جاءت البيانات العامة للموازنة الجديدة 6102 - 7102 لتكشف أن إجمالي الإيرادات تبلغ 136 مليار جنيه مقابل مصروفات 369 مليار جنيه بعجز مثل الفارق بين المصروفات والإيرادات بواقع 913 مليار جنيه. أرجع الخبراء اتساع الفارق إلي ارتفاع قيمة الديون المتراكمة وكذا ارتفاع الإنفاق الاجتماعى بما قيمته 5.21 ٪ مقارنة بموازنة العام المالي المنتهى ، وكذا النظر إلي بعض البنود بتخصيص زيادات فى الإنفاق لتشجيع التدفق الأجنبى مثل رفع دعم الصادرات إلي 6 مليارات جنيه علي سبيل المثال. غير أنها أيضا شهدت انخفاضات فى بعض بنودها وفق ماكشفه البيان المالى مثلما حدث فى دعم المخصصات البترولية إلى 53 مليارا و34 مليون جنيه مقابل 16 مليارا و407 ملايين. وتشير البيانات الاولية الى ان اجمالى الانفاق الاجتماعى يبلغ فى الموازنة الجديدة 421 مليار جنيه تمثل نسبة 45 ٪ من اجمالى المصروفات وبنسبة نمو %12.5 مقارنة بموازنة العام المالى المنتهى فى 30 يونيو القادم. وتشير البيانات العامة للموازنة الجديدة إلي أن إجمالى الإيرادات يبلغ 136 مليار جنيه مقابل مصروفات تبلغ 369 مليار جنيه ومن ثم يصبح حجم العجز 913 مليار جنيه. وتشمل بنود الانفاق الاجتماعى دعم الغذاء والمزارعىن بمبلغ 46.3 مليار جنيه بنسبة نمو %11.6 عن العام السابق واعتمادات معاشات الضمان الاجتماعى 7.1 مليار جنيه ودعما نقديا لبرنامجى تكافل وكرامة بمبلغ 4.1 مليار جنيه ودعما للكهرباء بمبلغ 92 مليار جنيه. وتبلغ مخصصات التعليم 9.301 مليار جنيه فى موازنة 6102 - 7102 مقابل 5.69 مليار جنيه فى الموازنة التى تنتهى فى 03 يونيو القادم. كما ارتفعت مخصصات الصحة من 54 إلى 9.84 مليار جنيه ورغم هذا الارتفاع لم تصل مخصصات التعليم والصحة إلي المستوى المستهدف فى حسب نصوص الدستور حيث حال العجز الكبير فى الموازنة دون الوصول إلي الرقم المستهدف والبالغ 4 ٪ من الناتج القومى الإجمالي لكل بند علي مدى جدول زمنى مدته 5 سنوات. وخصصت الموازنة الجديدة 107 مليارات جنيه للاستثمارات الحكومية تمثل 11.4% من إجمالى المصروفات بزيادة 05% مقارنة بالمتوقع للعام المالى الجارى، منها 64 مليار جنيه ممولة من موارد الخزانة العامة بزيادة 25.5% على العام الجارى والباقى منح وقروض وتمويل ذاتى. قدر مشروع الموازنة الالتزامات الخارجية لمصر بقيمة 49.2 مليار جنيه، تعادل 5.5 مليار دولار وفقا لسعر الدولار المقدر فى الموازنة عند 9 جنيهات. وتبلغ الأقساط التى سيتعين على الدولة سدادها لمقرضيها الخارجيين 41.5 مليار جنيه، تعادل 4.6 مليار دولار، بينما تبلغ الفوائد على الدين الخارجى التى يتعين سدادها خلال العام المالى المقبل 7.2 مليار جنيه تعادل 800 مليون دولار تقريبا. وتعادل التزامات مصر الخارجية خلال العام المالى المقبل 32% من احتياطى النقد الأجنبى فى إبريل الماضى البالغة 17 مليار دولار. ومن المنتظر أن تواجه البلاد أول التزام خارجى كبير فى يوليو المقبل بقيمة 1.7 مليار دولار، منها مليار دولار لقطر تمثل آخر مستحقاتها من القروض والودائع التى قدمتها لمصر فى عام 2013، و700 مليون دولار مستحقات لدول نادى باريس. ويستهدف مشروع