تحركات الدولار أمام الجنيه في نهاية إجازة عيد الأضحى    تقرير: إصابة 5 من جنود الاحتلال بغزة.. اثنان منهم بحالة خطيرة    الأهلي يعلن تفاصيل إصابة عمر كمال عبد الواحد    الخارجية الروسية: تكثيف قوات كييف لهجماتها على زابوروجيه مرتبط بمؤتمر سويسرا بشأن أوكرانيا    توفيت بالحج، زوج ينعي زوجته بكلمات مؤثرة: كانت ملاكًا تسير على الأرض    وسط إقبال كبير.. عروض للأطفال وأنشطة مكثفة لثقافة الجيزة احتفالا بعيد الأضحى    «القارئ الباكي».. أقارب الشيخ محمد صديق المنشاوي يحيون ذكرى وفاته من أمام مقبرته بسوهاج (فيديو)    بالصور.. ميرنا نور الدين تتألق في أحدث جلسة تصوير من إيطاليا والجمهور يعلق    السيسي يوجه بسرعة ترميم مقبرة الشيخ الشعراوي    زعيم المعارضة الإسرائيلية: إسرائيل لم تعد الحليف الأقرب للولايات المتحدة    بعد وفاة عروس المنيا بفستان زفافها.. هل هبوط الدورة الدموية في الحر يؤدي للموت؟    انفراجة فى توافر الأدوية بالصيدليات.. تحرير سعر الصرف ساعد فى تأمين النواقص    محافظ الدقهلية يكشف حقيقة قطع الأشجار بحديقة عروس النيل بالمنصورة    «خناقة شوارع».. إمام عاشور بطل واقعة اعتداء على أفراد أمن أحد المولات (فيديو)    مجازر الغربية تستقبل 1186 رأس ماشية خلال أيام عيد الأضحى المبارك    أول تحرك برلماني ضد قطع الأشجار عمدا بالمحافظات    جيش الاحتلال: إصابة جنديين بجروح خطيرة جنوبي غزة    فرحة العيد لسه مكملة.. إقبال على الملاهي بحدائق كفر الشيخ للاحتفال    الحوثي: أمريكا تحاول أن تخفف على إسرائيل بمأزقها من جبهة لبنان    الأقصر.. توقيع كشف طبي على المواطنين في أرمنت ضمن خدمات عيد الأضحى    لمواليد برج الحمل.. توقعات الأبراج في الأسبوع الأخير من شهر يونيو 2024    «الري»: رفع التصرفات المائية والحفاظ على مناسيب المصارف    نتائج الصف التاسع اليمن 2024 صنعاء وزارة التربية والتعليم بالاسم ورقم الجلوس بالدرجات.. موقع www yemenexam com    انقطاع الكهرباء أزمة مزمة في الكويت.. الصحة توجه إداراتها بإغلاق المصابيح بنهاية الدوام    ما حكم زيارة أهل البقيع بعد الانتهاء من أداء مناسك الحج؟.. الإفتاء توضح    "تجاهلوا الرد".. أتشمبونج يهدد الزمالك بشكوى جديدة    رومانيا توافق على إرسال بطارية باتريوت للدفاع الجوي إلى أوكرانيا    الرئيس السيسى يوجه بتشكيل خلية أزمة لمتابعة حالات وفاة الحجاج المصريين.. إنفو    تنسيق الجامعات.. برنامج الرسوم المتحركة والوسائط المتعددة بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان    سرايا القدس: نخوض اشتاباكات عنيفة مع جنود الاحتلال في رفح    وزارة الحج والعمرة تبدأ استقبال المعتمرين وإصدار تأشيراتهم    مصرع شخص أسفل عجلات قطار في البدرشين    عمرو القماطي: 30 يونيو أعادت بناء الوطن ورسخت قيم التعايش    عودة بطولة الأفروآسيوية.. مواجهة منتظرة بين الأهلي والعين الإماراتي    مصطفى بكري: إعلان تشكيل الحكومة الجديد سوف يتأخر    وفاة رجل الأعمال عنان الجلالي مؤسس سلسلة فنادق هلنان العالمية    إنهاء قوائم الانتظار.. إجراء مليونين و245 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة    عمرو السولية يقترب من الظهور في تشكيل الأهلي أمام الداخلية    ياسر