«التنظيم والإدارة»: «الوزراء» وافق على تخصيص جلسة مسائية للمتخلفين عن اختبارات التعيين    محافظ كفر الشيخ ورئيس الجامعة يشهدان انطلاق المؤتمر العلمي الثالث ل «الآداب» حول العلوم الإنسانية والتنمية المستدامة    «سنوات مع صلاح منتصر».. سيرة حب وصحافة تُروى في مكتبة القاهرة الكبرى    انطلاق الورشة الثانية للملتقى المصري السوداني لرجال الأعمال حول إعادة إعمار السودان والربط اللوجستي بين البلدين    وزير السياحة يلتقي نظيره الأنجولي لبحث سبل التعاون بين البلدين    مصر تستضيف تنصيب الرئيس الجديد لبنك التصدير الأفريقي «أفريكسيم بنك»    «الساعة 12 تصبح 11» موعد تطبيق التوقيت الشتوي في مصر 2025    الخارجية الفلسطينية: أراضي الضفة بما فيها القدس وغزة وحدة جغرافية واحدة ولا سيادة لإسرائيل عليها    «قاعة للرقص في البيت الأبيض».. مشروع بتمويل غامض يثير «كابوس أخلاقي» من شراء النفوذ (تقرير)    مطار العريش يستقبل طائرة مساعدات سعودية لصالح غزة    منتخب اليد مواليد 2008 يصل إلى المغرب للمشاركة في بطولة العالم    صديق مؤسس الرابطة ويفتخر بالانتماء ل«التالتة شمال».. حكاية أحمد فهمي مع «أولتراس أهلاوي»    منتخب الكرة النسائية بالأحمر والأسود أمام غانا بتصفيات أمم أفريقيا    الغندور يجدد انتقاده لمدرب الزمالك بسبب الأهلي    «التضامن» توضح شروط التقدم لأداء فريضة الحج هذا العام    القبض على تشكيل عصابي للاتجار بالمخدرات في مدينة الخصوص بالقليوبية    ضبط متهم بممارسة أعمال البلطجة باستخدام كلب وسلاح أبيض في الجيزة    الممثل التركي قان أورغانجي أوغلو: مصر لديها مكانة راسخة في تاريخ الفن والسينما.. وأتطلع إلى التعاون مع مبدعين عرب    بناء الأهرامات.. الأسطورة والواقع    أكاديمية الفنون تكرم اسم السيد بدير وتعيد عائلة سعيدة جدا إلى خشبة المسرح    أحمد موسى: العلاقات المصرية الأوروبية تقوم على شراكة ومصالح متبادلة    لم يشرع الضرب بمعنى الأذى.. هل القرآن الكريم شرع ضرب الزوجة؟ خالد الجندي يجيب    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة الشهر الكريم وأحكام الرؤية الشرعية    نائب وزير الصحة يبحث مع محافظ شمال سيناء جاهزية المنشآت الصحية ويتفقد مستشفى الشيخ زويد ووحدة طب أسرة البشلاق    «جهار»: 26 منشأة صحية حصلت على الاعتماد الكامل أو المبدئي    ماذا يحدث للكوليسترول في الدم عند تناول التفاح يوميًّا؟    سلوفاكيا تلمح إلى دعم حزمة العقوبات الأوروبية الجديدة ضد روسيا بشروط اقتصادية    ننشر منطوق حكم كروان مشاكل بسب وقذف ريهام سعيد    مدبولي: لا تهاون في حماية نهر النيل من التعديات    محكمة العدل الدولية تجدد الدعوة إلى إعمال حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وإنشاء دولته المستقلة ذات السيادة    بعد تصاعد جرائم القتل.. شيخ الأزهر يوجه رسالة حاسمة إلى المجتمع    مرور القاهرة يعلن إغلاق كوبري الأزهر السفلي لإجراء أعمال الصيانة    حصاد الوزارات.. مد التصالح