سعر الدولار في مصر مساء اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    أبو الغيط يبدأ زيارة رسمية إلى الصين لتعزيز الحوار العربي الصيني    أبطال بتروجت في اختبار قوي أمام وادي دجلة بدور ال32 لكأس مصر    موعد مباراة تونس ضد النمسا في كأس العالم تحت 17 عام    ضبط أطراف مشاجرة بالسلاح الأبيض بالمطرية    وزير الصحة: الشراكة مع القطاع الخاص مهمة لتحسين جودة الرعاية الصحية    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    استجابة لما نشرناه امس..الخارجية المصرية تنقذ عشرات الشباب من المنصورة بعد احتجازهم بجزيرة بين تركيا واليونان    تفاصيل الحالة الصحية للفنان أحمد سعد بعد تعرضه لحادث سير    الموقف الطبي لرباعي الأهلي بعد إصابتهم في المنتخب    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية وكبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشئون العربية والأفريقية    الداخلية تضبط عامل خردة ظهر في فيديو «يكبل» طفلته بالشرقية    للأمهات، اكتشفي كيف تؤثر مشاعرك على سلوك أطفالك دون أن تشعري    التأمين الصحي الشامل يغطي 5 ملايين مواطن في 6 محافظات    المتحف المصرى بالتحرير يحتفل بمرور 123 عاما على افتتاحه    محاضرة بجامعة القاهرة حول "خطورة الرشوة على المجتمع"    انطلاق الأسبوع التدريبي ال 15 بقطاع التدريب وبمركز سقارة غدًا    عروض فنية وإبداعية للأطفال في ختام مشروع أهل مصر بالإسماعيلية    أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات النواب عن قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا    موجة برد قوية تضرب مصر الأسبوع الحالي وتحذر الأرصاد المواطنين    قافلة تنموية شاملة من جامعة القاهرة لقرية أم خنان بالحوامدية    مؤتمر جماهيري حاشد ل«حماة الوطن» بالدقهلية لدعم مرشحه في النواب 2025 | فيديو    الصحة العالمية: 900 وفاة في غزة بسبب تأخر الإجلاء الطبي    تعرف على إصدارات مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي في دورته العاشرة    محافظ الجيزة يُطلق المهرجان الرياضي الأول للكيانات الشبابية    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    التعليم العالى تقرر إلغاء زيادة رسوم الخدمات لطلاب المعاهد الفنية.. تفاصيل    بتكوين تمحو معظم مكاسب 2025 وتهبط دون 95 ألف دولار    وزيرة التنمية المحلية تفتتح أول مجزر متنقل في مصر بطاقة 100 رأس يوميا    الأعلى للثقافة: اعتماد الحجز الإلكتروني الحصري للمتحف المصري الكبير بدءًا من 1 ديسمبر    «الزراعة»: إصدار 429 ترخيص تشغيل لمشروعات الإنتاج الحيواني والداجني    لو مريض سكر.. كيف تنظم مواعيد دواءك ووجباتك؟    في ذكرى وفاته| محمود عبدالعزيز.. ملك الجواسيس    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    نشرة مرور "الفجر".. انتظام مروري بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    حارس لايبزيج: محمد صلاح أبرز لاعبي ليفربول في تاريخه الحديث.. والجماهير تعشقه لهذا السبب    ترامب يلغي الرسوم الجمركية على اللحم البقري والقهوة والفواكه الاستوائية    كولومبيا تعلن شراء 17 مقاتلة سويدية لتعزيز قدرتها الدفاعية    الصحة العالمية: «الأرض في العناية المركزة».. وخبير يحذر من التزامن مع اجتماعات كوب 30    الري: الاعتماد على البصمة المائية لتحديد المحاصيل التي يتم زراعتها بالمياه المعالجة    درجات الحرارة على المدن والعواصم بمحافظات الجمهورية اليوم السبت    الصين تحذّر رعاياها من السفر إلى اليابان وسط توتر بشأن تايوان    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الشرطة السويدية: مصرع ثلاثة أشخاص إثر صدمهم من قبل حافلة وسط استوكهولم    طريقة عمل بودينج البطاطا الحلوة، وصفة سهلة وغنية بالألياف    حكم شراء سيارة بالتقسيط.. الإفتاء تُجيب    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    «رحيل المدفعجي».. وفاة محمد صبري لاعب الزمالك السابق تهز قلوب الجماهير    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    مقتل 7 أشخاص وإصابة 27 إثر انفجار مركز شرطة جامو وكشمير    نانسي عجرم تروي قصة زواجها من فادي الهاشم: أسناني سبب ارتباطنا    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    حبس عصابة استدرجت صاحب شركة واستولت على أمواله بالقاهرة    زعيم الثغر يحسم تأهله لنهائي دوري المرتبط لكرة السلة    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسعار في شبه الدولة.. فوضي منظمة
نشر في الأهرام العربي يوم 07 - 12 - 2016


حمدي الجمل

كل يوم هناك ألف سبب لارتفاع الأسعار والمدهش حد العجب أن الارتفاع أخذ شكل المتوالية الهندسية وليس المتوالية العددية، وسبب ذلك هو ما تفعله حكومة المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، وما تتخذه من قرارات دائما تدفع السوق إلي الارتفاع، والأنكي من ذلك أن انعدام فعل هذه الحكومة وعدم اتخاذها للقرارات المطلوبة يصبان في نفس اتجاه ارتفاع الأسعار، وكأن الحكومة في فعلها وصمتها تسعي لخلق الأزمات الاجتماعية ورفع أسعار السلع الإستراتيجية، وإدخال شرائح جديدة من المصريين في دائرة جهنمية من المشاكل الحياتية يصعب الفكاك منها .
