الأزهر ينفي تشكيل لجنة فتوى مع الأوقاف    عمرو أديب: قانون الإيجار القديم سيظلم أحد الطرفين وهو المستأجر    مصدر ل «المصري اليوم»: الزمالك تواصل رسميًا مع طارق مصطفى لخلافة بيسيرو.. والمدرب يبدي موافقته    هل يجوز الحديث مع الغير أثناء الطواف.. الأزهر يوضح    الحكومة تصدر بيانا بشأن "البنزين المغشوش" في محطات الوقود    رغم هطول الأمطار.. خبير جيولوجي يكشف أسباب تأخير فتح بوابات سد النهضة    5 مرشحين لتدريب الزمالك حال إقالة بيسيرو    مدرب سيمبا: خروج الزمالك من الكونفدرالية صدمة كبرى فهو المرشح الأول للبطولة    تشكيل إنتر ميلان المتوقع أمام برشلونة في موقعة الإياب بدوري أبطال أوروبا    إحالة سيدة احترفت سرقة متعلقات المواطنين بمدينة الشروق إلى المحاكمة    ارتفاع كبير ب400 للجنيه.. مفاجأة في أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة (محليًا وعالميًا)    موجة حارة.. بيان مهم ل الأرصاد يكشف طقس اليوم الثلاثاء 6 مايو (احذروا الشبورة)    تامر حسني ومصطفى حجاج يشعلان حفل زفاف رنا رئيس    مش غارة إسرائيلية، أسباب انفجارات واشتعال النيران بمدينة حلب السورية (فيديو)    جموع غفيرة بجنازة الشيخ سعد البريك .. و"القثردي" يطوى بعد قتله إهمالا بالسجن    هل يشارك ترامب في جهود وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس؟    إسرائيل تستعد لغزة ب«عربات جدعون»    العالم بعد منتصف الليل.. سلسلة انفجارات تهز حلب.. وقصف خان يونس (فيديو)    شريف فتحي يقيم مأدبة عشاء على شرف وزراء سياحة دول D-8 بالمتحف المصري الكبير    الحوثيون يتوعدون تل أبيب برد قوي على القصف الإسرائيلي لليمن    تشمل السعودية والإمارات وقطر.. جولة لترامب بدول الخليج منتصف مايو    جوتيريش يحث الهند وباكستان على "التراجع عن حافة الهاوية" ويحذر من التصعيد العسكرى    وزير وفنان وطالب :مناقشات جادة عن التعليم والهوية فى «صالون القادة»    مؤتمر منظمة المرأة العربية يبحث "فرص النساء في الفضاء السيبراني و مواجهة العنف التكنولوجي"    "READY TO WORK".. مبادرة تساعد طلاب إعلام عين شمس على التخظيظ للوظيفة    التعليم توجه بإعادة تعيين الحاصلين على مؤهلات عليا أثناء الخدمة بالمدارس والمديريات التعليمية " مستند"    وكيل كولر يتحدث لمصراوي عن: حقيقة التقدم بشكوى ضد الأهلي.. والشرط الجزائي بالعقد    فرط في فرصة ثمينة.. جدول ترتيب الدوري الإنجليزي بعد تعادل نوتنجهام فورست    لتفادي الهبوط.. جيرونا يهزم مايوركا في الدوري الإسباني    قابيل حكما لمباراة سموحة والطلائع.. ومصطفى عثمان ل زد والاتحاد    نائب وزير السياحة والآثار تترأس الاجتماع الخامس كبار المسؤولين بمنظمة الثمانية    محافظ الغربية: لا تهاون في مخالفات البناء.. واستعدادات شاملة لعيد الأضحى    رابط النماذج الاسترشادية لامتحان الرياضيات التطبيقية لطلاب الثانوية العامة 2025    أرقام جلوس