سمير فرج: طالب الأكاديمية العسكرية يدرس محاكاة كاملة للحرب    رموز «الحوار الوطني» يتحدثون عن المبادرة الأهم بتاريخ مصر الحديث    تباين أداء مؤشرات البورصات الخليجية خلال تداولات الأسبوع    محافظ الإسكندرية: معرض ثابت كل أسبوعين لدعم الأسر المنتجة    وزير خارجية إسرائيل: سنؤجل عملية رفح الفلسطينية إذا توصلنا لاتفاق بشأن المحتجزين    شيفيلد يونايتد يودع البريميرليج بعد الخسارة أمام نيوكاسل بخماسية    أمن الجيزة يضبط تشكيل عصابي لسرقة السيارات بالطالبية    ياسمين عبد العزيز تكشف ظهورها ببرنامج «صاحبة السعادة» | صور    أبو حطب يتابع الأعمال الإنشائية بموقع مستشفى الشهداء الجديد    لمكافحة الفساد.. ختام فعاليات ورش عمل سفراء ضد الفساد بجنوب سيناء    «صلبان وقلوب وتيجان» الأقصر تتزين بزعف النخيل احتفالاً بأحد الشعانين    خبير: التصريحات الأمريكية متناقضة وضبابية منذ السابع من أكتوبر    خبير ل الحياة اليوم: موقف مصر اليوم من القضية الفلسطينية أقوى من أى دولة    توقعات عبير فؤاد لمباراة الزمالك ودريمز.. مفاجأة ل«زيزو» وتحذير ل«فتوح»    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    وكيل صحة الشرقية يتابع عمل اللجان بمستشفى صدر الزقازيق لاعتمادها بالتأمين الصحي    الرضيعة الضحية .. تفاصيل جديدة في جريمة مدينة نصر    استهداف إسرائيلي لمحيط مستشفى ميس الجبل بجنوب لبنان    المصريون يسيطرون على جوائز بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية للرجال والسيدات 2024 PSA    حكم الاحتفال بعيد شم النسيم.. الدكتور أحمد كريمة يوضح (فيديو)    بالفيديو .. بسبب حلقة العرافة.. انهيار ميار البيبلاوي بسبب داعية إسلامي شهير اتهمها بالزنا "تفاصيل"    سؤال برلماني عن أسباب عدم إنهاء الحكومة خطة تخفيف الأحمال    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    بعد جريمة طفل شبرا الخيمة.. خبير بأمن معلومات يحذر من ال"دارك ويب"    كيفية التعامل مع الضغوط الحياتية.. لقاء تثقيفي في ملتقى أهل مصر بمطروح    رامي جمال يتخطى 600 ألف مشاهد ويتصدر المركز الثاني في قائمة تريند "يوتيوب" بأغنية "بيكلموني"    رئيس الوزراء الفرنسي: أقلية نشطة وراء حصار معهد العلوم السياسية في باريس    أحمد حسام ميدو يكشف أسماء الداعمين للزمالك لحل أزمة إيقاف القيد    مصر ترفع رصيدها إلى 6 ميداليات بالبطولة الإفريقية للجودو بنهاية اليوم الثالث    إنجازات الصحة| 402 مشروع قومي بالصعيد.. و8 مشروعات بشمال سيناء    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان.. صور    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    فوز أحمد فاضل بمقعد نقيب أطباء الأسنان بكفر الشيخ    «صباح الخير يا مصر» يعرض تقريرا عن مشروعات الإسكان في سيناء.. فيديو    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة جراء سوء الأحوال الجوية    الشرطة الأمريكية تفض اعتصام للطلاب وتعتقل أكثر من 100 بجامعة «نورث إيسترن»    الكشف على 1670 حالة ضمن قافلة طبية لجامعة الزقازيق بقرية نبتيت    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    «تملي معاك» أفضل أغنية عربية في القرن ال21 بعد 24 عامًا من طرحها (تفاصيل)    مصر تواصل أعمال الجسر الجوي لإسقاط المساعدات بشمال غزة    الصين: مبيعات الأسلحة من بعض الدول لتايوان تتناقض مع دعواتها للسلام والاستقرار    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    قطاع الأمن الاقتصادي يواصل حملات ضبط المخالفات والظواهر السلبية المؤثرة على مرافق