على مخالفات البناء 6 أشهر.. التنمية المحلية توجه    بروتوكول تعاون بين جامعة أسيوط كلية الحقوق وجامعة الغردقة    طارق قنديل يتحدث عن حلم استاد الأهلي وميزانية النادي غير المسبوقة    الكنيست الإسرائيلي يقر مقترح قانون ضم الضفة الغربية بالقراءة التمهيدية    اعتماد تنظيم الكونغرس الأول للإعلام الرياضي في ديسمبر 2026    وزير الخارجية الإسرائيلي: لا يوجد لإسرائيل صديق أعظم من الولايات المتحدة وممتنّون لإدارة ترامب على دعمها الثابت لإسرائيل    مجلس كنائس مصر: مؤتمر الكهنة والرعاة جسد رسالة الكنسية في خدمة الإنسان والمجتمع    تركيب 1662 وصلة مياه مجانية للأسر الاولى بالرعاية بالفيوم    حبس المتهم بإنشاء كيان تعليمي وهمي للنصب على المواطنين بمدينة نصر    مرض الجدري المائي.. الأعراض وطرق الوقاية    قائمة ريال مدريد - غياب 5 مدافعين ضد يوفنتوس.. وميندي يعود لأول مرة منذ 6 أشهر    الرقابة المالية تمد وقف تلقي طلبات التأسيس لنشاطي التمويل الاستهلاكي ومتناهي الصغر بالطرق التقليدية لمدة عام    فئات ممنوعة من أداء مناسك الحج    النجم التركي كان أورجانجي أوغلو: أتطلع لزيارة الجمهور في منازلهم بمصر    القنوات الناقلة لمباراة بايرن ميونخ وكلوب بروج في دوري أبطال أوروبا    البترول: مصر تُصدر 150 ألف متر مكعب من الغاز المسال إلى تركيا لصالح توتال إنيرجيز    إحالة أوراق سائق للمفتي بعد اتهامه بقتل مزارع وتزعُّم عصابة للإتجار بالمخدرات في القليوبية    «مصر» ضمن المرشحين لجائزة أفضل منتخب إفريقي في 2025    الأقصر تتحرك لدعم موسم سياحي استثنائي.. لقاء موسع بمشاركة خبراء ومختصين    بيحبوا يكسروا الروتين.. 4 أبراج لا تخشى المخاطرة وتحب انتهاز الفرص    نائب وزير الصحة يتفقد جاهزية الخدمات الطبية والطوارئ بميناء رفح البري    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 22-10-2025 في محافظة الأقصر    رئيس جامعة العريش يهنئ كلية الاستزراع المائي لتأهلها للمنافسة على جائزة التميز الحكومي    «مفتي الجمهورية»: لم يذكر أي فقيه أن اسم المرأة أو صوتها عورة    حين يتأخر الجواب: لماذا لا يُستجاب الدعاء أحيانًا؟    سماء الفرج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حياة نزار (8).. لقاء شاعر الموسيقى وموسيقار الشعر.. عبدالوهاب ونزار.. لقاء السماء!
نشر في الأهرام العربي يوم 11 - 06 - 2016


د. لوتس عبدالكريم
تفتحت عيناى منذ طفولتى على موسيقاه تعزفها أمى على البيانو )حبى(.. )إليها(.. )العباد الجمال(.. )فانتازى نهاوند( وغيرها. وأول فيلم سمح لى أن أشاهده كان )رصاصة فى القلب(.
عاشت موسيقاه فى أحداث حياتى وذكرياتى، فكانت لقلبى وروحى شفاء ودواء، كنت فى طوكيو أمارس حياتى الدبلوماسية إلى جوار زوجى السفير هناك، حين حضر لزيارتنا بعض الإعلاميين من بيروت وهم ينتمون إلى دار الصياد اللبنانية هدفهم الحوار معى لمجلة الشبكة، وفى نهاية اللقاء وجه لى سعيد فريحة صاحب الدار دعوة لزيارة بيروت.

