المشاط: 637 مليار جنيه للاستثمارات الخضراء بخطة 2026/2025    التخطيط والتعاون الدولي تقدّم الدعم لإتمام انتخابات مجلس إدارة نادي هليوبوليس الرياضي    اتصال هاتفي بين وزير خارجية مصر ونظيره الباكستاني    دقيقة حداد على روح محمد صبري في قرعة كأس مصر    مواجهات حاسمة في جدول مباريات اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    كشف ملابسات تضرر سيدة من مدرس تعدى على نجلها بعصا وإحداث إصابته بمدرسة بدمياط    مصرع معلمة وإصابة 25 تلميذا في انقلاب حافلة بالصحراوي الغربي    المنخفض الجوي.. الأرصاد تستعرض فرص سقوط أمطار اليوم    تأييد الحكم بحبس سائق التريلا المتسبب في مصرع بنات كفر السنابسة بالمنوفية 15 عامًا    الرئيس التنفيذي للمتحف الكبير: إطلاق مدونة سلوك قريبا.. وسنضطر آسفين للتعامل وفق حجم الخطأ حال عدم الالتزام    كيف سبق المصري القديم العالم بالتكنولوجيا؟.. خبير يوضح    مصر الرياضية تتلألأ بمليارية سوبر وماراثون تاريخي    مواعيد مباريات اليوم السبت 15 نوفمبر.. البرازيل ضد السنغال    على رأسهم معلول.. استبعاد 8 من تونس لمواجهة البرازيل بسبب فشل استخراج التاشيرة    «الزراعة»: إصدار 429 ترخيص تشغيل لمشروعات الإنتاج الحيواني والداجني    آخر تطورات أسعار الفضة صباح اليوم السبت    «الطفولة والأمومة» يتدخل لإنقاذ طفلة من الاستغلال في التسول بالإسماعيلية    الاثنين.. مجلس الأمن الدولي يصوت على مشروع القرار الأمريكي بشأن غزة    بعد 100 يوم من حكم الإعدام.. سفاح المعمورة يحلم بالبراءة    إصابة 22 شخصا إثر انقلاب أتوبيس على الطريق الصحراوي بإسنا جنوب الأقصر    «حكايات من الصين المتطورة: لقاء مع جوان هو» في أيام القاهرة لصناعة السينما| اليوم    أسعار الفراخ في البورصة اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    نيللي كريم نجمة مهرجانات 2025    عمرو سعد يكشف تطورات الحالة الصحية لشقيقه أحمد بعد حادث العين السخنة    لو مريض سكر.. كيف تنظم مواعيد دواءك ووجباتك؟    في ذكرى وفاته| محمود عبدالعزيز.. ملك الجواسيس    أمريكي يعتدي على شباب مسلمين أثناء الصلاة في ولاية تكساس.. فيديو    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    نشرة مرور "الفجر".. انتظام مروري بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    ترامب يلغي الرسوم الجمركية على اللحم البقري والقهوة والفواكه الاستوائية    وزير الإنتاج الحربي: حياة كريمة تجربة تنموية مصرية رائدة تساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية    الصحة العالمية: «الأرض في العناية المركزة».. وخبير يحذر من التزامن مع اجتماعات كوب 30    كولومبيا تعلن شراء 17 مقاتلة سويدية لتعزيز قدرتها الدفاعية    الدفاع السورية: تشكيل لجنة تحقيق لتحديد مكان إطلاق الصواريخ على دمشق    مدفعية الاحتلال تقصف شرق مدينة غزة ومسيرة تطلق نيرانها شمال القطاع    مؤتمر السكان والتنمية.. وزير الصحة يبحث مع البنك الأوروبي تعزيز الاستثمارات وتطوير المنشآت الصحية    الري: الاعتماد على البصمة المائية لتحديد المحاصيل التي يتم زراعتها بالمياه المعالجة    الصين تحذّر رعاياها من السفر إلى اليابان وسط توتر بشأن تايوان    جامعة القناة تقدم ندوة حول التوازن النفسي ومهارات التكيف مع المتغيرات بمدرسة الزهور الثانوية    آخر يوم.. فرص عمل جديدة في الأردن برواتب تصل إلى 33 ألف