مترو الأنفاق والسكة الحديد    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرضًا لمنتجات طلاب المدارس الفنية    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    «شريف ضد رونالدو».. موعد مباراة الخليج والنصر في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    إزالة 5 محلات ورفع إشغالات ب 3 مدن في أسوان    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    تعليم الإسكندرية تستقبل وفد المنظمة الأوروبية للتدريب    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    خبير أوبئة: مصر خالية من «شلل الأطفال» ببرامج تطعيمات مستمرة    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هاجمها البعض وسط انتشار كبير.. حفلات التوقيع خطوة فى طريق رواج الكتاب
نشر في الأهرام العربي يوم 22 - 03 - 2015


عزمى عبد الوهاب
انتشرت فى الآونة الأخيرة، حفلات توقيع الكتب، وقد هاجمها البعض باعتبارها تقليدا غربيا، أو عملية غش تجارى لصالح الناشر، وكلها اعتبارات لا علاقة لها بضرورة الترويج للكتاب، فى مجتمع ينحو تجاه التطرف والعنف وقراءة أوراق صفراء، تختبئ خلفها قنبلة موقوتة، صالحة للانفجار فى أية لحظة، وفى وجه الجميع، الكتاب صانع حضارة، ودليل صحة شعب ما، تقاس بانتشار الكتاب فى الشارع وفى وسائل المواصلات، وفى غيرها من أماكن عامة.
فى المترو الآن ستصطدم عيناك بمشهد لشاب بين يديه كتاب، وهو المشهد الذى غاب كثيرا، لكنه عاد، فى معرض القاهرة للكتاب وفى غيره من معارض عربية، سترى ركنا خاصا لحفلات التوقيع، وهذا مؤشر على أن مجتمعنا يتعافى من وعكة ألمت به على مدار سنوات من تهميش الدولة لدور المثقف، واكتفائها بالتعامل معه على أنه ورقة، ضمن أوراق، فى حربها على الإرهاب، ومتى انتهت منها ركنته إلى حائط.
لا تغيب عن الذاكرة مشاهد من هذه الحفلات، التى بدأت على نحو يمثل ظاهرة جديدة، مع صدور رواية «عمارة يعقوبيان» لعلاء الأسواني، عن دار الشروق، كان عملا يبدو مؤسسيا، من الدار والكاتب نفسه، الذى لجأ إلى رسائل المحمول، لدعوة أصدقائه، ومن يعرفهم لحضور حفل توقيع روايته، كانت الرواية قد صدرت طبعاتها الأولى عن دارى نشر مختلفتين، لكن عملا له علاقة بصناعة كاتب أو نجم لم تقم به إلا دار الشروق، وكان الحفل المشار إليه فى «الفور سيزون» وكانت الطوابير على الجانبين، مشهدا جديدا فى علاقة القارئ بالكاتب، حيث يقف أصحابها فى انتظار دورهم فى الحصول على توقيع الكاتب.
الخطوة الثانية فى هذا الإطار قامت بها دار الشروق أيضا، عندما كان لديها هاجس أن تكون جزءا من المشهد الثقافى بنشر الإبداع، لكتاب كبار، والتقاط آخرين تتوسم فيهم صعودا ما، ولو بعد حين، وهو ما توقفت عن أدائه الدار الآن، ربما لغياب ما أطلق عليه آنذاك منح النشر القادمة من الغرب، ولذا راهنت الدار – أيامها - على تحويل ثلاث مدونات، حققت انتشارا كبيرا على شبكة الإنترنت، إلى كتب، وكانت تلك آخر علاقة بين أولئك البنات أصحاب المدونات والكتابة، لكن حفل التوقيع الذى أقيم لهن كان مذهلا، للدرجة التى جعلت الكاتبات يصدقن أنهن كاتبات فعلا، وكانت الدار تسير فى اتجاه "صناعة النجم" حيث تم الترويج لأولئك المدونات فى برامج "التوك شو" عندما كانت مذيعة اسمها "منى الشاذلي" أهم من كل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وقد استضافت بالفعل هؤلاء القادمات من الواقع الافتراضي، لكن من الواضح أن مواهبهن، لم تمنح الدار الفرصة لصناعة النجم، فقد ذهب أولئك إلى زوايا النسيان، وتراجعت الدار نفسها عن نشر الإبداع، إلا ما ارتبط بالحصول على جائزة هنا أو هناك.
