عماد بركات بالرغم من أعداد حلقاتها التى تصل فى بعض الأحيان إلى أكثر من مائتى حلقة، فإن هذه النوعية من المسلسلات الطويلة سواء التركية أو العربية التى تزيد حلقاتها على 30 حلقة لا تترك أثرا عند المشاهدين، وسرعان ما ينسونها بسرعة كبيرة عكس الأعمال الدرامية القديمة مثل "أرابيسك والوتد والبخيل وأنا وسوق العصر وذئاب الجبل" وغيرها من الأعمال التى أثرت فى وجدان المشاهدين ويتابعونها بشغف عند عرضها وكأنهم يشاهدونها للمرة الأولى، "الأهرام العربى" طرحت الموضوع على المتخصصين فى التحقيق التالى: المؤلف بشير الديك يقول: طبيعة هذا النوع من الدراما أو ما يطلق عليه "soap opera" التى غالبا ما تشاهدها السيدات والتى تصل حلقاتها إلى أكثر من مائتى حلقة، ليس مطلوبا منها أن تحكى قصة لها بداية ونهاية وإنما الهدف منها الإنتاج فقط والتسويق كنوع من التسلية والترفيه وليس ترك أثر فى ذاكرة المشاهدين، خصوصاً أنها تقدم تدفق الحياة اليومية العادية التى نعيشها، دون أن يكون لها معالجة أو حبكة درامية لتوصيل هدف أو رؤية، وعلى المشاهدين أن يتعاملوا معها على هذا الأساس، وأضاف: فى رأيى أرجع انتشار هذه النوعية من المسلسلات كثرة الإعلانات التى تأتى عليها، مما جعلها مشروعا مربحا لكل الجهات الإنتاجية التى تبحث عن الربح السهل دون الاهتمام بما تقدم، وقال: وبرغم ذلك لا أنكر أن هناك أعمالاً طويلة جيدة نجحت فى التأثير على المشاهدين . أما المؤلف مصطفى محرم، فأكد أن موضوع العمل هو الذى يفرض عدد حلقاته وليس العكس كما يحدث فى هذه النوعية من المسلسلات، فلا يجوز أن يطلب المخرج من المؤلف تحويل رواية إلى عدد حلقات معينة، لأن الموضوع ومدى الأحداث التى ستتخلله هما اللذان يحددان عدد الحلقات التى ستستوعبها دون مط أو تطويل، ولذلك نجد أن أغلب هذه الأعمال بلا موضوع واضح، ومأخوذة عن أعمال أجنبية، وقال: كما أن تعدد المؤلفين فى عمل واحد يضعف منه لأنه من الصعب أن يرسم أكثر من مؤلف خطاً درامياً واحداً، كما أن هذه الأعمال بطيئة الإيقاع وأحداثها قليلة بما يعادل كل 10 أو 15 حلقة يقع حدث واحد، ولهذا فهى لا تترك أى أثر لدى المشاهدين ولا يتبقى فى أذهانهم سوى الأعمال الجيدة سواء من الأفلام أم المسلسلات، الأمر الذى يؤكد أن العمل الجيد هو الذى يفرض نفسه دائما وليس بكثرة الحلقات. فى حين اختلف المؤلف مجدى صابر حول أن أغلب المسلسلات الطويلة لا تترك أثرا عند المشاهدين بعكس الأعمال التى لا تزيد حلقاتها على 15 حلقة، وقال: ليس بالضرورة أن كل عمل حلقاته قليلة هو فقط الذى يترك أثرا عند المشاهدين، حيث هناك مسلسلات كثيرة عرضت على الشاشات طوال السنوات الماضية ولم تحدث تأثيراً فى المشاهدين، وأعمال أخرى كانت لها أجزاء ووصلت حلقاتها إلى مائة وخمسين حلقة مثل مسلسل "ليالى الحلمية" وأيضا "المال والبنون"، وبرغم ذلك يحفظها الناس عن ظهر قلب، وعندما تعرض يتابعونها وكأنها المرة الأولى التى يشاهدونها فيها وذلك يرجع إلى ذكاء المؤلف الذى نجح فى إيجاد عنصر التشويق ووضع أحداث وموضوعات مهمة فى الخطوط الدرامية الموجودة بالعمل، بالإضافة إلى توظيفه للأدوار على أكمل وجه. أما المخرج محمد النقلى، فاتفق مع رأى المؤلف مجدى صابر فى أهمية موضوع العمل الدرامى المقدم، وأن الأحداث الموجودة بداخله هى التى تحدد عدد الحلقات، وقال: هناك كثير من المسلسلات الدرامية الطويلة وتحديدا أغلب الأعمال التركية تلجأ إلى المط والتطويل بهدف عمل أكبر عدد من الحلقات، لتحقيق أرباح من وراء تسويقها، الذى لا يعد مؤشرا لنجاحها أو أنها تحتوى على موضوعات مهمة، ولكن ظهورها أخذ شكل الظاهرة فى الانتشار وسرعان ما سيختفى، وأضاف: كما أن هناك مسلسلات قليلة الحلقات تفتقد لأى حبكة درامية ولا يترك أى تأثير فى الناس وسرعان ما يتلاشى من ذاكرتهم، الأمر الذى يؤكد أن المعالجة الدرامية لأى عمل هى حجر الأساس الذى يبنى عليه جميع العناصر المكملة له. الناقد طارق الشناوى أكد أن موضة المسلسلات الحالية هى ألا تقل حلقاتها عن ستين حلقة وتزيد بصرف النظر عما تحويه من موضوعات درامية أو ستترك تأثيراً فى الناس أم لا، لأن العملية تدار الآن وفقا لآليات التسويق والإعلانات، وأنه إذا نجحت هذه النوعية من المسلسلات كثيرة الحلقات فى إحداث تأثير، فقديما كانت السباعيات والسهرات تترك أثرا وتأثيرا أكثر مما يتركه مسلسل تتعدى حلقاته المائتى حلقة، وذلك لجودة النص المكتوب ووجود قضية تدور حولها الأحداث.