الطيب الصادق شهدت الفترة الأخيرة سلسلة كوراث من انهيار العقارات فى مناطق مختلفة فى أنحاء الجمهورية وكان آخرها انهيار عقار المطرية الذى راح ضحيته 17 شخصا، وعقار الترجمان ويرجع سببها الرئيسى إلى فساد المحليات، والانفلات فى بناء العقارات غير المطابقة للمواصفات والحماية فى ظل عدم الرقابة من الجهات المسئولة وعدم التفتيش الدورى عليها، وعدم وجود تشريع لإجبار المالك والسكان على الترميم فور اكتشاف ما يستلزم ذلك، فضلا إلى جشع التجار فى الفترة الأخيرة التى شهدت فيها المحافظات هيستريا الهدم والبناء والتعلية بعد ثورة 25 يناير، فى ظل حالة الانفلات الرقابى والسعى للربح مع غياب الضمير الشخصى، فى الوقت الذى كانت فيه الحكومة منشغلة بالأحداث ولم تتخذ الحكومة حتى الآن قرارات صارمة لإجبار أصحاب هذه العقارات بإخلائها ومراجعتها. وطالبت نقابة المهندسين لمنع كوارث انهيار العقارات، بوقف إدخال المرافق إلى العقارات المخالفة ودراسة للعقارات القديمة والمتهالكة، كما طالبت بتعديل التشريعات فيما يخص القرارات الوقتية وسرعة إصدار القرار بالإزالة، وإقامة دورات تدريبية لمهندسى الأحياء تحت إشراف نقابة المهندسين بجانب التعاون بين النقابة والأجهزة المحلية لتنظيم المهنة. المهندس أبوالحسن نصار استشارى وخبير عقارى ومحكم دولى ونائب رئيس جمعية خبراء التثمين والتقييم العقارى، يؤكد أن أسباب انهيار العقارات فى مصر يرجع إلى عدم مراجعة التصميمات الإنشائية للأساسات والهياكل الخرسانية لآلاف العقارات من جانب "المُجمعة العشرية " وهى الجهة الرسمية المنوط بها ذلك كما لايوجد إشراف هندسى يتابع أعمال التنفيذ، ومن هنا يلجأ المقاول إلى كل ما يحلو له من مخالفات . وأشار إلى أن العديد من المقاولين يستخدمون مواد كيماوية فى مواد البناء لتجعل الأبراج تتماسك بسرعة كبيرة جداً، وهذا غير طبيعى على الإطلاق، فهو يريد بأى طريقة الانتهاء من بناء البرج الشاهق فى أقل فترة زمنية وفى زمن قياسى لايتجاوز أسابيع قليلة بدلاً من شهور طويلة، واستخدام تلك المواد بهذا الأسلوب الذى يغلفه جهل مدمر، فهم يضيفون جرعات كبيرة جداً من تلك المواد الكيميائية أكبر من المقنن، الأمر الذى يؤدى إلى إصابة الخرسانة بالضَعف الشديد وتظهر بها عيوب خطيرة بعد سنوات قليلة جداً من إنشاء تلك الأبراج، مما ينذر بسقوط مفاجئ لها فى أية لحظة أو مع أى زلزال أو هزة أرضية، فهى مهيأة تماماً لذلك، موضحا أنه أيضا هناك العديد من المحاجر المنتجة للمواد الداخلة فى تكوين الخرسانة من رمل أو سن وغيرها غير مطابقة للمواصفات الفنية الواردة بالكود المصرى، مطالبا بتشكيل لجان فنية هندسية للتأكد من صلاحية هذه المواد للوقوف على حقيقة مطابقتها لما ورد فى الكود المصرى، وبناء عليه يتم اعتمادها، أو إيقاف استخدامها فى الخرسانة المسلحة فى حالة ثبوت عدم مطابقتها، ومن ثم إغلاقها بواسطة الجهات المختصة، لأن استخدام خامات غير مطابقة للكود من شأنه أن يؤدى إلى ظهور صدأ مبكر لحديد التسليح، ويسبب ذلك شروخا خطيرة فى الهيكل الخرسانى للعقار، مما قد ينجم عنه انهيار جزئى أو كلى للعقار بعد مرور سنوات قليلة. وأضاف أن معظم عمارات وبيوت الأهالى حتى المرخص منها تقام بدون وجود إشراف هندسى حقيقى، هذا