أسعار الدولار اليوم السبت 18 مايو 2024.. 46.97 جنيه بالبنك المركزي    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم السبت 18مايو 2024.. البطاطس ب11 جنيهًا    225 يوما من العدوان.. طائرات الاحتلال الإسرائيلي تركز قصفها على رفح    المستشار الأمني للرئيس بايدن يزور السعودية وإسرائيل لإجراء محادثات    البيت الأبيض: أطباء أميركيون يغادرون قطاع غزة    موناكو وجالاتا سراي يتنافسان على التعاقد مع محمد عبد المنعم    مؤتمر صحفي ل جوميز وعمر جابر للحديث عن نهائي الكونفدرالية    مواعيد مباريات اليوم السبت 18 مايو 2024 والقنوات الناقلة.. الأهلي ضد الترجي    بعد قليل، أولى جلسات محاكمة الفنانة انتصار بتهمة الشهادة الزور    شاومينج يزعم تداول أسئلة امتحان اللغة العربية للشهادة الإعدادية بالجيزة    حنان شوقى: الزعيم عادل إمام قيمة وقامة كبيرة جدا.. ورهانه عليا نجح فى فيلم الإرهابي    «الأرصاد»: طقس السبت شديد الحرارة نهارا.. والعظمى بالقاهرة 39 درجة    زيلينسكي: أوكرانيا بحاجة إلى 120 إلى 130 طائرة إف-16 لتحقيق التكافؤ الجوي مع روسيا    إرشادات وزارة الصحة للوقاية من ارتفاع ضغط الدم    حظك اليوم وتوقعات برجك 18 مايو 2024.. مفاجآة ل الدلو وتحذير لهذا البرج    محمد سامي ومي عمر يخطفان الأنظار في حفل زفاف شقيقته (صور)    تشكيل الترجي المتوقع لمواجه الأهلي ذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    أوما ثورمان وريتشارد جير على السجادة الحمراء في مهرجان كان (صور)    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 18 مايو    ناقد رياضي: الترجي سيفوز على الأهلي والزمالك سيتوج بالكونفدرالية    موعد مباراة الأهلي والترجي في ذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    عاجل - تذبذب جديد في أسعار الذهب اليوم.. عيار 14 يسجل 2100 جنيه    عادل إمام.. تاريخ من التوترات في علاقته بصاحبة الجلالة    ذوي الهمم| بطاقة الخدمات المتكاملة.. خدماتها «مش كاملة»!    لبلبة تهنئ عادل إمام بعيد ميلاده: الدنيا دمها ثقيل من غيرك    نوح ومحمد أكثر أسماء المواليد شيوعا في إنجلترا وويلز    كاسترو يعلق على ضياع الفوز أمام الهلال    خالد أبو بكر: لو طلع قرار "العدل الدولية" ضد إسرائيل مين هينفذه؟    حماية المستهلك يشن حملات مكبرة على الأسواق والمحال التجارية والمخابز السياحية    تفاصيل قصف إسرائيلي غير عادي على مخيم جنين: شهيد و8 مصابين    رابط مفعل.. خطوات التقديم لمسابقة ال18 ألف معلم الجديدة وآخر موعد للتسجيل    حلاق الإسماعيلية: كاميرات المراقبة جابت لي حقي    إصابة 3 أشخاص في تصادم دراجة بخارية وعربة كارو بقنا    مفتي الجمهورية: يمكن دفع أموال الزكاة لمشروع حياة كريمة.. وبند الاستحقاق متوفر    الأول منذ 8 أعوام.. نهائي مصري في بطولة العالم للإسكواش لمنافسات السيدات    مذكرة مراجعة كلمات اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي نظام جديد 2024    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    مصطفى الفقي يفتح النار على «تكوين»: «العناصر الموجودة ليس عليها إجماع» (فيديو)    عمرو أديب عن الزعيم: «مجاش ولا هيجي زي عادل إمام»    لبنان: غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الخيام جنوبي البلاد    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    سعر العنب والموز والفاكهة بالأسواق في مطلع الأسبوع السبت 18 مايو 2024    هل مريضة الرفرفة الأذينية تستطيع الزواج؟ حسام موافي يجيب    مؤسس طب الحالات الحرجة: هجرة الأطباء للخارج أمر مقلق (فيديو)    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    مفاجأة في عدد أيام عطلة عيد الأضحى المبارك لعام 2024    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    سعر اليورو اليوم مقابل الجنيه المصري في مختلف البنوك    أكثر من 1300 جنيه تراجعا في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 18 مايو 2024    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. آمال قرامى بعد منعها من زيارة مصر: لا علاقة للأزهر بمنعى من دخول المحروسة
نشر في الأهرام العربي يوم 27 - 01 - 2016


سناء حميدات
- الإعلام المصرى كان سباقا فى نشر ما جرى لى وتلقيت رسائل تضامن من مثقفين مصريين
- انتهاك حقوقى صادم من بلد تربطه أواصر متينة مع الشعب التونسى
- الحملة الموجهة ضدى علامة على وجود قوى تريد تجريم التفكير
- الثورة التونسية فاجأتنا ولم نكن جاهزين
- أنا خطر على الأمن القومى العربى
- نعيش مرحلة تاريخية عصيبة نلمح فيها تحولات سياسية واجتماعية كبرى
- المثقف يدعو إلى إعادة النظر فى الثوابت والمسلمات
- لا أملك رشاشاً أهدد به أمن الدول العربية
- يهمنى دراسة وضع المختلف دينياً وعرقياً وطبقياً وطريقة التعامل معه
- أشكال الاعتداء على الحريات متعددة بدءاً من تعامل الأنظمة وصولاً إلى انتهاكات داعش الوحشية
- نشهد اليوم نزعة عدائية ضد الإسلام والمسلمين
- الأمم المتهاونة فى بناء ذاتها وسيادتها لا يمكن أن تدخل التاريخ الواسع وتترك بصمة
كانت وما زالت المرأة العنيدة، التى تدافع عن أفكارها بشراسة وبثقة وسعة اطلاع وتعمق فى البحث، خاضت معارك فكرية متعددة فى سبيل الدفاع عن حرية التعبير والتفكير ورفع الوصاية واختراق المسلمات، هى الدكتورة آمال قرامى التى أبدت نبلا كبيرا، وهى تفتح لنا باب التواصل والحوار معها حول أهم ملامح مسيرتها الفكرية والإعلامية وتضيء لنا جوانب من حادثة منعها من دخول مصر أخيرا.
ما أهم المحطات الكبرى فى مسيرتك الفكرية والثقافية؟
أنا أستاذة تعليم عال (بروفيسورة) بالجامعة التونسية، أهتم بقضايا تتصل بتاريخ الفكر الإسلامى ودراسة الظاهرة الدينية والحوار بين الأديان ودراسات الجندر ولى اهتمام أيضا بدراسات الإعلام ودراسات الإرهاب، أطروحتى الأولى كانت حول قضية حرية المعتقد وبالخصوص قضية الردة قديما وحديثا، أمّا أطروحتى الثانية فقد خصصتها لموضوع الاختلاف فى الثقافة العربية الإسلامية: الأسباب والدلالات، ولى مشاركات فى مواضيع مختلفة ومؤلفات جماعية فى عديد من الجامعات ومراكز البحث العربية والغربية، أمّا فيما يتصل بمشروعى البحثى فهو تفكيك مظاهر التمييز ورصد طرق التعامل مع المغاير دينا وعرقا وجنسا.
ما الإطار الذى تمت خلاله دعوتك إلى مصر؟
تلقيت دعوة لحضور مؤتمر بمكتبة الإسكندرية، يتعلق بقضايا مواجهة الإرهاب والتطرف، وهى ليست المرة الأولى التى أحضر فيها أعمال مكتبة الإسكندرية، أمّا مداخلتى فكانت بخصوص نقد مناهج البحث المعتمدة فى مراكز البحث العربية والدعوة إلى الانفتاح على مقاربات جديدة أكثر تلاؤما مع الوضع الإقليمي.