جنيه    الأهلي يستأنف تدريباته اليوم استعدادًا لشبيبة القبائل بدوري الأبطال    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية لقرية أم خنان بالحوامدية    ضوابط تلقي التبرعات في الدعاية الانتخاببة وفقا لقانون مباشرة الحقوق السياسية    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    حكم شراء سيارة بالتقسيط.. الإفتاء تُجيب    الاتجار في أدوية التأمين الصحي «جريمة»    نقيب المهن الموسيقية يطمئن جمهور أحمد سعد بعد تعرضه لحادث    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    مقتل 7 أشخاص وإصابة 27 إثر انفجار مركز شرطة جامو وكشمير    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    إبراهيم صلاح ل في الجول: أفضل اللعب أمام الأهلي عن الزمالك.. ونريد الوصول بعيدا في كأس مصر    بيان من مستشفى الحسينية المركزي بالشرقية للرد على مزاعم حالات الوفيات الجماعية    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ الهلالى مفتى أستراليا الأسبق: ما يحدث من إرهاب وتخريب فى دول الربيع العربى يمهد لقيام إسرائيل الكبرى
نشر في الأهرام العربي يوم 06 - 07 - 2016


السيد رشاد
- المنظومة العربية تحتاج إلى إصلاح

- أطالب بقانون يعاقب كل من يفتى بغير علم

- حفلات إفطار وسحور يومية بمنازل ومساجد أستراليا طوال شهر رمضان

- أحذر من السقوط فى فخ الصدام المباشر مع الآخر

- الإسلام برئ من جرائم الإخوان الذين كانوا أداة فى يد"الغرب"

- المسلمون الأفغان اكتشفوا القارة الأسترالية قبل الإنجليز


بعد أن حصل على الإجازة العالية «العالمية» فى الشريعة والقانون من جامعة الأزهر، ودبلوم فى الدراسات العليا فى تدريس علوم اللغة والفقة المقارن، قررالشيخ تاج الدين حامد عبد الله الهلالى الهجرة من صعيد مصر إلى أستراليا أوائل ثمانينيات القرن الماضى، حاملا نور الإسلام فى قلبه وتنوير الدعوة السمحاء يملأ المساحة الأرحب فى عقله، حيث عمل إماما لمسجد ضاحية لاكمبا فى سيدنى ومشرفاً على المركز الإسلامى بمدينة سيدنى.. ومنذ عام 1988م تولى الشيخ تاج الدين الهلالى منصب المفتى العام لقارة أستراليا، وذلك بقرار المؤتمر الإسلامى للجمعيات والمجالس الإسلامية فى أستراليا.. واختير عضوا بالمجلس العالمى للدعوة الإسلامية، ورئيسا للمجلس الشرعى لمسلمى أستراليا، وهو المنصب الذى استمر فيه سنوات طويلة حتى قرر أخيرا تركه والتفرغ للدعوة والسعى لتصحيح صورة الإسلام فى الخارج، من خلال الحوار بين الأديان،إضافة إلى عمله أستاذا زائرا لعلوم اللغة والفقه المقارن فى الجامعات والمعاهد الإسلامية بعدة دول عربية وإسلامية وأوروبية، وقد قدم الهلالى للمكتبة الإسلامية عدة مؤلفات منها: "الحرية فى الإسلام وتحذير المسلمين من غلو المتنطعين وحوار هادئ مع العلمانيين ودليل الحاج والمعتمر، مواجهات صريحة بين السنة والشيعة وزاد الدعاة من الخطب وزاد المسلم المهاجر فى فقه الدنيا والدين والجامع المبين".. فى حوارنا معه أكد أن فوضى الفتاوى فى العالم العربى كارثة كبرى، وأن المنظومة العربية تحتاج إلى إصلاح،، وأننا بحاجة إلى تعميق ثقافة الاختلاف، وأن مواجهة مخطط تقسيم العالم العربى لن تكون إلا بتضافر جميع الدول العربية، وتحديث خطاب إسلامى يحرص على كسب القلوب قبل كسب المواقف...كما كشف لنا كيف يعيش نحو مليون مسلم فى أستراليا وما أبرز طقوسهم فى شهر رمضان الكريم، وكيف ينظرون إلى قضايا العالم العربى..

