ارتفاع الأسعار لن يتوقف بسبب استيراد 70 % من احتياجاتنا بالعملة الصعبة وتراجع الجنيه مقابل الدولار
منظومة دعم السلع تشمل نحو 73 مليون مواطن و83 مليونا بمنظومة الخبز
ما بين العجز الكبير فى الموازنة العامة للدولة، الذى دفع الدولة نحو تخفيض الدعم، وغلاء الأسعار، وقعت شريحة كبيرة من المواطنين، فريسة سهلة بين فكى الفقر، الذى أطبق على نحو 28 % من المصريين، وجعلهم غير قادرين على الوفاء باحتياجاتهم الأساسية، وذلك طبقًا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى عام 2015. وأمام هذه الإحصائية وعلم الحكومة – المؤكد بها- جاء استمرارها فى خفض الدعم، مستغربًا، وتزداد المخاوف من استمرار الضغوط الاقتصادية وزيادة المعاناة بعد مفاوضات الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى. يعد الدعم المقدم للمواطنين فى أشكاله المختلفة من عوامل تحسين حياة المصريين، ويساند الفقراء للوصول على الأقل إلى الحد الأدنى من المعيشة، ويكفل لهم الحدود الدنيا من المعيشة، لكن قيام الحكومة بالعمل على تخفيض الدعم تدريجيا منذ سنوات، يسهم فى زيادة الضغوط على المواطنين ويضعهم فى مكانة دون حد الكفاف، وفى ظل ارتفاع الأسعار المتزايد فى الوقت الحالى، الذى أسهم أيضا فى تآكل الدعم من جانب آخر، مع عدم وجود دخل مالى، أو زيادة فى الرواتب التى يمكن أن تقاوم هذه الارتفاعات، مما يزيد الأعباء على المواطنين، خصوصا بعد اتجاه مصر للحصول على قرض من صندوق النقد الدولى وفرض روشتة الصندوق، وتطبيق السياسات الاقتصادية التى أوصى بها الصندوق، والبدء فى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى يهدف إلى ترشيد دعم الطاقة بشكل أساسى، وفرض بعض الضرائب الجديدة مثل ضريبة القيمة المضافة. وطرح قرار تخفيض الدعم حاليا علامات استفهام كبيرة، ومدى تأثيره على تحسين نوعية حياة الفقراء بعد القيام بتخفيضه، ومن هم المستهدفون منه كذلك مدى تأثيره على الموازنة العامة وأعبائها على التضخم، وكيفية وصوله إلى مستحقيه، وكيفية الفصل بين المستحق للدعم وغير المستحق، وتقديمه بشكل نقدى أم عينى وكذلك دعم العملية التعليمية والصحية، ومساهمة برنامج الدعم فى عجز الموازنة العامة للدولة، وارتباطه بمنظومة الفساد، فى الوقت الذى أعلن فيه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع عدد الفقراء فى مصر خلال عام 2015 بنسبة 28 % من إجمالى عدد السكان البالغ 90.1 مليون نسمة، مشيرا فى أحدث تقرير له عن الدخل والإنفاق والاستهلاك، أن الفقراء هم الذين لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغير الغذاء، ويشكلون 27.8 % من إجمالى عدد السكان حيث كشف الجهاز أن 57 % من سكان الريف بالجنوب فقراء، مقابل 19.7 % بريف الشمال، لافتا النظر إلى أن نسبة الفقر بلغت 27.4 % بحضر الجنوب، فيما بلغت 9.7 % فى حضر الشمال كما أن 15 % من سكان المحافظات الحضرية فقراء. ويواجه المواطنون حاليا ظروفاً معيشية صعبة، بسبب التراجع غير المسبوق للجنيه المصرى مقابل الدولار، الذى يقترب من ال 13 جنيهاً فى السوق السوداء، مما أدى إلى تفاقم المشكلة وارتفاع الأسعار بشكل جنونى، خصوصًا أن مصر تستورد أكثر من 70 % من احتياجاتها بالعملة الصعبة من الخارج فى ظل عدم كفاية ما تبقى من دعم لهذه السلع، فى الوقت الذى تعلن فيه الحكومة على لسان الدكتور أشرف العربي، وزير التخطيط أن إلغاء الدعم على القادرين سيسهم فى توجيه دعم أكبر لغير القادرين، من خلال استثمارات جديدة أو توجيه الدعم لهم، مؤكدًا أن هناك دراسة لتحويل الدعم العينى إلى نقدى، كما أن الحكومة ستعمل على التمييز السعرى للخدمات وتدعيمها للمواطن المحتاج وتفريقه عن المواطنين القادرين، كما أكد المهندس محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة، أن الحكومة لن تستطيع أن تستمر فى الدعم بالشكل الموجود حاليًا، موضحًا أنه سيتم رفع الدعم عن الكهرباء خلال 5 سنوات، وستتحمل الطبقات الأعلى ومستخدمى الكهرباء بكثافة لهذا الدعم، أما الطبقات محدودة