منظمة أنقذوا الأطفال: سجلت اتهامات باعتداء جنسى على الأطفال - فى جنوب السودان وغينيا وليبيريا وإفريقيا الوسطى والكونغو
- المنظمات الحقوقية تشكك فى قدرة الأممالمتحدة على حماية الفتيات والنساء لتمتع الجنود بالحصانة.. والقانون الدولى لا يسمح بمحاكمتهم خارج بلدانهم
تعددت الشكاوى واختلفت القضايا وتعالت الأصوات المطالبة بالقصاص، حتى خرج الأمر عن سيطرة الأممالمتحدة، ووجهت العديد من الاتهامات لها عن عجزها فى الحد من تجاوزات جنودها وحماية مواطنى القارة الضعفاء، الأمر الذى جعل سمعتها تتأثر داخل أروقتها بعد سلسلة الفضائح المتكررة، وسط مطالبات بوضع حد لمرتكبى الجرائم الجنسية، لا سيما أن الجنود لم يمثلوا أمامَ القضاء، ولم يُعاقب أحدهم، بل يتحرَّكون من بلد إلى آخر، فما كان منها إلا إصدار قرار الردع الذى اتخذه مجلس الأمن الدولى ضد من يثبت تورطه من الجنود فى الانتهاكات الجنسية، داخل الدول الموجودين بها لحفظ السلام؛ وتمت الموافقة عليه بأغلبية مع اعتراض كل من مصر وروسيا والسنغال، وصاغت الولاياتالمتحدة القرار الذى يدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة، ونص على إعادة وحدات بأكملها إلى أوطانها، فى حالة الاشتباه بارتكاب انتهاكات أو استغلال جنسي، واستبعاد الجنود المذنبين عند عدم اتخاذ الدولة أى إجراء ضدهم. وحظى القرار بدعم قوى من الأمين العام بان كى مون. وشدد على ضرورة اتخاذ تحرك جريء وحاسم ضد هذة القضايا الإنسانية . لا سيما أن حالات الاعتداء تجاوزت حدود الإدراك الإنسانى، فطبقا لتقارير المنظمة الدولية شهد عام 2015 ، 69 حالة اعتداء واستغلال جنسى مسجلة رسميا من قبل قوات حفظ السلام، فضلا عن 25 حالة أخرى منذ بداية العام الجارى. كل تلك الادعاءات دفعت المنظمات الحقوقية إلى التشكيك بقدرة الأممالمتحدة على حماية الفتيات والنساء، ولأن الجنود يتمتعون بالحصانة، ولا يسمح القانون الدولى بمحاكمتهم خارج بلدانهم، فقد حثّ بان كى مون تلك البلدان على العمل سريعاً لمساءلة المتهمين ومحاسبتهم، وأقال مبعوثه الخاص إلى إفريقيا الوسطى، معتبراً أن هذا الملف «يهدد مستقبل عمليات حفظ السلام». حيث كشفت المنظمة الدولية فى تقرير لها عن ادعاءات بارتكاب أفراد فى بعثات حفظ السلام، انتهاكات جنسية ضد أطفال وقصر. «وبعد الكشف عن تلك الادعاءات، عين الأمين العام لجنة مستقلة لمتابعة كل ما يتعلق بالاستغلال الجنسى على يد أفراد من القوات الدولية لحفظ السلام، وتعد هذه الخطوة الأولى من نوعها، فى ظل تعاظم الحالات لا سيما أنها لم تكن تقع من قِبَل الجنود فقط، وإنما قادتهم، وضباطهم، والمسئولون الكبار على مُختلف المستويات الهرمية، ما دفع الأممالمتحدة إلى إقالة عدد من العاملين فيها بسبب ارتكابهم جرائم أخلاقية.