الثانوية العامة خلال أيام :تقليص عدد اللجان ومنع عقدها فى «مقرات الشغب» بالسنوات السابقة    مصرع طالب في حادث مروري بقنا    اليوم.. محاكمة نقاش متهم بقتل زوجته في العمرانية    سعر الخوخ والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025    إيناس الدغيدي وعماد زيادة في عزاء زوج كارول سماحة.. صور    سفيرة الاتحاد الأوروبى بمهرجان أسوان لأفلام المرأة: سعاد حسنى نموذج ملهم    أصل الحكاية| ديانة المصريين القدماء.. حتحور والبقرة المقدسة بين الرمز والواقع    مصر للطيران تلغي رحلاتها اليوم إلي بورتسودان وتوجه نداء لعملائها    "كتب روشتة خارجية".. مجازاة طبيب وتمريض مستشفى أبو كبير    احترس من حصر البول طويلاً.. 9 أسباب شائعة لالتهاب المسالك البولية    10 حيل ذكية، تهدي أعصاب ست البيت قبل النوم    رنا رئيس تتألق في زفاف أسطوري بالقاهرة.. من مصمم فستان الفرح؟ (صور)    4 أبراج «ما بتتخلّاش عنك».. سند حقيقي في الشدة (هل تراهم في حياتك؟)    رسميًا.. جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 بالجيزة (صور)    عيار 21 الآن بعد الزيادة الجديدة.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 6 مايو في الصاغة    "كاميرا وروح" معرض تصوير فوتوغرافي لطلاب "إعلام بني سويف"    على مساحة 500 فدان.. وزير الإسكان يتابع الموقف التنفيذي ل "حدائق تلال الفسطاط"    تطور جديد في أزمة ابن حسام عاشور.. المدرس يقلب الموازين    ضبط طفل تحرش بكلب في الشارع بالهرم    جاي في حادثة.. أول جراحة حوض طارئة معقدة بمستشفى بركة السبع (صور)    هل ارتداء القفازات كفاية؟.. في يومها العالمي 5 خرافات عن غسل اليدين    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البريكس تعيد هندسة النظام العالمي الجديد

هل تعتبر البريكس بحق البداية الحقيقية لنظام دولي جديد وهل بوسع دول أخري مثل مصر أن تنضم لتلك المجموعة؟ وما هي الشروط التي يجب توفرها لتحقيق هذا؟
لهذا حاولنا أن نقترب كثيرا من البريكس لمعرفة التحديات التي تواجهها والوقوف علي ما تم انجازه حتي هذه اللحظة. يعتبر جيم أونيل من بنك جولدمان ساكس أول من صاغ الوصف المختصر' بريك' في الإشارة إلي البرازيل وروسيا والهند والصين, للفت الانتباه إلي الفرص المربحة فيما اعتبره' أسواقا ناشئة'. وكان العالم يعلق آمالا كبيرة علي الاقتصادات الأربعة الناشئة, التي كان من المتوقع أن يبلغ مجموع ناتجها المحلي الإجمالي4,128 تريليون دولار بحلول عام2050, ليتضاءل أمام هذا الرقم الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي المتوقع بنحو5,38 تريليون دولار بحلول نفس العام. وقد انضمت جنوب إفريقيا إلي المجموعة عام2010, في إطار قمة مجموعة' بريكس' الخامسة. ولكن بعد مرور أكثر من12 عاما, يكاد يكون القاسم المشترك الأوحد بين هذه الدول الأربع هو أنها الاقتصادات الوحيدة المصنفة بين أكبر خمسة عشر اقتصادا.