فى أوائل السبعينيات كانت زيارتنا فى الصيف ولبنان يزهو بنسائمه وأرزه وكرزه، واستقبلنى مندوبو الصياد واحتفلوا بزيارتى ثم سألونى من تريدين لقاءه هنا فى لبنان، فأجبت على الفور الشاعر نزار قبانى
والموسيقار محمد عبد الوهاب، فى نفس الأمسية زارنى الشاعر نزار قبانى فى فندق سان جورج، وكان هناك صحفيون ومصورون يطاردوننا ويريدون سبقا صحفيا.

فوجئت كما فوجئ ن زار بهذا اللقاء، فكان الحوار بيننا حميما وتلقائيا، ناقشته فى رواية كوليت خورى مميز )أيام معه(، وقلت له ما دار فى حديثها عن وأنها تركته لتبحث عن موضوع آخر وصاح مغتاظا )ما طلع بيدها ولا موضوع(، ثم سألته هل أحبتك نجاة بعد أن غنت أشع ارك، أج اب ممتعضا )لقد أحبت نفسها(، وطال بيننا الحوار عن أشعاره وتاريخ دبلوماسيته،
وجاء مندوب الصياد ليقول لى: لقد حجزنا لك فى فندق شبرد بحمدون حتى تستمتعى بلقاء نجوم الفن وعلى رأسهم عبد الوهاب، ورافقنى نزار إلى المكان، حيث وجدت الموسيقار فريد الأطرش ثم صباح وشادية ونجاة الصغيرة، وأخيرا شاهدت عبد الوهاب. إنه يسير برشاقة وأبهة وأناقة فائقة يزرع الفندق جيئة وذهابا، وسألت السيدة نهلة زوجته، وكانت تجلس بالصالون فقالت ضاحكة )إنه يهضم الكوستين المسلوقتين اللى أكلهم(.
وقال فريد، تريدين أن تتعرفى إليه، تعالى إلى مائدتى وسيأتى هو فورا ليجلس معنا، وكان الموسيقار العظيم حلم طفولتى، وأيام عمرى فى موسيقاه وأنغام وعظيم وعظيم أشع اره غنائه يجلس إل ى جانبى، ق ام فريد بعملية التعارف ونهض الموسيقار فأخذ عوده وبدأ فى الدندنة بأغنية ما أقدرش أنساك وساعة ما أشوفك جنبى، وتعارفنا وأصبح بيننا لون من الصداقة يتيح لكلينا التعارف أكثر والمقابلات فى مصر وخارج مصر، وأجمل الأوقات كانت دائما فى باريس، حيث يقضى نصف العام تقريبا، ويلتقى بالعرب والأجانب من عشاقه فى كل مكان.

إلى جانب الفن كان لديه العقل والحكمة والاتزان والذكاء والخلق النادر والأناقة فى الكلمة والتصرف، وكان لديه الحدس والشفافية والفلسفة. إن حديث عبد الوهاب أجمل من شدوه وموسيقاه، بل إننى لمست فى موسيقاه الحنو والرقة، بل والعبارة الدينية تمس شغاف القلب فكنت كلما افتقدت الفكر الصائب لجأت إلى صومعته ألتمس الحنان ودفء النصيحة وس _داد العقل والحكمة، وبادلنى ثقة بثقة فعرفت تفاصيل عن حياته وزيجاته وأسبابها. كان عبد الوهاب صارما فى تحديد وتنظيم وقته
وزياراته يقول: «الأكل اللى يتعبنى ما أكلهوش، والناس اللى يضايقونى ما أعرفهمش، إننى أنفق بحساب ولست بخيلا، إنما أنا لا أبدد المال ولا الصحة وهذا هو الحرص .»