البداية الحديث عن قصص الانتهاكات الجنسية لم تكن وليدة اليوم، وإنما تم تسجيل أول جريمة سنة 1990، حين كشفت عميلة الإنتربول، كاثرين بولكوفاك، تواطؤ موظفى الأممالمتحدة فى الاتجار بالجنس، وتهريب الشابات من أوروبا الشرقية بينما فى عام 2002 ، تم توثيق الانتهاكات من خلال تقرير أعدته مفوضية شئون اللاجئين، ومنظمة «أنقذوا الأطفال» للتحقيق فى مزاعم الاعتداء الجنسي، واستغلال اللاجئين فى غينيا وليبيريا. وفى عام 2006، كشفت كل من ليبيريا وهايتى عن انتهاكات طالت مواطنيهما، من قبل قوات حفظ السلام، من خلال الاستغلال الجنسى للأطفال وسوء المعاملة، فى حين سجل عام 2008 ،اتهامات بالجملة ضدهم بالاعتداء جنسيًا على الأطفال فى جنوب السودان . وفى عام 2012، قضت محكمة عسكرية باكستانية، بالحبس لأحد أفرادها العاملين فى قوات حفظ السلام، بعد أن ثبت تورطه بالاعتداء الجنسي. وعلى هذا النحو كان الأمر، إلى أن تصاعد فى السنوات القليلة الماضية.
أنقذوا الأطفال أحدث ما كشفته منظمة «أنقذوا الأطفال البريطانية»، كان مطلع الشهر الماضي، حول فضائح جديدة لقوات بعثة حفظ السلام فى إفريقيا الوسطى «مينوسكا»، وتورط عدد من أفرادها فى جرائم استغلال جنسى واغتصاب، ولم تكتف المنظمة بالتحقيق فى الأمر فحسب، بل اتخذت تدابير عدة للتعامل مع هذه القضية، حيث أعادت 120 جنديًا من جمهورية الكونغو، بين 17 سبتمبر و14 ديسمبر 2015.. وبرز تقرير آخر يتهم الجنود الفرنسيين بالاستغلال الجنسى لأطفال إفريقيا الوسطى، وذلك قبل نشر قوة تابعة للأمم المتحدة، التى وجّهت لها منظمات غير حكومية تهمة التكتم على هذه الجرائم. وفى الفترة الممتدة بين ديسمبر 2013 ويونيو 2014، وثقت المنظمة شهادات الأطفال المعتدى عليهم، إذ إن شدة الاتهامات بالاستغلال أو الاعتداء الجنسى تراجعت منذ 2009، لكن عاودت الارتفاع عامى 2012 و2013، ووقع ثلث هذه الحالات بين 2008 و2013 بقاصرين. وفى أغسطس 2015 سُرّح كبير مسئولى الأممالمتحدة، من مهامه فى جمهورية إفريقيا الوسطى، لفشله فى اتخاذ إجراءات كافية لمعالجة حالات الاعتداء، إلى جانب فصل ألف جندى ممن ارتبطت وحداتهم بهذه الانتهاكات.
جنود تنزانيا وأعلنت تنزانيا،أنها تحقق فى اتهامات طالت عدداً من جنودها المشاركين فى قوات حفظ السلام فى شمال شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، اغتصبوا خمس نساء وست فتيات. ووفق تقرير نشره، الأسبوع الماضي، الأمين العام للأمم المتحدة، بان كى مون، فإن اتهامات ب «جرائم جنسية» وجهت إلى عسكريين وأفراد أثناء عملهم فى بعثات للأمم المتحدة فى 21 دولة. وأفاد التقرير بأن معظم ادعاءات 2015 ، وصلت إلى69 من أصل 99 تم تسجيلهم، تشمل أفراداً فى عشر بعثات لحفظ السلام، مقارنةً بتسجيل 80 ادعاءً فى 2014. وفى الأشهر الأخيرة الماضية، ظهرت العديد من المزاعم حول انتهاكات قوات حفظ السلام الدولية المرتكبة ضد السكان الضعفاء، حيث أصدرت هيومن رايتس ووتش، تقريرًا هذا الشهر يوثق 8 حالات اغتصاب واستغلال جنسى لنساء ولفتيات، على يد عناصر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة فى أواخر عام 2015، وسط مدينة بامبارى.