وقد حدد أعضاء البريكس أهدافا محددة:' مجموعة البريكس وإفريقيا شراكة من أجل التنمية, والتكامل, والتصنيع'. وهم يسعون إلي تعزيز المصالح الوطنية, ودعم الأجندة الإفريقية, وإعادة تنظيم البنية المالية والسياسية والتجارية علي مستوي العالم وهي الأجندة التي تشمل أهدافا من القمم السابقة, في حين تعكس هدف جنوب إفريقيا المتمثل في تسخير عضويتها في المجموعة لخدمة إفريقيا بالكامل. وتأمل المجموعة إلي زيادة التجارة فيما بينهم وبقية إفريقيا من نحو340 مليار دولار في عام2012 إلي أكثر من500 مليار دولار في عام.2015 ويتوقع الخبراء أن يصبح اقتصاد البلدان الأربعة مجتمعة عند نقطة ما من هذا العقد بنفس ضخامة اقتصاد الولايات المتحدة, حيث سيبلغ الناتج المحلي الإجمالي الصيني وحده نحو ثلثي نظيره في الولايات المتحدة. وسوف تكون البلدان الأربعة مسئولة عن ما لا يقل عن نصف نمو الناتج المحلي الإجمالي علي مستوي العالم, بل وربما يصل إلي70% منه. ويري بعض المتابعين لمسيرة البريكس أنها ستعمل علي إعادة تنظيم العالم بعيدا عن الدول المتقدمة. فنظرا للتطور السريع والناجح الذي شهدته الصين فقد بات من الواضح بما لا يدع مجالا للشك أن الصين سوف تصبح واحدة من القوي العالمية المهيمنة قد تكون علي مسافة بضع سنوات فقط من التحول إلي القوة الاقتصادية الأولي علي مستوي العالم, وربما تكون مركزية أمريكا الإستراتيجية في طريقها إلي الأفول. فالانتصارات التي سجلتها الصين علي الصعيدين السياسي والاقتصادي,, تجعل النموذج الصيني يبدو وكأنه بديل جذاب لرأسمالية الديمقراطية الليبرالية. إن النموذج الصيني شديد الجاذبية, ليس فقط في نظر النخبة الجديدة داخل الدول والدول المحيطة بها, بل إنه يتمتع بجاذبية عالمية أيضا. والحقيقة أن الحكام الأفارقة وغيرهم يعشقون هذا النموذج. فهو ليس بالنموذج الغربي, والصينيون لا يعظونهم ولا يلقون عليهم المحاضرات بشأن الديمقراطية. وينظر الهنود إلي مجموعة البريكس كوسيلة لتوجيه الأموال الفائضة لدي الصين فضلا عن خبراتها وتجاربها إلي مثل هذه الاستثمارات( وخاصة السكك الحديدية), فضلا عن تعزيز العلاقات بين الهند والصين. أما عن جنوب إفريقيا فقال أونيل مؤخرا لصحيفة تشاينا ديلي:' إن جنوب إفريقيا محظوظة بالقدر الكافي لكي تلتحق بعضوية هذه المجموعة, فهي علي المستوي الاقتصادي صغيرة مقارنة بأقرانها في المجموعة'. وعلاوة علي ذلك, كان أداؤها الاقتصادي راكدا نسبيا, حيث لم يتجاوز معدل نموها في العام الماضي3,2% ولكنها ستسخدم البريكس لتعزيز التعاون في إفريقيا. أما البرازيل فهي تستعد اليوم لاحتلال مقعدها بين القوي البترولية علي مستوي العالم. فقد جاءت التقديرات الخاصة بحجم الاحتياطي الذي اكتشفته حديثا من النفط لتضعها في المرتبة الثامنة بين الدول المنتجة للنفط. ولقد شرعت البرازيل بالفعل في اختبار مدي جاذبيتها باعتبارها قوة عظمي في مجال الطاقة, وذلك من خلال تصرفات شركة بتروباس القوية المملوكة للدولة, والتي تزاول نشاطها الآن في إفريقيا وفي الأرجنتين. فمن المؤكد أن حجم الاحتياطيات النفطية الجديدة يضيف المزيد من الثقل إلي نفوذ البرازيل المتزايد علي الصعيد العالمي. ويبدو أن النفط لن يؤدي إلي تبديل الاقتصاد البرازيلي فحسب, بل إن من شأنه أيضا أن يغير من دورها الذي تضطلع به في العالم.