كيف تم التعامل معك في المطار وما حيثيات منعك من دخول مصر؟
خضعت لنقاش مع المسئولين وتفاوض، لأننى رفضت أن يزج بى فى غرفة الحجز، لذلك تفهم الفريق الأول وضعى فجعلنى أقضى الليلة مع الموظفين، لكن الفريق الثانى لم يكن متفهما وبدا أكثر تشددا وغير مهتم بوضعى الصحي، أمّا عن أسباب احتجازى فقد أصر كل المسئولين على الصمت ولم يقدموا لى غير إجابة لا أعتبرها معقولة وهى أن المنع يتعلق بكونى أمثل «خطورة على الأمن القومي».
كيف كانت ردة فعلك على حادثة توقيفك
لمدة 14ساعة؟
ردة فعلى طبيعية هى الإصرار على ضرورة معرفة السبب فهو حق من حقوقى باعتبارى ناشطة حقوقية، فقد كنت دقيقة الملاحظة أعاين طريقة التعامل مع المحتجزين وأستفسر عن أسباب الحجز وأقارن بين هؤلاء الذين انتهكوا القانون ووضعى الخاص جدّا، والمسألة فى تقديرى تتصل بكرامة المواطن التونسى إذ لا ننسى أنّها من أبرز القيم التى نادى بها الثوّار فى الساحات ولذا ليس غريبا أن أطالب بحقى فى حفظ كرامتى لا سيما أنه تم احتجازى دون وجه حق.
ما أول ردود الأفعال التى وصلتك من مصر؟
فوجئت بأن الإعلام المصرى كان سباقا لنشر الخبر والحال أننى لم أصرح بما حدث للإعلام التونسى وهو ما أجبرنى على تأكيد الخبر مباشرة بعد عودتي، فكتبت تدوينة على صفحتى رويت فيها ما حدث، وبعد ذلك تتالت بيانات التنديد بما حدث وتلقيت رسائل التعاطف والتضامن من عديد المثقفين المصريين من داخل مصر ومن خارجها، أذكر على سبيل المثال الدكتور نبيل عبد الفتاح، الدكتورة هدى الصدة، الدكتورة أميمة أبو بكر، الدكتورة هبة رؤوف عزت وغيرهم من الأصدقاء ومن هيئات مختلفة ومنظمات عربية كاتحاد الكتاب العرب، والمنظمة العربية لمكافحة الفساد وغيرها من الشخصيات العربية والغربية.
كيف كان رجوعك إلى تونس؟
وكيف تم استقبالك؟
تم تسليمى إلى السلطات الأمنية بتونس التى أخذت علما بكل التفاصيل وأعادت لى جواز سفرى واستغربت بالفعل ما حدث.
لمسنا موجة تعاطف كبرى مع قضيتك
حتى من طرف أفراد وجماعات لا يشاركونك
نفس التفكير والإيديولوجيا ومن هؤلاء نذكر مثلا زعيم حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشى كيف تلقيت هذا التفاعل وما رسالتك لهؤلاء؟
ردود التضامن والتعاطف كانت بالفعل مهمّة إن كان من أهل اليسار أو من أهل اليمين، وإن كنت لا أحبذ خطاب الاستقطاب، وهو أمر غير مستغرب باعتبار أن التونسى الحر لا يقبل بأن تنتهك حقوق أى مواطن، لاسيما إذا كان الانتهاك قد حدث فى بلد شقيق والشعب التونسى تربطه أواصر متينة بالشعب المصرى هذا على المستوى العلائقى التلقائى الذى يلتقى فيه المثقف مع إمام الجامع مع المرأة البسيطة مع الشاب والفتاة مع الطلبة.. الكل يعبر عن غضبه وسخطه أو استغرابه.
أمّا عن ردود فعل السياسيين فهى متنوعة منها حقوقية صرفة ومنها الموظف فمقتضيات السياسة تتطلب إبداء موقف إزاء الانتهاكات لا سيما إذا تعلق الأمر بمثقفة ثم لا ننسى أننى كاتبة افتتاحية سياسية فى جريدة المغرب وأقدم محاضرات فى عديد التظاهرات التى تعقدها بعض الأحزاب، ولا يمكن أن نمنع أى سياسى من توظيف أى حدث لصالحه فهذا أمر تكتيكى فى السياسة.