كما كشفت منظمة العفو الدولية فى أغسطس الماضى، بأنها حصلت على أدلة على وقوع عملية اغتصاب من قِبل عناصر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ضد فتاة تبلغ من العمر 12 عامًا فى العاصمة بإفريقيا الوسطى. واستعرض تقرير صادر عن مصالح المراقبة الداخلية لمنظمة الأممالمتحدة يعود إلى يونيو الماضى، أن جنودا أمميين عمدوا إلى إقامة علاقات جنسية مع 489 سيدة فى ليبيريا، تتراوح أعمارهن ما بين 18 و30 سنة، بحسب الأممالمتحدة مقابل مبالغ مالية وهواتف جوالة، وهو ما يعد انتهاكا صارخا لقواعد المنظمة الأممية التى “تندد بشدة بالعلاقات الجنسية” بين الجنود العاملين تحت إمرتها والسكان الذين يحمونهم. وفى وقت لاحق أعلنت بعثة الأممالمتحدة «مينوسما «عن فتح تحقيق تمهيدى بشأن اتهامات الانتهاكات الجنسية التى ضلع فيها الجنود الأمميون بغاو شمالى مالي.
كوت ديفوار .. وسجلت كوت ديفوار انتهاكات جنسية ففى 2009، أدين جنود أمميون مغربيون فى عمليات اغتصاب واعتداءات جنسية على الأطفال، أُرسلوا على إثرها إلى بلادهم. وتكرر الأمر فى 2010، إثر اتهامات باعتداءات جنسية تشمل عناصر عسكرية وأمنية غربى البلاد” على إثر تلقيها لتقرير من منظمة بريطانية غير حكومية نقلت ”اعترافات 8 إيفواريات (من بين 10) بإقامة علاقات جنسية مع جنود من البنين مقابل مواد غذائية، وأظهرت الإحصاءات أن بعثة حفظ السلام الأممية بجمهورية الكونغو الديمقراطية (مونوك التى تشكلت عام 2009 وتحول اسمها إلى مونوسكو فى يوليو 2010) سجلت ضلوع جنودها فيما لا يقل عن 140 حالة انتهاكات جنسية فى الفترة ما بين ديسمبر 2004 وأغسطس2014 وعلى إثر تقدم الضحايا بشكوى أودع 4 جنود مغربيين السجن وفى وقت لاحق، تم إيقاف 4 جنود إثيوبيين لأجل الأسباب ذاتها.
نساء من هايتى .. وفى تحقيق أجرى العام الماضى لكشف ملابسات هذه الممارسات الجنسية، أكدت 231 امرأة من هايتي، أنهن مارسن الجنس مع جنود من قوات حفظ السلام، مقابل خدمات أو سلع، فيما أكدت سيدات أن نقص المؤونة والمواد الأولية والأدوية وانعدام الملجأ من الأسباب الرئيسية وراء هذه الممارسات. تقارير اليونيسيف وذكرت منظمة الأممالمتحدة للطفولة «اليونيسف» مقابلات مع 98 فتاة تعرضن لاعتداءات جنسية من قبل قوات حفظ السلام، فى إقليم واحد من جمهورية إفريقيا الوسطى، حيث يتمركز 10 آلاف جندى أرسلتهم الأممالمتحدة عقب أزمة 2013، من بلدان مختلفة. وتتكررت الاتهامات ضد القوات الفرنسية، على وجه الخصوص. ففى تقارير سابقة، أفاد مسئولون فى الأممالمتحدة بأن طفلاً يبلغ من العمر 7 سنوات، وطفلةً عمرها 9 سنوات، تعرضا لاعتداءات جنسية من قبل قوات حفظ السلام الفرنسية، وبأنهم يعرفون «الكثير من الأطفال» الذين تعرضوا لانتهاكات من قبل تلك القوات.
