بالمقدمة السابقة بدأ المهندس أبو الحسن نصار عضو الهيئة العربية للتحكيم الهندسى وأضاف بالتفصيل :- للأسف لم تتم مراجعة التصميمات الإنشائية للأساسات والهياكل الخرسانية لآلاف العقارات من جانب » المُجمعة العشرية « وهى الجهة الرسمية المنوط بها ذلك، كم لايوجد إشراف هندسى يتابع أعمال التنفيذ ، ومن هنا يلجأ المقاول إلى كل ما يحلو له من مخالفات ، ومنها على سبيل المثال خطأ قاتل لايتطرق إليه أحد عند الحديث عن أسباب تلك الكوارث على الرغم من خطورته الشديدة ،وعلى قمتها كيماويات شاع استخدامها بكميات مبالغ فيها ،وزاد تداولها بصورة كبيرة جداً خلال الشهور القليلة الماضية ، وهى عبارة عن » مواد كيميائية « تجعل خرسانة هذه الأبراج تتماسك (تَشُكْ) بسرعة كبيرة جداً ، وهذا غير طبيعى على الإطلاق ، فهو يريد بأى طريقة الانتهاء من بناء البرج الشاهق فى أقل فترة زمنية وفى زمن قياسى لايتجاوز أسابيع قليلة بدلاً من شهور طويلة، واستخدام تلك المواد بهذا الأسلوب الذى يغلفه جهل مدمر، فهم يضيفون جرعات كبيرة جداً من تلك المواد الكيميائية أكبر من المقنن ، الأمر الذى يؤدى إلى إصابة الخرسانة بالضَعف الشديد وتظهر بها عيوب خطيرة بعد سنوات قليلة جداً من إنشاء تلك الأبراج ، مما ينذر بسقوط مفاجئ لها فى أى لحظة أو مع أى زلزال أوهزة أرضية فهى مهيأة تماماً لذلك ، ومن هنا ومع أى ظهور لأى شروخ أو تصدع بالخرسانات فى تلك العقارات يجب الإبلاغ ، وأن لايكون الإهمال واللامبالاة وعدم الاهتمام هى رد الفعل المصاحب لمثل تلك الملاحظات. ويضيف المهندس أبو الحسن نصار :- وليست المواد الكيميائية التى تساعد على شك الخرسانة هى كل مايعيبها بل هناك ما يتعلق أيضاً بمكونات الخرسانة نفسها ،فالكثير من المحاجر المنتجة للمواد الداخلة فى تكوين الخرسانة من رمل أو سن وغيرها غير مطابقة للمواصفات الفنية الواردة بالكود المصرى ، وخاصة بعض المحاجر فى مناطق الإسكندرية والفيوم وحول منطقة الهرم وبنى سويف وبعض محاجر السن بطريق السويس ، ومن هنا يجب تشكيل لجان فنية هندسية للتأكد من صلاحية هذه المواد للوقوف على حقيقة مطابقتها لما ورد فى الكود المصرى ، وبناء عليه يتم اعتمادها ،أو إيقاف استخدامها فى الخرسانة المسلحة فى حالة ثبوت عدم مطابقتها ومن ثم اغلاقها بواسطة الجهات المختصة ، لأن استخدام خامات غير مطابقة للكود من شأنه أن يؤدى إلى ظهور صدأ مبكر لحديد التسليح ويسبب ذلك شروخا خطيرة فى الهيكل الخرسانى للعقار ، مما قد ينجم عنه انهيار جزئى أو كلى للعقار بعد مرور سنوات قليلة ، بل وأن أقل خطر يمكن أن تتعرض له العقارات فى مصر قد ينجم عن الخلل الشديد فى جودة مواد البناء هى نقص عمر العقار عشرات السنوات عما هو مفترض فيه، وهذا ينذر بمشكلة للإقتصاد القومى والأمن الاجتماعى وعن تقييمه للوضع الراهن للمنظومة الهندسية يجيب :- معظم عمارات وبيوت الأهالى حتى المرخص منها تقام بدون وجود اشراف هندسى حقيقى ، هذا على الرغم من وجود شهادة اشراف لأحد المهندسين بملف الترخيص بالحى الكائن به العقار ، والمقاولون يفعلون مايريدون متجاهلين فى معظم الأحيان الضوابط الهندسية وأصول صناعة الخرسانة ، ويمتد ذلك إلى عدم التزامهم بتنفيذ ما جاء بالرسومات الإنشائية المعتمدة برخصة العقار ، فيقللون كمية الحديد ويعبثون بتوزيعها فى غير أماكنها الصحيحة ، كما أن مهندسى الأحياء غير معنيين بالسلامة الإنشائية للعقار لأنهم معنيون بمخالفات العقارات من ناحية الردود من حدود الأرض المقامة عليها العمارة وعدد الأدوار وأبعادها فقط ، والمفاجأة التى لايمكن أن يتخيلها أحد أن الجهاز الحكومى المنوط به التفتيش على مخالفات البناء لايشمل إلا عدد 37 مهندساً فقط على مستوى محافظات الجمهورية كلها ، فكيف يمكن أن تكون لهم القدُرة على متابعة الأخطاء فى تنفيذ ملايين العقارات بجميع أرجاء مصر؟! وعن رؤيته فى ضبط المنظومة يقول نصار :- قد يكون الاهتمام الأكبر للبعض موجهاً للمخالفات الإدارية دون الاهتمام بالمخالفات الهندسية التى تؤدى للكوارث والإنهيارات وإزهاق الأرواح تحت الأنقاض وضياع أموال وممتلكات البؤساء، ولضمان الأمان الإنشائى للعقارات والمبانى تأتى المطالبة بزيادة أعداد المهندسين بجهاز التفتيش الفنى على البناء ، بحيث يكون على الأقل خمسة فروع بكل محافظة ، ويتكون كل فرع من مهندسين متخصصين يرأسهم مهندس بدرجة استشارى إنشائى ، على أن يتضاعف عددها فى القاهرةوالإسكندرية والجيزة ، ويقومون بالمتابعة الفاعلة الحقيقية وبالجدية اللازمة ، ومراعاة كاملة لمسئولية هذه الأمانة على المستوى المهنى والإنسانى والقانوني.