هل هناك علاقة بين ما أدليت به من تصريحات ضمن برنامج قهوة عربى على القناة الوطنية الأولى ما اعتبره البعض تعديا على المقدسات الإسلامية وبين حادثة إيقافك واحتجازك فى المطار ومنعك من دخول مصر؟
لا علاقة بين الرأى الذى أدليت به فى برنامج تليفزيونى بخصوص تعامل الثقافة الإسلامية مع المثليين والمخنثين والغلمان وغيرهم منذ عهد الدعوة، وما حدث فى مصر غاية ما فى الأمر أنّ فئة تدعو من زمن إلى احتكار الدراسات الإسلامية وتعتبر أنّها الوحيدة المؤهلة لإبداء الرأى فى النصوص الدينية، استغلت الموقف لتحول مجرى الأحداث من قضية ذات صلة بانتهاك حرية التنقل للأشخاص، لا سيما إن كانوا يحملون تأشيرة إلى قضية رأى عام تتمحور حول ما روجوا له من تهم تندرج فى خانة قضايا الحسبة والحال أن القانون التونسى لا يتضمن مثل هذه المواد، وليست الحملة الموجهة ضدى واتهامى إلا علامة دالة على وجود قوة تريد أن تهيمن على الجمهور، وأن تجرّم التفكير والتعبير ويضجرها أن تكون امرأة ذات توجه علمانى تمارس منهج إعادة قراءة النصوص الدينية لتفكيكها وبيان سياقاتها والعوامل الثاوية وراءها، وهذه الفئة حاولت فى البدء تحميل الأزهر المسئولية لكن عندما ظهر ألا علاقة للأزهر بحادثة منعى أرادت أن تقيم محكمة التفتيش فى تونس.
كنت دوما مناصرة للرئيس السيسى متصدية لحكم الإخوان ولانتشار الإسلام السياسى والجماعات الدينية.. هل تعتبرين أن ما حصل لك فى المطار هو نوع من التخاذل من قبل نظام أنت تؤيدينه؟
هذه تأويلات راجت هنا وهناك ووظفتها بعض وسائل الإعلام والحال أنّها لا تتطابق مع الواقع، فمقالى الأسبوعى فى الشروق المصرية لا علاقة له بالشأن المصرى هو “رسالة تونس”أحلل فيها حدثا من الأحداث وإن كان نقدى لحركة النهضة باعتبارها حاكمة منذ 2012يحتسب مناصرة للسيسى فهو أمر غريب ثمّ إن غاية الكتابة ليست التقرب للسياسيين ولا البحث عن مناصرتهم أو حمايتهم إنّها تنخرط فى إبداء المثقف موقفه مما يجرى من حوله وهذا هو دور من بين الأدوار التى ينهض بها المثقف.
ما تعلقيك على تصريح الإعلامى التونسى مقداد الماجرى من أنك “نكرة”وأنك باحثة مختصة فى الجنس وليس فى الإسلاميات؟
يكفيه أن التهم الموجهة لى انقلبت ضده وعرّت المستور وكشفت محدودية فهمه وجهله بالأفق المعرفى الذى أتحرك ضمنه كما أن كلامه أبان عن كرهه للنساء وسيطرة الصور النمطية عليه فالدراسات الأنسانية تعد عارا وشنارا فى نظر أمثاله وقد تكفل عدد من التونسيين ببيان المستوى الأخلاقى الذى نزل إليه هذا الإعلامى بتعمد تحريف المعلومات، فالمسألة لا تتعلق بحماية الإسلام كما ادعى ولا إبراز محبة الرسول، إنما هى المتاجرة بالدين لخدمة مصالح باتت مكشوفة.