فى مصر لا يوجد جانب مؤسسى فى صناعة النجم، كل الأسماء التى تتصور أن أصحابها نجوم، حفروا فى الصخر حتى أصبحوا ما هم عليه، وبعضهم أصبح كذلك لأشياء لا علاقة لها بإبداعه، بقدر ما لذلك علاقة بقدرة الكاتب على تكوين شبكة علاقات عامة، تمنحه مساحات ثابتة فى الصحف والمجلات، أيام لم يكن متاحا غيرها، وسيلة للعبور إلى الجمهور، وكانت حفلات التوقيع جزءا من آليات صناعة النجم فى الفترة الأخيرة، وكان جمهور مختلف وذائقة جديدة تتشكل مع صعود هذه الظاهرة إلى الذروة، وكل واحد له نصيب مختلف عن غيره، فالكاتب أحمد خالد توفيق يتحمل جمهوره الوقوف لساعات على قدميه، ليحصل على توقيعه، فهو يكتب نوعا من الكتابة، تستهلكه شريحة معينة من القراء، يتراوح أعمار أصحابها بين الخامسة عشرة والعشرين، فهو صاحب سلاسل من الروايات البوليسية والألغاز والرعب، بكل ما تعتمد عليه من أساليب مشوقة.
وفى الدورة الأخيرة من معرض القاهرة للكتاب كان حفل توقيع شاب اسمه "زاب ثروت" لافتا للانتباه، فمئات الشباب كانوا فى انتظاره بنسخ من كتابه "حبيبتي" الذى لا هو رواية ولا ديوان شعر، كان الفتى قادما من حقل الراب والغناء الجديد إلى سطح الكتابة، وانتقل جمهوره معه إلى خيمة بمعرض الكتاب، كان "زاب ثروت" صادقا مع نفسه، بعيدا عن الأوهام التى روجتها إدارة المعرض عنه، فقد اعترف بأنه ليس كاتبا، وأن كتابه لم يوزع آلاف النسخ فى يوم، لكن جمهورا ما تخلق مع مثل هذا النوع من الكتابة التى يكتبها "زاب ثروت"..انتشار حفلات التوقيع مرتبط بصورة ما بتكاثر دور النشر الصغيرة، التى تأخذ مقابلا ماديا من الكاتب، نظير نشر كتابه، ومرتبط كذلك بانتشار عدد من المكتبات الحديثة، التى تبيع الكتب، وتقدم خدمات موازية، لها علاقة بتطور الاتصالات، ولا مانع من أن تقدم المشروبات للمترددين عليها، سنحاول أن نحتفى معا بمثل هذه الحفلات، التى تصنع فضاء جديدا للكاتب، بعيدا عن القيمة، فالقيمة يثبتها التاريخ أو ينفيها ولن يصح إلا الصحيح فى النهاية.
تزايدت حفلات التوقيع بإيقاع سريع مع الدورة الأخيرة من دورات معرض الكتاب، المنتهية فى فبراير الماضي، مع ضرورة التأكيد أن تلك الظاهرة منتشرة فى العالم العربى، ولا يتميز بها قطر عن آخر، أو دار نشر عن غيرها، أو كاتب كبير عن صغير، وإن كان البعض يرفض أن يشارك فى هذه الحفلات.
(1)
أقام الكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد حفل توقيع لروايته "أداجيو" الصادرة حديثا عن الدار المصرية اللبنانية، فى الجناح الخاص بالدار فى معرض القاهرة الفائت، وهى الرواية التى تناولها الناقد صلاح فضل قائلا: "أداجيو" هو عنوان الرواية الأخيرة المثيرة للكاتب المتفرد إبراهيم عبد المجيد، يزيح فيها عن صدره تجربة فقد مريرة عاناها منذ سنوات، وهو يبحث لها عن معادل تخييلى ينفث به وجده، ويبخر شجنه، ويكثف بالتطهير مشاعره، هو فقد رفيقة العمر التى ذاق الحياة بصحبتها، فاستحالت بعد رحيلها إلى ملاك طاهر، يقدم له روائياً طقوس المحبة بطريقة مثالية نادرة، لا تكفيراً عن ذنوبه، بل ولها مستعاداً بأثر رجعى، وتفانياً معكوساً بطريقة مبالغ فيها، وأحسب أنها تجربة لا يكفى الخيال مهما بلغ نشاطه فى تشكيلها، بل لا مفر من أن نلمح فيها عصارة خبرة الكاتب وذوب قلبه وهو يقيم عالماً من الفانتازيا المشاكلة للحياة المصفاة، وقد استحالت إلى لحن الوفاء الرومانسي، فى لحظة وداع بطيئة ممتدة بإيقاع «الأداجيو» الشجى المنهمل الحزين.
