هشام الصافوري كان للخديو إسماعيل طموح كبير فى نهضة مصر، حيث أراد لها أن تكون فى مصاف الدول المتقدمة، وكانت إحدى مآثره هى إنشاء البرلمان كى يكون إحدى الواجهات الحضارية للمحروسة، فبذر بذلك بذرة الديمقراطية فى مصر. ولما كان البرلمان يختلف اسمه من دولة لأخرى فقد اختير لأول برلمان مصرى تسمية ( مجلس شورى النواب) وكان ذلك عام 1866 وكان مقره مبنى فوق هضبة القلعة!! حيث كان فوق تلك الهضبة كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها الخديو إسماعيل، وذلك قبل أن يقرر أن يترك القلعة إلى قصر عابدين كأول حاكم مصرى ينزل من مكانه الحصين فوق الهضبة إلى مدينة القاهرة وفى وسط شعبه. وبعدها أخذت مؤسسات الدولة هى الأخرى تبحث عن أماكن لها فى مدينة القاهرة، وقد وقع الاختيار على مبنى المحكمة المختلطة الذى تم بناؤه آنذاك وسط ميدان العتبة الحالى، كى تكون إحدى قاعاته مقرا لمجلس شورى النواب، وكان ذلك عام 1878، وهى السنة نفسها التى أنشئ فيها مجلس الوزراء (باسم مجلس النظار آنذاك). ونظرا لأن مجلس الوزراء لم يكن له مقر ثابت آنذاك، فقد اختيرت قاعة أخرى من هذا المبنى الجديد كى ينعقد فيها مجلس الوزراء حتى سنة 1880، حينما نقل المقر المؤقت لمجلس الوزراء إلى مقر آخر فى شارع مجلس الشعب الحالى قرب ميدان لاظوغلى. ونظرا للرغبة الدائمة فى تجاوز مقرى البرلمان والحكومة، فقد اختير لمجلس شورى النواب مقر آخر فى قاعة رئيسية بوزارة الأشغال العمومية آنذاك بشارع الشيخ ريحان قرب شارع قصر العينى، وكان ذلك فى سنة1881. وبعد إعلان 1922/2/28، باستقلال مصر عن بريطانيا اتجهت نية الملك فؤاد والحكومة إلى أن يكون البرلمان ذا مجلسين: أحدهما يسمى مجلس النواب، والآخر يسمى مجلس الشيوخ. لذا اتجهت النية إلى بناء مبنى مستقل لمجلس النواب( وهو مبنى مجلس الشعب حاليا). وقد وضع حجر أساسه فى 1922/9/9، واكتمل بناؤه في 1923/3/4، وعقدت به أول جلسة فى 1924/3/15. ولم يكن مجلس النواب آنذاك يطل على شارع قصر العينى، وإنما كان يفصله عنه المبنى القديم للجمعية الجغرافية، وفي1924/12/27 نقلت الجمعية الجغرافية إلى مقرها الحالي. أما المكان القديم للجمعية الجغرافية فقد ضم إلى مجلس النواب، ثم هدم فيما بعد وحل محله حاليا مبنى حديث به مكاتب إدارية فى خدمة مجلس الشعب. أما عن الشارع الذى يقع به مجلس الشعب، فقد تغير اسمه عدة مرات كما يلي: شارع الشيخ يوسف شارع دار النيابة شارع مجلس النواب شارع مجلس الأمة شارع مجلس الشعب. أما المقر السابق لمجلس شورى النواب فقد اختير كى يكون مقرا لمجلس الشيوخ (وهو مجلس الشورى حاليا). وفى 29/9/1991م تسلمت الأمانة العامة لمجلس الشعب الطابقين الأول والثانى اللذين كانت تشغلها وزارة الأشغال والموارد المائية وضمتهما إلى مبانيها، حتى يمكن للمجلس أن يتوسع فى مقره لمواجهة التطور الكبير الذى طرأ على الحياة النيابية التشريعية، وما طرأ على الممارسة البرلمانية فى الحقبة الأخيرة يشغل مجلس الشعب ثلاثة مبان، شيدت فى فترات تاريخية متعاقبة على مساحة قدرها 11.5فدان تقريبا أى 48ألفًا وثلاثمائة متر مربع، فضلاً عن عدة مبان إضافية للخدمات المعاونة والصيانة والمخازن، ومسجد المجلس، وتتخلل تلك المبانى عدة حدائق ومساحات خضراء. ويعد مبنى مجلس الشعب الحالى من المعالم التاريخية المهمة التى ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بتاريخ مصر الحديث؛ حيث إنه قد صُمم وبنى خصيصًا كمقر للبرلمان عام 1923م، وعقدت به الجلسة الافتتاحية الأولى التى ضمت مجلسى الشيوخ والنواب يوم السبت 15مارس 1924م. ويتكون التصميم المعمارى للمبنى من قاعة رئيسية مستديرة يبلغ قطرها 22مترا وارتفاعها 30مترا تعلوها قبة يتوسطها جزء مستدير مغطى بالزجاج .. وهذا الجزء تعلوه شخشيخة عليها قبة صغيرة منخفضة . والشخشيخة بها أربعة شبابيك وعلى القبة من الخارج أشرطة بارزة تمثل وحدات زخرفيةً بارزة متكررة . أما مركز الدائرة من الداخل فتحيط به زخارف نباتية تمثل الطراز الذى ساد فى العشرينيات وقت البناء .. والقاعة تتكون من طابقين بكل منهما شرفة .. أما صدر القاعة فنجد فى وسطها شعار الجمهورية ثم منصة الرئاسة.. ويلحق بالقاعة عدة أجنحة منها البهو الفرعونى واستراحة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.