ومع إيماني الكامل بأن أي قرار اقتصادي يشبه جرعة الدواء في أن لها آثارا جانبية، وأنها تعالج مرضا وقد تسبب أمراضا أخري, فإن القرار الاقتصادي الناجح هو الذي يحدد الروشتة التي تقضي علي الألم الاقتصادي بأقل الأضرار. ومع يقيني بأن القرار الاقتصادي الصحيح اليوم قد يكون هو القرار الخطأ في المستقبل، فإن نجاح متخذ القرار يكمن في القدرة علي خلق حالة من التوازن بين مصالح جميع القطاعات في المجتمع, الدولة والتجار والصناع والمستهلكين . لكن واقع الحال في مصر يؤكد أن حكومة شريف إسماعيل لا تعي البروتوكولات الدولية للقرارات العلاجية للاقتصاد، ولا تدرك الحالة المرضية للاقتصاد المصري، وتعمل وفقا للنظريات الحاكمة لحقول التجارب الاقتصادية، رغم أن حياة المصريين البالغ عددهم أكثر من 100 مليون نسمة، لا تحتمل عبث العابثين وانعدام كفاءة المسئولين.
وربما كان قرار رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل القاضي برفع الجمارك البالغ نسبتها 30 % عن الدواجن المستوردة، في نفس اليوم الذي اتخذ فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارا جمهوريا بزيادة نسب الجمارك علي نحو 364 سلعة، بنسب تراوحت ما بين 40% إلي 70% أكبر دليل علي مدي التخبط الذي يعيشه الاقتصاد المصري, والسؤال: لماذا تأخرت قرارات السياسة المالية بفرض رسم وارد علي الواردات التي لها مثيل محلي ولم تتخذ مع قرارات تحرير سعر الصرف؟ إذا كانت الدولة تهدف إلي الحد من الاستيراد وزيادة رصيد العملة الصعبة؟ ولماذا تسرعت الحكومة في اتخاذ قرار رفع الجمارك عن الدواجن المستوردة ثم تراجعت عنها؟ وفي نفس السياق لماذا تسرعت الدولة في اتخاذ قرار تعويم الجنيه يوم 3 نوفمبر 2016 ولم تنتظر إلي أول شهر ديسمبر، الذي سيبدأ فيه العمل بالتبادل التجاري بين مصر والصين بالجنيه واليوان .