(2)
هنا جمهور مختلف تماما عن جمهور الأدب، فالمؤلفة هى "الدكتورة عواطف سراج الدين" وفى كتابها "الولايات المتحدة الأمريكية والصراع العربى الإسرائيلي" الصارد عن "دار مصر العربية للنشر والتوزيع" يصبح طبيعيا ان يستقطب حفل توقيعها الكتاب أسماء كبيرة، تنتمى إلى العمل السياسى والأكاديمي، وفى الكتاب تشير د. عواطف سراج الدين إلى أن أهمية هذا النزاع بالنسبة للولايات المتحدة، يمثل أولوية خاصة فى السياسة الأمريكية، ويعود ذلك لاعتبارات موضوعية عديدة، فى مقدمتها الموقع الجيوبوليتكي، حيث تقع المنطقة فى قلب العالم، وجسر الاتصال بين كافة أجزائه شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، وما زاد من أهمية وزنها فى القرن العشرين قناة السويس، وتفجر ينابيع البترول فى أجزاء كثيرة من المنطقة، بما يعكس وجود ثروة كبرى تهم العالم حاضره ومستقبله، الأمر الذى جعلها مركزا للصراعات، ومنطقة للصدام بين الشرق والغرب، ونظرا لأهميتها إستراتيجيا – للقوى الكبرى المتصارعة – وضع الأمريكيون نصب أعينهم، مهمة إيجاد حلول مناسبة، للمشكلات والقضايا الخاصة بهذه المنطقة؛ كى لا تتعرض لأى نوع من التهديدات من شأنه أن يؤثر على الوجود الأمريكى وثقله فيها.
(3)
تختلف دار آفاق للنشر عن غيرها من الدور الأخرى بأنها لم تنسق وراء مقولة "زمن الرواية، فهى تنشر كتابا نوعيا، مثلها مثل "دار مصر العربية" وقد نشرت فى الآونة الأخيرة الأعمال الكاملة للكاتب "عبده جبير" وأقامت له أكثر من حفل توقيع، سواء فى مقر مكتبتها بوسط البلد أم فى جناحها بمعرض الكتاب، و"عبده جبير" كاتب كبير برز اسمه فى السبعينيات، وهو بمثابة شاهد على المشهد الثقافى المصري، وكتبت عن أعماله القصصية والروائية الكثير من الرسائل الجامعية والدراسات، ابتعد فترة عن القاهرة، لكنه عاد أخيراً ليصدر أعماله الكاملة، وقد صدر منها الكتب التالية: رجل العواطف يمشى على الحافة .. قصص قصيرة عطلة رضوان.. رواية بفضل كل الخيال.. قصص وثائقية النغم الشارد.. المعركة حول الشيخ إمام وفؤاد نجم الترجمة الكاملة لموسيقى عبد الوهاب فى شوارع القاهرة البستان والراديو.. وبعض الكتب.
(4)
ظل الكاتب السودانى "حمور زيادة" يعيش فى القاهرة لسنوات، ويتحرك فيها بخطى بطيئة، إلى أن فازت روايته "شوق الدرويش" الصادرة عن دار العين للنشر والتوزيع، بجائزة نجيب محفوظ التى تمنحها الجامعة الأمريكية سنويا فى عيد ميلاد محفوظ، فأقيمت الندوات لمناقشة الرواية، وكذلك حفلات التوقيع.
