محمد فاروق هندي فاز الزمالك على الأهلي بثلاثية مقابل هدف، واحتفظ بلقب كأس مصر للعام الرابع على التوالي في قمة كان أبرز مشاهدها بزوع نجم مؤمن سليمان في عالم التدريب، وغضب جماهير الاهلي من ألغاز مارتن يول، وختمها اتحاد الكرة بعشوائية تصل إلى حد التهريج في توزيع الجوائز. اللقاء من الناحية الفنية شهد واقعية كبيرة من شاب اسمه لم يكن معروفًا للكثيرين، وما زال يخطو أولى خطواته في عالم التدريب، مؤمن سليمان المدير الفني لنادي الزمالك كان ناجحًا إلى حد كبير في إدارة اللقاء تكتيكيًا، فالمباراة هي الثانية للمدير الفني بعد الفوز الكبير على الإسماعيلي برباعية نظيفة في الدور قبل النهائي، وفي مواجهة الأهلي الذي يمتلك - بعيدًا عن النواحي الفنية - أفضلية نفسية كبيرة على الزمالك في السنوات الأخيرة، وهو ما ظهر جليًا، في ارتباك وتوتر مدافعي الزمالك وارتكابهم لبعض الأخطاء الساذجة حتى في إبعاد الكرة من منطقة الجزاء، ولاسيمًا إسلام جمال الذي يجيد قراءة الملعب، والتمرير المتقن، لكنه في الوقت نفسه كثير الأخطاء المؤثرة. مؤمن سليمان لجأ إلى تأمين الجانب الدفاعي بالحذر الكبير في تقدم ظهيري الجنب المنضمين إلى الزمالك حديثًا شوقي السعيد وعلي فتحي، وانضمامهما كثيرًا إلى العمق الدفاعي لمعاونة علي جبر وإسلام جمال، وكانت تلك الثغرة الوحيدة في أداء الزمالك، حيث تركت مساحات واسعة لأجنحة الأحمر في لعب الكثير من الكرات العرضية، لكن تفوق العملاق أحمد الشناوي وعلى جبر أجهض أغلب هذه المحاولات. وزاد مؤمن سليمان من الكثافة العددية في وسط الملعب الدفاعي بوجود طارق حامد وأحمد توفيق ومعروف يوسف، مع الاعتماد على مهارة الثنائي أيمن حفني وشيكابالا وقوة وإصرار باسم مرسي في الهجمات المرتدة، وهو ما تحقق بالفعل، وتمكن الثلاثة ومعهم البديل المهاري أيضًا مصطفي فتحي من صناعة وتسجيل 3 أهداف جميلة. وأجاد مؤمن سليمان في تغييراته بنزول مصطفي فتحي بدلًا من شيكابالا، لاستمرار الفعالية الهجومية عبر منفذ الزمالك الوحيد في اللقاء (الهجمات المرتدة)، وجاء التغيير الثاني أيضًا موفقًا بنزول محمد ناصف بدلًا من أيمن حفني لإغلاق الجبهة اليمني التي شهدت انطلاقات مستمرة لوليد سليمان وأحمد فتحي، ثم أغلق المدير الفني للزمالك وسط الملعب تمامًا بنزول إبراهيم صلاح بدلًا من علي فتحي. وعلى العكس تمامًا شابت إدارة الهولندي مارتن يول المدير الفني للنادي الأهلي للقاء العديد من الأخطاء والألغاز في التشكيل والتغييرات، نعم امتلك الأهلي الكرة في وسط الملعب في معظم فترات المباراة، لكن هجماته لم تكن في معظمها مؤثرة بفعل الصلابة الدفاعية والتنظيم الجيد للأبيض، ولم يشهد اللقاء فرصًا تصل إلى حد الخطورة سوى كرتين من ضربات ثابتة لمؤمن زكريا وميدو جابر، وعرضيات لم تكن في معظمها مؤثرة لأحمد فتحي وعمرو جمال وصبري رحيل، حتى هدف الأهلي الوحيد جاء ضربة جزاء بخطأ دفاعي ساذج. ألغاز يول بدأت مع تشكيل المباراة الذي خلا من التونسي علي معلول في الجبهة اليسري، برغم ظهوره بشكل ملفت للنظر خلال مباراة الدور قبل النهائي أمام إنبي، وهو ما أثار علامات استفهام كبيرة. وعلى نفس المنوال غير المفهوم جاءت تغييرات يول بنزول عماد متعب بديلًا لعمرو جمال، ومروان محسن بدلًا من وليد سليمان المصاب، وأخيرًا مشاركة الوافد الجديد ميدو جابر على حساب حسام عاشور ليفرغ وسط الملعب تمامًا ويفقد حتى السيطرة السلبية على مجريات اللعب، وازداد الطين بلة بطرد حسام غالي ليفقد الأهلي أية فرصة في العودة إلى اللقاء. أما المشهد الأسوأ على الإطلاق، فجاء بعد نهاية اللقاء بداية من اشتباكات بين لاعبي الفريقين انتهاءً بسوء تنظيم غير منطقي وغير مبرر في توزيع جوائز المسابقة. عشوائية تصل إلى حد التهريج من مسئولي اتحاد الكرة في التنظيم، من زحام كبير داخل أرض الملعب ووجود لأشخاص لا يعلم أحدًا سبب نزولهم إلى أرض الملعب، وتأخير كبير في تسليم الجوائز فسره البعض بأنه لإتاحة الفرصة للمستشار مرتضى منصور رئيس لتغيير ملابسه "الكاجوال" وارتداء زي رسمي في أثناء مراسم تسليم الكأس والميداليات. لكن الطامة الكبري بأن هذا التأخير كان سببه تغيير منصة التتويج وإزالة شعارات الشركة الراعية والمعلنين واستبدالها بعلم مصر "حتى لا يتكلم أحد". علم مصر فوق روؤسنا كلنا ونتمنى أن نراه دائما مرفوعًا في كل المحافل، لكن ليس هكذا تدار الأمور، فهناك معلنون وحقوق وملايين تم دفعها لرعاية البطولة، وهي ليست بالبدعة بل هو أمر مطبق في جميع أنحاء العالم، وشاهدناه في مباراة السوبر الماضية بين الأهلي والزمالك في أبوظبي، كما شاهدناه في نهائي كأس مصر بين قطبي الكرة المصرية الموسم الماضي، فما الذي حدث؟ العميد ثروت سويلم القائم بأعمال رئيس اتحاد الكرة حتى إجراء الانتخابات قال إن التغيير تم بناء على طلب جهة سيادية، وإن كان هذا الكلام غير صحيحًا فيجب محاسبة الرجل على ما قاله، أما إن كان كلامه صحيحًا فتلك طامة كبرى، وتراجع في الفكر إلى ستينيات القرن الماضي، وفي كل الأحوال هناك حقوق ضائعة يجب أن يتم تعويض أصحابها.