تتابع وسائل الإعلام الإسرائيلية سير الانتخابات التمهيدية التى تجرى داخل الحزبين الديمقراطى والجمهورى فى أمريكا، وآمالها معلقة على فوز المرشح المحتمل للحزب الجمهورى «دونالد ترامب» بثقة ناخبى الحزب ليصبح مرشحهم فى السباق على سكنى البيت الأبيض فى الانتخابات الرئاسية التى تجرى فى نوفمبر المقبل. أبدت الصحف العبرية اهتمامًا متزايدًا بالمرشح الجمهورى المحتمل مع كل نجاح يحققه فى سباق الانتخابات الداخلية، فترامب يعتبر فى نظر الساسة «حالة غريبة» فى تاريخ الزعامة. فلم يعتقد المحللون بأنه يحتمل أن يتنافس على الرئاسة الأمريكية وبالتأكيد لم يفكروا بأن مثل هذا العدد الكبير من الأمريكيين سيقررون أنه مناسب لنيل تأييدهم، فظهوره مثل إحدى النكات السياسية الموجودة فى عالمنا وهو ما دفع كتاباً ومحللين إسرائيليين لرصد أسباب رأوا أنها ستكون خلف وصوله للبيت الأبيض. المحلل الإسرائيلى «بوعز بسموت» راح يعدد فى مقال نشره بجريدة «إسرائيل اليوم» الأسباب التى تجعل ترامب مرشحا قويا للفوز برئاسة أمريكا، وقال بسموت إن أول هذه الأسباب أن الحزب الجمهورى بدأ فعليا فى الحرب على ترامب، ولكن ما زاد من فرص فوز ترامب هو أن الحزب الجمهورى لايشعر بالشارع الأمريكى وتقلباته، فكلما هاجموا ترامب زادت قوته، فبحسب استطلاعات الرأى الأخيرة، رأى 78٪ ممن أيدوا ترامب أنهم لن يغيروا رأيهم. ثانى سبب لفوز ترامب ذلك الذى أورده «بسموت» فى مقاله إن المرشح الجمهورى المنافس لترامب وهو تيد كروز - الذى يعد الأقوى بعد ترامب - لا يكسب تأييد كبيرا داخل الحزب الجمهورى فهو لا تربطه علاقة جيدة مع زملائه فى واشنطن، أما ثالث الأسباب فيتمثل فى أن ناخبى الحزب الجمهورى قد ضاقوا ذرعا بواشنطن، ويشعرون بخيبة الأمل بسبب الوضع الاقتصادى السيئ، لذا فهم يعتبرون الملياردير ترامب هو المنقذ الاقتصادى الذى تحتاجه أمريكا فى هذا الوقت. أما رابع أسباب فوز ترامب فهو ما أورده المحلل السياسى «ناحوم برنياع» فى مقاله بجريدة «يديعوت أحرونوت» حيث أكد أن ترامب له شعبية فى شمال شرق الولاياتالمتحدة وفى الجنوب أيضا، كما أنه مؤثر فى أوساط الطبقة الوسطى - الدنيا وقوى أيضا فى الطبقة الوسطى العليا، وله تأييد فى أوساط أصحاب التعليم المتدنى وهو مقبول لدى أصحاب التعليم العالى، كما أن شعبيته منتشرة فى المناطق الزراعية والمدن على حد سواء، وفى المناطق الثرية فى شمال فرجينيا القريبة من واشنطن العاصمة والتى تعيش فيها عائلات يقوم برعايتها النظام. أما خامس الأسباب التى أوردها «برنياع» هو أن الحزب الجمهورى يدفع ثمنا باهظا بسبب سلوكه فى واشنطن فى السنوات الثمانى الأخيرة. فأوباما تسبب فى شل السياسة الأمريكية، فالناخبون يكرهون الشلل فى حين أن ترامب يقدم لهم الإثارة، وهى نفس الفكرة التى أكدها «بوعز بسموت» فى مقاله بجريدة «إسرائيل اليوم» فقال لغة ترامب فى الحديث هى اللغة التى ستحبها أمريكا 2016. لأن الانتخابات تتعلق بإعادة تعريف أمريكا، فبعد ثمانى سنوات مع أوباما يبحث الأمريكيون عن إعادة تعريف أنفسهم، وترامب يوفر لهم ذلك. أما سادس سبب لفوز ترامب ذلك الذى طرحه «برنياع» وهو أن الجمهور الأمريكى فهم أن ترامب ليس مجرد شخص بذيء فظ اللسان فالناخب الأمريكى فهم أن زلات لسانه مدروسة، فالطريقة التى فاز بها اضطرتهم إلى التفكير بطريقة جديدة، فترامب ليس ما اعتقدوه. فهو يفكر ويتابع ويفهم المزاج العام. سابع سبب لفوز ترامب يتعلق بالمرشحة الأقوى أمامه، وهو أن لهيلارى كلينتون الكثير من الخبرة والقليل من الكاريزما. فهى مُملة، والتجربة فقط لن تساعدها، فكثير من القضايا ما زالت تطاردها، وفى الوقت نفسه يبدو ترامب بأنه عديم تجربة ولكن لديه الكثير من الكاريزما. ولديه أيضا قضايا شخصية غير مريحة مثل تلك التى تكشفها وسائل الإعلام الأمريكية يوميًا. ولكن يبدو أن ناخبيه لا يهتمون لذلك. السبب الثامن لفوز ترامب كان الذى طرحه الكاتب «جدعون سامت» فى مقاله بجريدة «هآرتس» حيث رأى أن الولاياتالمتحدة تراقب تراجعها كقوة عظمى تدافع عن نفسها فى وجه روسيا وزعيمها الهجومى، فترامب الذى استطاع سحب الأصوات والخروج عن أطواره على الشاشات الأمريكية لن يتردد فى الضرب على طاولة بوتين.