اطلقت المفوضية الاوروبية الرصاصة الاولي في احد اكبر التحقيقات حول التسعير القياسي للنفظ والغاز منذ فضيحة الليبور. ومثلما كانت تحقيقات التلاعب في سعر الفائدة بين البنوك لليلة واحدة ليبور فإن قضية تسعير الطاقة تمثل اهمية كبيرة ايضا بالنسبة للاقتصاد حيث تتعلق بمعاملات تزيد قيمتها علي2.5 تريليون دولار لاسواق السلع. لعشرات السنين سوق النفط خضع لهيمنة عدد محدود من شركات الطاقة العملاقة, من بينها بريتش بتروليم, رويال دويتش شل, وستات اويل, هذه الشركات تعرضت مؤخرا لغارة تنظيمية من المفوضية الاوروبية في اطار تحقيق حول احتمال حدوث تلاعب في الاسعار. التحقيق يشمل شركات تجارة السلع مثل جلينكور وفيتول وترافيجورا وصناديق تحوط وبنوكا استثمارية مثل مورجان ستانلي. وسوق النفط لا يخضع لاشراف حكومي او بورصات ونظام التسعير فيه يعتمد علي تقارير الاسعار التي تقدمها عدد من وكالات الابلاغPRA وPricercportingagency مثل بلاتس التي تنشر يوميا تقييمات لخام برنت النفط الفعلي الذي تم تحديد موعد شحنه في الناقلات من بحر الشمال وهو ما يعتبر السعر المرجعي ل60% من الخام الذي يجري تداوله في انحاء العالم كما انه الاساس لتقييمات المشتقات التي يجري تداولها في البورصات التي تستخدمها شركات الطيران وصناديق التحوط وكذلك اسعار البنزين في محطات الوقود يتم تحديدها علي اساس اسعار بلاتس للخام والمنتجات البترولية. الانتهاء من التحقيقات الجارية قد يستغرق سنوات وربما لا يسفر عن شيء, لكن اي شركة يثبت تلاعبها سوف تتكبد غرامات هائلة كما حدث في قضية الليبور ولذلك فان التحقيق الذي طال العديد من الشركات الكبري, اثار القلق في ارجاء عالم النفط والغاز ولاول مرة بدأت الحكومات تسأل عن كيفية التسعير في هذه السوق الحيوية والسوق التي تغطيها وكالات التبليغ عن الاسعار هي سوق مذهلة حيث يتم تقسيم تداولات النفط الي مئات من اسواق الخام والمنتجات المكررة المختلفة ويوميا يقوم عشرات من مراسلي بلاتس بتقييم ما يزيد علي400 عرض اسعار ومناقصات ومعلومات حول الصفقات الواردة من المتداولين الذين يمكن ان تكون لهم مصالح في تحريك السوق. والمشكلة هنا ان المتداولين في شركات تجارة السلع مثل جلينكور وفيتول وشركات النفط العملاقة مثل بريتش بتروليم وتوتال الفرنسية وبنوك استثمارية يختارون البيانات التي يكشفون عنها, ان رغبوا, لمراسلي الاسعار الذين هم غالبا من حديثي التخرج في حين ان دقة التسعير تعتمد علي مهارة او خبرة الشخص الذي يتابع الاسعار فيما يتعلق بسوق معينة يوميا. والمكاسب المحتملة للتأثير في الاسعار القياسية التي تنشرها بلاتس وغيرها من الوكالات هائلة. فحسبما اشارت المفوضية الاوروبية اي تلاعب او خلل, حتي ولو بسيط في التقييمات يمكن ان يكون له اثر كبير علي الاسعار. والاسعار القياسية الفعلية تعتمد علي سعر المشتقات المالية مثل العقود الآجلة, والمبادلات حيث عادة ما تكون التعاملات اكبر. كان تقرير ايوسكو وهي الهيئة التي تضم المنظمين في العالم الي مجموعة العشرين قد حذر العام الماضي من النظام الحالي للتسعير الذي يتيح التلاعب في سوق السلع وقال ان سوء التصرف في سوق النفط لا يمكن اعتباره مجرد اجتهادات. ايوسكو, لم تكن وحدها التي لفتت الي خطورة القضية فقد حذرت ايضا توتال اس ايه وهي الذراع التجارية لتوتال الفرنسية من تسعير غير دقيق في سوق النفط قائلة انه في عدة مرات سنويا لا تتفق اسعار السوق مع تقديرات الشركة لمؤشرات رئيسية في ذلك اليوم. تاريخ الصناعة يشير الي اتهامات سابقة لشركات بالتلاعب في نظام التسعير, وعلي سبيل المثال في عام2000 رفعت شركة التكرير الامريكية توسكو دعوي قضائية ضد اركاديا وهي شركة متوسطة الحجم لتجارة النفط تتهمها بمحاولة التلاعب في سوق خام برنت الفعلي من اجل دفع اسعار بلاتس الي الاعلي ولكن تم تسوية القضية خارج المحاكم. كما كان الحال في قضية الليبور الاشارة الي مشاكل التسعير اسهل من تقديم الحلول وصعوبة الامر تكمن في عدم وجود جهة جديدة مسئولة عن السوق ففي حين تخضع بورصات السلع في لندن ونيويورك التي تجري فيها تداولات مشتقات النفط لرقابة المنظمين الماليين الا ان سوق النفط الفعلي غير خاضعة للتنظيم نهائيا. واسواق السلع لا تعمل وفقا لمعايير موحدة وفي حالة سوق النفط الفروق الصغيرة في نوعية شحنة او مثلا استخدام ناقلات ذات طابق واحد او اثنين يمكن ان يكون له تأثير كبير علي التقييمات. اسوأ سيناريو في رأي المحلليين هو ان تبدأ السوق في التخلي عن النظام الحالي للتسعير دون وجود نظام بديل وهذه المشكلة ظهرت بالفعل في سوق الغاز الاوروبي حيث توقفت بعض الشركات عن تقديم بياناتها الي وكالات الابلاغ عن الاسعار خوفا من التعرض لاتهامات وغرامات وذلك في اعقاب تحقيق مستقل عن التلاعب بأسعار الغاز ولكن اذا توقفت شركات تجارة النفط عن المشاركة في عملية التسعير فكيف يكن الوصول الي الاسعار وهذا ما يتعين علي الحكومات الاجابة عنه.