وتعمل روسيا الآن علي ترسيخ المفهوم الحالي الذي يدور حول تفوق البرازيل وروسيا والهند والصين, وتحويله إلي حقيقة ثابتة لا تقبل التشكيك. لقد بدأت جهود تصوير هذه البلدان الأربعة وكأنها مؤسسة عالمية تفرض نفسها علي أرض الواقع حين التقي زعماء البلدان الأربعة في إطار أول قمة جمعت بينهم. ولقد أسفر ذلك الاجتماع عن هجوم مركز ضد الولايات المتحدة, حيث أعلن كل عضو عن رغبته في إسقاط الدولار كعملة احتياطية عالمية. وقبل ذلك ببضعة أشهر, أصدر الزعماء الأربعة بيانا مشتركا قبيل انعقاد قمة مجموعة العشرين, معربين عن عزمهم المشترك علي تغيير قواعد النظام الاقتصادي العالمي. والواقع أن رجل الاقتصاد البلجيكي روبرت تريفين كان قد سلط الضوء علي هذه المشكلة في ستينيات القرن الماضي, ثم في وقت أقرب إلي يومنا هذا سلط عليها رجل الاقتصاد الإيطالي الراحل توماس شيوبا الضوء من جديد. فقال توماس شيوبا:' إن متطلبات استقرار النظام ككل تتعارض مع ملاحقة سياسة اقتصادية ونقدية مصممة وفقا لمسوغات محلية'. وتعمل السياسات النقدية التوسعية في الولايات المتحدة بشكل خاص( وفي كل الدول المتقدمة) علي توليد مخاطر مرتفعة للاقتصادات الناشئة. فقد أعلن الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف في ايكاترينبرج:' إن أي نظام عملة عالمي ناجح ليس من الممكن أن يشتمل علي أدوات مالية تهيمن عليها عملة واحدة'.
ولكن النجاح الأكبر لمجموعة البريكس يتمثل في إنشاء بتك للتنمية بهدف توجيه التنمية علي النحو الذي يعكس أولويات مجموعة البريكس وإمكاناتها. ففي ختام قمتهم التي استضافتها ديربان في شهر مارس, أعلن زعماء مجموعة البريكس( البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا) أعلنوا اعتزامهم إنشاء بنك جديد للتنمية يهدف إلي' حشد الموارد لتمويل مشاريع البنية الأساسية والتنمية المستدامة في دول البريكس وغيرها من الاقتصادات الناشة والدول النامية'. وأشارت الكلمات التي ألقاها الزعماء الخمسة إلي نظام عالمي متحول, وإن إمكانات تطور مجموعة البريكس لا نهائية'.
ويري بعض الخبراء أن من المفترض أن يعمل البنك كثقل موازن لبنوك التنمية العالمية المتعددة الأطراف مثل البنك الدولي لكن البعض الآخر يري أنه سوف يعمل علي الحد من هيمنة الأمريكيين والأوروبيين علي مؤسسات بريتون وودز فهذا القرار يعكس النجاحات الهائلة في التنمية الاقتصادية علي مدي العقود الأربعة الماضية. كما أن القرار يظهر قدرة مجموعة البريكس علي العمل الجماعي, من أجل صالح بلدانها وصالح العالم أجمع. إن الأسواق الناشئة والدول النامية تأخذ علي عاتقها الآن رسم المستقبل, في وقت حيث تتخبط الدول الغنية في مشاكلها الخاصة التي جلبتها علي نفسها. إن الاحتياج إلي بنك تنمية جديد واضح. ولمواجهة التحديات التي تواجه العالم النامي, فلابد أن يرتفع الإنفاق علي البنية الأساسية من نحو800 مليار دولار إلي2 تريليون دولار علي الأقل سنويا في العقود المقبلة. وإلا فإنه سوف يكون من المستحيل تحقيق هدف الحد من الفقر وتحقيق النمو الشامل في الأمد البعيد. ومن المرجح ألا يتجاوز التمويل السنوي لمشاريع البنية الأساسية من بنوك التنمية المتعددة الأطراف ومساعدات التنمية الخارجية40 إلي60 مليار دولار, أي نحو2% إلي3% فقط من الاحتياجات المتوقعة.