كيف يعيش المسلمون فى أستراليا طقوس وروحانيات شهر رمضان المعظم؟ وما أوضاعهم بصفة عامة؟
شهر رمضان المبارك يمثل مناسبة سعيدة بالنسبة لكل المسلمين من أبناء الجالية المسلمة فى أستراليا..فبعد أن يعلن مفتى أستراليا موعد بداية شهر رمضان، يتبادل المسلمون التهنئة، ويتم تبادل الزيارات العائلية فى البيوت والمنتديات والمساجد، ويخرج الأطفال إلى اللعب فى حدائق المنازل ابتهاجا بهذا الشهر الفضيل، وتعج المساجد بالمسلمين لأداء صلاة التراويح، ويكون إحياء ليالى رمضان بإلقاء المحاضرات والدروس الدينية وقراءة القرآن بعد الأذان فى كل الصلوات، وأيضا بعد الانتهاء من صلاة التراويح. وتحرص النساء والأطفال أيضاء على حضور الصلوات والدروس فى المساجد من خلال برامج دعوية لإحياء ليالى شهر رمضان، ومن ذلك استقدام علماء ودعاة ومقرئين للقرآن خلال شهر رمضان، والتأكيد على أن الإسلام دين رحمة وتآخٍ وبر وتعاون بين المسلمين الذين يجسدون قيم الإسلام الجميلة خلال شهر رمضان، فيما ينظم كل مسجد أو مؤسسة إفطارا وسحورا جماعيا يدعى إليه كل المصلين، يضم أشهى المأكولات والحلويات، لا سيما المأكولات العربية والحلويات السورية على وجه الخصوص، ويعد هذا سبيلا للتواصل بين أفراد الجالية المسلمة، كما تحرص الأسر المسلمة على إقامة موائد الإفطار الجماعى فى حدائق المنازل ويدعى إليها المشايخ والدعاة والأصدقاء من المسلمين من شتى الجنسيات، ويختتم هذا الحفل بتلاوة بعض آيات الذكر الحكيم، ويقوم المسلمون العشر الأواخر بتلاوة القرآن والاعتكاف وصلاة التهجد، ويختتم هذا الشهر بصلاة العيد حيث يتجمع كل المسلمين فى المساجد ويتبادلون التهانى والصور التذكارية، وينصبون لأطفالهم الألعاب فى الأفنية وحدائق المساجد ابتهاجا بالعيد، ولأن المسلمين فى أستراليا جاءوا من جنسيات مختلفة، لذا فإن رمضان داخل كل أسرة أسترالية يعد تجسيدا حيا لرمضان فى كل الدول العربية والإسلامية.. وبصفة عامة فالمسلمون فى أستراليا الآن يتكونون من 27 جنسية،وتعدادهم رسمياً يتجاوز 900 ألف مسلم عن طريق إدارة الهجرة، لكنهم أكثر بكثير، خصوصا بعد الهجرة الأخيرة لمسلمى الشيشان والبوسنة والعراق وبقية البلاد الإسلامية. وأكبر الجاليات تعداداً هى الجالية اللبنانية، تليها التركية ثم بقية الجاليات ال27، ويتمركز معظم الجاليات فى مدينتى سيدنى وميلبورن؛ فسيدنى هى أكبر مدن أستراليا وأكبر تجمع إسلامى موجود فى هذه المدينة..وفى كتابى "زاد المسلم المهاجر من فقه الدنيا والدين" أفردت باباً خاصا بعنوان اعرف وطنك الأسترالى، تحدثت فيه عن أستراليا وتاريخها وصلة الإسلام بها، وأجريت إحصائية وذكرت كل عناوين المساجد والمراكز الإسلامية فى القارة كلها، كما أن الدين الإسلامى معترف به رسمياً، وهو الدين الثانى بين الديانات من الناحية العددية والرسمية، وبروتوكوليا فى دعوة أصحاب الديانات للقاءات الرسمية من رئيس الحكومة المحلى والفيدرالى بالترتيب التنازلى الكاردينال ثم المفتى ثم رئيس البوذيين ثم الحاخام اليهودى .
