سوزى الجنيدى عندما تدخل إلى أى احتفال بمقر انتخابى للحزب الجمهورى داخل الولاياتالمتحدة، لابد أن يلفت نظرك وجود عدد من النساء يرتدون أشيك الملابس معظمهم ببشرة بيضاء وشعر أصفر وفساتين حمراء اللون غالبا، بينما كاميرا قناة فوكس نيوز تتجول للتصوير، وفى المقابل ستجد فى أى احتفال بمقار انتخابى للحزب الديمقراطى عددا أيضا كبيرا من النساء، لكن معظمهن بشعر أسود أو بنى وفساتين زرقاء وكاميرات محطة السي إن إن تتجول للتصوير، وهو ما قد يعكس دور كبير للمرأة الأمريكية فى الحياة السياسية، لكن هذا العام، فإن هذا الدور سيكون أعمق وأكثر قوة بعد قرب فوز هيلارى كلينتون بترشيح الحزب الديمقراطى لخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية فى نوفمبر المقبل، ويقال عادة إنه عندما تصوت النساء بنسبة كبيرة يفوز المرشح الديمقراطى بغض النظر عن كونه امرأة أم رجلا ونظريا تواجه هيلارى مشكلة، حيث لا تلعب الإحصائيات لصالح تولي ديمقراطي كرسي الرئاسة لفترة ثالثة بعد فترتين لأوباما الديمقراطى، إذ من النادر أن يتولى حزب ثلاث ولايات متتالية في الولاياتالمتحدة. والاستثناء الوحيد في السنوات الستين عاما الأخيرة كان في 1988 حين أعيد انتخاب جورج بوش الأب الجمهوري إثر ولايتين تولاهما رونالد ريجان. لكن وبرغم ذلك فإن فرص هيلارى كلينتون كبيرة ليس فقط لكونها امرأة فى عالم يتميز بدور قوى للمرأة، لكن لكون أن المرشح المنافس من الحزب الجمهورى حتى الآن هو دونالد ترامب، الذى يتصف بالرعونة والإدلاء بتصريحات عنصرية، وكانت هيلارى قد خسرت في الفوز بترشيح الحزب قبل انتخابات الرئاسة لعام 2008 أمام أوباما، ولكنها شغلت منصب وزير الخارجية في حكومة الرئيس باراك أوباما من 2009 إلى 2013. ويقول وتعتبر منظمة ايميلى ليست Emily's list إحدى أكبر المنظمات فى واشنطن الداعمة للمرأة فى عالم السياسة بأمريكا التى تم إنشاؤها عام 1985 على يد الين مالكولم لمساندة المرشحات من الحزب الديمقراطى فى الانتخابات للمناصب السياسية، وينبع اسم المنظمة من مقولة أن جمع الأموال الكثيرة للمرشحة من بداية حملتها، يساعد فى جذب مزيد من الأموال لها بعد ذلك مما يزيد من فرصها فى النجاح، وتنظم المنظمة الحملات لدعم فوز النساء عن الحزب الديمقراطى وجمع الأموال، وإعداد برامج تدريبية للمرشحات وتشجيع النساء على التصويت.
وتقول جين ميدياروس مسئولة الاتصال بمنظمة إيميلى ليست ل«الأهرام العربى» إن أمريكا أصبحت مستعدة الآن لوجود رئيسة فى البيت الأبيض وهى هيلارى كلينتون فى انتخابات الرئاسة المقبلة، وتعرب عن تمنياتها أن تكون هناك مرشحة فى كل انتخابات مقبلة، وتؤكد أن قضايا النساء مهمة ولكن ليس كل المرشحين يقومون بتبنى تلك القضايا، وهو خطأ كبير لأن تصويت النساء عادة هو الذى يحسم العديد من النتائج، وعندما تصوت النساء بكثرة يفوز مرشح الحزب الديمقراطى، حيث توجد علاقة جيدة للنساء مع الحزب الديمقراطى الذى عادة ما يتبنى قضاياهن على عكس الحزب الجمهورى، وترغب النساء فى المساواة فى المرتبات ونظام رعاية وتأمين صحي أفضل وفرص أفضل للتعليم.