ويقول له مأمون الشناوى: كيف احتفظت بالشباب حتى سن متأخرة؟ ويجيب «الفن » إن الله وهب الفنان الانفعال الذى يعمل مساچا إلهيا للدورة الدموية، وليس للفن شيخوخة ولا شباب، وإنما العمل المستمر الدائم هوالشباب. وعبد الوهاب عاشق للكلمة للشعر والشعراء، وكان لأحمد شوقى فى حياته الفنية والشخصية التأثير العظيم، بل خلق منه ذل _ك الفنان العبقرى الفذ فى اختياراته الشعرية، وقد تغنى لكبار الشعراء قبل شوقى وبعده، وكان من هؤلاء الأخطل الصغير أو بشارة الخورى صاحب قصيدة «الهوى والشباب .» يقول عبد الوهاب، لقد أحسست أن لها وقع السحر فى نفسى، خصوصا مطلعها القائل: الهوى والشباب والأمل المنشود
والهوى والشباب والأمل المنشود
توحى فتعبث الشعر حيا ضاعت جميعها من يديا
ثم البيت القائل: لم يكن لى غد فأفرغت كأسى ثم حطمتها على شفتيا
وكل ما أطلبه منك يا شاعرى أن تضيف إلى هذه الأبيات أربعة أخرى حتى يصبح هيكل الشعر صالحا لأغنية، هكذا قال للأخطل. وأشعل الأخطل سيجارة
ثم نظم الأبيات التالية: أيها الخافق المعذب يا قلبى
يا حبيبى لأجل عينيك ما ألقى
نزحت الدموع من مقلتيا
وما أول الوشاة عليا
....................
ويقول الأخطل: ثم طلب منى عبد الوهاب أن أوافيه
بقصيدة مستعجلة لفيلم «الوردة البيضاء » فأرسلت له:
جفنه علم الغزل ومن العلم ما قتل
ثم طلب منى إرسال ثلاث قصائد لفيلم «يوم سعيد » فنظمت له «الصبا والجمال »، و «يا ورد مين يشتريك »، ثم طلب منى تغيير بعض الكلمات ليفهمها المصريون، كما طلب وضع لازمة معينة لكل مقطع من القصيدة.
وحورت وأرسلت، لكن عبد الوهاب الفنان المثقف الحريص على الكمال ظل يطلب مزيدا من التحوير، ولما عجزت ركب الباخرة من القاهرة وجاء إلى بيروت ليصلح القصيدة، وتلقفنى عبد الوهاب وراح يجوب البساتين والحدائق يبحث عن اللازمة المستعصية التى تقع بعد
مقطع:
أبيض غار النهار منه خجول محتار باسو الندى بخدو
وجارت عليه الأطيار، وهنا وأخيرا وجدتنى أصرخ:
يا ورد ليه الخجل فيك يحلو الغزل يا وردى

وقفز عبد الوهاب فى الهواء ثم ضمنى إلى صدره وراح يقبلنى ويقول بنشوة النصر: هى دى.. هى دى
اللازمة.. إنت حبيبى إنت روحى أنا هاتجنن أنا أفدى
الخدود التى تعبث فى مهجتى.
وهكذا كان عبد الوهاب لبقا ذكيا دقيقا فى اختيار أشعار أغانيه ومنتقدا ومقترحا.
