كشف تقرير لوزارة المالية عن ارتفاع العجز الكلي للموازنة العامة للدولة، خلال النصف الأول من العام المالي الحالى 5102-6102 بنسبة 27٪، مقارنة بنفس الفترة من العام المالي الماضى 2015-2014. وأوضح التقرير الشهرى للمالية، أن عجز الموازنة سجل نحو 167.7 مليار جنيه خلال الفترة من يوليو حتى ديسمبر الماضى، مقارنة بعجز يقدر ب132 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام المالي السابق له 2014 - 2015، كما ارتفع عجز الموازنة كنسبة إلى الناتج المحلي ليسجل 5.9 ٪ من الناتج المحلي خلال (يوليو - ديسمبر)، مقارنة بعجز 5.4 بالمئة من الناتج المحلى خلال نفس الفترة من العام المالى الماضى. كانت الحكومة قد اعلنت عن استهدافها خفض العجز إلى 8.9 بالمئة من الناتج المحلى الإجمالى خلال العام المالى الحالى، حيث خفضت المالية العجز المتوقع في موازنة (5102- 2016) إلى 251 مليار جنيه بعد طلب من رئيس الجمهورية، وبلغت جملة المصروفات المتوقعة نحو 864.5 مليار جنيه، وبلغت جملة الإيرادات العامة نحو 622.3 مليار. من جانبها توقعت الخبيرة الاقتصادية الدكتورة بسنت فهمى أن العجز الكلي للموازنة العامة للدولة سيتخطى حاجز 003 مليار جنيه، بنهاية العام المالى الجارى. ويقول الدكتور مصطفى النشرتى أستاذ الاقتصاد بجامعة مصر لعلوم التكنولوجيا إن العجز يترتب عليه آثار تضخمية حادة تؤدى إلى ارتفاع الأسعار وتراكم الدين المحلي الداخلي وزيادة أعباء خدمة الدين الذى يمثل ربع حجم الإنفاق العام، كما يؤثر ذلك على قدرة الحكومة على زيادة حجم الاستثمارات العامة، وعلى تلبية الاحتياجات الأساسية للمجتمع، في حين لا يمثل عجز الموازنة الاستثمارية خطورة على الاقتصاد المصرى، ويرجع ذلك إلى أن الاستثمارات العامة تولد إنتاجا ودخولا تمكن الحكومة من سداد تكلفة تمويل عجز الموازنة الاستثمارية، مضيفا يعتبر عجز الموازنة العامة فى مصر مزمنا، وهذا ناتج عن نمو حجم الإنفاق العام مع قصور حجم الموارد لمقابلة هذا العجز، ويتطلب علاج عجز الموازنة في الأجل القصير تدبير الموارد اللازمة لتمويل الإنفاق الزائد، فى حين يتطلب تمويل العجز في الأجل الطويل السير في اتجاهين، زيادة الإيرادات العامة واتجاه ترشيد الإنفاق العام، ويتطلب زيادة إيرادات الدولة تطوير النظام الضريبي والارتفاع به إلى المستوى الذى يمكنه من زيادة حصيلة الضرائب مع مراعاة عدم إضرار السياسة الضريبية بحوافز الإنتاج والادخار والاستثمار وعدالة توزيع الأعباء الضريبية، ويتطلب ذلك تطبيق الضرائب التصاعدية، كما يتطلب ترشيد الإنفاق العام بما لا يتعارض مع الدور التنموى للدولة والدور الاجتماعي للدولة، ويجب مراجعة منظومة الدعم لترشيده وضمان وصوله للفقراء وذوى الدخل المحدود،موضحا أن تراكم عجز الموازنة العامة أدى إلى ارتفاع حجم الدين العام المحلي إلى 1700 مليار جنيه يمثل أكثر من 09% من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي، وبلغت فوائد هذا الدين الداخلي حوالي 182 مليار جنيه تمثل ربع حجم الإنفاق العام.وفي ظل هذه المستويات المرتفعة من الدين العام المحلي وفوائده الضخمة أصبحت هناك حاجة ماسة لعلاج هذا العجز الكبير في الموازنة بالاعتماد على الذات. من جهة أخرى قالت الدكتورة أمنية حلمي رئيس المركز المصرى للدراسات الاقتصادية سابقا إن الموازنة العامة للدولة مازالت حتى الآن تعكس ارتفاعا في عدد من بنود الإنفاق مثل الأجور ومدفوعات خدمة الدين مما يقلص من مساحة الوفر المالى الذى كان من المفترض أن يوجه في الأساس إلى الإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمي،موضحة أن تراجع النمو فى العجز بالموازنة بالأساس بسبب تضمن إيرادات مبالغ فيها عند إعداد مشروع الموازنة خاصة بالنسبة لإيرادات الضريبة رغم التباطؤ الاقتصادى النسبي الذى تشهده البلاد لعوامل داخلية وخارجية مؤخرا.وأشارت إلى أن نمو الإيرادات الضريبية مازال أقل من المستهدفات المطلوبة، والتي وضعتها الحكومة المصرية ضمن مشروع موازنة العام المالى 2016-2015، وتواجه هذه الحصيلة مشكلة تأخر إقرار قانون الضريبة على القيمة المضافة حتى الآن، وهو القانون الذى كانت الدولة تستهدف من خلاله تحقيق حصيلة ضريبية تفوق 30 مليار جنيه. وقالت إن الموازنة تشير إلى عدم وجود تغير في آليات تنمية الإيرادات، حيث لم يتم اللجوء إلى أدوات وأساليب مستحدثة لجذب إيرادات غير ضريبية جديدة، أو اللجوء إلى إعادة هيكلة منظومة الضرائب لزيادة المحقق منها. وأوضحت أنه من الممكن تحقيق وفر حقيقي في حجم الدعم المدرج ضمن الموازنة إذا ما تم الترشيد في آلياته المستخدمة، خاصة بالنسبة لربط منظومة الدعم بصورة متكاملة تتيح توجيه الدعم لمستحقيه، وتوفير الفاقد الناتج عن مشكلات عدم دقة البيانات وتكاملها وترابطها، مما يتيح انعكاسا أفضل لمنظومة الدعم على معيشة المواطنين. وأكدت دكتورة أمنية أن ارتفاع مؤشرات عجز الموازنة خلال الفترة الماضية وتراجع فرص تطبيق قانون القيمة المضافة خلال الربع الثالث من العام المالى 2016-2015 لعدم عرضه بعد على مجلس النواب، بالإضافة إلى رفض مجلس النواب لقانون الخدمة المدنية مما سيؤدى إلى ارتفاع تكلفة الأجور ضمن الموازنة، وعدم وضوح الرؤية بالنسبة للدعم الخليجي يؤشر إلى توقعات بتجاوز رقم عجز الموازنة المحقق فعليا للقيمة المستهدفة فى نهاية العام والبالغة 250 مليار جنيه. وأوضح أن هناك ضرورة لتحويل وتغيير منهج إعداد الموازنة العامة للدولة الحالى للبدء في تطبيق موازنة البرامج والأداء على عدد من الجهات والوزارات بالموازنة، بما يربط بين تنفيذ الموازنة ومؤشرات الأداء الاقتصادى المستهدفة منها.