فى إحدى زياراتك إلى الوطن الأم مصرأطلقت تصريحا قلت فيه: "إن المسلمين أحق بأستراليا أكثر من أهلها من أبناء الأنجلو ساكسون الذين ذهبوا إليها مكبلين بالقيود والأغلال. أما المسلمون فقد ذهبوا إلى الأراضى الأسترالية بحريتهم، مما أدى إلى مطالبات بطردك من أستراليا لماذا أطلقت هذا التصريح المستفز للآخر ؟
أولا انتمائى إلى أستراليا لا يستطيع أن يشكك فيه أحد، فقد قدمت إلى أستراليا بمحض إرادتى عام 1982، وفعل مثلى الآلاف من أبناء المسلمين، بينما أبناء الأنجلو ساكسون قدموا إليها وهم مكبلون بالقيود والأغلال.. وأستراليا ليست عزبة أو شركة ليطردنى أحد منها، بل هى قارة جديدة قديمة، حرر لها الأوروبيون شهادة ميلاد مزورة بوصول (جيمس كابتن كوك) المكتشف الإنجليزى إليها، لكن أستراليا عليها أقدم إنسان على وجه الأرض، وهو الشعب (الأبروجوني) أى الشعب الأصلى من (الزنوج السود) الذين يطلقون على أنفسهم اسم «بلانكل»، وبالتعرف على عاداتهم وتقاليدهم فى قبائلهم وهم يعيشون حياتهم البدائية حتى وقتنا هذا، نجد لديهم من العادات كالختان ومراسم الزواج واحترام شيخ القبيلة، ودفن الموتى، ما يؤكد اتصالهم بحضارة إسلامية قديمة، قبل أن يصل إليهم الإنسان الأوروبى؛ بمعنى أن الإسلام ضارب فى أعماق التربة الأسترالية.. وخير دليل على ذلك مئات المساجد فى وسط أستراليا التى بناها الأفغان، منها ما هدم، ومنها ما حول إلى متحف تابع للآثار الأسترالية، وما زالت بقية المساجد شاهدة، التى تحمل تاريخاً يدل على أن الإسلام له جذوره وارتباطاته القديمة التاريخية فى أستراليا، لكن عدم وجود مقومات البقاء كالمدارس والدعوة والاتصال بالعالم الإسلامى أدى إلى ذوبان الجيل الأول من أجدادنا الأفغان.
كيف ترون فى أستراليا تداعيات الربيع العربى؟
مما لا ريب فيه أننى وملايين البشر من أبناء الأمة العربية والإسلامية فى بلد المهجر أستراليا قد أسعدهم وأقر عيونهم ما شهدته بعض العواصم العربية من صحوات شعبية تداعت لها أنظمة طاغية ديكتاتورية.. أن الشعب الأسترالى مثلا قد نظر إلى الثورة المصرية 25 يناير، وأيضا ثورة تصحيح الأوضاع فى 30 يونيو بكل التقدير والعرفان، وكانت الجالية المصرية الأسترالية مرفوعة الهامات، فخورة بما حققه أبناء مصر..وماذا عن الفوضى التى تعم الآن سوريا وليبيا واليمن والعراق وتهدد تونس والسودان ولبنان..؟
إن الحكمة تقول: من ثمارهم تعرفونهم. أو من أعمالهم تعرفونهم، فإذا كانت صحوات الربيع العربى مهمتها تدمير العراق وسوريا وليبيا وما يتهدد بقية الأقطار مثل تونس ولبنان والسودان … إلخ. فمعنى هذا أننا أمام ربيع يحمل فتنة عمياء وحروباً داخلية حمقاء تمهد وتوطئ لقيام دولة إسرائيل من الفرات إلى النيل. إننا نريد ربيعاً لا يتحول إلى خريف تتساقط فيه أوراق أخوتنا فتسقط أوطاننا وتضيع أمتنا..ربيعاً يحمل بشائر التقدم والرقى والتغيير.. لا ربيعاً سوداوياً مشحونا بالقتل والخطف والتفجير، إننا نريد أن نعمق مفهوم الثورةالصحيح لدى شباب أمتنا..نعم.. مُهم أن نثور ضد الظلم، لكن الأهم علينا معرفة أين نسير؟
أين نسير وبماذا نبدأ؟
إن المنظومة العربية عندنا تحتاج إلى صلاح وإصلاح ولنبدأ ببناء نظام تنظيمى جديد على أسس تربوية وأخلاقية ونفسية من الألف إلى الياء.. يكون احترام الإنسان الأساس فيها، وهذا يحتاج إلى وقت وجهد ومنهج.. لقد رأيت رجل الأمن فى أستراليا يقوم بتطبيق القانون على المواطنين بكل درجاته وعقوباته.. ومع ذلك يحظى بكل تقدير واحترام، لأنه يعرف معنى كرامة الإنسان ومن وجهة نظرى أن المجتمع العربى كله بجميع فئاته ومكوناته بحاجة إلى صياغة جديدة فى بنيانه الفكرى والثقافى والأمنى والأخلاقي.
