حنان البيلى تعد زراعة وصناعة الزهور وتصديرها من الزراعات التى يعمل بها عدد ليس بالقليل، هذا بخلاف أن إجمالى الصادرات المصرية من زهور القطف تمثل 0.02 % من إجمالى الصادرات العالمية للزهور. فما المشاكل والعقبات التى تواجه المنتجين والمصدرين، خصوصا أن اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية تسمح بتصدير زهور القطف ونباتات الزينة طوال العام وبدون تعريفات جمركية وبدون حد أقصى؟ ولماذا تراجعت صادرات مصر من الزهور ونباتات الزينة للدول الأوروبية؟ وكيف يمكن أن تستعيد مصر قدرتها التنافسية فى هذا المجال فى ظل وجود منافسة شرسة من إسرائيل وكينيا وإثيوبيا! يبلغ متوسط المساحة المزروعة بالزهور ونباتات الزينة ما يقرب من 11 ألف فدان، يزرع منها للتصدير ما يقرب من 650 فدانا فقط، وإذا كنا نريد معرفة ما يوفره الفدان من العملة الصعبة والعمالة، فإن الفدان المتميز يوفر صادرات بما يوازى 35.6 ألف يورو سنويا، وكل طن يتم تصديره يوفر نحو 40 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وقد اشتهرت مصر قديما بزراعة الورد البلدى، وأؤكد قديما، لأن هولندا أخذت تلك الورود البلدى من مصر وسوريا وقامت بتطويرها فى مراكز بحثية متطورة وأخرجوا منها أصنافا بديعة فى الأحجام والألوان، وبدأوا يصدرونها لنا. ونحن فى مصر نستورد تلك البذور المطورة من هولندا ونقوم بزراعتها ثم نعيد تصديرها. ويوضح الدكتور عادل الغندور - رئيس الاتحاد العام لمنتجى الحاصلات البستانية ورئيس لجنة زهور القطف ونباتات الزينة، أنه توجد فى مصر ثلاثة هيئات تعمل فى مجال زهور القطف ونباتات الزينة، وهى أولا الجمعية الأهلية التى يشترك فيها معظم المنتجين، وتهدف إلى تنشيط الحاصلات البستانية، وبها لجان لكل محصول، ولديهم مهندسون زراعيون وأطقم لتقديم الخدمات الفنية للأعضاء، وتقوم بجلب الخبراء من الخارج، وتقدم هذه الخدمة للأعضاء بعد دفع التكاليف. والجهة الثانية هى اتحاد منتجى ومصدرى الحاصلات البستانية، ويعمل هذا الاتحاد على حل مشاكل الأعضاء فى مسألة البذور والشتلات، فبدلا من الشراء بشكل فردى، يجمع الاتحاد من الأعضاء احتياجاتهم ويتم الشراء، وإذا وجدت مشاكل مع الهيئات المختلفة أو مع وزارة الزراعة يتم التدخل لحل مشاكل الأعضاء. وأخيرا المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية والبستانية، والذى يهدف إلى تقديم الدعم وفتح الأسواق والاتصال بنقاط التجارة الخارجية. وهذا المجلس من أكبر مصدرى البطاطس والموالح فى مصر. وبالعودة إلى زهور القطف ونباتات الزينة، فبها العديد من التقسيمات، فنباتات الزينة منها الداخلية ومنها الخارجية، ومنها نباتات تزهر ومنها نباتات تنتج أوراقا خضراء فقط، ونباتات الزينة منها الشتوية والطبيعية وتكون عادة أشجارا صغيرة وقصيرة وتزهر مثل الجاردينا. وحتى لا يعتقد البعض بأن لنا الحق فى ملكية جينات الورد البلدى والنباتات التى اشتهرت زراعتها فى مصر قديما، فإن هيئات دولية تابعة للبنك الدولى قامت بجمع أصول هذه النباتات، وقامت بإنشاء «بنك الجين» وفيه يتم الاحتفاظ بكل جينات النباتات فى العالم، تحت بند أنه قد تظهر احتياجات لها فى المستقبل، ويوجد بنكان للجين فى العالم، أحدهما فى المكسيك والآخر فى حلب فى سوريا، وحتى لا تتفاقم الخلافات بين الدول حول أحقيتها فى ملكية هذه الجينات، تم نقل تبعية هذين البنكين للأمم المتحدة، وأصبحت هذه الجينات ملكا لكل دول العالم. وطبقا لمنطق التكلفة فإننا فى مصر لا نقدر على إنتاج كل أنواع الزهور، لأن هناك أنواعا من الزهور تحتاج إلى زراعتها فى الأرض، ثم توضع بعد ذلك فى صوب زراعية حتى يتم التحكيم فى الإضاءة لزيادة فترة النهار أو تقصيرها حتى تزهر فى مواعيد محددة، أما بالنسبة للمحاصيل