وزيادة كاتب صحفى وروائى سودانى، ولد بالخرطوم بمدينة أم درمان ونشأ بها، واشتغل بالمجتمع المدنى لفترة ثم اتجه للعمل العام والكتابة الصحفية، فكتب بالصحف المستقلة، وتولى مسئولية الملف الثقافى بصحيفة الأخبار السودانية، كما تعرض لانتقادات من التيارات المحافظة والإسلامية بالسودان لنشره قصة عن الاعتداء الجنسى على الأطفال، واعتبر جريئًا يكتب ما يخدش الحياء العام للمجتمع، واضطر بعدها لمغادرة السودان والإقامة في مصر. صدرت له العديد من القصص والروايات ومن أشهرها: المجموعة القصصية سيرة أم درمانية، رواية الكونج، رواية النوم عند قدمى الجبل، وأخيرا "شوق الدرويش" التى منحته الجامعة الأمريكية الجائزة عنها، كما كانت الرواية نفسها إحدى روايات القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2015 بوكر.
(5)
وفى معرض القاهرة للكتاب احتفل الروائى وجدى الكومي، بتوقيع روايته "إيقاع" الصادرة عن دار الشروق، التى تدور حول أوضاع المصريين الأقباط، منذ عام 2009 إلى عام 2013، وهى فترة التحولات السياسية المهمة التى أثرت على حياة المصريين، كما ترصد التغيرات والتحولات التى طرأت على المجتمع المصري، على خلفية خيط مخادع لبطلة الرواية التى تملك قطعة من الأرض فى منطقة بين السرايات.
وتعيد الرواية قراءة الواقع من خلال الخيال المنسوج بحبكة عالية وجرأة، دخل بها الكاتب عوالم مختلفة، متقمصًا أبطاله وكاشفًا أسرارًا وتساؤلات تثار فى أذهاننا.
صدر لوجدى الكومى قبل ذلك، ثلاث روايات هى "شديد البرودة ليلًا" و"الموت يشربها سادة" و"خنادق العذراوات"، ومجموعة قصصية بعنوان "سبع محاولات للقفز فوق السور".
(6)
أقامت الدار "المصرية اللبنانية" فى جناحها فى معرض الكتاب حفل توقيع للطبعة الثانية من رواية "عشرة طاولة" للكاتب محمد الشاذلى الذى يوثق فيها للحالة الاجتماعية للمصريين بين ثورتى 25 يناير 2011 و 30 يونيو 2013، والرواية الصادرة فى نحو 150 صفحة من القطع المتوسط، لا تغرق فى تفاصيل الأوضاع السياسية فى تلك الفترة، طوال سرده لحياة موظف الضرائب "رجائى متولي" الذى يهوى "لعب الطاولة"، ويقوده احتراف تلك اللعبة إلى عوالم جديدة يتعرف معها القارئ على شخصيات جديدة فى الرواية.
ويتوارى العمق الاجتماعى لشخصيات الرواية الغارقة فى المصرية خلف نرد الطاولة الذى يلتف حوله المتنافسون، إذ تمكن الشاذلى من توثيق مشاعر عاشتها شرائح مختلفة من المصريين إزاء أحداث سياسية جسام لم يغص فيها ربما كى لا يُشتت ذهن القارئ بعيدا عن عوالم شخصيات الرواية، حتى حالة الاحتقان السياسى التى عاشها المصريون قبل ثورة 30 يونيو، وثقها الشاذلى من خلال "عشرة طاولة" جمعت بطل الرواية وزملائه، اختار لها مقهى فى مدينة بلبيس فى محافظة الشرقية، فى رسالة ضمنية على ما يبدو بأنها مسقط رأس الرئيس المعزول محمد مرسي، ففيها يتحدث بطل الرواية رجائى متولى للمرة الأولى مع واحد من شباب حركة "تمرد" وفى ثنايا الرواية يواجه القارئ نفسه بسؤال ألمح إليه الشاذلى من دون أن يطرحه بشكل مباشر، وهو: "هل النهج الإصلاحى أفضل أم الثورى فى تحقيق تطور مرجو؟" الرواية كتبت ما بين الثورتين والأحداث ساخنة بعد ولكن هناك رؤية وراء الكتابة تجعل كل الاحتمالات مفتوحة على أنواع شتى من الصراعات السياسية والاجتماعية.