ما قراءتكم لانهيار مشروع حكم "الإسلام السياسى" بعد عام واحد فقط فى مصر؟
علينا أن ندرك أولاً الفارق ما بين المشروع الإسلامى كنظام حياة، وما بين التجارب والمغامرات الحركية لفئات بشرية لها أيدلوجياتها السياسية..أما المشروع الإسلامى الكامل الشامل الذى ينظم حركة الحياة لصلاح العباد وسعادة البلاد مستوعباً مستجدات الزمان ومتغيرات المكان بعقل مستنير وفهم كبير لفقه عالم الشهادة والنهوض بتبعات قانون الاستخلاف بعمارة الأرض وبناء الإنسان بمفهوم الإسلام الشامل سلام بين العبد وربه، وسلام بين الإنسان ونفسه، وسلام بين الإنسان وأخيه الإنسان، وسلام بين الإنسان وسائر المخلوقات التى تشارك الوجود.فهذا المشروع – مع الأسف -لا أثر له ولا وجود ولا مكان على ساحة الثورات التى تشهدها دول العالم العربى فى مصر وغيرها.
أما عن سبب إخفاق أو سقوط تجربة الحكم السياسى فى مصر.. فمعلوم أنك إذا قدمت للناس فى إفطار رمضان مثلا بعض (العصير) فإن النفوس لا تستسيغه إلا إذا قُدم فى آنية وأكواب نظيفة نقية طاهرة، فإذا كان الإناء متسخاً عافته النفوس وأعرضت عما فيه، فإذا رأيت إعراضاً ونفوراً عن شراب " مَا " فاعلم أن العيب فى هذا الإناء " المنفِّر " وليس فى الدواء أو الشراب الذى هو فيه.. هذا تماما ما حدث فى حكم جماعة الإخوان، أنهم قدموا أسوأ صورة للإسلام الذى هو برئ من كل جرائمهم، بل الأخطر أنهم كانو أداة قذرة لتنفيذ مشروع دنيوى، وضعه الغرب يعنى بتبنّى ثقافة الخضوع والخنوع والتبعية لأمريكا ومعسكرها.. وتقسيم العالم العربى إلى دويلات تابعة وشعوب منهكة ومستعبدة، وهو مشروع الشرق الأوسط الجديد الذى يخطط له أعداءُ الإسلام والأمة بالخارج ويُجنَّدُ له أدعياءُ الإسلام كالإخوان وذيولهم بالداخل.. الذى نجح المصريون فى
إيقافه مؤقتا بانتفاضتهم ضد الإخوان فى يونيو 2014، ومواجهة هذا المخطط هى مواجهة بين الحق والباطل، وهنا يجب أن يحتشد لها العالم العربى والإسلامى كله حفاظا على هويته ووجوده.