الأممالمتحدة .. كذلك، توّجه أصابع الاتهام إلى القوات الأوروبية. إذ إنّ مفوض الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين، دعا إلى التحقيق فى تقارير «مقززة» تفيد بأن أعضاء من قوات تابعة للاتحاد الأوروبى فى إفريقيا الوسطى، اغتصبوا فتاتين، ودفعوا المال لفتاتين أخريين لممارسة الجنس.. وقالت الأممالمتحدة، إنها ستفتح تحقيقا موسعا فى تلك الاتهامات، خصوصا أن التقرير رصد قيام أفراد فى قوات حفظ السلام باغتصاب فتيات بعمر 12 عاما، وأن جنودا فرنسيين أجبروا أطفال اللاجئين الهاربين من العنف على ممارسة الجنس من أجل الحصول على الطعام».
منظمة الحملة الدولية واتهمت منظمة الحملة الدولية لعالم خال من الإيدز التى تتخذ من الولاياتالمتحدةالأمريكية مقرا لها، قوات حفظ السلام الدولية فى إفريقيا الوسطي، باغتصاب 98 فتاة وإساءة معاملتهن جنسيا، وإجبار بعضهن على ممارسة الجنس مع الكلاب.
الإذاعة البريطانية ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بى. بى. سى) عن المتحدث باسم الأممالمتحدة ستيفان دوجاريك قوله: «سنحقق فى هذه التقارير، مضيفا أن سياسة الأممالمتحدة تقوم على عدم التسامح مطلقا مع الاستغلال والاعتداء الجنسيين». وأشار دوجاريك أنه لن يكون هناك أى تهاون بشأن الجناة أو شركائهم فى مثل تلك الجرائم التى تضر بحياة المستضعفين.
ضحايا الاعتداء ويبدو أن ضحايا الاعتداءات أكثر عددًا مما أعلن عنه، حيث أحصت الأممالمتحدة 69 حالة عام 2015 تورط فيها عناصر من قواتها فى زيادة على عام 2014، خصوصا فى بلدين هما إفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو. وتشمل الاتهامات جنودا أو شرطيين من 21 دولة فى مقدمتها جمهورية الكونغو (7 حالات) والمغرب وجنوب إفريقيا (4 حالات)، تليها الكاميرون والكونغو برازافيل ورواندا وتنزانيا (3 حالات فى كل منها)، بينما سجلت حالتان فى بنين وبوركينا فاسو وبوروندى وكندا والغابون.وأشارت تسع دول أخرى إلى حالة اعتداء أو استغلال جنسى مفترض هى ألمانيا وغانا ومدغشقر ومولدافيا والنيجر ونيجيريا والسنغال وسلوفاكيا وتوجو.