بعد الحادثة تم تمكينك من حراسة
شخصية هل كانت بطلب منك أم من السلطات التونسية وكيف تتعايشين مع المسألة؟
لست من الذين يرغبون فى تقييد تحركاتهم وتقليص حجم نشاطهم، فلا يعقل أن تصبح جميع الشخصيات السياسية والفكرية موضوعة تحت الحراسة فهذا عنوان فشل لمسار التوافق والحوار المجتمعى ومكافحة التطرف والعنف لكن السلطة الأمنية أصرت على حمايتى وتحملت مسئوليتها.
ما الدروس التي استخلصتها آمال قرامى بعد هذه الحادثة؟
ليست دروسا، وإنما استنتاجات منها أن الثورة التونسية باغتتنا ولم نكن جاهزين لإدارة مشكلات عديدة منها
مايتعلق بالسياسى فى علاقته بالديني، ومنها ما له وشائج بالحريات وإيلاء الفرد الأهمية التى يستحقها باعتباره هدفا للتشريعات والسياسات وليس أداة، ومنها انحدار مستوى التعليم فى بلادنا وفشل المؤسسة التعليمية فى الدفع باتجاه ترسيخ الفكر النقدى ومنها ما يتصل بالمسار الذى قطعه الإعلام التونسى فهو يعانى من صعوبات متعددة تمثل مفهوم حرية التعبير، وهيمنة رجال المال أو السياسة على بعض الوسائل الإعلامية وتوظيفها لخدمة أجندات معينة فضلا عن هشاشة التكوين.
ألا تعتبرين أنك قد استفدت إلى حد كبير من هذه الحادثة وأن اسمك راج أكثر فى وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي؟
المثقف لا يضع الشهرة هدفا رئيسيا فى حياته، ما يعنيه هو الاستقصاء والتمحيص وإرباك اليقينيات والدعوة إلى إعادة النظر فيما يبدو من الثوابت والمسلمات إن كان فى السياسة أو الاقتصاد أو غيرها من المجالات، إنّه يشق طريقه فى مسالك وعرة متسلحا بالمناهج الحديثة والمقاربات المتعددة وأدوات التحليل والتفكيك، علّه يصل إلى اقتراح قراءة جديدة لا تدعى تمثيل الحقيقة بل تحث المتقبلين على إعمال العقل والتدبر والتبصر والتحرر من أنظمة الهيمنة والوصاية، ولعل ما استفدته من هذه الحادثة أننى أثرت فضول البعض فراحوا ينقبون فى المصادر ويتناقشون حول مواضيع ظلت لمدة من المسكوت عنها فى وسائل الإعلام وصارت اليوم موضوعا للجدل: هل نفتح هذه الملفات أمام الجموع أم نبقيها داخل رواق الجامعات والمؤتمرات؟
بين حرية التعبير واستشراء العنف والإرهاب رهانات كثيرة والخطر واحد.. ما تقييمك للساحة الثقافية العربية؟
المسار الثورى لم يلامس الساحة الثقافية، ما زلنا محافظين على قلاع، بدأت تنهار الواحدة تلو الأخرى ونحن مدعوون إلى تحمل مسئولياتنا.
لك العديد من المؤلفات الإسلامية وأطروحتك للدكتوراة كانت عن “ظاهرة الاختلاف فى الحضارة العربية الإسلامية الأسباب والدلالات”.. لماذا هذه الدراسة تحديدا؟
المشروع الذى أتبناه يندرج فى إطار فلسفة الاختلاف وتجليات الغيرية، فما يهمنى هو دراسة وضع المختلف دينيا وعرقيا وجنسيا وطبقيا... وطريقة التعامل معه اجتماعيا وسياسيا وثقافيا وقانونيا، وتحليل أسباب اتخاذ مواقف تتسم بالشدة حينا وبالمرونة حينا آخر وفق سياقات حضارية مختلفة، ولئن كنت ركزت أطروحتى الأولى حول وضع “المتحول دينيا'و اللادينى فى سياق الثقافة العربية الإسلامية قديما وفى التاريخ المعاصر فإن أطروحتى الثانية وهى دكتوراة دولة تناولت الاختلاف الجنسى فنظرت فيها إلى أسباب التمييز بين مكانة الرجل والمرأة وعددت مواقف العلماء وحللت التبريرات التى قدموها ليسوغوا التمييز.