(7)
وفى جناح مركز الأهرام للنشر بالمعرض أقيم حفل توقيع رواية «خرائط التماسيح» للروائى محسن يونس، والرواية كما وصفها محمد الشاذلى - مدير المركز - عمل مكتمل الأركان ينتمى إلى عالم شديد الخصوصية، وتتخطى الواقعية حيث نجد التماسيح تخرج من الأحراش للبحث عن الإله المصرى القديم «سبك» الذى يشبه التماسيح فى شكله، لكنه فى جسد إنسان، تتحاور التماسيح مع أهل الجزيرة، لكن تبقى علاقاتها ملتبسة بصاحب القصر الذى نراه فى أحد فصول الرواية وقد افترسته التماسيح، ولكن فى فصول أخرى نراه موجوداً ومتواصلاً مع التماسيح.
وفى حفل التوقيع تحدث الشاعر أنيس البياع عن محسن يونس، قائلا: إنه كان جزءا مهما من الحركة الثقافية فى دمياط التى بدأت فى الستينيات وأسهمت فى خروج الكثير من الكُتاب والشعراء والأدباء، تلك الحركة التى كان يجب أن تتناولها الكثير من الأقلام النقدية لما بها من الخصوصية.
وأضاف أن غاية الأدب هى الإنسان، وهذا ما أدركه محسن يونس فى كتاباته، حيث اهتم بالإنسان وحياته اليومية وما بها من معاناة، والرواية هى صدى للواقع الذى عاشه الكاتب بكل حواسه ونحته بمفرداته اللغوية بشكل مبدع.
(8)
أقيم للمجموعة القصصية "تاكسى أبيض" لشريف عبد المجيد العديد من حفلات التوقيع فى الكتب خان ودار العين ومكتبة ديوان وفى مقر الدار المصرية اللبنانية التى طبعت العمل وفى مخيم الإبداع بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، ولم تكن الأجواء احتفالية فحسب، بل دارت مناقشات مهمة.
يقول شريف عبد المجيد: "استفدت من هذه المناقشات، وتعرفت على ملاحظات النقاد والقراء، سواء كانت تلك الملاحظات سلبية أم إيجابية، وفى ظنى أن حفلات التوقيع تفيد الكاتب، ليس فقط بالترويج للكتاب، ولكن بالمناقشة الجادة، حيث أننى لا أومن فقط بحفل التوقيع، ولكن بأن تكون هناك مناقشة نقدية للكتاب، ولم أقم بتنظيم حفل توقيع دون مناقشات جادة، أقرأ فيها بعض القصص، وأستقبل النقد، وحتى الهجوم على العمل، لأن ذلك يعنى ترسيخا لقيم الديموقراطية، فلا معنى لدعوة الكتاب للديمقراطية ثم لا يستمعون للرأى الآخر فى أعمالهم.
(9)
أصدرت القاصة سعاد سليمان مجموعتها القصصية «شهوة الملايكة» عن "دار روافد" وكانت حفلات التوقيع دائما مسبوقة بالمناقشة والقراءات النقدية فى قصص المجموعة التى تبدو منحازة إلى تقديم تنويعات سردية، تتفاوت بدءاً من مقدار الحيز الكمى للسرد، حيث نرى قصصاً تزيد على صفحتين، وأخرى لا تزيد على سطرين فحسب، كما تتنوع فى استخدام صيغ أسلوبية مختلفة ما بين سرد ذى طابع شعري، أو سرد ذى نزعة درامية، فضلاً عن تنوع لافت فى توظيف طرائق النص المستخدمة.
هكذا يؤكد الناقد الدكتور يسرى عبد الله موضحاً أن المجموعة تتشكل من أكثر من أربعين نصاً تتفاوت فى الطول والقصر، وفى آليات البناء، وطبيعة النص وماهيته، تنويعات مختلفة تكشف عن زخم حقيقى داخلها، ووعى بجوهر النوع الأدبي.
تضعنا سعاد سليمان أمام وضعية مأزومة لامرأة مقموعة، تخفى خوفها من عالم يسكنه الحرمان العاطفى والتعاطى الساذج مع المرأة بوصفها متاعاً للرجل، لا حق لها، بل ثمة حقوق تترتب عليها دوماً فى ظل مجتمعات ذكورية بامتياز، وأتاح السرد بضمير المتكلم قدراً عارماً من البوح، والاتكاء على آلية الاعتراف بلا وجل، وتعتمد القاصة تكنيك المفاجأة فى نهاية قصتها التى تخلو من الخفة والعمدية، فتكشف لنا عن عجز الذات عن حماية الأب البائس من سخرية زملائها فى الجامعة، ودفع الضابط له بقوة.