الموازنة خفض العجز الكلى إلى نحو 8.9% من الناتج المحلى، وإلى نحو 8-8.5% خلال عام 2019-2020، مع الأخذ فى الحسبان عدم ورود أى منح استثنائية خلال الأعوام القادمة. وكذلك خفض معدلات الدين العام التى ارتفعت من 79% من الناتج فى عام 2009-2010 إلى 93.7% من الناتج فى عام 2014-2015، واقتربت من حجم الناتج المحلى مؤخراً، وهو ما تسبب فى زيادة الإنفاق على مصروفات فوائد الدين العام التى تمثل ثلث الإنفاق. وتتضمن الموازنة الجديدة إجراءات هيكلية للسيطرة على بند الأجور التى ارتفعت من 85 مليار جنيه فى عام 9002-0102 إلى 198 مليار جنيه خلال 2014-2015. وتقدر مصروفات الأجور فى مشروع الموازنة العامة الجديدة بنحو 228 مليار جنيه بزيادة 7.6%. وتشير هذه الارقام الى توجه الدولة نحو زيادة الانفاق الاجتماعى لمواجهة الاثار الجانبية لعملية الاصلاح الاقتصادى الجارية وارتفاع اسعار السلع الرئيسية على خلفية تدهور سعر صرف الجنيه امام الدولار. ويشدد خبراء اقتصاديون تحدثوا ل »الاقتصادى« على أهمية الاستخدام الكفء لمخصصات الانفاق الاجتماعى فى الموازنة حتى يستفيد الفقراء ومحدودو الدخل من هذه الموارد المالية الكبيرة الى جانب ضرورة اللجوء الى آليات غير تقليدية فى الوصول الى الفئات المستحقة والتوسع فى اشكال الدعم النقدى لاسيما فى ظل مواجة تضخم كبيرة تجتاح السوق المصرية حاليا. - شر لا بد منه فى هذا الاطار قال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى ورئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، إن الحكومة خفضت الدعم عن الطاقة بهدف إصلاح الاقتصاد والمساهمة فى سد عجز الموازنة ومحاولة الحد من تبعات الأزمة الاقتصادية الحالية . وأضاف عبده أن مصر تعانى من عجز فى الموازنة يزداد سنويًا مع أزمات الديون المتراكمة الأمر الذى يحتم على الحكومة أن تتخذ قرارًا للحد من زيادة عجز الموازنة حتى لا يرتفع الدين العام وتغرق الأجيال القادمة فيه، مشيرًا إلى أن الحكومة تنوى إلغاء دعم الطاقة نهائيًا بعد خمس سنوات على الأكثر. وأكد الخبير الاقتصادى أن المواطن البسيط سوف يعانى قليلا من هذا القرار ولكنها شر لا بد منه، مطالبًا الحكومة بأن تعطى الضمانات الكافية للمواطن حتى لا يتم استغلاله من قبل القطاع الخاص، مشددًا على ضرورة تحديد هامش ربح لمواجهة زيادة الأسعار المتوقعة جراء تطبيق هذا الإجراء خاصة مع تأكيد أهمية استغلال الحكومة للأموال التى سيتم توفيرها من هذه الخطة فى دعم الاقتصاد المصرى. وأكدت الدكتورة علياء المهدى، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أن زيادة دعم الصادرات إلى 6 مليارات جنيه فى موازنة العام المالى الجديد، تمثل عبئًا إضافيا على الموازنة العامة التى تعانى عجزًا كبيرًا. وأشارت إلى أن الدولة تدعم الصادرات نقدًا، من الموازنة العامة للدولة، فى حين يحصل المصدرون على حصيلة الصادرات من النقد الأجنبى ونسبة كبيرة منها تذهب لتغذية السوق السوداء فى وقت تعانى فيه الحكومة من شح فى العملات الأجنبية. واقترحت أن يقتصر دعم الحكومة للصادرات، على الشركات التى تدعم الدولة بحصيلتها من النقد الأجنبى على أن