وسؤال عبد الوهاب: ماذا يقول لك الحب:
فقال بصوته الهادئ: إن أصدق صورة لحياتى مع
الحب هو ما قلته فى «عاشق ال روح » للشاعر حسين
السيد:
عشقت الحب فى معبد
وخليت الأمل راهب
بنيته بروحى وكيانى
مالوش عندى أمل تانى
وأكمل: إننا نخضع أصدق اءن ا الشعراء لأفكارنا وأحاسيسنا ولو أعجبنا يجوز للمغنى ما يجوز للشاعر، وأنا أخضع الكلمات لإرادة الغناء ولا أخضع الغناء لإرادة الكلمات، وأعتقد أن الشعراء الأوائل لم يحسبوا حساب المطربين فتعذر على أع الم الغناء العربى الذين هم
الأصل والفصل حسن الاختيار فى الغناء، لذلك ترى
«ابن سريج » يغنى مثلا:
يا ربة البيت قومى غير صاغرة
فى ليلة من جمادى ذات أندية
ضمى إليك رحال القوم والقربا
لا يبصر القلب من ظلمائها الطنبا
ويستطرد: على كل حال أنا لست أول من اتبع التحوير
فى كلمات الأغانى، لقد سبقنى إليه مغن عباسى منذ
ألف سنة وأكثر، إنه إبراهيم الموصلى الذى كان أستاذ
عصره فتحداه زميله المغنى ابن جامع فقال فيه:
أعلمه الرماية كل يوم فلما )استد( ساعده رمانى
إن أصل الكلمة كما وضعها الأصمعى «اشتد » لكن
الفنان الموصلى فضل عليها «استد » لجرسها الموسيقى،
خصوصا أن المعنى واح د، وه و «اس ت ق ام »، وأرج و
أن نلاحظ أن ح رف السين ف ى الح روف الأبجدية
يسبق الشين، لكن الأصمعى الذى يفقد الحس الفنى
جعل حرف الشين فى «اشتد » يسبق حرف الشين فى
«ساعده »، فظهرت اللفظة هكذا «اشتد ساعده »، وهذا
خطأ موسيقى يعرقل اللسان فى حسن الأداء، ويقول
عبد الوهاب:
إن الموسيقى تظل تتجاوب فى رأسى حتى أنام، وإذا
نمت حلمت بها، وغالبا ما يلهمنى الله فى منامى جملة
موسيقية غريبة تظل تدوى فى صدرى حتى أستيقظ
فأسارع إلى تسجيلها فى ورقة النوتة:
وكانت جملة جعلتها مطلع أغنية جديدة لنجاة:
بتقول حبيبة حبيبة
فايتنى وحدى فايت
وإن جيت أعاتب
أما غريبة أما
وأنا غريبة غريبة
أنا وسهرى وسهدى
تقول حبيبة
غريبة غريبة
والكلمات لإسماعيل الحبروك
..................
ويتكلم عبد الوهاب عن قصيدة «يا جارة الوادى »
نظمها شوقى فى رحلة عام 1929 وكان معنا فكرى
أباظة
وبدأها ب :
شيعت أحلامى بقلب باك
يا جارة الوادى طربت وعادنى
لم أدر ما طيب العناق على الهوى
وتعطلت لغة الكلام وخاطبت
لا أحس من عمر الزمان ولا غد
ولمحت من طرق الملاح شباكى
ما يشبه الأحلام من ذكراك
حتى ترفق ساعدى فطواك
عيناى فى لغة الهوى عيناك
جمع الزمان فكان يوم رضاك
واخترنا من القصيدة ما يصلح للغناء.. وكان معنا فى
بيروت الرئيس «إميل إده » الذى اشترك فى الرأى:
واكتملت القصيدة فى القاهرة عام 1932 .
فى ذلك العام مات شوقى ولم يسمعها كاملة، مات وترك فى ضميرى نداءه:
يا محمد إذا كنت تحبنى غن لى أشعارى بعد مماتى
ويمسح عبد الوهاب دمعة ترقرقت فى عينيه
ويستطرد:
واحترمت له وصيته وغنيت له كل قصائده الغزلية،
بينما غنت له أم كلثوم قصائده الدينية.
==============
غنيت له بعد مماته:
)النيل نجاشى( و)علموه كيف يجفو( و)ردت الروح(
و)مقادير من جفنيك( و)تلفتت ظبية الوادى( و)أوبريت
مجنون ليلى(.
وقبل وفاته غنيت:
)أنا أنطونيو( و)بلبل حيران( و)فى الليل لما خلى(
و)الليل بدموعه جانى( يا حمام نوح ويايا )أمانة يا ليل
تقول للفجر يستنى( )اللى يحب الجمال يسمح بروحه
وماله( اللى وردت فيها عبارة تصيده يصيدك صارت
مثلا شعبيا بين الناس.
ثم قصيدة أرسلها شوقى مع عبد الوهاب ليغنيها أمام
الملك فيصل ملك العراق الذى التقاه فى باريس مطلعها.