أنت عضو فى أكثر من جمعية من ضمنها جمعيات حقوق الإنسان وفريق بحث إسلامى مسيحى.. كيف ترين الانتهاكات التى تقوم بها الجماعات الإرهابية؟
الانتهاكات التى تمثل موضوع اهتمامى متعددة منها ما يتصل بالاعتداء على حقوق المواطنين وانتهاج مسلك الفرز والتصنيف والتهميش والتغاضى عن الدساتير والقوانين وغيرها من البلدان، ومنها ما له علاقة بالتمييز العنصرى ضد السود فى عدد من البلدان، ومنها ما له صلة بتكميم الأفواه ومنع حرية التفكير والتعبير والإبداع مثل ما يحدث لرئيف بدوى وإسلام البحيرى وسيد القمنى وغيرهم، ومعنى هذا أن أشكال الاعتداء على الحريات متعددة بدءا بتعامل بعض الأنظمة مع الحريات الفردية والعامة وصولا إلى الانتهاكات الوحشية لداعش، التى وصلت حدا لا يتقبله أى عقل بشري، أما الأسباب فهى متعددة منها ما له وشائج بالبنى الذهنية والعائلية والعلائقية ومنظومة القيم وأداء المؤسسات التعليمية والثقافية وغيرها.
أنت مسئولة عن تحليل الخطاب الدينى فى الإعلام الجديد كيف ترين هذا الخطاب من خلال عملك وما المعايير المفترض أن يتبعها؟
هذا الموضوع يثير أكثر من سؤال: هل لنا خطاب دينى أم خطاب حول الدين؟ هل المسألة تتعلق بالمضامين أم بالصراع حول السلطة: سلطة الهيمنة على الجماهير وضرب الوصاية عليها ؟ هل نحن أمام خطاب تنويرى أم خطابات تغرق فى تسويق الفكر الخرافى وتشرّع لانتهاك كرامة الناس؟ ما الأسس التى يرتكز عليها هذا الخطاب وما القيم التى تحكم بنيته الداخلية ؟ كيف يتقبل هذا الخطاب وفق عامل السن والجندر والطبقة ...؟ أمّا معايير عقلنة الخطاب فهى متعددة منها ما يتصل بوضع النصوص الدينية فى سياقها التاريخى وربطها بخصوصيات الثقافة السائدة آنذاك وتثاقف المسلمين مع الأمم المجاورة، ومنها ما له علاقة بالبنية الذهنية السائدة ووضع العلوم وتفكيك العوامل المؤثرة فى إنتاج خطابات متعددة حول الدين.
كيف ينظر الغرب للدين الإسلامى خصوصا بعد الانتهاكات التى يتبعها داعش؟
نشهد اليوم نزعة عدائية توجه ضد الإسلام والمسلمين ويعسر على المشتغلين بالحوار الإسلامى أو المستشرقين أو غيرهم من الدارسين التقليل من شأن هذا الصراع الذى يرتبط بأجندات سياسية واقتصادية وغيرها، ومن ثمة فإنّ الأكاديمية مطالبة اليوم باعادة تقييم مناهج الدراسات الإسلامية، وإدخال إصلاحات هيكلية على المؤسسات التعليمية والدينية لتكون مؤهلة للتصدى لتيار معاداة الإسلام والمسلمين من جهة والحد من ظاهرة الخروج من الإسلام من جهة أخرى.
ما موقف السفارة التونسية من منعك من دخول مصر؟
قامت السفارة بالتحرك منذ اليوم الأول، وذلك بناء على تعليمات وتوصيات صدرت من وزير الخارجية السابق ووعدت بمقابلة وزير الداخلية المصرى وتتبع الملف.