وثمة ذات مقهورة فى النص القصير جداً: «بوابة حنان»، لا تتجه فيه الكاتبة صوب إدانة الذات على نحو بارز، بل تسعى لتبرئتها إلى حد ما، بخاصة حين تسأل عالماً محيطاً مسكوناً بالزيف والخداع. ويحضر المجاز بقوة، لنصبح أمام تصدع عالم، وتداعى آخر، فى مقابل نص مسكون بالقسوة، حيث تتسع مساحات المونولوج الداخلى والاعتماد على آلية الاعتراف والتى أفادت النص كثيراً، وتتواتر النصوص ذات الطابع القائم على المساءلة والمراجعة لواقع غاصب وموحش فى آن، وتبدو سعاد سليمان، هنا، أكثر نضجاً وإحكاماً فى بناء نصها السردى من نصوصها السابقة، ووعياً بماهية النوع الأدبي، خالقة عالماً يشبهها، ولا يتمثل غيرها.
(10)
يستمر الشاعر "زين العابدين خيري" فى مشروعه الخاص بدمج الفصحى والعامية معا فى بعض قصائد ديوانه "مشروع نبي" وبين الهمّ العام والهمّ الخاص تتدفّق قصائد الديوان، الذى صدر عن دار ميريت للنشر فى أواخر العام 2014، واحتفل الشاعر مع مجموعة من أصدقائه وقرائه بتوقيع الديوان فى احتفالية نظمتها الدار بجناحها فى معرض الكتاب.
الديوان يقع فى ثمانين صفحة من القطع المتوسط، وتتنوّع قصائده بين القصيرة المكثفة والقصائد الطويلة، وخصوصا قصيدة "مشروع نبي" التى تشبه سيرة ذاتية للوجع، فيما لا ينسى نعى والده الأديب الكبير الراحل خيرى شلبى فى موال خاص أسماه "الوتد".
وفى السياق ذاته أقام الشاعر «ميسرة صلاح الدين» حفل توقيع لديوانه "الأسد الحلو" وهو يضم قصائد نثر مكتوبة بالعامية المصرية، وتناقش فكرة التطور والتغيير فى مصر، وكيف أصبحت قوة مجتمعية فاعلة ومستقلة، تخرج، وكيف أن النمطية التى وضع صورة المرأة فيها تكسرت.
استغرقت كتابة الديوان من "ميسرة" أربع سنوات، وصدر عن دار العلوم للنشر والتوزيع.
(11)
احتفلت الشاعرة تقى المرسى بتوقيع ديوانها الثانى " أخطأتنى الرصاصة .. لم يخطئنى الموت" الصادر عن دار اكتب للنشر والتوزيع، ويقع الديوان فى نحو 150 صفحة ويضم 60 نصًا منها نص بعنوان "سيِّئةٌ بما يكفي" وتقول فيه:
كنتُ أعلمُ
أنَّنى لا أعنى أحدًا سِوايْ حتّى أبى وأمّي، شَغلتْهُما السَّماءُ عنّى لذلك أعدَدتُ أكفانى لأحتفى بجنازتى ..وحدى !
**
سيئةٌ أنا
بما يكفى لإفسادِ مزاجِ الكون يخاصِمُنِى النَّهرُ، فأغرقُ مرّتين !
**
يقولُ عنّى دائمًا إنَّنى الأقوى ..
لمَ لا ..
وأنا سيّدةُ هذا الحزنِ بلا مُنازع،
أعبرُ الطريقَ إليهِ بدموعٍ تبتسم،
وأخبّئُ قلبى خلفَ ابتسامتي؛
كى لا يرى العابرونَ
أثرَ النزيف!
(12)
الروائى أحمد شوقى كان على موعد مع توقيع روايته الأولى "حكايات الحُسن والحُزن" الصادرة عن دار الآداب اللبنانية، وهو يؤكد أن حفلات التوقيع خاصة فى الدورة الأخيرة من معرض الكتاب، شهدت إقبالا لافتا للنظر من الجمهور، وبدت وكأنها تتفوق فى بعض الأحيان على ندوات مناقشة الأعمال الأدبية خلال فعاليات المعرض.