الهضيبي: ثورة 30 يونيو ستظل نقطة مضيئة في تاريخ مصر    رصد وإزالة حالات بناء مخالف وتعديات على الأراضي الزراعية بالجيزة - صور    مقتل شخص في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان    إجراء اختبارات إلكترونية ب147 مقررًا بجامعة قناة السويس    7 ضوابط أساسية لتحويلات الطلاب بين المدارس    يزن النعيمات يفتح الطريق للأهلي للتعاقد معه في الصيف    ضبط عاطلين بحوزتهما كمية من مخدر الحشيش بالمنيرة    مصدر مقرب من عواد ليلا كورة: الغياب عن التدريبات الجماعية بالاتفاق مع عبد الواحد    في يومهم العالمي.. اللاجئون داخل مصر قنبلة موقوتة.. الحكومة تقدر عددهم ب9 ملايين من 133 دولة.. نهاية يونيو آخر موعد لتقنين أوضاعهم.. والمفوضية: أم الدنيا تستضيف أكبر عدد منهم في تاريخها    تركي آل الشيخ عن فيلم عمرو دياب ونانسي عجرم: نعيد ذكريات شادية وعبدالحليم بروح العصر الجديد    مصدر: لا صحة لإعلان الحكومة الجديدة خلال ساعات    الداخلية تحرر 133 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بترشيد الكهرباء خلال 24 ساعة    بالأسماء.. ارتفاع عدد الوفيات في صفوف حجاج سوهاج ليصل إلى 7    بدء عودة حجاج الجمعيات الأهلية إلى أرض الوطن.. غدا    طواف الوداع: حكمه وأحكامه عند فقهاء المذاهب الإسلامية    عاجل - "الإفتاء" تحسم الجدل.. هل يجوز أداء العمرة بعد الحج مباشرة؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 20-6-2024    هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم؟ دار الإفتاء تجيب    الركود يسيطر على سوق الذهب وإغلاق المحال حتى الإثنين المقبل    تحت سمع وبصر النيابة العامة…تعذيب وصعق بالكهرباء في سجن برج العرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جميل مطر:ترامب.. أكثر من مرشح وأكبر من فكرة
نشر في أخبار مصر يوم 05 - 05 - 2016

قضيت ثلاثة أسابيع أتابع عن قرب تطورات الحملة الانتخابية للرئاسة الأمريكية. لا أستطيع بل لا أجرؤ على التنبؤ بشخص الرئيس القادم، ولكنى أستطيع وبشىء قريب من الجرأة أن أعرض انطباعاتى عن انعكاسات هذه الحملة وما كشفت عنه حتى الآن. قلت أن هناك شيئا أو شبها من الجرأة فى التحليل.
جرأة القادم إلى أمريكا من عالم آخر يعانى الأمرين بنية واقتصادا ومجتمعا وربما كل متغير آخر، وجرأة من ابتعد عشرين عاما عن دولة كانت تعتبر نفسها الأعظم ليس فقط فى حاضر الأيام، بل الأعظم فى التاريخ، وعن شعب كاد يصدق أنه ينتمى لأمة «استثنائية» ولدولة «لا يمكن الاستغناء عنها»، لولا أن سلسلة من الأزمات والهزائم أيقظته من الحلم الأمريكى ليقف مترددا وحائرا وغير واثق من أن دولته وشعبه يستحقان هذه الأوصاف.
***
رأيت، أول ما رأيت وكان ملئ السمع والبصر عبر شاشات التليفزيون، رجلا ألوانه غريبة آتيا من عالم كازينوهات القمر ومسابقات ملكات الجمال وهواية تشييد وإدارة الفنادق الفاخرة إلى عالم السياسة، مرشحا بنفسه نفسه لمنصب رئيس الجمهورية الأمريكية. اكتشف الأمريكيون منذ اليوم الأول أنهم أمام مهرج جاء يتسلى بإنفاق بعض أمواله، أو ربما ليغسلها فى إعلانات وتعبئة إعلامية، وأنهم يتعين عليهم المخاطرة فى لعبة عرف كيف يتقنها قادة الطبقة السياسية الأمريكية، يمارسونها مرة كل أربع سنوات.
