رشا عامر معشوقة الجماهير...الهدية رقم واحد للأطفال والنساء.. والثالثة فى إدمان الشباب والذى يتم استهلاك 95 طنا منها فى كل ثانية فى العالم ! ارتبطت لفترة طويلة بالاستعمار والعبودية وبالأنوثة والأمومة والخيالات الرومانسية للطبقة الراقية... وبالجنس والمُتع الحسية والإغراءات وبالخطيئة، ظلت لفترة طويلة مشروب النخبة والمجتمع المخملى قبل أن تتحول إلى قطع صغيرة ساحرة تلهب عواطف عشاقها. كانوا يستخدمون بذور ثمارها كعملة نقدية فى البيع والشراء، كما كان مشروبها يمثل لقبائل المايا والأزتيك مشروبا لذوى النفوذ والمهابة والنخبة من المحاربين، ويقدم فى المناسبات والاحتفالات الطقوسية، وتمسح به رءوس وأصابع وأيدى وأرجل الأطفال حديثى الولادة لتعم عليهم البركة، ومن هنا أطلقوا عليه اسم رحيق الآلهة. بل ووصفوا الحياة بأنها مثل قطعها لا ندرى على اى واحدة سيقع اختيارنا.. إنها الساحرة .. معشوقة العالم بعد – وربما قبل – كرة القدم.. إنها الشيكولاتة. ارتبط انتشارها فى أوروبا باتساع حركة الرق فى إفريقيا وأمريكا الوسطى، حيث انتشرت بعيدا عن البلاد التى تنتجها...وقام على إنتاجها الفقراء ليستهلكها الأغنياء، وبسبب هذا الاستهلاك أصبح من المنتظر أن يأتى يوم على الناس تصبح فيه الشيكولاتة مجرد ذكرى مع حلول عام 2020، وستصبح كل هذه الصور الشهية مجرد ذكريات منقرضة! المشكلة أن هذا المنتج ذا الألوان المتدرجة من الأبيض وحتى الأسود مرورا بالبنى.. هذا اللون الساحر الذى اشتهرت به معشوقة العالم هذه، يواجه مشكلة الانقراض بسبب كثرة الاستهلاك . فالصين التى أصبحت تزاحمنا فى كل شىء، اكتشف سكانها البالغ عددهم مليار نسمة سحر الشيكولاتة فانهالوا على التهامها، متسببين فى هذه الأزمة العارمة والتى زاد من اشتعالها ندرة الأمطار فى بلدان غرب إفريقيا، مثل غانا وساحل العاج ودول جنوب إفريقيا التى تنتج نحو 70 % من احتياج العالم للشيكولاتة. فضلا عن إصابة محصول الكاكاو ببعض الأمراض الفطرية التى دمرت ما يقرب من 30 % من الإنتاج، الأمر الذى جعل المزارعين يتوجهون إلى زراعة محاصيل أكثر ربحية، بعدما افتقر المزارعون إلى المال لزراعة أشجار الكاكاو، خصوصا أن الدول الرئيسية المنتجة له مثل ساحل العاج وإندونيسيا وغانا ونيجيريا ليست من الدول الغنية، وعليه فإنه على دول العالم الأول التى تعد المستهلك الأول للشيكولاتة أن تبرهن على عشقها لهذا المنتج الساحر، وتعمل على تطوير أصناف جديدة من أشجار الكاكاو تكون أكثر مقاومة للجفاف والأمراض. إذ لا أحد يتخيل أن يأتى يوم تختفى فيه الشيكولاتة من على وجه الأرض.. هذه الشيكولاتة التى جاءت مع بداية الحضارة الإنسانية فى أمريكا الوسطى التى كانت تزرع فيها شجرة الكاكاو والمسماة بغذاء الآلهة على يد قبائل المايا والأزتيك قبل أن يبدأ إنتاجها الفعلى مع أوائل القرن التاسع عشر. وكانت شعوب المايا تستهلك حبوب الكاكاو على شكل مشروب يسمى "شوكولاتل" أو الماء المر والذى كان يتم إعداده