وتعترف أن عدد النساء فى مجلس النواب والشيوخ لا يعكس أهميتهن، حيث توجد 20 عضوة من 100 عضو فى مجلس الشيوخ و 98 عضوة فى مجلس النواب من 435 عضوا ومعظمهن ينتمين للحزب الديمقراطى، كما توحد ثلاث قاضيات من تسعة قضاة فى المحكمة العليا، مشيرا أن عددا من الظلم الذى تتعرض له المرأة لا يتم بحثه بالاهتمام الماضى مثل العنف ضد المرأة والتحرش الجنسى فى الجيش.
وترى أن انتخابات الكونجرس العام الماضى شهدت صعودا لدور المرأة، حيث كانت هناك عدة مرشحات مرموقات عن الحزب الديمقراطى، مثل أليسون جرايمز التى فشلت أمام عضو مجلس الشيوخ العتيد منذ ثلاثين عاما ميتش ماكونيل فى ولاية كنتاكى و كذلك ميشيل نآن التى فشلت أيضا أمام رجل الأعمال دافيد بردو. ويقول آل كروس مدير معهد الإعلام بجامعة كنتاكى ل«الأهرام العربى» إن اسم عائلة المرشح قد يشكل جواز مرور له، لتحقيق مكاسب فى الانتخابات وهو عامل مؤثر ربما أكثر من كون المرشح رجلا أم امرأة، فمثلا المرشحة السابقة عن الحزب الديمقراطى فى مجلس الشيوخ فى ولاية كنتاكى أليسون لاندرجان جريمز 36 عاما، جازفت بدخول الانتخابات لأول مرة أمام السيناتور ميتش ماكونيل الذى يشغل منصب عضو مجلس الشيوخ منذ ثلاثين عاما، اعتمادا فى البداية على اسم والدها الذى عمل بمدة 40 عاما فى عالم السياسة فى كنتاكى، بجانب المرشحة الأخرى عن ولاية جورجيا ميشيل نآن الذى عمل والدها سام نآن عضو مجلس الشيوخ فى الفترة من 1972 إلى 1997، بينما كان المرشح المنافس لها دافيد بيردو ينتمى هو الآخر لعائلة سياسية، حيث شغل ابن عمه منصب حاكم ولاية جورجيا، لكن وبرغم ذلك فشلت المرشحتان فى الفوز بمقعد فى الكونجرس الأمريكى فى الانتخابات التى جرت نوفمبر 2014.
وفى المقابل يرى كريستيان موتلى المستشار السياسى للحزب الديمقراطى فى كنتاكى، أن هناك عائلات مشهورة فى عالم السياسة مثل كلينتون وكينيدى وبوش وكارتر، موضحا أن أى مرشحة قد تحتاج بالفعل إلى اسم عائلتها، والتى لديها خبرة سياسية لمساندتها أو اسم عائلة زوجها، لكن اسم العائلة وحده ليس كافيا لضمان الفوز قى الانتخابات. وتؤكد نآن جروهان أوروك عضو مجلس ولاية كنتاكى منذ عام 1987 أنه منذ حصول المرأة الأمريكية على حق التصويت في التعديل التاسع عشر للدستور الأمريكي عام 1920، وهي تحاول الحصول على تمثيل في المناصب السياسية، يناسب أعداد النساء التي تفوق الرجال في الولاياتالمتحدةالأمريكية، لكنها لم تقترب حتى الآن من تحقيق هذا الهدف.
وتضيف أن عدد أعضاء مجلس النواب من النساء لا تتجاوز نسبته 20٪ ونعمل من أجل انتخاب المزيد من النساء والسود، لكن التفرقة العنصرية لا تزال مستمرة، وهو مصدر خزى وأحيانا ما تسهم الأموال غير النظيفة فى تغذية أفكار التفرقة بشكل أكبر فى أذهان الأمريكيين، وتشير أن العرق لا يزال موضوعا أساسى داخل أمريكا للأسف، وقد عملت منذ السبعينيات فى مجال حقوق الإنسان ومكافحة التفرقة العنصرية، حيث كان يتم قتل الناشطين بدون عقاب بجانب انتشار جماعات مثل الكوكلاس، وفى المقابل أسهمت جماعات حقوق الإنسان وحركات الحقوق المدنية فى تغير الأوضاع بالنسبة للأقليات، لكن العرق لايزال عاملا مهما فى السياسة الأمريكية خصوصا أن 90٪ من أعضاء الحزب الجمهورى بيض ولهذا فهم يهاجمون أوباما بشكل أكبر بسبب لونه، وقد أظهرت العديد من استطلاعات الرأي والدراسات للإجابة عن سؤال ما إذا كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية مستعدة لانتخاب امرأة رئيسة لأمريكا فارقا بسيطا جدا بين الرجال النساء يقدر ب 1 بالمائة، إذ إن 66 بالمائة من الرجال يؤيدون انتخاب امرأة مقابل 67 بالمائة من النساء يعتقدن أن أمريكا مستعدة لوجود امرأة في مكتب البيت الأبيض.
