اتفاقية «كيجالى» بين حياتو والشيخ تثير الشبهات.. وتغضب الأمير يقول المثل الشعبى العربى الدارج «يا رايح .. كتر من الفضائح». بعد سقوط إمبراطورية الفساد فى أكبر وأقوى منظومة ومؤسسة على كوكب الأرض ألا وهى الاتحاد الدولى لكرة اليد «فيفا» والتى أطاحت بالديكتاتور السويسرى جوزيف بلاتر وحاشيته، انكشفت كل عورات وفضائح الفساد فى كبريات الكيانات الرياضية، وكان الاتحاد الدولى لألعاب القوى ثانى الممالك الرياضية العالمية التى هوت أعمدتها بفعل زلزال الفساد المالى والإدارى. ويبدو أن الدور جاء على أكبر كيان كروى فى القارة السمراء، الاتحاد الإفريقى لكرة القدم « الكاف « برئاسة الأسد العجوز الكاميرونى عيسى حياتو، الذى يتولى حاليا منصب الرئيس المؤقت لدولة « فيفا « بعد سقوط حليفه الأكبر بلاتر، وبات الجميع ينتظر سقوط « الكاف « ووقوع الأسد العجوز فى فخ ملاحقة الفساد والمفسدين، وهو الفخ الذى نصبه إليه مسئول عربى رفيع المستوي.. الذى قال ضمنيا «حياتو .. نهايته قربت».
ولكن من هو هذا المسئول، وكيف سيكشف فساد مملكة حياتو الإفريقية؟ هذا هو السؤال الذى ستجيب عنه "الأهرام العربى" فى هذا التحقيق. أولا المسئول هو الجزائرى مراد مازار، الذى شغل أخيرا منصب رئيس الاتحاد الدولى لمكافحة الفساد الرياضى، والذى توعد وبصوت عال بإسقاط إمبراطورية الفساد فى "الكاف" . بجرأة يحسد عليها، أكد مزار فى حوارات مع وسائل إعلام جزائرية : " مهمتى المقبلة هى إسقاط حياتو ".. مشيرا إلى أنه تم تشكيل لجنة خاصة للتحقيق فى الفساد الذى ينخر فى جسد "الكاف" فى عهد الكاميرونى حياتو، والموجود على رأس هذه إمبراطورية " الكاف " منذ سنة 1988، مؤكدا أن منظمته غير الحكومية، الاتحاد الدولى لمكافحة الفساد، ستكون طرفا مدنيا لمتابعته فى المحاكم الدولية إذا أثبتت التحريات تورطه.. وشدد مزار أن سقوط إمبراطورية حياتو ستكون قبل إجراء انتخابات الاتحاد الإفريقى مطلع العام المقبل. وكان الجزائرى مزار " 53 عاما " قد انتخب رئيسا للاتحاد الدولى لمكافحة الفساد فى نوفمبر من العام الماضى بعدما حظى بتأييد أغلبية الأعضاء، وفى مقدمتهم الرئيس السابق ل " فيفا " ، وحصل على 31 صوتا مقابل 8 أصوات لمنافسه البرتغالى جوزيه مارتيناز.. وسبق له تولى منصب رئيس المجلس الوطنى للاعبين المحترفين الجزائريين لكرة القدم عام 1993..كما ترأس هيئة الاتحاد الإفريقى للاعبين منذ عام 2000.. كما شغل منصب رئيس نادى شباب قسنطينة الجزائرى لمدة عام من 2008 إلى 2009 . وشدد رئيس الاتحاد الدولى لمكافحة الفساد على أنه وضع " الكاف " من بين أولوياته فى مهمته الجديدة، وهو يهدف لتطهير الاتحاد الإفريقى من الأشخاص المفسدين، مشيرا إلى أنه يتابع الطريقة التى يدير بها العجوز الكاميرونى لشئونها، التى لا تطمئن، على حد تعبيره، خاصة فيما يتعلق بحقوق البث التليفزيونى لأهم البطولات التى تقام مظلة هذا الاتحاد ، وكذلك الطرق التى يتم بها اختيار البلدان المنظمة لبطولات كأس الأمم الإفريقية . وقال:"أمرت بتشكيل لجنة خاصة للتحقيق فى قضايا الفساد التى يشتبه فيها "الكاف"، وصلتنا معلومات من هنا وهناك ومن الصحافة عن تورط حياتو فى قضايا فساد"، مضيفا:"سنتحرى جيدا عن الطرق الملتوية التى يعتمدها الرئيس المؤقت ل"الفيفا" فى إدارة شئون اتحاده القارى والضبابية التى ينتهجها فى صفقات بيع حقوق البث التليفزيونى لأهم البطولات.