تكون نسبة الدعم بناء على نسب الزيادة فى الصادرات التى تحققها الشركات. - مؤشر خطير وقالت الدكتورة بسنت فهمى، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الفرنسية وعضو البرلمان إن ارتفاع الدين العام واستمرار الحكومة فى مسلسل الاقتراض، يدفع الاقتصاد المصرى نحو آفاق سلبية فى ظل تراكم أعباء الديون على مر السنوات. وأضافت فهمى الحكومة أن سد العجز الحالى بالاقتراض يحمل الأجيال القادمة بالديون المتراكمة ويفاقم مشكلات ارتفاع فوائد الدين العام وزيادة قيمة العجز فى الموازنة مستقبلا. وشددت على زيادة الإنتاج، والحد من الواردات من الخارج، فى مقابل زيادة الصادرات المصرية، لاسيما صادرات السلع التى تتميز مصر بجودتها مثل صناعة المنسوجات والصناعات اليدوية إلى جانب جذب الاستثمارات العربية والأجنبية فى مصر. وقال محمد فاروق، الخبير الاقتصادى، وعضو مجلس إدارة المجلس المصرى للشئون الاقتصادية إن خفض مخصصات الصحة سينعكس على نقص الأدوية والمستلزمات الطبية فى المنشآت التابعة لوزارة الصحة، مشيرا إلى أن ذلك سيؤدى إلى تراجع الخدمات الصحية الحكومية وارتفاع فى معدل انتشار الأمراض، مؤكدا أن القرار يعنى بالتأكيد عدم إدراك واضعى الميزانية الكارثية لحقيقة أن كل جنيه يتم إنفاقه على الصحة يسهم فى زيادة الناتج القومى بمقدار 10 جنيهات، مطالبا وزارة الصحة بالكشف عن جميع تفاصيل ميزانية الصحة. وأكد المهندس شريف الديوانى المدير التنفيذى للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، أن الأوضاع الاقتصادية لم تكن تحتمل الاستمرار فى تأجيل تنفيذ قرارت خفض الدعم ورفع أسعار الطاقة نظرا لارتفاع حجم الدين العام للدولة الذى ستتحمله الاجيال القادمة خاصة أن استمرار الوضع دون اخذ إصلاحات هيكلية سيؤدى الى تراجع الاستثمار نتيجة لارتفاع الدين المستحق على الدولة كما أن تأجيل فى اتخاذ قرار خفض الدعم عن الطاقة سينعكس سلبا على تحقيق النمو الاقتصادى. وأكد الديوانى ضرورة وضع آليات وقوانين لضبط الاسعار عبر الاجهزة الحكومية المختلفة المتمثلة فى جهاز حماية المستهلك لضبط الاسواق وحماية المواطنين مع ضرورة القضاء على البيروقراطية التى تحد من دخول عناصر منافسة فى الاسواق. ورفض محمد النجار أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها قرار الحكومة بخفض الدعم ورفع أسعار الطاقة دون الانتهاء من منظومة "الكروت الذكية " لمعرفة الفئات المستحقة بالفعل للدعم من عدمه وأن يتم تقسيم الفئات إلى شرائح كما الحال فى منظومة الكهرباء لمعرفة الفئات والجهات غير المستحقة للدعم بما فيها المنظمات الدولية والهيئات الدبلوماسية والسفارات. وأضاف: لابد من تكاتف الجهات الحكومية لمواجهة التهرب الضريبى الممنهج الذى يقوم به كثير من الشركات والمصانع والمكاتب والعيادات وصياغة قانون تحديد هوامش الربحية كخطوة اساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية. وأشار إلى ضرورة أن تكون جميع السلع والخدمات خاصة المشتقات البترولية وفقا للأسعار العالمية حتى لا يحدث تهريب فى المنتجات على النحو الذى شهدته الأسواق المحلية فى الفترة الماضية.