باستخدام حبوب الكاكاو المحمصة بعد خلطها بالماء والفانيليا والفلفل والقرفة ودقيق الذرة، وكان هذا المشروب يعطى طاقة عالية جدا لدرجة أن الأسطورة القديمة تقول إن الحكمة والقوة جاءت عند تناول حبوب شجرة الكاكاو. ويأتى عام 1502 ويتوقف كريستوفر كولومبس فى نيكاراجوا ويكتشف حبوب الكاكاو هذه على متن أحد الزوارق، لكنه لا يعرف ماهيتها إلى أن جاء عام 1528 وتم اكتشاف القيمة الحقيقية لهذا "الذهب البنى" على يد أرنان كورتيس الذى هاجم إمبراطورية الآزتك، وفتح أمام إسبانيا ثروتها المعدنية الهائلة ولكنه فى عمله هذا دمر الحضارة المكسيكية القديمة، لكنه فى نفس الوقت اكتشف مشروب الشيكولاتة والذى هام به ملك إسبانيا عشقا فور تذوقه له وبعد حرب ناجحة ضد القبائل الأصلية وإبادة حضارة الآزتك، بدأ تكثيف زراعة الكاكاو فى أراضى إسبانيا الجديدة لممارسة التجارة المربحة مع أوروبا القديمة. وفى 1615 اكتشفت فرنسا الشيكولاتة فى بايون بمناسبة زواج الملك لويس الثالث عشر من الأميرة آن الإسبانية، وقد وافقت على الزواج بشرط أنها تأخذ معها الشيكولاتة عن طريق خادمات لها يتقن إعداد هذا المشروب الساخن والذى لم يكن حتى هذه اللحظة قد تحول إلى قطع صلبة كالتى نعرفها اليوم. لكن يعود الفضل للملك لويس الرابع عشر وزوجته ماريا تيريز ذات الأصول النمساوية فى إدخال الشيكولاتة لقصر فرساى، حيث كانت تقدم ساخنة كمشروب مثل القهوة، لكنها لا تقدم سوى للملوك والنبلاء والأثرياء فقط، فامتياز تصنيع هذا المشروب ممنوح للملك فقط، لكن مع حلول عام 1693 انتهى هذا الامتياز وانتشرت الشيكولاتة. ويشهد القرن التاسع عشر بداية التصنيع فى أوروبا لتصبح متداولة لدى الجميع كنوع من أنواع الديمقراطية. وفى عام 1776 اخترع "فرانسيه دوريه" أول آلة لطحن الكاكاو ميكانيكيا فى عملية اعتبرت ثورة حقيقية ليليه صيدلى هولندى عام 1828 باكتشاف كيفية إذابة الكاكاو وفصل الفول اليابس عن الزبد بعد سحقه وغربلته مما أعطى الشيكولاتة شكلا أكثر تجانسا وأقل كلفة فى الإنتاج. وبعدها بخمسين عاما يتقدم رودلف يندت ببراءة اختراع الشيكولاتة الداكنة، معطيا بذلك رائحة أقوى وجودة أعلى لهذا المنتج الساحر. نجحت الشيكولاتة فى تثبيت أقدامها فى قلوب عشاقها خصوصا بعد تحولها من الشكل السائل إلى القوالب ليتنوع عرضها وتتضاعف كمية استهلاكها. ويعود أفضل فى هذا التحول إلى بريطانيا التى اكتشفت فكرة القوالب عام 1847 بينما اخترع السويسريون الشيكولاتة باللبن بعدها بنحو 30 عاما، إلى أن ظهرت ألواح الشيكولاتة فى الولاياتالمتحدة وهولندا عام 1920. وتعد شجرة الكاكاو هى المصدر الرئيسى للشيكولاتة، فبدونها لا وجود لهذه المعشوقة الساحرة، حيث تعطى الشجرة الواحدة – والتى تنمو فى المناطق الاستوائية - ما بين 40 إلى 60 من الثمار التى تظل متشبثة على أفرع الأشجار حتى بعد نضجها، إلا أنه بعد 30 إلى 50 عاما تصبح التربة غير صالحة للزراعة بسبب استنزافها. وفضلا عن دول إفريقيا المنتجة للكاكاو، فإن البرازيل والإكوادور ومنطقة الكاريبى وجزر الهند والمكسيك وفنزويلا وكولومبيا من المناطق المنتجة له أيضا..