عبد الرحيم رجب عزيزي القارئ هل تتخيل الحياة بدون شجاعةٍ وإقدام؟ هل يمكنك تصور الحياة مع الخوف والجبن من كل شيء؟! فلا يمكن للبشر أن تستقيم حياتهم مع الخوف والجبن من كل شيء!! فهذا الخوف يؤدي بالبشر إلى الفناء من على وجه الأرض!! وقد شهِد التاريخ على أممٍ فقدت رجالها شجاعتهم ورجولتهم فأفَل نجمُهم، وغابت شمسهم، فأصبحوا ذكرى بين الأمم؛ يقول علي بن أبي طالب: "اقتحِموا الموت! فرُبَّ جَريء كُتبت له السلامة، وربَّ جبان لَقِي حَتفه في مَكمَنه"، فالشجاعة؛ هي قوَّة القلب، وجرأة النفس، وثبات الجأش على المخاوف، والإقدام على المكاره، والاستهانة بالموت؛ فهي سرُّ بقاء البشر واستمرار حياتهم على الأرض؛ ليحيوا حياةً كريمةً عزيزةً غير مشوبةٍ بالذُّل والهوانِ، فهي خُلُقٌ كريم، ووصفٌ نبيل، يدفع النفس إلى التحلِّي بالفضائل، ويمنعها الرذائل، فهي بحق ينبوع الأخلاق الكريمة والخصال الحميدة، وهي من أعزِّ أخلاق الإسلام، وأَعظم شيم العرب. فما أحوجنا اليوم في مثل ظروفنا هذه وما يُكاد لنا من مؤامراتٍ ودسائسٍ للنيل من أمتنا ووحدتنا، أن يهتم قادتنا ورجال التعليم بزرع وإثارة هذه القيمة الخُلُقيّة في أبناء أمتنا شبابًا وكهولًا، إناثًا وذكورًا، فيدفعوهم دفعًا إلى الشجاعة والإقدام؛ حتى يُعيدوا للأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها مكانتها ومجدها المُؤمَّل. ولنا في رسول الله -صلوات الله وسلامه عليه- خير أسوة فلقد جمع الله لرسوله الكريمِ إلى جانب رحمته ورفقه بأصحابه الجرأة في الحق، وشجاعة لا تحيد ولا تتراجع، فكان –صلوات الله عليه- أشجع الناس، فلم يكن رسول الله يكتفي بمقام القيادة العسكرية خلال غزواته، بل كان يشارِك بنفسه في القتال، ليس هذا وفقط، بل كان يتقدم الصفوف ليضرب لنا مثالًا حيًّا للشجاعة والبطولة والإقدام، ويخبرنا عن ذلك علي بن أبي طالب، فيقول: "لقد رأيتُنا يوم بدرٍ ونحن نلوذ برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو أقربنا للعدو، وكان من أشدِّنا يومئذٍ بأسًا". ومن مواقف شجاعته -صلوات الله عليه- ثباته يوم أُحدٍ في موقفٍ بطوليٍّ سجله التاريخ، فها هو ذا يواجه الموت، وجيش الأعداء من المشركين، وهم قد نالوا منه وشجُّوا رأسه، وكسَروا رباعيته، وطالوا وجنتَه، وهموا على قتله إصرارًا وعدوانًا، وهو يقف كالجبل بكل شموخٍ وصمودٍ في مواجهتهم، يُدافع ويُجالد جموع المُحيطين به من كل حدبٍ وصوب، وهو يُنادي ويقول: "إليَّ عباد الله.. إليَّ عباد الله"، ولم يزل ينادي في أصحابه ويجمعهم من حوله حتى ألهب عزيمتهم على القتال، فاشتدَّت أصلابهم من جديد بعد نداءاته –صلوات الله عليه-، فاستعادوا أنفاسهم وعادوا إلى القتال، فكان سببًا في لمِّ شمل جيش المسلمين وإفاقته من غفلته والتي كادت تؤدي إلى مضاعفة الهزيمة والخسائر، لكنها شجاعة النبي ورباطة جأشه التي لا مثيل لها. كيف تكتسب الشجاعة؟ · ترسيخ عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر، وأن الإنسان لن يصيبه إلا ما كتب الله له. · غرس عقيدة الإيمان باليوم الآخر في النفوس. · التدريب على الشجاعة بمواجهة المواقف الصعبة والتي تتطلب الجرأة والشجاعة. · الاقتناع بأن أسباب الخوف والجبن أوهام في خيالنا ولا حقيقة لوجودها. · اليقين بما أعده الله للذين يقاتلون في سبيله. · الاقتداء بالشجعان ومدارسة قصصهم وسير حياتهم. فوائد الشجاعة.. · محبة الله تعالى ومحبة الناس. · تُحفَظ بها الأعراض، وتَنشُر الأمن والأمان في المجتمعات. · هي من صفات الرجال العظماء ذوي المروءة. · الشجاع عنده يقين بالله فهو يحسن الظن به. · الشجاعة تدفع صاحبها إلى عزة النفس ومعالي الأخلاق والشيم.