كان المتوقع فى أوساط الطبقة السياسية وطبقات أخرى أن تمل الجماهير ويشفق الرجل على أمواله. توقعت الأوساط الإعلامية أن يخشى الحزب الجمهورى على سمعته فتقرر قيادته وقف المهزلة والطلب إلى السيد دونالد ترامب النزول عن خشبة المسرح وعودته إلى المجالات التى يتقن القيام بها، ومنها التجارة بالنساء والعقارات وعقد الصفقات، توقعات خاب جميعها. استمر ترامب يلعب لعبته. لم يمل الناس وتدهورت بالفعل سمعة الحزب الجمهورى وعجزت قياداته عن اتخاذ إجراء لوقف المهزلة، وتعمد عجزها بعد أن اكتسب الرجل شعبية فائقة وألحق هزائم ماحقه بعدد لا بأس به من المرشحين المتألقين فى ولاياتهم أو فى السلطة التشريعية. الأهم أنه كشف عيوب قيادة الحزب الجمهورى ونقائص الأفكار التقليدية للمحافظين الأمريكيين وعجز الرأسمالية وفشل الطبقة السياسية فى الولايات المتحدة، كشف أيضا خلال زحفه عن الثقة المفقودة بين الشعب والنخب الحاكمة فى أمريكا.
****
استطاع ترامب أن يحشد الغوغائية الأمريكية، هذه الظاهرة ذات الجذور العميقة فى التاريخ السياسى الأمريكى. خرج الغوغاء يحتفلون بزعيم استطاع بمهارة دغدغة مشاعرهم الديماجوجية. هؤلاء انضموا إلى قطاعات واسعة من الشعب تحن إلى أيام لا يمكن أن تعود. لا أحد ينكر أن أمريكا مثل غيرها من الأمم، تمر بمرحلة نوستالجيا كتلك التى تمر بها فى عهدنا الراهن قطاعات مصرية عديدة. هناك وهنا يحن بعض الناس ومنهم الغوغائيون إلى أمريكا أو إلى مصر غير الموجودتين إلا فى خيالهم. هناك فى أمريكا نجحت «شعوبية» ترامب فى إثارة مشاعر حنين تربك ولا تنفع. الترامبوية، نسبة إلى ترامب، مثل شبيهاتها فى حياتنا المعاصرة، قد تخبرنا بما حدث ويحدث فى أمريكا، ولكنها لا تخبرنا شيئا مفيدا عن المستقبل، لا تساعدنا فى معرفة ما يخبئه المستقبل للأمريكيين. وبالتالى يتخبط قادتهم فى وضع البرامج والمشاريع اللازمة استعدادا له.
الترامبوية، أستطيع أن أعتبرها، كما وصفتها صحيفة وول ستريت جورنال، نهاية عهد فى السياسة الأمريكية، ولكنى بالتأكيد لا أقوى على اعتبارها بداية عهد جديد. وبالتأكيد أيضا أستطيع أن أقرر أن العهد الذى انقضى بفضلها، أو على الأقل الذى أعلنت الترامبوية انقضاءه، سقط سقوطا مدويا ولا يمكن الاعتداد به أو تجديده أو إصلاحه لعمل شىء صالح أو تحقيق تقدم أو حتى المحافظة على الوضع القائم.
***
يأمل المؤيدون لدونالد ترامب أن يعود الزمن بهم إلى الوراء. البعض يأمل فى العودة إلى حقبة الستينيات من القرن الماضى، زمن الليبرالية التى حققت الرخاء للطبقة الوسطى، البعض الآخر يأمل فى العودة إلى عقد الثمانينيات، زمن المحافظين الذين رفعوا شعارات أخلاق العائلة وأفكار الوطنية البدائية، أيام الرئيس ريجان التى تحقق فيها انتصار أمريكا فى الحرب الباردة وانفرادها بقمة النظام الدولى. مثير للشفقة حقا أن هؤلاء الذين نجح ترامب فى إثارة مشاعرهم الغوغائية راحوا يرددون وراءه مطلب طرد المهاجرين، ناسين هم وترامب، أنهم جميعا أحفاد مهاجرون، ومطلب مطاردة المسلمين الأمريكيين ومنع دخولهم البلاد، ومطلب وقف مسيرة العولمة وإعادتها إلى نقطة ما فى وضع ما قبل البداية، ومطلب إقامة جدار أعظم وأقوى مناعة يحمى النقاء الأمريكى من التلوث المكسيكى.