ويري د. مصطفي أحمد مصطفي بمعهد التخطيط القومي أن تجمع البريكس حقق انجازا كبيرا من خلال إنشاء بنك للتنمية حيث تبين إن إدارة المؤسسات القديمة بعيدة كل البعد عن الانسجام مع الواقع الاقتصادي والسياسي اليوم. والأمر الأكثر أهمية هو أن بنك التنمية الجديد سوف يمنح هؤلاء في الدول النامية والأسواق الناشئة صوتا أقوي لوجهات نظرهم ومصالحهم. فإن البنك الجديد قادر علي توفير المساعدة الأساسية للدول النامية والأسواق الناشئة في تبني استثمار أذكي وأكثر استدامة في البنية الأساسية لتحقيق النمو والحد من الفقر. ونظرا للحاجة إلي التحرك بسرعة ونظرا لتباطؤ استجابة الدول المتقدمة فإن هذه المؤسسة الجديدة تصبح موضع ترحيب شديد. وبوسع البنك الجديد أن يقدم مساهمات كبيرة في ضمان صحة الاقتصاد العالمي من خلال تيسير الانتقال إلي أقطاب جديدة للنمو والطلب, والمساعدة في إعادة التوازن إلي المدخرات والاستثمارات العالمية, وتوجيه فائض السيولة إلي استخدامات منتجة. ولن يكون البنك الجديد مجرد محرك للنمو المستدام في الدول النامية والأسواق الناشئة, بل وأيضا أداة لتعزيز الإصلاح في المؤسسات المالية المتعددة الأطراف القائمة, وهي التغيرات التي سوف نستفيد منها جميعا, في العالم المتقدم والعالم النامي علي حد سواء. وأن كل دولة من دول البريكس وجدت غاياتها في هذا التجمع. فالصين تعد بالنسبة لجميع بلدان أمريكا اللاتينية تقريبا, واحدة من أكثر عشرة شركاء تجاريين أهمية, وأصبحت تحتل المركز الثاني بالفعل بالنسبة للعديد من هذه الدول, وبمعدلات نمو تتجاوز التجارة الإجمالية. وفي الغرب أيضا تنامت الجاذبية الصينية. فقد أصبح رجال الأعمال, وأباطرة الإعلام, والمهندسون يندفعون أفواجا إلي الصين. فهل من الممكن أن يجدوا مكانا أفضل من هذا الدولة التي تخلو من النقابات التجارية المستقلة أو أي شكل من أشكال الاحتجاجات المنظمة التي قد تؤدي إلي تدني الأرباح, لتوسيع أعمالهم, وبناء الملاعب الرياضية الضخمة وناطحات السحاب, أو بيع تكنولوجيا المعلومات والشبكات الإعلامية؟ وفي نفس الوقت فقد تحولت المخاوف بشأن حقوق الإنسان أو الحقوق المدنية إلي موضوع عتيق غير ذي شأن, أو تعبير متغطرس عن الإمبريالية الغربية. والواقع أن حصة هذه المجموعة( البرازيل وروسيا والهند والصين) في الناتج المحلي الإجمالي العالمي ارتفعت من16% في عام2000 إلي22% في عام2008. وكان أداء هذه البلدان مجتمعة أفضل من المتوسط أثناء فترة الركود العالمي اللاحقة. وتؤوي هذه البلدان مجتمعة42% من سكان العالم, وكانت مسئولة عن ثلث إجمالي النمو الاقتصادي العالمي طيلة الأعوام العشرة الماضية. فإن متوسط النمو الاقتصادي السنوي في البلدان الأربعة الأخري الأكثر ازدحاما بالسكان علي مستوي العالم الصين والهند وإندونيسيا والبرازيل كان أعلي من5% إلي6% أثناء الفترة2000-2009. إن التحدي الأساسي الذي يواجه أمريكا علي المستوي العالمي يتلخص في قبول حقيقة مفادها أنها لم تعد وحدها علي القمة. فهي لم تضطر من قبل قط إلي التعامل مع آخرين باعتبارهم مساوين لها, علي النقيض من القوي الأوروبية التقليدية, التي فعلت ذلك لعدة قرون من الزمان.