يا شراعا وراء دجلة يجرى
سر على الماء كالمسيح رويدا
فى دموعى تجنبتك العوادى
واجر فى اليم كالشعاع الهادى
أم ا أجمل الغزل فى شعر شوقى ما أنشده عبد
الوهاب
موقعى عندك لا أعلم
ارجعوا أنك شاك موجع
آه لم تعلم عندى موقعك
ليست لى فوق الضنى ما أوجعك
وأنشد أيضا:
حنانيك ليلى ما لخل وخله
فقل بلاد قربت منك منزلى
من الأرض إلا حيث يجتمعان
وكل مكان أنت فيه مكانى
وعرفت وأن ا فى لبنان عن جائزة مسابقة الأن وار
لأحسن أغنية عربية وجائزتها 25 ألف ليرة لبنانية،
قدمها سعيد فريحة صاحب دار الصياد، وك ان عبد
الوهاب رئيس لجنة التحكيم، ومع ذلمك فانعقدت اللجنة
فى معزل عن الموسيقار عبد الوهاب واختارت )أيظن(
كأحسن أغنية عربية، وأرسلت اللجنة برقية التهنئة من
بيروت إلى عبد الوهاب وبها التهنئة إلى نجاة والشاعر
نزار قبانى.
وكانت قيمة الجائزة كما يلى:
عشرة آلاف ليرة للمطربة نجاة.
خمسة آلاف ليرة للملحن عبد الوهاب
خمسة آلاف ليرة للشاعر نزار قبانى
وقال نزار يروى حكاية مع )أيظن(.
ق د أك شف س را إذا قلت إن ن ى وضع ت القصيدة
خصيصا لنجاة أعنى لتغينها نجاة الصغيرة قدمتها
لها وسافرت إلى سفارتى فى بكين، وسمعت هناك أن
عبد الوهاب يلحن القصيدة فسرت فى قلبى قشعريرة
الرضى أن قصيدتى لم تعد مجرد شعر يحيا، بل هى
قصة يعيشها المجتمع، وط ال انتظارى مع قلقى وأنا
أترقب اليوم الذى تصبح فيه قصيدتى أغنية، وذات يوم
تلقيت )أيظن( على شريط أرسله لى شقيقى الدكتور
صباح قبانى.
ماذا تقول فى عبد الوهاب؟
لقد فهم الحك اي ة بشكل عجيب ع اش فيها فى
تفاصيلها فى كل أعماقها ولم يحقق له الناس من قلوبهم
عبثا.
ونجاة؟
لا أستطيع أن أتصور إطلاقا أن هناك إنسانة تستطيع أن تؤدى الأغنية كما أدتها نجاة، ويخيل إلى أن نجاة
كانت تغنى وكأنها هى الشاعر وهى الملحن.
أما نجاة فقد كان لها مع القصيدة )أيظن( قصة أكثر
طرافة، قفد أفادت فى القاهرة أنها عرضت القصيدة
على كمال الطويل ومحمد الموجى ولكنهما اعتذرا عن
تلحينها لأنها بالعربى الفصيح.
وفكرت فى تقديمها إلى محمد عبد الوهاب. لكنها
تهيب الم وق ف، غير أن الموسيقار الكبير اتصل بها
شخصيا وأعلمها أنه قرأ قصيدة )أيظن( فى إحدى
صحف القاهرة، فأعجب بها وبتناسق صور أبياتها مع
شخصية نجاة، لذلك يجب أن يلحنها لها.
وأسرعت نجاة إليه فوجدته على عوده يقسم ويدندن
ثم ينشد:
أيظن أنى لعبة بيديه
اليوم جاء كأن شيئا لم يكن أنا لا أفكر فى الرجوع إليه
وبراءة الأطفال فى عينيه
كان عبد الوهاب قد لحن هذا المقطع منذ قرأ أبيات
القصيدة فى الصحيفة القاهرية، فقد هبط الوحى عليه
رأسا وكأنه على موعد معه.