وفى نصوص شعب المايا القديمة فإن للكاكاو أصلا قدسيا، ففضلا عن اعتباره هدية من الآلهة فإن الأسطورة تحكى أن أحد آلهة الخلق قد اخترع تسعة مشروبات ومن هذه المشروبات تكون للبشر القادرين على إطعام أنفسهم. ومن بين هذه المشروبات التسعة، يصنع ثلاثة من الكاكاو والذرة. وبعد ذلك قام هذا الإله بزرع أولى أشجار الكاكاو الدنيوية فى إحدى الحقول لتكريم البشر الكادحين الذين عاشوا وكدوا هناك. أما بالنسبة لشعب الأزتيك فكانوا يحبون الشيكولاتة ولكنها كانت حكرا على طبقة النبلاء والجنود الذكور. ولم يكن الكاكاو أو الشيكولاتة متوافرين لجميع أفراد الشعب أوغيرهم من سكان الوادى المركزي. إذ كان يقدم كشراب فقط للذكور البالغين خصوصا الكهنة والمسئولين الحكوميين وضباط الجيش والمحاربين البارزين، وكان يتم نثر زهور الكاكاو فى الحمامات المعطرة لتخفيض الإجهاد الذى يستشعره موظفو الأزتيك الحكوميين.. واعتقد الأزتيك بأن مشروب الشيكولاتة سام ومنبه فى نفس الوقت، وبالتالى فهى غير مناسبة للنساء والأطفال، بينما فى أماكن أخرى بالمكسيك كانوا يقدمون مشروب الشيكولاتة إلى الأطفال فى وجبة طعام الصباح كنوع من التعاويذ التى تحمى الأطفال ضد لدغ العقارب، أو النحل. والغريب أنه فى جميع أرجاء أوروبا اعتُبرت الشيكولاتة شرابا غريبا – برغم أنه يتنافس مع القهوة والشاى، لكن فى أواخر القرن السادس عشر وبعدما دخل هذا المشروب إلى أوروبا عبر إسبانيا وتوسع انتشاره فى الطبقات النبيلة، أدى ذلك لانتشار فكرة مقاهى الشيكولاتة. فأنشئ أول مقهى فى لندن أواخر عام 1650 وفيها يتناقش الرجال الأغنياء من ذوى النفوذ حول السياسة والشئون العالمية وهم يحتسون أقداح الشيكولاتة الحارة. وإلى اليوم فإن تقديم القهوة والشيكولاتة فى مقهى "زقاق الملكة" ب"إكسفورد" لايزال مستمرا دون أدنى تغيير..أما فى فرنسا فقد كان نابليون يؤمن بفوائد الشيكولاتة فى تنشيط الجسم و"تثبيت القلب"، فكان يأمر بتوزيعها على الجنود مجانا.. وهذا التقليد الأخير تبناه الجيش الأمريكى فى حروبه الماضية، وأصبح يصرف قطعة شيكولاتة يومية لكل جندى (وفى حرب الخليج الأخيرة تم لأول مرة صنع شيكولاتة مقاومة لحرارة الصحراء)! ذلك أن الشيكولاتة بالذات لها مفعول إدمانى يصعب مفارقته بعد طول اقتران؛ فهى تضم أحماضاً امينية تتحول إلى مادة فى الدماغ تدعى سيروتونين.. والسيروتونين يسمى "هرمون السعادة"، لأن انطلاقه فى الدماغ يسبب شعورا بالسعادة والانشراح. ويعتقد أن هذا هو السر فى تناول البعض كميات كبيرة من الشيكولاتة عند شعورهم بالإحباط والاكتئاب - أو لمكافأة أنفسهم حين ينجزون أى عمل ناجح! المايا أول من أخترع معشوقة الملايين أول صورة فعلية توضح عملية صب الشيكولاتة موجودة من قبل شعب ال " مايا " وتعود الصورة فى تاريخها إلى 750 قبل الميلاد. وكانت هناك مراسم دينية يقوم بها الملك لقطف ثمار الكاكاو مدونة فى الآثار. ويسجل التاريخ أيضا أن أهل أو قبائل بلد "آزتك " وهم سكان المكسيك الأصليون ...