وعن تأثير اسم العائلة خصوصا إذا كان مشهورا فى مسالة ترشح امراة فى عالم السياسية يؤكد د. آلان إبرامويتز أستاذ العلوم السياسية بجامعة روشستر الأمريكية، أن اسم العائلة المعروف سيساعد هيلارى كلينتون، فهناك إمبراطوريات عائلية سياسية فى أمريكا مثل عائلة كينيدى وبوش وكارتر وكلينتون. ويشير أنه لم تصل أي امرأة قبل ذلك إلى منصب رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية،كما لم يشهد مقعد نائب رئيس أمريكا جلوس أي سيدة عليه، وإن حصلت «سارة بالن» على ترشيح الجزب الجمهوري لمنصب نائب الرئيس في انتخابات 2008، و«جيرالدين فيرارو» على ترشيح الحزب الديمقراطي في 1984. أما على مستوى المجالس التشريعية، فتبلغ نسبة المرأة في مجلس الشيوخ حوالى 20%، وفي مجلس النواب 18% من مجموع النواب. أما على مستوى حُكام الولايات وعُمداء المُدن، فتحتل امرأة منصب حاكم الولاية في 5 ولايات فقط من أصل 50 بنسبة 10%، و18% من مناصب عُمدة المدينة، وتقل هذه النسبة إلى 13% فقط من عمداء أكبر 100 مدينة في أمريكا. وتحتل الولاياتالمتحدةالأمريكية المركز الحادي والتسعين عالميا في الترتيب الخاص بتمثيل النساء في المناصب الرسمية و السياسية، وهي تأتي في ذلك بعد دول مثل روندا و نيبال وكوبا.
ويرى ديو بوز بورتر رئيس فرع الحزب الديمقراطى فى جورجيا أن «هيلاري» وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة زوجة الرئيس الأمريكي الأسبق «بيل كلينتون»، تبدو المرشح المحتمل الأوفر حظا لانتخابات الرئاسة في 2016. حيث لم تبتعد «هيلاري» عن دوائر السياسة منذ خروجها من البيت الأبيض برفقة زوجها «كلينتون»، و عملها بعد ذلك كوزيرة خارحية، مضيفا أن الأوضاع السياسية والاقتصادية فى الشهور التى تسبق الانتخابات يكون لها تأثيرها على تصويت الناخبين بغض النظر عن إذا ما كانت المرشحة رجلا أو امراة ويضرب مثلا على ذلك بانتخابات الكونجرس فى نوفمبر 2014، حيث فشلت المرشحة الديمقراطية ميشيل نآن لأن معظم المرشحين من الحزب الجمهورى حاولوا تحويل المعركة الانتخابية و كأنها ضد أوباما شخصيا فالمرشح المنافس على مقعد مجلس الشيوخ تحدث فقط عن أوباما و ليس عن المرشحة المنافسة ميشيل نآن.
ويرى أنطونيو مولينا رئيس تكتل الأمريكيين من أصل لاتيني، أنه من المهم قبل جنس المرشح رجلا أم امراة نظرة المرشح للمهاجرين ولهذا فإن للأصوات المنتمين للأصول اللاتينية التى تزداد تفضل الحزب الديمقراطى، لأن الجمهوريين يشعروننا أنهم مازالوا يحتاجوننا ويرفضون السماح للمهاجرين بأى وضع شرعى فى الولاياتالمتحدة بل ويسعون لعدم منح الجنسية أى حقوق لمن ولد فى أمريكا من أبوين لاتينيين، ويوضح أن الأمريكيين اللاتين بدأوا دخول عالم السياسية منذ التسعينات ونكافح من أجل إقناعهم بالتصويت خصوصا الشباب.