تتعرض الأمة العربية والإسلامية الآن لخطر كونى عظيم يهدد وجودها نفسه بعد أن تكالب عليها أعداء الداخل والخارج كيف يرى المسلمون فى أستراليا المشهد..وما المخرج ؟
فى خِضَم هذا الصراع الكونى فإن الأمم والحركات تعتريها كثير من العقبات والانتكاسات بحكم قانون التداول (وتلك الأيام نداولها بين الناس)، لكن العقلاء يتعاملون مع واقع المستجدات بعقل كبير وفهم مستنير، ومن ثم فإن إيماننا بعدالة ونبل رسالتنا لا يتنافى مع مراجعة حساباتنا وترتيب أوراقنا ورسم خارطة طريق آنية ومستقبلية لاجتياز العقبات.. وكما تعلم فإن أستراليا إحدى دول الكمنولث البريطانية ومن الأتباع المخلصين لأمريكا.. لكن هذا لا يجعلنا نقع فى فخ الصدام المباشرمع الآخر، خصوصا أن القرآن الكريم يرشدنا إلى أن كسب القلوب مقدَّم على كسب المواقف.. وقد أمرنا الله تعالى بقوله (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) بالحكمة ولم يقل بالحق، لأن استعمال الحق قولاً أو فعلاً.. بلا حساب ولا مراعاة للضغائن المخبوتة والعواطف المشحونة لا يحقق الأهداف والغايات المنشودة.
ولما كانت نصرة الدين لا تتحقق باستعداء الآخر بالخطب العنترية والتصريحات الارتجالية التى تُعدُّ تجاوزاً لدائرة الشجاعة إلى ساحة التهور والتهلكة، فإننا مكلفون بصياغة وتحديث خطاب إسلامى يحرص على كسب القلوب قبل كسب المواقف.
كيف ترون فضيلتكم تطوير الخطاب الدينى فى مصر ليواكب المستجدات المعاصرة؟
إن براعة الاستهلال.. وحسن الاستدلال ومطابقة الكلام لمقتضى الحال من أهم مقومات نجاح الدعوة والداعية.. ولما كانت الأمراض تختلف باختلاف البيئات الزمانية والمكانية فإن الدواء والعلاج يختلفان تبعاً لها، ومن ثم فإن الخطاب الدعوى ينبغى أن يكون كذلك، ولقد هالنى ما رأيته وسمعته من أناس ينتسبون إلى الدعوة عبر قنوات فضائية فى مصر وغيرها من الدول العربية، ينصب أحدهم نفسه "مندوباً" عن مالك خازن النار وكأنه سيتقاضى عمولة عن كل فرد كفَّره أو توعده بالنار!! هنا علينا أن نرتقى بمفهومنا للسنة النبوية التى نقدرها ونجلها، ذلك أن السنن التى تعنى بالأخلاق ونفع العباد وبناء البلاد أعظم أجراً عند الله من السنن الشكلية والمندوبات الفردية.. فمن الجهل بمكان أن نختزل السنة النبوية فى النوم على الحصير، وأكل خبز الشعير، ولبس الثوب القصير وإرضاع الكبير، وختان الصغير، والتداوى ببول البعير فما هذا إلا وهم كبير وشر مستطير.
- كنت مفتى المسلمين فى أستراليا لسنوات طويلة.. كيف ترى فوضى الفتاوى التى تضرب العالم العربى والإسلامى فى مقتل؟!وهل توافق على إصدار قانون ينظم عملية الافتاء فى مصر؟
ما يحدث للفتوى والإفتاء فى الأمة الإسلامية مصيبة كبرى؛ لذلك فأنا مع إصدار قانون يحرم ويعاقب كل من يفتى فى الدين بغير علم؛ ومع المطالبين بضرورة منح تصريح بالفتوى من جهة رسمية معتمدة فى الإفتاء، ولا يحمل هذا التصريح إلا من كان متمكناً فى الفتوى وعلم الإفتاء، فلا يعقل أن تمنح التراخيص لمن يريد أن يعمل ميكانيكياً أو حلاقاً أو من يمارس مهمة الطب أو المحاماة، ولا نطلبها ممن يفتى فى الدين الذى يصلح أمر الدين والدنيا للناس فى الحياة!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.