ملاحقة بلاتر وبلاتيني وأكد، مازار بأن هيئته لن تكتفى بالعقوبات التى تعرض لها رئيس " فيفا" السابق، بلاتر ورئيس الاتحاد الأوروبى " يوفا " ميشيل بلاتيني، لكنها ستواصل التحقيقات وستعمقها مع جميع الأشخاص الذين عملوا مع بلاتر، وتقلدوا مناصب ومسئوليات فى الفيفا خلال العشر سنوات الأخيرة. وقال رئيس الاتحاد الدولى لمكافحة الفساد الرياضى إن الاتحاد يتابع باهتمام كل جديد يتعلق بالاتحاد الدولى لكرة القدم، والتحقيقات التى يقوم بها القضاء السويسرى ومكتب التحقيقات الأمريكي، معتبرا أن المنظمة التى يترأسها لديها كلمتها فى هذه المسألة. وقال: "نحن نتابع باهتمام التطورات التى تحدث فى ملف " فيفا " ولدينا ما نقوله فى الموضوع..وأؤكد لكم بأننا كهيئة تحارب الفساد لن نكتفى بإيقاف ومعاقبة الثنائى بلاتر وبلاتيني، ولكننا سنحقق مع كل شخص عمل مع بلاتر خلال ال 10 سنوات الأخيرة على الأقل". وأوضح بأن التحقيقات والخطوات التى سيقوم بها على مستوى الاتحاد الدولى لمحاربة الفساد الرياضى ستتم بالتنسيق مع باقى الهيئات الدولية الأخرى المعنية بالقضية، ومن بينها منظمة الشرطة الدولية "الإنتربول" وكذا "الأفرى بول" على المستوى الإفريقي.
اتفاقية " كيجالى " تغضب الأمير من ناحية أخرى، جاء الإعلان عن إبرام اتفاقية تعاون مشترك بين الاتحاد الإفريقى برئاسة حياتو " رئيس "فيفا " المؤقت "، والاتحاد الآسيوى برئاسة البحرينى الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة، ليثير نوعا من الشبهات خصوصا أن الشيخ البحرينى أحد 5 مرشحين لتولى منصب رئيس الفيفا فى الانتخابات التى ستجرى فى السادس والعشرين من الشهر المقبل.. ووصف كثيرون أمر تلك الاتفاقية بالمؤامرة، والتأكيد أن الهدف منها هو حصول المرشح البحرينى على دعم وأصوات القارة السمراء. وهى الشبهات التى دفعت الأمير الأردنى على بن الحسين المرشح العربى الثانى لرئاسة "فيفا" للمطالبة بالتحقيق بشأن تلك الاتفاقية، للتأكد من أن هذه الاتفاقية لا تخالف اللوائح والأعراف الانتخابية . ويخشى الأمير على أن يكون الاتفاق بين الاتحادين يتضمن تشكيل تكتل للتصويت خلال انتخابات الرئاسية للاتحاد الدولي.. علما بأن الاتحادين الإفريقى والآسيوى يمتلكان 100 صوت من إجمالى 209 أصوات هم قوام أصوات الجمعية العمومية ل "فيفا" التى ستنتخب الرئيس الجديد. وقال الأمير على فى بيان: "دائما كنت أشجع التفاهم بين الاتحادات القارية، لكن توقيت هذا الاتفاق بين الاتحادين الآسيوى والإفريقى يبدو وكأنه محاولة فجة لترتيب كتلة تصويت". وأضاف البيان: "اتحادات كرة القدم فى الدول الإفريقية ليست للبيع كما لا ينبغى على مرشحى الرئاسة ورؤساء الاتحادات القارية استغلال موارد التطوير الخاصة بالاتحادات الوطنية للدول لأغراض سياسية". وقال الأمير الأردنى أيضا: "لا بد من طرح الأسئلة التالية: هل وافق أعضاء اللجنة التنفيذية فى الاتحادين الآسيوى والإفريقى على هذا الاتفاق؟ .. وهل توقيت هذا الإعلان قبل الانتخابات الرئاسية مقبول؟". واستطرد الأمير على: "والآن وأكثر من أى وقت مضى يثبت هذا الاستغلال الواضح لموارد الاتحادات القارية للعالم أنه يتعين وقف الأفعال التى يقوم بها بعض الأفراد والتى تلطخ سمعة الفيفا وتسىء إليه".
الشيخ يرد على الأمير ومن جانبه، علق الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة على تساؤلات الأمير الأردنى والتى خرجت فى شكل اتهامات، مؤكدا أن المحادثات حول اتفاقية التعاون بين اتحاده ونظيره الإفريقى سبقت إعلان ترشيحه لرئاسة الفيفا.. وقام الشيخ سلمان بإصدار بيان توضيحي جاء فيه: "بدأ كل من الاتحاد الآسيوى والاتحاد الإفريقى محادثات حول اتفاقية تعاون بين الجانبين فى مايو 2015، وذلك عندما التقى الأمناء العامون للاتحادين بمدينة زيورخ السويسرية". وتابع : "صيغت مذكرة التفاهم التى تم التوقيع عليها فى مدينة كيجالى منذ أيام، على امتداد شهور من المفاوضات، وهى تنص على تبادل المعلومات والخبرات وإطلاق مسابقات عالية المستوى، علاوة على عقد برامج فنية تنموية مشتركة، كما أنها تشمل مجالات عدة كالتدريب والتحكيم وكرة القدم للشباب وكرة القدم النسائية والنزاهة والإدارة والتسويق والإعلام، إضافة إلى التقنيات المبتكرة". لفت البيان إلى أن الشيخ سلمان قرر الترشح لرئاسة " فيفا " فى أواخر أكتوبر من العام الماضي، وذلك بعد ما يزيد على 5 أشهر من إطلاق المفاوضات مع الاتحاد الإفريقى فى زيوريخ، وكذلك بعد انقضاء وقت طويل على توقيع اتفاقية التعاون بين الاتحاد الآسيوى واتحاد شمال ووسط أمريكا والكاريبى فى زيوريخ العام الماضي. وقال سلمان فى هذا الإطار: "بصفتى رئيسا للاتحاد الآسيوي، فإن إحدى المهام المناطة بى تتمثل فى تنمية فرص تبادل المعرفة والخبرات بالنسبة للاتحاد الآسيوى حول العالم، وإرساء علاقات وروابط متينة مع الاتحادات الرياضية القارية بما يعود بالخير والفائدة على كرة القدم الآسيوية". وأضاف "بناء على تلك القناعة، فإن الاتحاد الآسيوى وقع مذكرات تفاهم مشابهة مع الاتحاد الدولى لكرة القدم، وكذلك مع اتحادين آخرين هما: الاتحاد الأوروبي، واتحاد شمال ووسط أمريكا والكاريبي، ولهذا فإننى مندهش من تعليقات صديقى الأمير على بن الحسين التى لا أساس لها وغير صحيحة على الإطلاق".