طموحات ايرانية عريضة باستعادة المليارات وجنى المزيد بفضل الاتفاق النووى. لكن حتى بعد عودة الاتصال بشبكة سويفت المالية الدولية، تظل تلك الآمال صعبة المنال مع عزوف البنوك العالمية الكبيرة - سواء قسرا او خوفا - عن الاقتراب من السوق الايرانى، على الرغم مما يوفره من فرص واعدة، ما يثير الشكوك حول امكانية تمويل الصفقات المعلن عنها.بعد اربع سنوات من العزلة المالية عاودت طهران مرة اخرى الاتصال بشبكة سويفت (جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك) التى تمثل اهمية كبيرة للتجارة الايرانية لاسيما بالنسبة لصادراتها النفطية.ووفقا لتقديرات معهد هيرتاج فاونديشن فإن رفع العقوبات المتعلقة بسويفت يحقق وفرا فى تكاليف التجارة الايرانية بنحو 15 مليار دولار سنويا. ففى ظل انتقادات بأن الاتفاق النووى لا يحقق المكاسب الاقتصادية المتوقعة منه اعلنت ادارة اوباما فى شهر ابريل السماح لايران باستخدام شبكة سويفت حتى تتمكن من بيع نفطها بالدولار. وكانت طهران اعلنت فى الشهر السابق عزمها بيع الخام باليورو. وبإمكان بنوك ايرانية اليوم الحصول مجددا على الشفرات البنكية الخاصة بها بعد التحاقها بالشبكة العالمية ليتسنى لها البدء فى عمليات التحويلات المالية على الصعيد الدولى. لكن على الرغم من ذلك، ستظل البنوك الاجنبية حذرة فى تعاملاتها لاسيما مع استمرار خضوع عدة بنوك ايرانية للعقوبات الامريكية بسبب ارتباطها بالحرس الثورى. فبعد اقل من عامين على موافقة بنك بى ان بى باريبا الفرنسى على دفع غرامة قياسية بنحو 9 مليارات دولار للسلطات الامريكية على خلفية تعاملاته مع ايران، تقول البنوك الاوروبية الكبيرة انها غير مستعدة للاقتراب من السوق الايرانى خوفا من الوقوع فريسة للعقوبات المتبقية على طهران، مما يترك الساحة خالية للبنوك الصينية والخليجية وبعض البنوك الاوروبية الصغيرة. كان قد تم رفع معظم العقوبات الغربية عن ايران بموجب الاتفاق النووى، لكن معظم الاجراءات الامريكية المرتبطة بها لا تزال سارية وكذلك العقوبات التى فرضتها إدارة كلينتون قبل ازمة البرنامج النووى وتتعلق بالارهاب وحقوق الانسان. وهذا يشمل حظر تعامل البنوك الامريكية مع إيران، سواء كان بطريقة مباشرة او غير مباشرة. فمبوجب تلك العقوبات لا يسمح للامريكيين من افراد وبنوك وشركات تأمين بالتعامل مع ايران بالدولار عبر النظام المالى الامريكى ما يمثل تعقيدات جمة بالنظر الى دور الدولار كعملة البيزنس الرئيسية فى العالم. وتبدى البنوك الاوروبية حذرا شديدا - بعضها مثل دويتشه- من الغرامات السابقة التى فرضتها السلطات الامريكية بسبب خرق العقوبات. وان كان كومرز بنك أعلن عن إعادة النظر فى سياسته بعدم مزاولة النشاط، لكن مع عزوف البنوك الاوروبية عن العودة مرة اخرى الى السوق الايرانى الامر بات يمثل مشكلة كبيرة بالاضافة الى تعقيدات اخرى بالنسبة للشركات، ابتداء من ايرباص الى بيجو، الراغبة فى التوسع فى ايران. وتحولت مسألة تمويل المشروعات الاوروبية فى ايران الى قضية سياسية مع دعوة المسئولين الايرانيينالولاياتالمتحدة بتشجيع البنوك على التعامل مع بلادهم. وكذلك، خوفا من خسارة الفرص التصديرية الواعدة بدأت