كيف ترين حال الدول العربية بعد ثورات الربيع العربى ؟
نعيش مرحلة تاريخية عصيبة نلمح فيها تحولات سياسية كبرى وأخرى اجتماعية، ولعلّ انعكاسات هذه التحولات تتجاوز هذه الأجيال لتؤثر فى تركيبة الشخصية العربية والبنية النفسية للعرب والمسلمين وغيرهم، فضلا عن الإرباك الحاصل فى منظومة القيم.
وأيضا بعد سقوط الإخوان المسلمين؟
التاريخ السياسى غير ثابت والتوازن بين مختلف القوى السياسية يخضع لاعتبارات مختلفة داخلية وخارجية، وهناك عوامل متعددة قد تسهم فى عودة هذا التيار (كظهور الاستبداد، والقمع...)، لذا لا يمكن الاحتماء بالأنظمة الفكرية الوثوقية واليقينية.
كل ما أملك عقل يفكر وقلم يكتب وصوت يجهر بالحقائق هكذا قلت ماذا تقصدين؟
الرسالة واضحة لا أملك رشاشا حتى أهدد أمن الدول بل فكر حى وبصيرة وشجاعة تسمح لى بالتعبير عن آرائى ومواقفى وصوتا عاليا.
أنت مهتمة بقضايا حقوق الإنسان والمرأة المسلمة؟
هذا مشغل من المشاغل التى أعنى بها، لاسيما أننى أدرس قضايا الجندر والفكر النسوى والقضايا الفكرية المتعلقة بحقوق الإنسان، كما أننى أشرف على أطروحات مجموعة من الباحثات الذين ينطلقون فى مغامرة البحث فى أسباب العطب وعسر تحقق إنسانية الإنسان.
هل المرأة مظلومة فى المجتمع العربى مقارنة بالمرأة فى الغرب كما يروج البعض؟
سؤال كلاسيكى، القهر موجود فى كل المجتمعات التى تحكمها علاقات تسلطية مدعومة بمؤسسات ترعى البطريكية ومن ثمة لم تعد المرأة المسلمة وحدها الضحية كما أنّه ما عاد بالإمكان التعميم فمن النساء المسلمات من تحولن إلى صاحبات قرار قادرات على تغيير الصور النمطية التى تحاصر النساء.
حدثينا عن د. آمال القرامى طفولتك والعوامل التى أثرت فى تكوين شخصيتك؟
أنا من أسرة محبة للعلم ومنفتحة على المعرفة، فوالدى رحمه الله زيتونى التكوين نال إجازته من الجامعة الزيتونية و عزز هذا التكوين المتين بالعلوم الشرعية بإتقان اللغة الفرنسية وتدريسها، ومن ثمة توسعت دائرة إطلاعه على أمهات الكتب فى الثقافتين .ويعزى له الفضل فى دفعى إلى الاهتمام بالسياسة باعتبار أنه كان يحثنى منذ صغرى على حضور النقاشات التى كانت تجرى فى بيتنا وبين الرجال حول الشأن العام، وقد تلقيت تعليمى فى معهد الراهبات بحكم أن والدى كان يتنقل من بلدة إلى أخرى، ولعل هذا العامل ساعدنى فيما بعد على الانخراط فى دراسة الأديان المقارنة والانتماء إلى فرق البحث الإسلامية المسيحية فى العالم.
من ساهم فى بناء شخصيتك؟
معرفيا نحت فى الصخر وبنيت كيانى بالتعويل على نفسى والمثابرة والخروج من أسر التبعية وأنظمة الوصاية، ولكن عائليا يعود الفضل إلى والدتى التى ضحّت ولا تزال فى سبيل أن أبلغ لمكانة المرموقة التى تليق بالمرأة المكافحة فى الحياة والأبيّة، ولزوجى الفضل فى مساندتى فى رحلتى البحثية ومحاولاتى المتعددة من أجل الارتقاء المعرفى.
متى تنهض الدول العربية وتفيق من كبوتها؟
عندما تمتلك الإرادة والعزم على تغيير الواقع، وتدرك أن الأمم العالة على غيرها والمفرطة فى سيادتها والمتهاونة فى بناء ذاتها، لا يمكن أن تدخل التاريخ من بابه الواسع وتترك بصمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.