أما جيم تافلينجر ممثل تكتل المثاليين، فيؤكد أن هناك مساندة كبيرة لهذا التكتل لمرشحة الحزب الديمقراطى سبب أفكار الحزب الليبرالية التى لا تستبعد أحدا أما الحزب الجمهورى فمعظم رسائله تركز على الكراهية والترهيب، لكن المشكلة أن الحزب الديمقراطى يحتاج لتشجيع كل الأقليات مثل الأمريكيين من أصول آسيوية وإفريقية والشباب والنساء على التصويت وهو أمر ليس سهلا دائما.
بينما توضح ربيكا ديتاه أن معظم المرشحين للحزب الديمقراطى فى جورجيا من النساء، بينما معظم مرشحى الجمهوريين من الرجال البيض برغم أن عدد النساء والسود أكبر فى جورجيا، مما يعطى مالا واضحا حول كيفية تفكير الحزب الجمهورى، مشيرا أن النساء تحتاج لأجور متساوية مع الرجال ونظام رعاية صحية أفضل، ولهذا نحاول استخدام كل الوسائل لإقناعهم بالتصويت مثل النابر فى الكنائس والتى لا تنحاز عادة لحزب معين، لكن تشجع فقط على مبدأ وأهمية التصويت، مضيفا أنه على مدى السنوات الماضية ظهرت أسماء قليلة مثل هيلارى كلينتون وسارة بالين ونانسى بيلوسى.
وتضيف أن ما سيرجح كفة هيلارى غالبا هو ميل النساء والشباب حاليا للتصويت فى الانتخابات الرئاسية فى مقابل عزوفهم عن انتخابات الكونجرس، وهم عادة ما يصوتون لمرشح الحزب الديمقراطى، لكن ذلك لا يعنى أن النساء بالتبعية سيصوتون لهيلارى، فالبعض منهم وحتى من المنتمين للحزب الديمقراطى لا يفضلون هيلارى و لكنهم قد يصوتون لها برغم ذلك خوفا من مرشح جمهورى مثل دونالد ترامب.
تحتل الولاياتالمتحدةالأمريكية المركز الحادي والتسعين عالميا أو أظهرت العديد من استطلاعات الرأي والدراسات للإجابة عن سؤال ما إذا كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية مستعدة لانتخاب امرأة رئيسة لأمريكا فارقا بسيطا جدا بين الرجال النساء يقدر ب1 بالمائة إذ إن 66 بالمائة من الرجال يؤيدون امرأة مقابل 67 بالمائة من النساء يعتقدن أن أمريكا مستعدة لوجود امرأة في مكتب البيت الأبيض. ظهرت العديد من استطلاعات الرأي والدراسات للإجابة عن سؤال ما إذا كانت الولاياتالمتحدة وربما يتصور البعض أن المراة الأمريكية قوية واستطاعت الحصول على كامل حقوقها على كل الأصعدة، لكن العالمين ببواطن الأمور يدركون أن ذلك غير صحيح، فعالم السياسة داخل أقوى دولة لا يزال عالم ذكوريا إلى أبعد حد، والدليل أن عدد القضاة النساء فى المحكمة العليا أو فى الكونجرس بمجلسيه لايزال لا يعكس عدد الأمريكيات الذى يقارب النصف تقريبا ويبقى تحسن الوضع الاقتصادى هو العامل الأساسى حاليا الذى سيحسن من فرص هيلارى والحزب الديمقراطى.
للمزيد:
وجوه تحلم بالبيت الأبيض.. المرشح الجمهورى تيد كروز.. الوجه الآخر لترامب إسرائيل والانتخابات الأمريكية.. هل ستتواصل المصالح أم ينتهي شهر العسل الأبدي؟ داعش وسوريا وفلسطين فى قلب المناظرات الانتخابية الأمريكية انتخابات الرئاسة الأمريكية.. بين وقاحة ترامب وشراسة هيلارى