الحكومة الفرنسية محادثات مع السلطات الامريكية للحصول على تعهدات بعدم التعرض للبنوك التى تقوم بنشاط هناك. حيث كانت الشركات الفرنسية هى الاكثر نشاطا مع وعود باستثمار 30 مليار دولار. وتتنامى الضغوط السياسية على البنوك الاوروبية لمساعدة عملائها من الشركات الاوروبية الراغبة فى القيام بالاعمال فى ايران فبالاضافة الى رغبتها فى اقتناص الفرص التجارية الواعدة فى سوق تعداده 77 مليون نسمة يسعى المسئولون الاوروبيون الى مساندة الحكومة الوسطية للرئيس حسن روحاني. وعلى سبيل المثال، فى شهر فبراير الماضى دعا رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون بنك باركليز لتوضيح سبب رفضه تحويل مدفوعات لمصلحة احدى الشركات البريطانية تبيع منتجاتها فى ايران. ورد باركليز بانه يمتثل لتعليمات السلطات الامريكية بفرض قيود النشاط مع ايران. وهنا يقول خبراء ارنست اند يونج ان المخاطر على المدى الطويل هى الوضع السياسى فى الولاياتالمتحدة وما يتعلق بهوية الرئيس القادم وتهديدات الجمهوريين بإعادة النظر فى الاتفاق النووى. ووفقا للفاينانشال تايمز، من البنوك التى ابدت عدم استعدادها لمعاودة النشاط فى ايران، سوسيتيه جنرال ودويتشه بنك وكريدى سويس وستاندرد تشارترد. وتسعى ايران الى زيادة صادراتها النفطية لاستعادة حصتها السوقية التى فقدتها خلال سنوات العزلة. لكن على الرغم من رفع العقوبات، لم تخرج من ايران سوى ثلاث شاحنات فقط من الخام الى اوروبا، وهو ما يعد جزءا ضئيلا للغاية مما وعدت به طهران زبائنها القدامي، وذلك لعدة اسباب تتعلق بمشاكل سويفت فى ظل عدم قدرة الاجانب على سداد أى مشتريات من ايران عبر الوسائل الشرعية التقليدية. فالبنوك الاسيوية والاوروبية تنأى بنفسها عن مثل هذه التعاملات بسبب مخاطر الغرامات الباهظة التى يمكن ان تفرضها السلطات الامريكية وعقوبة الطرد من السوق الامريكي. ووفقا لصحيفة وول ستريت جورنال تخطط واشنطن لتخفيف القيود المفروضة على طهران فيما يتعلق باستخدام الدولار الامريكى فى تعاملات البيزنس. وتدرس وزارة الخزانة اصدار تصاريح للسماح بتعاملات ايرانية بالدولار فى اجراء لتجنب استخدام النظام المصرفى الامريكي. اذا ارادت ايران بيع نفطها الى الهند باليورو بدلا من الروبية حتى تستطيع شراء سلع من اوروبا، فان العملية تبدأ بالروبية وتحويلها الى دولار امريكي. ووفقا لمستشارين يعملون فى الشئون الايرانية، البنوك الاجنبية لن تستطيع فتح فروع لها ومزاولة النشاط فى ايران الا من خلال شراكات مع المؤسسات المحلية او فى احدى المناطق الحرة. بحسب مسئول فى البنك المركزى الايرانى منذ اعادة الاتصال عدد قليل “للغاية” من المعاملات اجرتها البنوك الايرانية عبر سويفت، وهو ما ارجعته الفاينانشال تايمز الى قلق البنوك الاجنبية بخصوص مخاطر التعامل مع ايران. وقالت انه من اجل تبديد تلك المخاوف البنك المركزى الايرانى يشجع البنوك الايرانية على استخدام شبكة سويفت عبر نظام اعرف عميلك والامتثال للعقوبات، حيث ان صفقات النفط والطيران تحتاج الى تمويل من بنوك كبيرة فهذا يعنى ان صفقات مثل صفقة شراء طائرات ايرباص والمقدرة بنحو27 مليار دولار مصيرها مجهول لاجل غير محدد.