تعامل الأممالمتحدة مع الجنود المتورطين والمتتبع لعمليات الكشف يدرك جيدًا أنها جاءت بعد تكتم صناع القرار داخل الأممالمتحدة على فضائح جنودها، والدعوة عبر منصاتها فى كثير من الأحيان إلى ضرورة تعزيز قوات حفظ السلام الدولية، بسبب تفاقم النزاعات داخل مناطق الصراع. وكما جاء فى مقال عن الاغتصاب الممنهج فى إفريقيا بموقع ساسة بوست، أن منظمة حفظ السلام تتعامل مع الجنود الذين يثبت تورطهم فى الأفعال المرتكبة، بترحيلهم، حيث تم ترحيل فرق كاملة من قوات حفظ السلام فى إفريقيا الوسطى، بالإضافة إلى ممارسة الضغوط على الدول المساهمة فى العديد من قوات حفظ السلام من أجل القيام بتحقيقات تنتهى بمعاقبة المتورطين. إلى جانب إجراء الدول التى يثبت تورط الجنود الأمميين بالانتهاكات الجنسية تحقيقات فى فترة زمنية لا تتجاوز الستة أشهر، وإنشاء محاكم عسكرية بدلا من انتظار عودة الجندى إلى وطنه من أجل محاسبته، فضلا عن تقديم منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسف) الرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية للأطفال، الذين يتعرضون للانتهاك على يد جنود حفظ السلام. الأمر الأكثر إشكالية فى هذه القضية، كما ذكر تقرير لواشنطن بوست، يتمثل بترك الأممالمتحدة لمهمة الفصل فى مزاعم الاعتداء الجنسى للبلدان التى ينحدر منها عناصر قوات السلام المتهمين، وكما يقول المسئولون التابعون للأمم المتحدة، تحقيقات هذه الدول غالبًا ما تكون ضعيفة، وهذا الأمر أسهم بخلق شعور بالحصانة من العقاب، وفقًا لمسئولين تابعين للأمم المتحدة وخبراء خارجيين. ومنذ عام 2003، فى فترة رئاسة كوفى عنان للأمانة العامة لمنظمة الأممالمتحدة، قررت المنظمة استخدام الصرامة التامة مع الجنود الضالعين فى انتهاكات جنسية، غير أن غياب قوانين داخلية فى هذا الشأن، جعلها تعتمد على البلدان المشاركة فى بعثاتها لملاحقة المذنبين قضائيا ولطردهم أو إيداعهم السجن، بحسب عدة بيانات لمنظمة الأممالمتحدة. لكن تبقى الإجراءات التى تتخذها الأممالمتحدة لمعالجة هذه المعضلة غير كافية، وبيروقراطية، وعاجزة عن وضع حد للانتهاكات التى يقوم بها جنود أرسلوا إلى تلك البلدان لحماية مجتمعاتها.
الفقر والمرض وكشفت الدكتورة نجلاء مرعى، بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية عن أن «الفقر والمرض» هما آفة إفريقيا الكبرى التى يتمخض عنهما زيادة وتيرة ظاهرة «رضيع قوة حفظ السلام» بالقارة السمراء، وعرضت بيانات حالات الانتهاكات الجنسية من قبل قوات حفظ السلام بإفريقيا استنادا إلى التقرير السنوى للأمين العام للأمم المتحدة، حيث شهد عام 2015 مزاعم اعتداءات واستغلال جنسى شملت 38 حالة، سجّلت 22 منها فى إفريقيا الوسطى، و16 فى الكونغو الديمقراطية، من إجمالى 69 حالة سجلتها البعثات الأممية البالغ عددها 16 فى مختلف أرجاء العالم. فيما أفادت مصادر أخرى إلى تسجيل 171 حالة اغتصاب أو استغلال أو انتهاكات جنسية، فى الفترة الفاصلة بين عامى 2015 و2016، فى إفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية، بينها نحو 25 حالة ما بين يناير- مارس 2015 (الحالات الأخيرة تخص القوات البوروندية والمغربية) ونحو 100 حالة كشف عنها فى إبريل 2016. وتابعت أن عضوا بارزا فى مجلس الشيوخ الأمريكي، اتهم بان كى مون، الأمين العام للأمم المتحدة، بأنه غير كفء؛ لفشله فى وقف حوادث الاستغلال والاعتداء الجنسى من جانب أفراد بقوات حفظ السلام التابعة للمنظمة الدولية..