الحقلية، والتى تعرف عالميا بالمحاصيل اليتيمة، فنحن فى مصر نبحث عن المحاصيل عالية القيمة، ويوضح الدكتور عادل أنه لابد من البحث عن محاصيل عالية القيمة، ولابد أن نحسب لتر المياه يعطى كم دولارا ويوفر كم فرصة عمل، فالمحاصيل التى تزرع فى مناطق فيها مطر، تكون تكاليف الرى بالنسبة لها صفرا، وأما نحن فلابد أن نعظم العائد من المياه. فهناك نباتات الزينة Indoor هى بالأساس نباتات استوائية تنمو تحت الأشجار الكثيفة، وتتحمل الإضاءة الخافتة، ونحن لا نستطيع المنافسة فى إنتاج زهور المناطق الاستوائية، لأن المناخ هناك مختلف عنه فى مصر، فالمنتجون هناك لا يحتاجون إلى التدفئة أو التبريد، فالجو هناك معتدل طول العالم، ولا يوجد فرق كبير بين درجات الحرارة فى النهار أو الليل ولا فى الصيف أو الشتاء. وهذه النوعية من الزهور لا تنتج فى مصر بسبب ارتفاع التكلفة بسبب التغيرات المناخية لدينا. وإذا كان ذلك حال زراعة زهور القطف ونباتات الزينة فى مصر المحروسة، فما الحال فى الدول المجاورة لنا؟ وهل نحن نستطيع أن ننافسها؟ فى البداية سنجد أن إسرائيل أول المنافسين لنا فى منطقة الشرق الأوسط، وفى إفريقيا سنجد كينيا، فلدينا سبعة آلاف فدان مخصصة لزراعة زهور القطف، ويبلغ إجمالى صادراتها 300 مليون دولار، ويقوم بزراعة هذه الأراضى الإسرائيليون والهولنديون. وظهرت دولة ثالثة منافسة لمصر وهى إثيوبيا، وأخيرا تمت زراعة زهور القطف بها بتشجيع من الهولنديين. ويوضح الدكتور محمد حلمى، صاحب مزرعة إنتاج زهور للتصدير، أن صناعة الزهور فى مصر قديمة منذ الأزل، وأنه يتم الإنتاج للسوق المحلى وللتصدير، فقد كنا نقوم بالتصدير لأوروبا حتى عام 2008، لكن انخفضت صادراتنا لأوروبا، والآن يتم التركيز على التصدير للدول العربية نتيجة لتدنى الأسعار وارتفاع تكلفة النقل، والآن نصدر نحو 90 % من صادراتنا للدول العربية والشرق الأوسط، و10 % فقط للدول الأوروبية، وتكون هذه النسبة فيما نحن متميزون فيه، وهى الزهور التى تستخدم فى عمل البوكيه والتى يطلق علهيا «زهور الصيف»، والتى تنتج لدينا فى الشتاء لدينا لدفء الجو قياسا بالأجواء الأوروبية. أما بالنسبة للورد البلدى فالمنافسة تأتى من إفريقيا لأنه منخفض التكلفة هناك، وعالى الجودة، وذلذك بسبب أن الزراعة هناك تكون على مرتفعات، فكلما ارتفعنا على سطح البحر تكون الزهرة أكبر، ونحن فى مصر ننتج كل أنواع الزهور، لكنها زهور معدلة بإبرام عقود مع الشركات الدولية التى قامت بتطويرها ونأخذ منها البذور، ونقوم بزراعتها ثم نعيد تصديرها. أما عن المشكلات التى يواجهها مصدرو الزهور ونباتات الزينة، فيرى الدكتور محمود، أنها كانت فى الماضى قبل إنشاء وإقامة ساحة مبردة فى المطار، وتوفير فراغات فى الشحن لشحن الزهور، لأن الزهور لابد أن تكون مطابقة بمواصفات وتصل فى مواعيد محددة، وإلا فإن المستورد يقوم بإعادتها على نفس الطائرة على حساب المنتج. وتتركز مناطق زراعة زهور القطف فى مزارع صغيرة، 80 % منها فى مناطق حول الإسكندرية والمنوفية والقاهرة والقناطر، وهذا الإنتاج يكفى احتياجات مصر، وجزء قليل من هذا الإنتاج يأخذه المصدرون، هذا بخلاف وجود مزارع كبيرة فى جمعية عرابى وغيرها لإنتاج الورود وتصديرها. ويوضح الدكتور الغندور، أن معظم الصادرات تكون لدول عربية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية والكويت وسلطنة عمان وليبيا والأردن، وكذلك نصدر الفل والياسمين كشتلة، وكنا نصدر القرنفل، لكن نظرا لزيادة تكاليف إنتاجه لم يعد يزرع كثيرا الآن. ويحصل مصدرو الزهور ونباتات الزينة على دعم صادرات يصل إلى %7، لكن يعترض الدكتور محمود على كلمة دعم، ويوضح أنه استرجاع للضرائب والجمارك المدفوعة على مستلزمات الإنتاج التى يتم استيرادها من الخارج.