من بين الأخبار المفرحة على هامش معرض بكين، جائزة الدولة الصينية للتميز فى مجال الكتاب، التى تمنحها الهيئة الوطنية للصحافة والنشر والإذاعة والتليفزيون والسينما التى حصل عليها المترجم المصرى د. حسانين فهمى، وهى من أرفع الجوائز الصينية فى مجال الثقافة، وأنشئت عام 2005 بهدف تشجيع نشر الثقافة الصينية، وتمنح للناشرين والمترجمين والكتاب الأجانب، الذين قدموا إسهامات كبيرة فى ترجمة ونشر الكتب الصينية، ودفع التبادلات الثقافية بين الصين والدول الأجنبية، وهى الجائزة التى حصلت عليها مصر للمرة الثانية، حيث حاز الجائزة نفسها د. محسن فرجانى، فى دورتها السابعة، والعام الماضى فاز بها مدير مكتب بيت الحكمة، أحمد السعيد. د. حسانين فهمى من أبرز المترجمين المصريين عن اللغة الصينية، وكان قد حصل على جائزة الشباب للترجمة، من المركز القومى للترجمة «جائزة رفاعة الطهطاوى» عام 2013، هو الذى ترجم «الذرة الرفيعة الحمراء»، العمل الوحيد الذى ترجم لمويان قبل حصوله على جائزة نوبل، وهى الترجمة التى أنقذت وجه الثقافة العربية، حيث كانت هذه الترجمة «للذرة الرفيعة الحمراء»، مصدر المعلومات الأساسى الذى رجع إليه القراء فور إعلان اسم مويان كفائز بنوبل، كما ترجم د. حسانين فهمى الرواية الأشهر للصينى ليو جين يون، «الموبايل»، و«مذكرات بائع الدماء»، و«الصبى سارق الفجل»، لمويان أيضا، وغيرها من الأعمال المهمة فى الأدب والثقافة الصينية. وآخر ما صدر من كتب مهمة تحمل اسم د. حسانين فهمى (مواليد 1979) هو كتاب «التنين يحلق.. دراسات حول الاستثمارات الصينية الخارجية»، الذى راجعه د. حسانين، وترجمة حميدة محمود فرج، والكتاب من تأليف د. لى جانغ خونغ، أحد أبرز المتخصصين فى الدراسات الاقتصادية فى الصين، ومدير مركز الدراسات الاقتصادية بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، وعضو اللجنة الوطنية للمؤتمر الاستشارى السياسى الثانى للحزب الشيوعى الصينى. ويعد هذا الكتاب من أهم الكتب فى مجال الاقتصاد السياسى فى القرن الجديد، حيث يقدم رؤية تاريخية واسعة مرفقة ببيانات رسمية حول تطور الاستثمارات الصينية الخارجية، والمشكلات التى تواجه هذه الاستثمارات، وعلاقة ذلك بخطط بكين فى المجال الاقتصادى بشكل عام. أقيم حفل تسليم الجائزة للدكتور حسانين فهمى، فى قاعة الشعب الكبرى فى بكين، وسلمته الجائزة نائبة رئيس مجلس الدولة ليوان دونغ، على هامش معرض بكين الدولى للكتاب، كما أقام له المركز الثقافى المصرى حفل تكريم بمناسبة فوزه.. «الأهرام العربى» التقت د. حسانين فهمى، لنتعرف منه على حيثيات فوزه بالجائزة، وماذا تمثل له؟، وكيف استقبل خبر فوزه بها؟ فأجاب: تلقيت خبر فوزى بجائزة الإسهام المتميز فى ترجمة الكتب الصينية بسعادة بالغة، فعلى الرغم من أنها كانت الجائزة الرسمية الثانية لى بعد جائزة الشباب للترجمة فى مارس 2013، من ترجمة لرواية مويان «الذرة الرفيعة الحمراء»، فإن سعادتى بالجائزة الصينية كانت كبيرة جدا. لماذا؟ لم لا؟ والجائزة ترعاها الهيئة الصينية الوطنية للصحافة والنشر والإذاعة والتليفزيون، وتسلمها السيدة لويان دونغ، نائب رئيس مجلس الدولة الصينى، ويحضر حفل التسليم عدد كبير من كبار المسئولين الصينيين، وأعضاء البعثات الدبلوماسية الأجنبية، وسط احتفاء صينى كبير بالفائزين بالجائزة. كم عدد الفائزين هذا العام فى كل المجالات؟ هذه هى الدورة العاشرة للجائزة، وفاز بها هذا العام 91 مترجما وناشرا أجنبيا من 91 دولة حول العالم، تمثل ترجماتهم ومؤلفاتهم حول الصين نافذة مهمة لتعريف شعبهم بالصين، وتغيير الصورة التى رسمها الكثير من الأجانب فى مخيلتهم عن الصين، قبل الانفتاح الصينى الكبير على العالم، وقد بلغ عدد الفائزين بالجائزة منذ إنشائها 2610 فائزين. من رشحك للجائزة؟ رشحتنى للجائزة دار مؤلفات العلوم الاجتماعية للنشر فى الصين، هى إحدى أكبر دور النشر الصينية، والناشر الرسمى للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، وأنا أعتز كثيرا بترشيحى للجائزة من قبل هذه الدار العريقة التى تأسست عام 1958، وحصلت على العديد من الجوائز فى مجال النشر، وإن كنت أول مترجم أجنبى ينال ثقة الدار للترشيح لجائزة الإسهام المتميز فى ترجمة الكتب الصينية، وهى كما تعلم أكبر جائزة تمنحها الصين للمترجمين الأجانب، فأنتهز هذه الفرصة لأعبر عن شكرى للقائمين على هذه الدار العريقة، خصوصا السيد شيه شوو توانغ، مدير الدار، والسيدة لى يان، مديرة فرع الدار للنشر الدولى. وماذا تعنى لك هذه الجائزة؟ تعنى لى الكثير، فهى قبل كل شىء تقدير من الجانب الصينى للجهد الذى يبذل من خلال المترجمين العرب فى ترجمة ونشر الثقافة الصينية، فبعد أن شرفت الجائزة باسم أستاذى د. محسن فرجانى فى دورتها السابعة عام 2013، ثم بالصديق العزيز الناشر والمترجم أحمد السعيد، فى دورتها التاسعة عام 2015، جاءت هذا العام للتأكيد على هذا التطور الذى تشهده حركة ترجمة الكتب الصينية فى مصر، وبالطبع فإن هناك أسماء وأساتذة وزملاء آخرين يستحقون هذا التكريم، لما يقومون به من جهود كبيرة فى هذا المجال، كما أن الجائزة جاءتنى فى توقيت مهم جدا فى هذه المرحلة العمرية، وستكون دافعا كبيرا لى على المستوى الشخصى لبذل المزيد من الجهد فى الترجمة بين الصينية والعربية، ومواصلة المشروعات القادمة، وهى فى الوقت ذاته مسئولية كبيرة، كما ذكرت السيدة نائب رئيس مجلس الدولة فى كلمتها لنا بقاعة الشعب ببكين، حين قالت: أنتم رسل التبادلات الثقافية بيننا وبين بلدانكم، رسل للصين والثقافة الصينية، ونتمنى أن تواصلوا جهودكم فى التعريف بالثقافة الصينية والصين المعاصرة، وما أحرزته من تقدم فى المجلات كافة. هذه الكلمة كما يوضح د. حسانين فهمى، تضع على عاتقنا مسئولية مضاعفة الجهود فى ترجمة ودراسات الأدب والثقافة الصينية، خصوصا أننا فى مصر والعالم العربى لا نزال فى حاجة إلى المزيد من الترجمات عن اللغة الصينية، للتعرف على هذه الحضارة العريقة والشعب الصينى الصديق، وما حققته الصين المعاصرة، ثانى أكبر اقتصاد عالمى، التى يتوقع الخبراء أنها ستتبوأ المركز الأول عالميا عام 2030، فما وصل إلينا حتى اليوم لا يزال عددا قليلا جدا مقارنة بما تنشره الصين فى المجالات المختلفة، ويكفى أن نعرف أن الصين تنشر خلال الأعوام الأخيرة أكثر من 2000 رواية سنويا، وفق الإحصاءات السنوية، فالترجمة من الصينية إلى العربية فى مصر والعالم العربى تعانى ندرة شديدة من المترجمين المؤهلين فى الترجمة عن الصينية عموما، والترجمة الأدبية خصوصا، وما تم إنجازه فى هذا المجال يعد عددا قليلا جدا بالنسبة إلى أهمية الكتاب الصينى. ما إحساسك لحظة تسلم الجائزة؟ تأثرت كثيرا بنهضة أساتذتى وأصدقائى من الأكاديميين والمبدعين الصينيين خلال وجودى فى بكين، فلا أنسى كلمات الكاتب مويان، ويوهوا، وليو جين يون، وتشه تزه جيان، وآخرين وأستاذى الذى أشرف على رسالتى للدكتوراه قاو شيو دونغ، وتشجيعه لى لمواصلة مشوارى فى الترجمة والتعريف بالأدب والثقافة الصينية فى العالم العربى. متى بدأت علاقتك بالثقافة الصينية؟ علاقتى بالثقافة الصينية قديمة، تعود إلى المرحلة الإعدادية، بدأت بالإعجاب والتعلق بالأفلام الصينية لأبطال سينما هونج كونج، وتطورت هذه العلاقة بعد التحاقى بقسم اللغة الصينية بجامعة عين شمس، والتعرف على الثقافة الصينية عن قرب من خلال المناهج التى درستها فى مرحلة الليسانس، وما كنت أطالعه فى مكتبة الكلية من كتب حول الصين، التى رسمت فى مخيلتى صورة جميلة عن الصين وحضارتها العريقة، وذلك قبل أن أسافر إلى الصين للمرة الأولى عام 2002، لمدة عام دراسى لجمع مادة الماجستير وأقترب أكثر من الصين، ومن معالمها التاريخية الشاهدة على حضارتها العريقة وتاريخها القديم، وما شهدته المدن الصينية من تنمية اقتصادية كبيرة، جعلت الصين محط أنظار العالم أجمع، والآن لا أبالغ إذا قلت إن الثقافة الصينية أصبحت جزءا مهما فى حياتى، فأنا مولع بكل ما هو صينى.