ويري د. خضر أبو قورة أن أهل النخبة في روسيا لم يعترفوا قط بهزيمتهم في الحرب الباردة, ويتعامل الغرب مع روسيا في الأساس باعتبارها بلدا منهزما, وهو الموقف الذي يرمز إليه توسع حلف شمال الأطلنطي نحو الشرق, والذي ساعد في إرساء أساس عميق للتوتر المستمر. إن توسع حلف شمال الأطلنطي لا يشكل أكثر من امتداد لمنطقة نفوذه, وفي المجال السياسي العسكري الأشد حساسية. ورغم ذلك فإن عدم استعداد الغرب للتخلي عن هذه الجهود يقترن بالرفض المتكرر للاعتراف بحق روسيا في أن تنشئ لنفسها منطقة اهتمام خاص. وهذا يعني أن توسع حلف شمال الأطلنطي يجعل الحرب الباردة تبدو وكأنها لم تنته بعد. صحيح أن المواجهات الإيديولوجية والعسكرية التي استندت إليها الحرب قد ولت وذهبت لحال سبيلها, ولكن المنافسة الجغرافية السياسية التي انطوت عليها عادت الآن إلي الواجهة. وهذا يعني أن العقلية القديمة ما زالت باقية علي الجانبين. وفي مواجهة استحالة الانضمام إلي المؤسسات الأوروبية الأطلنطية والانتفاع بها, فإن روسيا تنجرف بسرعة نحو الانحياز إلي الصين' الشقيقة الصغري'. إن' الخيار الآسيوي' الذي تبنته روسيا اليوم لا يشبه الخيار الأوراسي في الماضي. فهو علي السطح يبدو وكأنه خيار يصب في مصلحة حضارة سريعة النهوض. ولكن القطيعة الحالية مع أوروبا مهد الحضارة الروسية وحداثة روسيا تهدد هوية روسيا ومن شأنها أن تزيد من المخاطر الجغرافية الاستراتيجية التي قد تواجهها في المستقبل. لذا, فإن روسيا سوف تناضل من أجل تأسيس بنية جديدة, معتمدة في ذلك علي نفسها إلي حد كبير, لذلك اصرارها علي نجاح البريكس يعتبر خطوة متقدمة للوقوف في وجه الولايات المتحدة والمعسكر الغربي. والواقع أنه في حين قد تكون مجموعة البريكس مفيدة في تنسيق تكتيكات دبلوماسية معينة, فإن هذا المصطلح يجمع بين دول متباينة للغاية. والأمر ليس فقط أن جنوب إفريقيا ضئيلة مقارنة بدول المجموعة الأخري, بل إن اقتصاد الصين أضخم كثيرا من كل الدول الأخري مجتمعة. وعلي نحو مماثل, فإن الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا دول ديمقراطية, ويلتقي زعماؤها أحيانا في منتدي بديل تحت مسمي' منتدي الحوار بين الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا'( إبسا). وفي حين يجد النظامان الاستبداديان في روسيا والصين ميزة دبلوماسية في مضايقة الأمريكيين, فإن كلا منهما يقيم علاقات مختلفة ولكنها بالغة الأهمية مع الولايات المتحدة. كما عمل النظامان علي إحباط الجهود التي تبذلها الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا للحصول علي مقاعد دائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ولعل أبرز التحديات التي تواجه البريكس تكمن في الافتقار إلي الوحدة الذي يعد من السمات المصاحبة لعدم التوافق الأساسي بين أعضاء مجموعة البريكس. فمن الناحية السياسية تتنافس كل من الصين والهند وروسيا فيما بينها علي فرض نفوذها علي آسيا. ومن الناحية الاقتصادية تشعر البرازيل والهند وجنوب إفريقيا بالقلق إزاء التأثيرات التي تخلفها عملة الصين المقومة بأقل من قيمتها علي اقتصاداتها.