وقيل لنجاة:
يقولون إن نزار قبانى روى فى هذه القصيدة حكايته
مع الأديبة السورية )كوليت خورى( مؤلفة كتاب )أيام
معه(، بل قيل إنها قصتك أنت لأنك أنشدتها بعاطفة
صبانية فما الحقيقة؟
وتغيرت ملامح نجاة وأجابت:
ليس شرطا أن أحب حتى أغنى عن الحب، إن المغنية
تقوم بدور الممثلة والممثلة الناجحة، هى التى تتقمص
الشخصيات، وأنا بصراحة قد أكون تقمصت شخصية
كوليت خورى.
حان موعد المهرجان يوليو 1960
سيظهر عبد الوهاب ونجاة الصغيرة ون زار قبانى
أبطال أغنية )أيظن( التى فازت بالجائزة الضخمة.
وافتتح عبد الوهاب المهرجان بكلمته قائلا:
لن أقدم لكم مؤلف الأغنية نزار قبانى شاعر احتفلتم
بشعره الرقيق قبل أن تحتفلوا بأنشودته التى فازت
بتقديركم.
ولن أقدم لكم نجاة الصغيرة، فقد جذبتكم إليها طوال
السنوات الماضية بصوتها المعبر العذب، وإذا كان فى
شعر نزار رعشة جديدة هزت تفكيرنا فإن صوت نجاة
رعشة حلوة هزت مشاعرنا.
فى هذه الأغنية انفعل الشاعر بخلجات ملهمة بموقف
محدد واستطاع أن يعبر عن هذه الخلجات بعمق وحدق
وجمال وحلاوة وبساطة وجدة، وقد انتقل انفعال الشاعر
إلى الملحن فترجم الكلمة إلى النغمة وحاول أن يجعل
من الموقف العاطفى المحدد لحنا عاطفيا ينبض ويحتلج
ويتثبت ويستسلم.
وشقت الستارة من جديد عن شاعر الأغنية الفائزة
نزار قبانى قال:
على هذا الخليج الجميل المرحى كقطعة دانتيل أزرق
المرسوم بأنامل، رب أقف اليوم وفى فمى شئ من نكهة
الليل وشىء من نكهة البحر.
من هذا الشاطىء المطعم بالصحو والفيروز أبحرت
الكلمة الجميلة ذات يوم على سفن مصنوعة من شوح
لبنان وسنديانه، وعلى هذا الشاطىء نفسه تكرم الكلمة
الجميلة هذه الليلة، وينثر تحت أثوابها ال ورد واللؤلؤ
والبخور، لمن كل هذه الأجراس تقرع؟
ولمن كل هذه الشموع تضاء؟
من أج ل أغنية؟ متى ك ان الشرق يصلى من أجل
قصيدة؟
من أجل حزمة حروف ملحنة؟ متى؟
حدث هذا فى تاريخنا مرتين، مرة فى قصور الخلفاء
فى دمشق وبغداد، حيث كانت كرامة الشاعر من كرامة
الملوك.
ومرة على شواطىء خليج جونيه، حيث مصير أمير من
نوع جديد أمير الكلمة الحلوة اسمه سعيد فريحة، على
أن يوقظ التاريخ ويعيد إلينا عصر الفروسية بكل ما فيه
من مروءات وهبات وأكياس ذهب.
بإمكانى اليوم أن أقول: إننا تحفزنا ذلك لأن الحضارة
الحقيقية لشعب ما هى قدرته على أن يدرك المناجم
المختبئة فى شفاه شعرائه وحناجر مغنيه وأنامل
موسيقييه.
وبعد، فقد أتيت إلى لبنان ماشيا على أهداب قصيدة
سبقتنى إليكم قصيدتى هذه لم تعد قصيدتى، فقد ذابت
حروفها ذوبانا تاما فى أحداقكم وتسربت كلماتها كشعاع
الشمس إلى كل منزل وإلى كل غرفة حتى لا أكاد أعرف
من كتب هذه القصيدة، أنا أم أنتم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.