الطيب الصادق طرح الحكومة السندات الدولارية فى الأسواق العالمية بقيمة 1.5 مليار دولار بدلا من الاقتراض من صندوق النقد الدولي، يؤكد أن الحكومة تطبق سياسة «الضرورات تبيح المحظورات» فى ظل تفاقم الدين العام لمصر، مما سيزيد من أعباء الدين الخارجى الفترة المقبلة، مع زيادة عجز الموازنة العامة للدولة الذى من المتوقع أن يصل إلى 300 مليار جنيه فى موازنة 2014 /2015 لكن الحكومة ترى أن طرح السندات الدولارية ضرورية لسد الفجوة التمويلية الناتجة عن نقص الإيرادات الدولارية، خصوصا مع تراجع عائد القطاعات التى تمول الموازنة بالدولار ومنها السياحة. وزير الاستثمار أشرف سالمان، أشار إلى أن إصدار أدوات الدخل الثابت تعد إحدى الأدوات المالية لاجتذاب الاستثمار الأجنبى المباشر منوهاً إلى تميز الطرح الحالى بالشفافية التى تتوافق والأعراف الدولية، موضحا أن مصر تسير وفق سياسة واضحة للإصلاح الاقتصادى والاجتماعى تتطلب انفتاح السوق المصرى على السوق العالمى والتكامل معه لتلبية متطلبات النمو. ولفت وزير الاستثمار النظر إلى أن تنويع مصادر التمويل والنفاذ إلى الأسواق المالية يعطيان ميزة تنافسية للاقتصاد المصري، مشيراً إلى أن نجاح أى دولة الاقتصادى يقاس بقدرتها على النفاذ إلى التمويل، وأن ما قامت به مصر خلال الفترة السابقة وما ستقوم به خلال الفترة المقبلة من إجراءات إصلاحية تزيد من تحسين مناخ الاستثمار يصب بمجمله فى صالح الاقتصاد المصرى وتحسين مستوى المعيشة وتوفير فرص العمل وتقليل معدلات الفقر والبطالة. وأكد هانى قدرى وزير المالية أن طرح السندات الدولارية للسوق العالمي، إنما هو عودة للسوق الدولى واستكمال لجهود مصر الرامية إلى تعزيز الثقة فى الاقتصاد المصرى واستمرار عرض الحالة المصرية أمام السوق العالمى ومخاطبة أسواق المال العالمية فى إطار مؤسسى يتميز بالإفصاح والشفافية يمكننا من عرض رؤية مصر المستقبلية أمام العالم. وأشار وزير المالية إلى أنه تم اختيار توقيت طرح السند بما يعزز من المكاسب المصرية خصوصا بعد نجاح مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى وتقارير مؤسسات التقييم الدولى وتقرير صندوق النقد الدولي، بجانب رغبة المستثمرين القوية للاستثمار فى الأوراق المصرية. وكانت وزارة المالية قد أعلنت عن تفعيل قرار مجلس الوزراء الخاص بطرح سندات دولارية بقيمة 1.5 مليار دولار فى الأسواق المالية العالمية، وشكلت لجانًا مشتركة من وزارة المالية، وتضم ماليين وقانونيين، وهيئة الخدمات الحكومية، وإدارة الفتوى والتشريع، ومجلس الدولة، وممثلين من وزارة الاستثمار، وهيئة الرقابة المالية، والبنك المركزى المصري، وأعلنت فوز 5 بنوك استثمار عالمية كمستشار لطرح السندات الدولارية من بين 19 بنكًا تقدمت، وهي: نابسيس، وجى بى مورجان، ومورجان استانلي، وسيتى بنك، وبى إن بى باريبا ومن المقرر، أن يكون الطرح فى بورصة إيرلندا، حيث تمتلك مصر 4 طروحات دولية بقيمة 3.750 مليار دولار تنقسم إلى سند بقيمة 1.250 مليار دولار يستحق فى سبتمبر 2015، وآخر فى يوليو 2016، ثم فى 2020، ثم 500 مليون دولار فى 2040. هانى أبو الفتوح الخبير المصرفى، يؤكد أن قرار مجلس الوزراء بالموافقة على طرح السندات الدولارية أعاد مصر إلى الأسواق الدولية مرة أخرى، حيث إن هذا الطرح هو الأول لسندات مصرية منذ عام 2010 سبقه أطروحات ناجحة فى أعوام 2005 و 2006 و 2009 مشيرا إلى أن القرار بطرح