* * *
بحثت فى خطب السيد ترامب وتصريحاته ومقابلاته عن خططه أو آرائه عن مستقبل السياسة الخارجية فى عهده. وجدت القليل، ولكن ما وجدته كان يشير بغوغائية مطعمة بسوء فهم أو ربما بجهل كامل بأوضاع كثيرة فى العالم الخارجى. استطعت، ولو بصعوبة، أن اتخيل مواقف القادة السياسيين فى عدد من الدول المهمة فى العالم من احتمالات نجاح المرشح ترامب فى الوصول إلى مكتب الرئاسة البيضاوى فى البيت الأبيض. تخيلت درجة عالية من الكره فى طهران والرياض للرجل الذى أعلن أكثر من مرة أن أوباما أخطأ خطأ جسيما حين توصل إلى اتفاق مع طهران وأنه أفرج عن 150 مليار دولار ولكنه، أى أوباما، رفض أن يبيع إيران ما تريد مقابل هذا المبلغ أو بعضا منه بحجة أن إيران خاضعة لعقوبات. يفضل ترامب لو أن أوباما اشترط أن تشترى طهران احتياجاتها من أمريكا، استثناء من العقوبات. أعلن أيضا أن أمريكا فى عهده لن تحمى المملكة السعودية إلا بمقابل مادى، ولم يخف كرهه لها، وبالفعل كانت مثيرة الملاسنة التى جرت بينه وبين أحد أمراء السعودية المشهورين فى عوالم المال والفنادق والفنانين والفنانات، أى فى العوالم نفسها التى يعقد ترامب فيها صفقاته ويقضى جوانب من حياته.
أتخيل أيضا بنيامين نتنياهو وهو يوصى قادة الجالية فى أمريكا بالامتناع عن مساعدة ترامب ماديا وعدم التصويت له، رغم أنه كاره لإيران أشد الكره ورغم إعلانه أمام مؤتمر الايباك بأنه سعيد لأنه رزق بحفيدة يهودية. الصينيون، أتخيلهم غير راضين تماما وبخاصة بعد أن أعلن أنه ينوى السماح لليابان بالتسلح النووى للدفاع عن نفسها ضد كوريا الشمالية، أما موسكو فراضية كل الرضا عن الرجل وأساليبه، أو هكذا أتصور. فترامب أقرب إلى قادتها وأساليبه أشبه بأساليبهم وفكره أقرب إلى فكرهم.
عن غرب أوروبا، لاشك عندى أن ميركيل وبقية زعماء أوروبا لن يكونوا سعداء بوجود دونالد ترامب إلى سدة الحكم فى أمريكا. هؤلاء منزعجون أشد الانزعاج من نمو الشعبوية الفاشية والأحزاب العنصرية اليمنية المتطرفة فى القادة ولا يريدون أن تجد هذه الأحزاب حليفا لها أو نصيرا فى البيت الأبيض.
* * *
أستطيع فى النهاية أن اتخيل قادة الحكم فى القاهرة وفى عواصم عربية أخرى ربما باستثناء السعودية لأسباب لا تخفى وورد ذكرها فى أعلى المقال، أتخيلهم سعداء بصعود ترامب. فالرجل فى نظرهم قد يعيد إلى أمريكا قوتها وإرادتها، وإن صدق فى وعده فإنه سوف يرفض تدخل أمريكا فى شئون الدول الأخرى ويمنع الأجهزة الرسمية والمنظمات الحقوقية من نشر الديمقراطية فى أنحاء العالم والدفاع عن حقوق الإنسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.