع السفينة. ومن بين البنود التي سيتم تعديلها المادة'5' والتي تنص علي أن السفينة تكتسب الجنسية المصرية إذا كانت مسجلة في أحد موانيها, وكانت مملوكة لشخص طبيعي أواعتباري يتمتع بهذه الجنسية وذلك بإضافة نص: أو مستأجرة عادية أو مستأجرة تأجيرا تمويلا وأما اذا كانت السفينة مملوكة علي الشيوع اشترط أغلبية الحصص أن تكون مملوكة للمصريين بشرط رفع العلم المصري. والمادة'6' وتنص علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تجاوز ثلاثة آلاف جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين كل من المالك والربان في حالة مخالفته للأحكام المنصوص عليها في هذه المادة إلا إذا كان القصد من المخالفة اتقاء وقوع السفينة في الأسر بإضافة: علي مالك السفينة أو مستأجرها عادية أن يبين حمولتها الكلية وحمولتها الصافية وتحدد الحمولتان من الجهة الادارية المختصة وتعطيه شهادة بذلك. والمادة'11' والتي تنص علي أن تقع التصرفات التي يكون موضوعها إنشاء أو نقل أو انقضاء حق الملكية أو غيره من الحقوق العينية علي السفينة بمحرر رسمي وإلا كانت باطلة ما لم يتم شهرها بناء علي طلب ذوي الشأن في سجل السفينة المحفوظ بمكتب التسجيل المختص' الشهر العقاري' وشملت تلك التعديلات أن هيئة السلامة فقط هي التي تكون مختصة بالتسجيل ويكون البديل بالتسجيل بالشهر العقاري. والمادة'12' والتي تنص علي أنه لا يجوز نقل ملكية سفينة مصرية إلي أجنبي أو بدون مقابل, كما لا يجوز تأجيرها لأجنبي لمدة تزيد عن سنتين, إلا بعد الحصول علي إذن من الوزير المختص ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي سنة وبغرامة لا تجاوز ثلاثة آلاف جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين كل من يخالف الحظر المنصوص عليه في الفقرة السابقة والتسجيل يكون عن طريق القيد في سجل السفن في المكتب المعد لذلك بدون اخلال بإحكام القانون المنصوص عليها بتسجيل السفن بالاضافة الي الغائه عقوبة الحبس. وفيما يخص المادة'57' والتي تنص علي: إذا بيعت السفينة المرهونة بيعا اختياريا لأجنبي كان البيع باطلا ما لم ينزل الدائن المرتهن في عقد البيع عن الرهن ويعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تجاوز ثلاثة آلاف جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين البائع الذي يخالف حكم الفقرة السابقة تم تعديلها بزيادة الغرامة بقيمة لا تقل عن100 الف جنيه ولا تزيد عن500 الف جنيه. وأضاف هداية أن من بين البنود التي تم تعديلها في قانون التجارية البحرية والتي تنص علي معاقبة المالك والمستاجر في حالة مخالفة نص القانون بغرامة لا تقل عن3 آلاف جنيه وبذلك بإضافة نص يعاقب بغرامة لا تقل عن50 الف جنيه من المالك والمستأجر السفينة العارية والربان في حالة محاكمة الاحكام المنصوص عليها. وقال د. وليد عبد الغفار رئيس الأمانة الفنية لمشروع محور تنمية قناة السويس ومستشار الوزير للنقل البحري والنهري أن الوزارة وضعت استراتيجيه للنهوض بالنقل البحري تتضمن الاهتمام بالعمالة البحرية ورفع كفاءتها وتوفير فرص عمل لها والتوقيع علي اتفاقية العمالة لسنة2006. وقال إن هذه الاستراتيجية تتضمن أيضا زيادة الدخل من منظومة النقل البحري حتي يصبح من أحد أهم ثلاثة موارد بالدولة, وزيادة الأسطول البحري لينقل20% علي الأقل من التجارة المصرية المنقولة بحرا في خلال خمس سنوات بدلا من5% حاليا, ورفع كفاءة الخدمات البحرية وزيادتها وفقا للمنافسة العالمية, وعمل مخطط كامل للنقل البحري في مصر حتي تستفيد الدولة من الميزة التنافسية الموجودة بكل ميناء. وعمل نظام الكتروني لميكنة الموانئ وربطها بهيئة السلامة والقطاع والوزارة, واعادة هيكلة منظومته وفقا للهيكلة الجديدة للوزارة التي تتم حاليا حتي تتماشي مع الاحتياجات والمنافسة العالمية. كما تتضمن