تقول دار الآداب عن الرواية إنها: نص يستعرض فتوته فى القدرة على اللعب بالسردية ذاتها من مداخل عدة، فقط ليحطمها ويعيد بناءها من جديد بكامل إرادته". وجاءت فى كلمة غلاف الرواية: حكايات الحُسن والحُزن"، حدوتة سردية، تعبر بالقارئ النهر إلى الجنائن كى تجسد حياة من الخيال واللغة، حيث "غريب" الإنسان الذى تحول إلى عفريت رغماً عنه فيختلق جنية لأحلامه، وحيث "مسعدة" تقود عالمًا من أهلها المشققة أرواحهم بحثاً عن حب أو حزن أو فرح. هى مغامرة البحث عن الذات الفردية والجماعية، وبعث جديد فى أرض جديدة بفلسفة "الحُسن والحُزن" وخيال يليق بأرض الجوافة.
أحمد شوقى علي: كاتب وصحفى مصرى من مواليد 1988، يعمل حاليًا محررًا ثقافيًا بمؤسسة الأهرام، صدرت له مجموعة قصصية بعنوان "القطط أيضا ترسم الصور" عام 2010، و"حكايات الحُسن والحُزن" أول عمل روائى له.
(13)
"حفل التوقيع هو الدعاية الكبرى للكتاب حسب الدائرة الاجتماعية للكاتب، وبالنسبة لكتابى "لنا فى الغرام حكايات" فقد اعتمدت على الفيس بوك بنشر مقاطع منه وتكرارها والتذكير بالحضور وموعد الحفل ومكانه على نطاق واسع بإرسال رسائل نصية ومكالمات هاتفية للأصدقاء، وقد قالت لى ناشرة صديقة إن كتابا كبارا قد لا يحضر توقيعاتهم أشخاص بعدد أصابع اليدين وأن الحضور الكبير فى حفل توقيع كتابى أثار دهشتها".
هكذا بادرتنا الزميلة "دينا توفيق بالحديث عن حفل توقيع كتابها، مؤكدة أن حفلات التوقيع هى باب للبيع والتوزيع والاحتفاء والدعاية للكاتب وكتابه، لذا يجب أن يعمل المؤلف باجتهاد على تسويق كتابه بتكرار التوقيعات فى أمكنة مختلفة وحسب علاقاته ومعارفه.
(14)
فى أكثر من موقع أقام الروائى محمد ربيع حفلات توقيع لروايته "عطارد" الصادرة عن دار التنوير، ودافع كتابته هذه الرواية كما يقول هو فشل الثورة، وليس الثورة ذاتها، و"عطارد" تُسجل الخسائر التى مُنيت بها مصر خلال الثورة وبعدها، والرواية ليست تأريخًا للثورة بأى شكل، فهذه مهمَّة كتَّاب التاريخ.
يقول "محمد ربيع": الكثير من الأحداث استقيتها من التاريخ المصري، فمدخل الرواية - على سبيل المثال - مقتبس من حادثة حقيقية سمعنا بها منذ سنوات وظلت تؤرِّقنى لمدة طويلة، كذلك الكثير من مشاهد القتل، هذه مشاهد نقلتها لنا الصور وتسجيلات الفيديو من خلال الإنترنت، أما الحديث عن الاحتلال فسمعته كثيرًا خلال فترة حكم الإخوان، كنت أتعجَّب حينما يعلن أحد الأصدقاء رأيه بصراحة ويقول إن أيام الاحتلال الانكليزى كانت أفضل، مع أنه لم يكن قد وُلد فى تلك الأيام!
يرى "ربيع" أن العنف كامن داخل الناس، ولا يحتاج إلا لكلمة أو نظرة أو حركة حتى ينطلق من دون حدود، وهو لا يتكلَّم هنا عن المصريين بل عن البشر عمومًا، ثمَّة حادث قتل عنيف يحدث فى كل لحظة فى العالم، وإذا نظرتَ لتاريخ البشر نظرة واسعة، لوجدت أنه ليس تاريخًا للحكَّام والرؤساء والمنتصرين كما قِيل لنا من قبل، بل هو تاريخ للعنف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.