والذى جاء فى إطار توجيه النقد وبشكل واسع إلى نظام الأممالمتحدة الذى يعتبر مسئولاً عن معالجة وملاحقة مثل هذه القضايا، لأنه كنظام أصبح مختلاً حتى بعد ظهور الفضائح التى تورط بها جنود حفظ السلام فى مناطق أخرى من العالم. وفى إطار الحد من هذه الآفة والكلام يعود إليها، اتخذ مجلس الأمن فى 11 مارس 2016 أول قرار لمكافحة مشكلة الانتهاكات الجنسية المتزايدة التى يتورط فيها الجنود، لحماية المدنيين المعرضين للخطر فى بعض أكثر مناطق العالم اضطرابا.. الذى يقضى «بترحيل أى وحدة من قوات حفظ السلام من البلد الذى تخدم فيه، حال الاشتباه فى قيام أحد أفرادها أو أكثر بارتكاب انتهاكات جنسية، إضافة إلى استبعاد تام لقوات أى دولة لا تتخذ إجراءات ضد جنودها المتهمين». لكن على حد قولها يؤخذ على هذا القرار أن منظومة الأممالمتحدة تقضى بأن البلدان المساهمة بتلك القوات هى المخولة الوحيدة بتسليط عقوبات ضد جنودها، وهذا ما لم يلمس حتى الآن، بما أن لا أحد من البلدان المعنية بالاتهامات أدانت جنودها فيما يتعلق بمزاعم الاغتصاب والانتهاكات الجنسية، فمن الجائز أن «معظم الحالات ستغلق دون متابعة».. مما سيولد الشعور ب «الإفلات من العقاب» حيث إن ما يصعب الأمر أن الأممالمتحدة تترك الحكم القضائى على مزاعم الاعتداءات الجنسية للجنود لدولهم الأصلية، لكن التحقيقات التى تجريها تلك الدول تعتبر ضعيفة فى غالب الأحيان. وتابعت أن الأممالمتحدة التى لطالما اتهمت بافتقارها للاستجابة لمثل هذه الملفات اتخذت سلسلة من التدابير، بينها: إقالة قائد بعثتها فى إفريقيا الوسطى باباكارغاي. كما قررت فى يناير2016، إعادة القوات الكونغولية التابعة لنفس البعثة، والمتمركزة فى مدينة بمبارى شرقى البلاد، على خلفية الاتهامات التى طالت هذه الوحدات فى علاقتها بحالات اغتصاب، إلى بلادها الأصلية.. وذكرت أنه فيما يتعلق بالجهود الإفريقية تعد الكونغو الديمقراطية هى الوحيدة التى أحالت جنودها المتهمين إلى القضاء فى 2 إبريل 2016، وتشكل محاكمة 21 من جنود حفظ السلام الكونغوليين، والتابعين للبعثة الأممية فى إفريقيا الوسطى على خلفية تورطهم المحتمل فى ارتكاب «انتهاكات جنسية» فى أحداث البلد الأخير عام 2015، التى تجرى حاليا بالمحكمة العسكرية فى كنشاسا، منعطفا حاسما فى سبل التعامل مع فضائح الاعتداءات من هذا النوع، فى حال انتهت بإدانة هؤلاء الجنود. وبالتزامن مع هذه المحاكمة الوحيدة والكلام يعود إليها ضمن هذا الملف الشائك، فتحت تحقيقات أخرى حول مزاعم اعتداءات من النوع نفسه. ففى 5 إبريل 2016، أعلن المدعى العام بباريس فتح تحقيق بشأن مزاعم جديدة بالانتهاكات الجنسية، طالت جنود عملية «سانغاريس» الفرنسية، بين عامى 2013 و2015، بمنطقة «ديكوا» بمحافظة «كيمو» شرقى إفريقيا الوسطى، بحسب مذكرة تلقتها وزارة الدفاع الفرنسية من الأممالمتحدة...