الاستراتيجية تطوير آلية منظومة تسهيل التجارة عن طريق التنسيق بين كافة الأطراف الموجودة داخل مجتمع الميناء ووسائل النقل المختلفة وتوقيع اتفاقيةTIR, والاهتمام برفع كفاءة هيئة السلامة البحرية من ناحية العامل البشري والمادي والمعلوماتي حتي تتوافق مع المتطلبات الدولية والسلامه البحرية حرصا من الوزارة علي حياة الركاب. وكانت العديد من شركات الملاحة المصرية قد تعرضت لضغوط وحصار ساهم في اضعاف مواقفها التنافسية في مواجهة الشركات الدولية. وفي مقدمة هذه الشركات التي تعرضت لمثل هذه الضغوط, الشركة المصرية للملاحة البحرية والشركة الوطنية للملاحة البحرية وتبدأ قصة انهيار الشركة المصرية للملاحة البحرية التي كانت أقوي شركة في تاريخ الملاحة المصرية والعربية, مع السماح بوصول ثلث واردات مصر من خلال التوكيل الملاحي الاسرائيلي' زيم' بالرغم من وجود الشركة العملاقة التي تمتلكها الدولة والتي خرجت للواقع المصري بعد قرار تأميم ثلاث شركات هي' شركة خطوط البوستة الخديوية و شركة إسكندرية للملاحة و شركة مصر للملاحة' وتم دمجها جميعا في شركة واحدة هي الشركة المصرية للملاحة البحرية بأسطول ضخم ضم60 سفينة تجارية تجوب بحار العالم رافعة العلم المصري. وتقلص أسطولها البحري ليصبح الآن8 سفن فقط هي' رأس سدر, مرسي علم, المنوفية, اسكندرية, رأس محمد, نويبع, طابا, الحسين'.. وتسعي ادارة الشركة جاهدة الي تخريد الواحدة تلو الأخري حيث أن سفينتين منها وهما نويبع و المنوفية في إطار التكهين فالسفينة الأولي خارج التشغيل لعدم صلاحيتها للعمل والسفينة الأخري مستقرة في حوض مائي تابع للشركة منذ أكثر من عام لاحتياجها لقطع غيار. وتبلغ مديونة الشركة الحالية47 مليون جنيه, تقلصت الي32 مليون مؤخرا, وتعجز الشركة خلال هذه الأيام عن دفع رواتب العاملين بها, وتلجأ شهريا للشركة القابضة لدفع رواتب العاملين بها بعد تكرار اعتصامات العاملين أمام مقر الإدارة والشركة القابضة للحصول علي رواتبهم. أما الشركة الوطنية للملاحة البحرية, فقد كانت تخضع لمظلة قانون قطاع الاعمال العام رقم91/203.. وتم نقل تبعية الشركة الي القانون159 لسنة1981 للشركات المساهمة المصرية عن طريق الاستحواذ بنسبة90% من أسهم الشركة الي شركة الملاحة الوطنية وبنسبة8% للشركة القابضة و2% لتداول حاويات الاسكندرية وبذلك فقدت الشركة اصولها نتيجة نقل كافة المباني المملوكة لها في عام1997 الي الشركة القابضة بالقيمة الدفترية و ليس بالقيمة السوقية بخلاف قرار مجلس الادارة وقتذاك. وفقدت الشركة عائدا سنويا في حدود10 ملايين جنية سنويا كما حصلت علي عقد امتياز لنقل المواد البترولية بين السواحل المصرية و الهيئة العامة للبترول والذي كان يخص الشركة المصرية للملاحة البحرية منذ أكثر من30 عاما دون سداد مقابل لذلك العقد والذي كان يدر دخلا صافيا10 ملايين سنويا مما أثر عل الموقف المالي للشركة اي فقدت حوالي70 مليون جنية منذ عام2005. كما فقدت الشركة المصرية للملاحة البحرية عائدا استثماريا سنويا نتيجة انتزاع المساهمات التي كانت مملوكة لها في بعض الشركات التي تخضع لقانون203 علي سبيل المثال' شركة مارترانس' كانت تدر للشركة المصرية للملاحة البحرية حوالي مليون جنية سنويا نظير ما تملكه من اسهم بحوالي44.5% كما تحملت الشركة المصرية للملاحة البحرية الضرائب المربوطة عليها نتيجة أرباح أعوام سابقة تقدر بحوالي58 مليون جنيه كان من المفروض أن تتحملها الشركة القابضة للنقل البحري والبري قبل عملية الاستحواذ وتم سداد26 مليون جنيه ويتبقي علي الشركة32 مليون جنيه ديونا.. كما قامت الشركة الوطنية للملاحة باستغلال عقد امتياز ممنوح للشركة المصرية للملاحة البحرية لناقلات البترول و رفضت دخول الشركة المصرية للملاحة البحرية وبالتالي يتحسن الموقف المالي للشركة الوطنية علي حساب الشركة المصرية.