الشاهد أن الأسئلة السابقة تكشف إلي أي مدي ارتكبت الدولة خطيئة التوقيت الخطأ، رغم أن القرارات الاقتصادية في معظمها صحيحة وفقا لمنهج الرأسمالية الذي تسعي الدولة إلي تطبيقه، لكن المؤكد أن القائمين علي الأمر ليست لديهم رؤية واضحة وأهداف محددة ولم يطرحوا علي أنفسهم سؤال ماذا نريد؟ وكيف يمكن تحقيق ما نريد؟ وما السبل الكفيلة لتحقيق ذلك؟ ولنا أن نتخيل ماذا لو كانت الدولة اتخذت قرار تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة مع بداية شهر ديسمبر موعد بدء التبادل التجاري بين مصر والصين بالعملة المحلية؟ إضافة إلي قرار رفع نسبة الجمارك علي نحو 364 سلعة؟ هل كانت أسعار السلع والخدمات سترتفع؟ هل كان سعر الدولار سيصل إلي 17 جنيها و65 قرشا ؟ أعتقد أن الإجابة المؤكدة بأن أوضاع السوق كانت ستكون أفضل مما هي عليه الآن بكثير، لأن الاستيراد سيتوقف في نفس يوم تحرير سعر الصرف، وأن مصر ستوفر أكثر من 12 مليار دولار سنويا حصيلة وارداتها من الصين. ألم يكن هذا كفيلا بتخفيض سعر الدولار لانعدام الطلب عليه تقريبا بعد رفع الجمارك علي السلع وزيادة المعروض منه؟
قرارات حكومة شريف الاقتصادية تشبه إلي حد كبير قيام طبيب بشق بطن المريض فقط لإجراء عملية جراحية وترك المريض ينزف, الحكومة تتعامل مع الشعب وفقا للرأسمالية المتوحشة التي تؤمن بها علي أنه تكاليف إضافية ولا بد من تخفيضها، رغم أن الشعب قوة اقتصادية جبارة وشريك أساسي في أي تقدم . ولنا أن نقرأ قرارات الحكومة الأخيرة ونسب ارتفاع الأسعار بعد كل قرار، نذكر ماذا حدث للسوق بعد إعلان الحكومة تغير مسمي ضريبة المبيعات إلي القيمة المضافة, ارتفعت الأسعار بنسبة 30% قبل تطبيق القانون وذهبت الأرباح إلي جيوب المحتكرين ومصاصي الدماء من التجار والسماسرة، ولم يدخل جنيه واحد إلي خزينة الدولة، ثم بعد تطبيق الضريبة ارتفعت الأسعار بنسبة من 4% إلي 8%، ومع قرار تخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار إلي 888 قرشا ارتفعت الأسعار بنسبة 20% علي الأقل، وبعد تحرير سعر الصرف انفلت السوق وبات بلا رقيب في فوضي لا مثيل لها وسط عجز تام من الحكومة أو بالأحري، انفلت السوق برعاية حكومة شريف إسماعيل، وما زاد الطين بلة قرار رفع نسب الجمارك علي 364 سلعة ارتفعت الأسعار لكل السلع المخزنة بالمخازن بنفس نسب الجمارك، والأنكي والأمرّ أن المنتج المحلي ارتفع بنفس سعر المنتج المستورد المحمل بسعر الدولار المرتفع وسعر الجمارك الجديدة.
والسؤال الذي لا بد من طرحه للدولة أين هو المنتج المحلي؟ وإن وجد هل هو بنفس جودة المنتج الأجنبي؟ وهل المنتج المحلي يحظي برعاية ودعم الحكومة التي وضعت الخطط والإستراتيجيات الكفيلة بزيادة حصة المنتجات المحلية التي يحتاجها السوق، والأخري القابلة للتصدير للخارج بسعر منافس وجودة عالية. أم أن كل القرارات التي اتخذتها الحكومة تأتي في سياق اعتبار الشعب تكاليف إضافية لا بد من تخفيضها؟
الشاهد أن ضبط الأسعار يتطلب إرادة سياسية واضحة مؤمنة بالعدالة الاجتماعية مع عودة الدولة لسوق السلع الإستراتيجية وأن تزيد حصتها على 60% من خلال الشركة القابضة للصناعات الغذائية التي تضم نحو 28 شركة كفيلة بالاستيراد والتصنيع لكل دول العالم وليس مصر فقط، واتخاذ قرار جمهوري بمنع اتحاد الغرف التجارية والصناعية من استيراد أية سلع غذائية نيابة عن الدولة أو لصالح وزارة التموين . وأن يقتصر استيراد السلع الغذائية من الخارج أو شراؤها من الداخل مسئولية الحكومة وشركاتها, إضافة إلي تحديد هامش ربح لا يزيد على 25 % فوق كلفة المنتج للقطاع الخاص، وذلك من خلال قانون يصدره البرلمان وليس القرار الإداري الذي أصدره شريف إسماعيل ومات قبل أن ينفذ، مع إصدار قانون فورا لتشجيع المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، به مادة واحدة فقط، تنص علي عقوبة تصل إلي السجن 20 سنه وغرامة تساوي قيمه السلعة محل الاحتكار ومصادرتها وأن لا تزيد حصة أي فرد أو شركة في السوق على 15%، وأن نلغي مقولة ليس المهم الاحتكار ولكن الأهم الممارسات الاحتكارية التي باتت مقدسة، إضافة إلي رقابة صارمة من شبة الدولة علي الأسواق وعلي التجار، وأن ننقل القوانين الرأسمالية من أي دولة رأسمالية كاملة ونحارب الاحتكار بمزيد من الرأسمالية أي بمزيد من المنافسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.