على الرغم من وجود شهادة إشراف لأحد المهندسين بملف الترخيص بالحى الكائن به العقار، والمقاولون يفعلون ما يريدون متجاهلين فى معظم الأحيان الضوابط الهندسية وأصول صناعة الخرسانة، ويمتد ذلك إلى عدم التزامهم بتنفيذ ما جاء بالرسومات الإنشائية المعتمدة برخصة العقار، فيقللون كمية الحديد ويعبثون بتوزيعها فى غير أماكنها الصحيحة، كما أن مهندسى الأحياء غير معنيين بالسلامة الإنشائية للعقار، لأنهم معنيون بمخالفات العقارات من ناحية الردود من حدود الأرض المقامة عليها العمارة وعدد الأدوار وأبعادها فقط، والمفاجأة التى لايمكن أن يتخيلها أحد أن الجهاز الحكومى المنوط به التفتيش على مخالفات البناء لايشمل إلا عدد 37 مهندساً فقط على مستوى محافظات الجمهورية كلها، فكيف يمكن أن تكون لهم القدُرة على متابعة الأخطاء فى تنفيذ ملايين العقارات بجميع أرجاء مصر؟! وأوضح أن هناك طرقا يتم اتباعها فى عملية التثمين العقارى، تتلخص أهمها فى مراعاة القيمة السوقية لأصل العقار وتحديد القيمة الحقيقية للعقار وقت التقييم مع مقارنة المبيعات السابقة للعقارات المماثلة للعقار موضوع التقييم، وتحديد التكلفة والقيمة الاستبدالية المستهلكة، ثم رسملة الدخل بتحويل دخل العقار إلى قيمة رأسمالية له. ومن جانبه أكد الدكتور حمادة صلاح وخبير التقييم العقارى وصاحب بيت الخبرة المعتمد من البنك المركزى المصرى، أن ملف انهيار العقارات فى مصر هو أحد الملفات الشائكة التى يجب حلها فى أسرع وقت ويحتم على الجهات المختصة التعاون السريع لمواجهة تلك الكارثة، خصوصا بين وزارتى الإسكان والتنمية المحلية لحصر المبانى المخالفة فى المحافظات لاتخاذ الإجراءات المناسبة، مؤكدا أن استمرار كوارث الانهيارات بشكل يومى سببه غياب الصيانة والرقابة الدورية والإهمال فى البناء، وعدم اتباع الأساليب الهندسية السليمة مع غياب الضمير الشخصى، وبحث التجار عن الربح السريع، لذلك لابد من تكثيف الدور الرقابى لمنع ارتكاب المخالفات من خلال وضع ضوابط للتعديلات التى تجرى فى العقارات من خلال التفتيش الدورى عليها لتقليل التداعيات التى تؤدى للانهيار، ويتأتى هذا بالتنكيسات والترميم المستمر للعقار كما يجب وجود تشريع لإجبار المالك والسكان على الترميم فور اكتشاف ما يستلزم ذلك. وطالب بضرورة قطع جميع المرافق عن المبانى المخالفة ومتابعة المبانى تحت الإنشاء، بحيث يتم قطع إمدادها بالمرافق مباشرة حال شروعها فى المخالفة، وحظر جميع التعاملات القانونية على العقارات المخالفة وعدم النظر فى الدعاوى القانونية المقامة بشأنها والإعلان عن ذلك فى جميع وسائل الإعلام، لحين استصدار تشريع بمصادرة هذه الوحدات أو فرض غرامة عليها تساوى قيمتها السوقية الفعلية. كما أكد خالد الوحش نائب المدير العام لشركة الرواد العقارية أن الشركات العقارية تقوم بتطبيق المعايير الدولية فى أعمال البناء فى مصر، وتعمل وفق خطط محددة وضوابط صارمة، مشيرا إلى أن ظاهرة انهيار العقارات يرجع نتيجة لأن أغلب المبانى معرضة لخطر الانهيار الداهم، لأن العقارات القديمة تحتاج للترميم أو الهدم ونسبة كبيرة من هذه العقارات معرضة للهدم، كما أن العقارات الجديدة التى تنهار ترجع لوجود أخطاء فنية أو عمليات جشع شديدة من التجار .