جيهان محمود استعجب جدًا من الناس التي تسخر من جيش بلدها وتهاجهمه، لمساهمته في توفير لبن الأطفال، أو طرح مواد غذائية للتخفيف عن أعباء المواطنين من جشع التجار، رغم أن هذا ليس بغريب عن قواتنا المسلحة التي بدأت المساهمة في النشاط الاقتصادي منذ عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ثم توسع في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك. وربما كثير من الناس لا يعلمون أن هناك جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، التابع للقوات المسلحة، تم إنشاؤه بقرار جمهوري رقم 32 لسنة 1979 بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من الاحتياجات الرئيسية للقوات المسلحة، لتخفيف أعباء تدبيرها عن كاهل الدولة، وطرح فائض الإنتاج في السوق المحلي، والمساهمة في مشروعات التنمية الاقتصادية في الدولة. ولمن يريد معرفة مهمة جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، فليدخل على الموقع الرسمي للجهاز عبر شبكة الإنترنت، معلن ومدون فيها جميع التفاصيل، ويركز دوره في تنمية الناتج القومي بالتعاون مع المؤسسات المدنية، والاهتمام بمشروعات البنية التحتية، خصوصًا المشروعات التنموية في المحافظات الحدودية كشمال وجنوب سيناء والوادي الجديد. وهناك 21 شركة تغطي مجموعة واسعة من قطاعات البناء والنظافة والزراعة والمنتجات الغذائية، وتباع منتجات هذه الشركات، التي تفيض عن حاجة الجيش، في السوق المحلية للمواطنين، بمنافذها في العديد من المناطق في أنحاء الجمهورية. ففي مجال الأمن الغذائي يمتلك جهاز مشروعات الخدمة الوطنية "شركة مصر للتصنيع الزراعي" التي لديها 7 مصانع لإنتاج صلصة طماطم – منتجات ألبان – أعلاف الماشية والأسماك – البصل المجفف، وشركة كوين لإنتاج المكرونة، إضافة إلى قطاع الأمن الغذائي الذي يمتلك عددًا كبيرًا من المزارع والمجازر للحيوانات والدواجن، وكذلك وحدات إنتاج الألبان ومجمعات إنتاج البيض وغيرها، فضلاً عن الشركة الوطنية للمياه "صافي" التي تعد أحد أكبر شركات إنتاج المياه في مصر. ولا أحد ينكر مساهمة القوات المسلحة في العديد من المنتجات البترولية، وتوفير البنزين من خلال محطات "وطنية". وهناك قطاع المقاولات وفيه شركتين كبيرتين تابعتين للجهاز هما: الشركة الوطنية للمقاولات العامة والتوريدات، والشركة الوطنية للطرق والكباري، والتي برز دورها في الآونة الأخيرة في الإنشاءات لعل أهمها: المساهمة في تشييد الإسكان الاجتماعي والاقتصادي، والطرق والكباري التي شاركت فيها. ولا أحد ينسى منتجات الهيئة العربية للتصنيع من أجهزة منزلية، إلى جانب توفير احتياجات القوات المسلحة المصرية من المعدات الدفاعية، وتوسع نشاط الهيئة ليشمل مشروعات مدنية إضافة إلى مشروعاتها العسكرية، فتدير الهيئة 11 مصنعًا وشركة في مصر تعمل في العديد من المجالات في الصناعات العسكرية والمدنية، منها: مصانع صخر وقادر وحلوان للصناعات المتطورة ومصنع سيماف الذي ينتج عربات السكك الحديدية والقضبان وغيرها، إضافة إلى مصانع للمنتجات الإلكترونية تقوم بإنتاج وتجميع الشاشات الإلكترونية وشاشات العرض الكبرى، إضافة إلى الشركة العربية لإنتاج الطاقة المتجددة التي تدير عدة مشروعات للطاقة المتجددة في مصر، وشركة السماد العضوي ومصنع أبو زعبل للأخشاب، والذي ينتج أثاث المنازل والفنادق والقرى السياحية. وتساهم القوات المسلحة في التعليم والتدريب من خلال: معهد نظم المعلومات للقوات المسلحة، معهد اللغات القوات المسلحة، وتدريب الكوادر الفنية من الشباب وتوفير لهم فرص العمل، والتي تعلن عنها من حين إلى أخر عبر موقعها وصفحاتها على الفيس بوك. وهذا لا يقلل من كيان القوات المسلحة ورجالها، فليس معنى أن يساهم رجال الجيش في رفع العبء عن كاهل المواطنين البسطاء، وتوفير احتياجاتهم الأساسية، إلى جانب القيام بالواجب الوطني والدور الأساسي في حفظ وحماية مصر ومواطنيها.
فلا شك أن الأمن القومي لا يقتصر على حماية الحدود فقط، إنما حماية المجتمع من جشع التجار والفاسدين والمستغلين لأبناء الوطن.