فى عام 1944 كانت الحرب العالمية الثانية مشتعلة فى مسارح العمليات، أمريكا كانت تعرف خطوط النهاية، عقدت مؤتمرا اقتصاديا عالميا، شارك فيه حلفاء الحرب، وضعت فيه الخطوط العريضة للتجارة الحرة، ودور العائلات المالية وريثة الإمبراطورية البريطانية الغاربة. 2 انتهت الحرب بعد عام واحد بانتصار كاسح للحلفاء على المحور، ورثت أمريكا كل شىء: المستعمرات، الرجال، جماعات بريطانيا. كانت وراثة بلا رحمة، أسست لاختيار شخصية الرئيس ليقود هذه الإمبراطورية مترامية الأطراف. 3 شخصية رئيس أمريكا معجونة بتوصيات هذا المؤتمر. يجلس فى المكتب البيضاوى، يوقع القوانين والقرارات المكتوبة بحبر الرجال السريين، يعرف ما عليه، لا يتخطى السيناريو المكتوب. 4 الرئيس ليس عابر سبيل، ولا مصادفة، ولا يأتى من الشارع، فالرئيس الأمريكى صناعة سرية، صناعة متكاملة، وحالما ينتهى الصانعون من صناعته يتم وضعه فى البيت الأبيض. 5 هيلارى كلينتون، المرشحة الرئاسية عن الحزب الديمقراطى الأمريكى لا تخرج عن هذه الوصايا، وكان يجب أن يكون منافسها من نفس الغرفة، لكن شيئا تغير فى أمريكا والعالم، فظهر لها عفريت من خارج الصندوق هو دونالد ترامب، الحَكَم فى مسابقات الجمال العالمية، نجم العقارات. 6 مالكو مفاتيح الصندوق الرئاسى فرحوا فى البداية، فترامب ليس منافسا جادا، ولا يهدد عرش أول امرأة فى موقع الرئيس الأمريكى، وسعوا له الطريق، فلا هو من المؤسسات الأمريكية العميقة، ولا هو جنرال سابق فى الاستخبارات، ولا معارك فى سيرته الذاتية، فهو تاجر عقارات شاطر، يتزوج النساء وقتما يشاء، كل خبرته عن العالم الخارجى أنه يشاهد ملكات الجمال عبر التليفزيون كما قال بانيتا وزير الدفاع الأمريكى السابق، ساخرا من معرفة ترامب بالسياسة الخارجية! 7 هذه السخرية الطافحة بالمرارة كشفت عن الخوف من فوز ترامب بمقعد أخطر دولة فى العالم، اهتز الرجال والمؤسسات العاملة فى السر، صدر بيان عن 50 شخصية أمنية أمريكية يحذر من ترامب المجنون «الرئيس الأكثر استهتارا فى التاريخ الأمريكى» حسب وصف البيان. 8 ترامب صار حقيقة مزعجة فى أمريكا ومستعمراتها الخارجية، راح الجميع يحذر من قنبلة ترامب النووية، نشروا صورا عارية لزوجته، صنعوا له تماثيل عارية، كرست الصحافة افتتاحياتها للتحذير من المجنون، نجوم السينما الأمريكية دخلوا على الخط، وصلت الأصداء إلى كتاب وسياسيين عرب من المارينز الأمريكى، راحوا يحذرون من ترامب، كأنهم شرايين أمريكية أصيلة.. ولله فى خلقه شئون.