إلا أنه لم تتمخض عن هذه التحقيقات أية نتيجة تذكر أو توجه إليهم أى تهمة. حيثيات عدة انتهاكات جعلت جميع الأنظار تنصبّ على الكونغو الديمقراطية، باعتبارها أول بلد يحاكم جنوده بهذا الشأن، فى خطوة قال مراقبون إنها قد تكون مثالا يحتذى به بالنسبة لغيرها من البلدان المعنية بهذا الملف مثل فرنسا. وطالبت بضرورة اتخاذ بعض الإجراءات التى قد تحد من الاعتداءات الجنسية أولها: القيام بإعادة تنظيم برامج تدريبية والالتزام بقائمة قواعد قوانين الأممالمتحدة التى من المفترض أن يعرفها الجنود ومنها حظر ممارسة الجنس مع أى شخص دون سن الثامنة عشر ومنع تبادل المال أو البضائع أو التشغيل مقابل ممارسة الجنس»مع»التطبيق الصارم للقوانين المتعلقة بالاستغلال الجنسى». هذا فضلا عن أهمية أن يقوم مسئولو الأممالمتحدة بالتشجيع على الإبلاغ عن الاعتداء الجنسى، وذلك عن طريق إنشاء خط ساخن للضحايا وشراء إعلانات إذاعية يستطيعون من خلالها أن يشجعوهم على المضى قدماً..هذا فضلا عن أن ضحايا حالات الاعتداء الجنسى التى يتم توثيقها لها الحق فى المساعدة الطبية والنفسية وربما الحصول على مساعدات أخرى.. مع قيام الأممالمتحدة بعمل تدريبات لمساعدة العديد من النساء اللاتى لا يمتلكن الوعى لكيفية تسجيل شكواهن. وتطبيق قاعدة «عدم التسامح مطلقا» مع مرتكبى هذه الجرائم حتى لا يتولد لدى الكثير منهم شعور «الإفلات من العقاب».. مع الحرص على تقديم الدول جنودها الذين ترسلهم فى مهمات ضمن قوات حفظ السلام، الذين تم اتهامهم بهذه التهم إلى العدالة، حتى لا يتكرر حدوث هذه الحالات فى المستقبل. تورط القوات الإفريقية وأكد الدكتور حمدى عبد الرحمن، أستاذ الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة أنه للأسف أن القوات الإفريقية المشاركة فى عمليات حفظ السلام متورطة هى الأخرى فى ارتكاب جرائم جنسية ضد المدنيين. وأظهرت بعض التقارير الدولية أن قوات جنوب إفريقيا التى تحتفظ ببعثات لها فى الكونغو الديمقراطية وكلا من دارفور وجنوب السودان تمتلك أسوأ سجل إفريقى فى الانتهاكات، وعلى الرغم من أن الظروف اليوم مواتية أكثر من أى وقت مضى لوضع حد لهذه الانتهاكات، وهو ما أدى إلى إصدار مجلس الأمن الدولى قرارا فى مارس الماضى بربطها بقضية حقوق الإنسان، فإن رد الفعل الدولى لا يزال غير كاف ويحتاج إلى إجراءات أخرى تتسم بالشمولية والموضوعية . وبين أن التغيير الحقيقى يتطلب ثلاثة مداخل أساسية، أولها: الإصلاح المؤسسى بما يؤكد مزيداً من الشفافية فى كل من الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقى، وهو ما يعنى تمكين الضحايا من الإبلاغ عن سوء المعاملة والانتهاكات من قبل قوات حفظ السلام . ولا شك أن الإعلان عن القوات المتورطة سوف يمثل رادعا قويا وحاسما. ثانيا، إشراك مؤسسات المجتمع المدنى فى البلدان المساهمة بقوات للقيام بدورها فى التوعية والإبلاغ عن الانتهاكات. ولعل ذلك يحتاج إلى مساعدات مالية وتقنية من قبل الدول الغربية لمساعدة هذه المؤسسات على القيام بدورها. وثالثا: الإرادة السياسية إذ يجب أن تكون هذه القضية على أجندة العمل الدولى. بحيث يتم تسليط الضوء على مشكلة الاعتداء الجنسى من قبل قوات حفظ السلام حتى يتم ترجمة الكلمات والوعود إلى أفعال.