ويري د. خضر أبوقورة إن الدرس الذي يجب أن نعيه في انتقال جنوب إفريقيا إلي الديمقراطية يتلخص في أن أي دولة منقسمة لن يكتب لها أبدا أن تنعم بمستقبل مستقر إذا ما أصرت علي المضي نحو الأمام دون المبادرة إلي كشف الحقائق والمغفرة. مما لا شك فيه أن نجاح انتقال جنوب إفريقيا يرجع في جزء منه إلي معجزة: إنها المعجزة التي تجسدت في نيلسون مانديلا الذي نجح بهدوئه وحصافته, ومكانته باعتباره رمزا للتسامح, والتعاطف, والشهامة, والعزيمة, إلا أن مواطني جنوب إفريقيا العاديين يستطيعون أيضا أن يفخروا بأنفسهم, فبفضل انضباطهم الذاتي, وآدابهم السلوكية البسيطة, وقدرتهم علي العفو والمغفرة, بات في الإمكان منع حمام الدم. والحقيقة أنهم ضربوا مثلا لابد أن يحتذي في أماكن أخري مضطربة من العالم.
ويري د. مصطفي كامل السيد أن اقتصادات أسواق النمو البرازيل وروسيا والهند والصين ساهمت بنحو3 تريليونات دولار في عام2011, والآن يعادل حجم هذه الاقتصادات مجتمعة حجم اقتصاد الولايات المتحدة تقريبا, حيث بلغ إجمالي ناتجها السنوي15 إلي16 تريليون دولار, أي ما يقرب من25% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وما لم تتباطأ معدلات النمو في هذه البلدان بشكل حاد, فإن مساهماتها في الناتج العالمي سوف تسجل ارتفاعا هائلا, وسوف يكون النمو العالمي أكثر قوة مما قد يتصور المحللون الغربيون المنزعجون.
ويري د. مصطفي كامل أن هناك صعوبات كثيرة أمام مصر للانضمام إلي مجموعة البريكس نتيجة الأداء الاقتصادي, الذي لا يتوافر في حالة مصر بالإضافة إلي أن كل هذه الدول مستقلة سياسيا بعكس حالة مصر التي تشهد عدم الاستقرار منذ فترة, كما أن شرط الديمقراطية يتوافر في معظم هذه الدول بالإضافة إلي أن كل الدول مؤثرة في محيطها الإقليمي والدولي بعكس مصر التي فقدت قدرتها علي التأثير في المحيطين الإقليمي والدولي بسبب طريقة إدارة شئون الحكم عبر سنوات طويلة. وباستطاعة مصر أن تعود لدورها الحقيقي علي المستوي الإقليمي والدولي عندما تحقق طموحات الشعب المصري في تحقيق الحرية والديمقراطية وتحقيق معدلات نمو مرتفعة. وما يثار في الآونة الأخيرة عن عودة العلاقات المصرية الروسية إلي سابق عهدها في الستينيات به مغالاة كثيرة وعدم تبصر لحقائق الأمور. فعلي صانع القرار في مصر أن يدرك أن السياسة الدولية مسألة مصالح وهناك بذور لهذه العلاقات أثمرت في بعض الفترات لكن في الوقت الحالي هناك مواقف متناقضة مثل الأزمة السورية وهذا التناقض لا يشجع علي تمتين هذه العلاقات. ويمكن أن تكون عودة العلاقات مع روسيا مكسبا كبيرا لروسيا, لكن هناك بعض المحاذير التي يجب أن يأخذها صانع السياسة في مصر في الاعتبار خاصة في مجال تطوير التعاون النووي مع روسيا حيث تراقبه الولايات المتحدة