سندات دولاريه كبديل عن اللجوء إلى خيار الاقتراض من صندوق النقد الدولى أو مؤسسات التمويل الأخرى وذلك لتوفير الاحتياجات المطلوبة لمواجهة عجز الموازنة وتمويل الاستثمارات، بمعنى آخر تغطية الفجوة التمويلية من أجل توفير الموارد إلى مجالات متنوعة تحددها الحكومة مثل الكهرباء والصحة وسداد مستحقات الشركات بالدولار والالتزامات الأخرى. ولفت النظر إلى أن هناك عدة أسباب تدعم قرار إصدار السندات الدولارية منها انخفاض الدين الخارجى من 46 مليار دولار إلى مستوى 41 مليار دولار، وهذا المؤشر مازال فى الحدود الآمنة ويشكل 11% كما أن تقارير وكالات التصنيف الائتمانى التى أشرت إلى انخفاض درجة مخاطر الاقتصاد المصرى خلال العامين الماضيين أدت إلى تأثير إيجابى على تكلفة الطرح كذلك انخفاض سعر الفائدة على الدولار إلى مستوى 2% مع توقع زيادة أسعار الفائدة خلال العام الجارى يجعل إصدار السندات الدولارية بتكلفة اقتراض ميسرة مع الأخذ فى الاعتبار أن تكلفة الاقتراض من الداخل تصل إلى 10% وهى أكثر كلفة مقارنة بتكلفة التمويل الخارجي. وأضاف أنه من العوامل الإيجابية لإصدار السندات الدولارية أيضا عودة ثقة المستثمرين ومؤسسات التمويل فى الاقتصاد المصرى على الرغم من الأوضاع الأمنية والسياسية التى تشهدها المنطقة العربية، وكذلك العمليات الإرهابية التى تقوم بها جماعات التكفير والجماعة الإرهابية. ومن جانبه يقول الدكتور وليد الحداد الخبير الاقتصادى أن السندات الدولارية لا غنى عنها فى ظل عجز ميزان المدفوعات وعجز الموازنة العامة وهى أداة مالية تستخدمها كل الدول تقريبا لأنها توفر السيولة المطلوبة من العملة الأجنبية، مشيرا إلى أن تصنيف مصر الائتمانى فى حدود الأمان، مما يعزز من إصدار السندات الدولارية بفائدة معقولة، لأن المؤسسات الدولية التى تقوم بدراسة أحوال الدول أكدت على قدرة مصر على السداد، وأضاف د. الحداد قائلا: يبقى السؤال المهم وهو كيف يمكن التخطيط لتقليل الاعتماد على الديون الخارجية والداخلية وتغطية عجز الموازنة؟ ولذلك يجب اتخاذ إجراءات حاسمة لمحاولة تقليل عجز الموازنة وميزان المدفوعات، حيث يمكن تقليل عجز الموازنة من خلال تنفيذ إجراءات الإصلاح الضريبى، وإجراءات محاولات إدماج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد القومى لأنها ثروة مهدرة فمثلا لو تم تقنين أوضاع " التوك توك " فقط مقابل مبلغ للتصالح سيسهم فى تحصيل نحو 600 مليون جنيه سنويا لأن الإحصائيات تشيرا إلى أن مصر فيها نحو 6 ملايين "توك توك" فلو تم فرض ضريبة على كل "توك توك " 100 جنيه فقط سنويا لتم تحصيل هذا المبلغ، كما أن سيارات "السوزوكي" التى تعمل كأجرة بأرقام ملاكى لماذا لا يتم تقنين أوضاعها بفرض ضريبة مناسبة معقولة تراعى قدرة العامل وحق الدولة فى نفس الوقت، لذلك نحتاج إلى تفكير غير تقليدى لتوليد موارد للدولة وكذلك ترشيد الاستيراد وبذل الجهود لتحسين جودة المنتجات وفتح أسواق جديدة خصوصا أن إفريقيا كلها متعطشة للمنتجات المصرية. لكن الدكتورة عالية المهدى عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابق، أكدت أن طرح السندات الدولارية فى الأسواق العالمية سيرفع معدلات الدين الخارجى، فضلا عن ارتفاع العائد على السندات، نظرا لأن التصنيف الائتمانى لمصر برغم التوقعات بارتفاعه خلال الفترة المقبلة، مازال فى مراحل متدنية ودرجة المخاطرة على الاقتراض المصرى مازالت مرتفعة.