قالوا عن الاعتداءات
بان كى مون وصف بان كى مون الجرائم الجنسية المرتكبة ب «الورم السرطاني» الذى يأكل منظومة الأممالمتحدة، إلا أنه يُعتقد بأن الرقم الحقيقى للادعاءات أعلى من ذلك بكثير، إذ إن معظم الأطفال والنساء يلتزمون الصمت خوفاً من العار الذى سيلاحقهم، ومن أراد منهم الحديث فإنه يجهل كيفية التواصل مع الجهات المعنية.
فرانسوا هولاند فضلاً عن التقارير الصادرة عن منظمات وهيئات تابعة للأمم المتحدة، فإنّ ما يُثار بشأن انتهاكات جنود فرنسيين، اضطر الرئيس، فرانسوا هولاند، إلى أن يتحدث عن الملف من واشنطن، حيث كان يشارك فى بداية الشهر الجارى فى "قمة الأمن النووي". ورأى أنه فى حال ثبوت الادعاءات بتورط جنود فرنسيين فى تجاوزات جنسية فى إفريقيا الوسطى، فإن «شرف فرنسا هو الذى سيكون على المحك»..
جوان مارينر وقالت كبيرة المستشارين فى شئون مواجهة الأزمات بمنظمة العفو الدولية: "إذا كانت الأممالمتحدة عازمة على وضع حد لآفة الانتهاكات الجنسية والاستغلال الجنسى على أيدى أفراد قوات حفظ السلام التابعين لها، فإنها ينبغى أن تدرك أخيراً بأن النظام الحالى فاشل. .
هيلارى مارغوليس وعلّقت الباحثة فى حقوق المرأة فى منظمة «هيومن رايتس ووتش»، هيلارى مارغوليس، على تقارير كشفت عن العشرات من حالات اغتصاب قام بها أفراد من قوات حفظ السلام. فى بلدان تكون فيها المرأة فريسة للجماعات المسلحة.. على جنود قوات حفظ السلام أن يكونوا حماة، وليسوا حيوانات مفترسة .
آدموند مولية وفى السياق ذاته أكد رئيس ديوان الأمين العام للأمم المتحدة، إدموند موليه، التزام المنظمة الدولية «بالتصدى لقضية الاعتداء والاستغلال الجنسيين من قبل عناصر فى قوات الأممالمتحدة لحفظ السلام». وأثناء إفادته للجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد أن «تقارير أعمال الاستغلال والاعتداء الجنسيين ما زالت تتكشف فى جمهورية إفريقيا الوسطى وغيرها من الدول»، مشيراً إلى أنّ «الغالبية العظمى من الضحايا من الأطفال».
رد الاتحاد الإفريقى على الأحداث فيما يتعلق برد الاتحاد الإفريقى كشف الدكتور صلاح حماد، مسئول حقوق الإنسان بالاتحاد الإفريقى بأديس أبابا عن أنه عقب ظهور الأخبار، أصدرت رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقى بيانا شديد اللهجة، أدانت فيه الاعتداءات الجنسية على الأطفال من قبل قوات حفظ السلام الأممية. وفى خطاب أرسل إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أدانت الدكتورة كوزازانا دالمينى زوما، بطء التحقيق فى الاعتداءات الجنسية، وطالبت بالإسراع بإنهاء التحقيقات وتقديم المذنبين إلى محاكمات عاجلة وعادلة. وطالبت مؤسسات الاتحاد الإفريقى المعنية بحقوق الإنسان كالمفوضية الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، ولجنة الخبراء الإفريقية لحقوق ورفاهية الطفل بسرعة إرسال بعثة إفريقية للتأكد من إجراءات التحقيق الأممية. هذا فضلا عن أنه على لجنة التحقيق الإفريقية وضع خطة عمل لرفع الضرر عن الأطفال الضحايا. مع ابتعاث وفد إفريقى من مجلس الأمن والسلم الإفريقى لمخاطبة مجلس الأمن الدولى والأمين العام للأمم المتحدة .