بقلق شديد. ولا أظن هناك ما يدعو إلي القلق لأن قدرات مصر النووية محدودة وأن الاتجاه لتنفيذ البرنامج النووي هو للاستفادة السلمية لتوليد الكهرباء ولكن علي المدي الطويل هناك مصلحة متبادلة بين مصر وروسيا في تطوير علاقتهما لكن علي الحكومة المصرية صياغة ما تريده بدقة من هذه العلاقة. فالحديث عن تحالف كامل هو حديث خارج عن الوقع في الوقت الحالي علي الأقل. حيث إن مرحلة التعامل مع روسيا قبل مرحلة سقوط الشيوعية يختلف عن مرحلة ما بعد سقوط الشيوعية. فالشركات الروسية الكبري هي شركات خاصة, وبالتالي لا يمكن تصور تقديم معونات إلي مصر كما كانت في السابق ولكنها ستتعامل مع مصر بقواعد اقتصاد السوق وهذا يمثل العبء الأكبر علي الشركات المصرية في تطوير علاقاتها مع الشركات الروسية. بالإضافة إلي ضرورة تحديد نوع التكنولوجيا المطلوب استيرادها من روسيا لأنها أقل درجة من التكنولوجيا الغربية. فالعلاقات الاقتصادية بين البلدين يحكمها اقتصاد السوق ولا تحكمها اتفاقات المعونة التي كانت سارية في وقت من الأوقات.
أما د. فرج عبد الفتاح فيوكد علي أن مجموعة البريكس من الدول ذات الاقتصادات المتقدمة ولكي يتم قبول مصر كعضو فيها لابد أن تحقق تقدما في اقتصادها من خلال رفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي وأن يكون الاقتصاد ذا قوة نسبية بالمقارنة بالغير. لكن الأولوية الآن أن نعزز علاقاتنا بدول حوض النيل. وروسيا تعمل علي إنشاء مثل هذه التكتلات لكي تساعد نفسها. واعتقد أن العلاقات مع الجانب الروسي ستظل محدودة في الوقت الحالي لأنها ضد الإسلام السياسي وكذلك موقفها من الوضع في سوريا. ولابد أن نفهم لعبة التوازنات الدولية في التصدير والاستيراد, فالقول الفصل الآن ليس لعمدة بلد أو رئيسها بل تخضع لشركات منتجي القمح وهي شركات خاضعة لقرارات عالمية فالتصدير يتم بناء علي حصة كل شركة لا تستطيع أن تتجاوزها بالإضافة إلي أن هناك اتفاقيات لابد من احترامها مثل الاتفاقية العامة للبن والكاكاو فالحاصلات الزراعية الاستراتيجية لها اتفاقيات عالمية لا يمكن الخروج عنها. وعندما حاولنا الانضمام للكوميسا رفض طلبنا وانتظرنا خمس سنوات كعضو مراقب فنظام الانضمام في الكوميسا يخضع لنظام الفيتو, ولكل دولة الحق في الاعتراض أو الموافقة علي ضم عضو جديد. وهو نفس طريقة الانضمام إلي البريكس. ولابد أن نبحث عن مداخل أخري غير مدخل التجارة حيث هناك تشابه في انتاج السلع فكلنا نصدر منتجا مشابها للآخر لكن الاستيراد يتم من الغرب لأنه يملك المعرفة والتكنولوجيا المتقدمة ونحن في حاجة إلي تكنولوجيا متقدمة. فالتعاون يجب ألا يكون من خلال التجارة بل مشروعات مشتركة تنتج سلعا تسد حاجة الأسواق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.