الدخل ستوفر لها دعمًا، موضحا أن تكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية تصل إلى 70 قرشًا، وتتم محاسبة المواطن على 11 فقط، بحيث تصل نسبة الدعم تقريبا 300 % من قيمة استهلاك الفاتورة، وتتحمل الدولة 30 مليار جنيه. ومن جانبه أكد الدكتور عبدالمنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية أنه تم تقليص مخصصات الدعم إلى 210 مليارات جنيه فى موازنة العام الحالى 2016/2017 تمثل نحو 22.5 % من النفقات وبنسبة تراجع عن العام المالى الماضى بمقدار 21 مليار جنيه , مشيرا إلى أن الدعم فى السنوات السابقة ارتفع من 212.3 فى موازنة العام المالى 2013-2014 إلى 233.8 بموازنة عام 2014-2015 ، لكنه لم يشهد ارتفاعا فى موازنة 2015-2016 حيث بلغ 231 مليارًا فقط. وأوضح أن هذا الانخفاض يأتى كمحصلة لتفاعل عدة عوامل منها؛ الأثر الإيجابى لخفض الأسعار العالمية لمنتجات البترول والمواد الغذائية من ناحية، فضلا عن الإجراءات الحكومية لرفع أسعار الخدمات العامة والمرافق من مياه وغاز وكهرباء، من ناحية أخرى مشيرا إلى إعادة هيكلة منظومة الدعم، وتغيرت الأهمية النسبية لبنود ومخصصات هذا الباب، فقد هبط حجم دعم البترول إلى نحو 35 مليار جنيه فقط فى موازنة عام 2016-2017، وذلك مقابل 61.7 مليار جنيه فى تقديرات الموازنة السابقة، ونحو 100.3 مليار جنيه فى موازنة عام 2014-2015 ونحو 126.8 مليار جنيه فى موازنة 2013/2014. وأضاف أنه تم رصد 42 مليارا لدعم السلع التموينية، مقارنة ب37 مليار جنيه خلال العام المالى الجارى، وذلك لاستكمال منظومة دعم الخبز والسلع الغذائية، التى تم تطويرها هذا العام، بحيث يتم تطبيقها بالكامل على مستوى الجمهورية خلال العام المالى الجديد، وتشمل تلك المنظومة برامج محددة للحماية الاجتماعية. وأشار إلى أن منظومة دعم السلع الغذائية تشمل نحو 73 مليون مواطن، و83 مليونًا فى منظومة دعم الخبز ودقيق المستودعات، أى أكثر من 92 % من إجمالى المواطنين، فى ضوء توقع زيادة عدد المستفيدين من منظومة كروت الخبز بنحو 3 ملايين مواطن خلال العام المقبل، إضافة إلى دعم المحاصيل الإستراتيجية بنحو 4.7 مليار جنيه فى موازنة العام الحالى، ومن ثم فقد حظيت منظومتا الخبز والسلع التموينية، بإشادة كبيرة من قبل البنك الدولي، نظرا لنجاحهما فى توفير 75 ألف فرصة عمل، وتوفير استيراد الأقماح بنحو مليون و900 ألف طن. وأشار إلى أن قيمة مساهمة الخزانة فى صناديق المعاشات ضمن الموازنة العامة للعام المالى 2016-2017، استقرت لتبلغ 52 مليار جنيه، بما يعادل نفس القيمة للعام المالى السابق 2015-2016، ومقابل 33.2 مليار جنيه فى موازنة العام المالى 2014-2015. وكذلك تمويل نظم معاشات الضمان الاجتماعى وبرامج تكافل وكرامة للدعم النقدى بنحو 11.2 مليار جنيه، ومشروعات إسكان محدودى الدخل، وتطوير العشوائيات، والتغذية المدرسية، وتحسين خدمات المواصلات العامة وباقى خدمات البنية الأساسية. وأوضح أنه لابد من وجود سياسة متكاملة لإصلاح نظام الدعم انطلاقا من كون السياسة الاقتصادية يجب أن تظل فى خدمة الأفراد والمجتمع، فرفع معدلات النمو وحدها ليست كافية لانتشال الفقراء ومحدودى الدخل? إذ يجب أن يكون نموا مواليا للفقراء وموسعا لقدرتهم وفرصهم وخيارات حياتهم، وضرورة العمل على إزالة أسباب الفقر وليس فقط التخفيف من آثاره، وذلك فى إطار يهدف إلى توفير السلع الأساسية والضرورية للمواطنين خصوصا محدودى الدخل بأسعار فى متناول أيديهم حتى تحقق عدالة التوزيع من خلال اتباع إستراتيجية تنموية متكاملة، ومن منظور شامل وواسع يأخذ بعين الاعتبار علاج الاختلالات الهيكلية فى الاقتصاد القومى كمدخل لرفع مستويات المعيشة لكل المصريين ورفع كفاءة الاستخدام للموارد المتاحة , وتنميتها كمدخل لترشيد الدعم، وحسن إدارة الأموال المنفقة على الدعم، والقضاء على الفساد الذى شاب المنظومة والعمل على سد الفجوة فى السلعة الأساسية المدعومة عن طريق ترشيد الاستهلاك، خصوصا فى مجال السلع التى يتم استيرادها بالعملات الأجنبية.