أكثر شعوب تعاملت مع شراب الشيكولاتة وصناعتها.والغريب أنها كانت أكثر الشعوب عنفاً عبر التاريخ . فهذا الشعب لم يكن يشرب الكاكاو فقط.. بل كان محباً للدم والعنف! وقد ظهرت رسومات على بعض الأوانى الأثرية توضح طريقة تجهيزهم لثمرة الكاكاو حتى مرحلة استهلاكها من قبل الأغنياء، إضافة لاستخدامها بديلا عن الذهب فى عمليات البيع والشراء... وقد وصف فرديناند ابن كولومبوس هذه المسألة قائلا: "إنهم يحملون حبات الكاكاو وكأنهم يحملون مبلغًا كبيرًا من المال، أنا راقبتهم، فعندما كانت تسقط أى حبة كانوا يَنحنون جميعًا لالتقاطها كما لو أن عَينًا قد سقطت!" داعش والشيكولاتة ! اضطرت الشركة البلجيكية لإنتاج الشكولاتة "isis" لتغير اسمها لتشابه اسمها مع الاسم المختصر لتنظيم "داعش " "تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام". وكانت الشركة البلجيكية غيرت اسمها العام الماضى من"إيطالو سويس" إلى "إيزيس" دون أن تدرى أنه فى أقل من عام سيصبح اختصارا لاسم أشهر جماعة إرهابية فى العالم وهى "داعش" والتى يرمز لها فى الصحف الغربية باسم "isis" . وكانت الشركة قد تأسست عام 1923، بإسم (إيطالو سويس) والذى يعود لمؤسسها الذى اختاره، لأنه تعلم هذه الحرفة فى كل من إيطاليا وسويسرا إلا أن مديرى الشركة قرروا تغييره إلى ISIS فى عام 2013. .الأمر الذى كان خارج توقعاتهم مما جعل الكثير من الشركات الدولية التى يتعاملون معها تصبح غير قادرة على شراء كميات كبيرة من منتجاتهم، بسبب نظرة المستهلكين السلبية للاسم". وقد قررت الشركة تغيير الاسم للمرة الثالثة إلى "ليبيرت"، على اسم عائلة أصحاب الشركة. أفضل 5 أماكن فى العالم لتذوق أفخر أنواعها زيوريخ تعدّ مدينة زيورخ من أشهر بلدان العالم فى تصنيع الشيكولاتة اللذيذة، وتوزيعها، ومن أشهر الأنواع التى تقدّمها توبليرون، وليندت، وغيرهما. كولونيا كولونيا هى عاصمة الشيكولاتة فى ألمانيا بلا منازع، وتشتهر بمتحف الشيكولاتة، الذى تنبعث منه أشهى الروائح و تتلألأ فيه نافورات الشيكولاتة بالحليب، والشيكولاتة مرة المذاق الذى يمكن تذوقها مباشرةً. بروج تمتلك بروج ببلجيكا على 12 معملا، و16 متحفًا و1200 متجر متخصص فى بيع الشيكولاتة المرصوصة كالمجوهرات. برشلونة تعدّ برشلونة المركز الرّئيسى لكلّ الباحثين عن أطيب المذاقات، حيث يوجد بها غرف مصنوعة بأكملها من الشيكولاتة بأثاثها وبأدقّ تفاصيلها. تان ليرميتاج أشهر مدن فرنسا فى صناعة الشيكولاتة، وهى قريبة من ليون، وتعد مكانا عريقا فى تصنيع الشيكولاتة، ومن جهة أخرى تتوافر فيها دروس يومية للسياح، لتعليمهم كيفية تصنيع أشهى الوصفات. مادة سامة للخيول والقوارض والقطط يُعد الثيوبرومين الموجود فى الشيكولاتة مادة سامة للحيوانات مثل الخيول، والكلاب، والببغاوات، والقوارض الصغيرة، والقطط، وذلك لأن هذه الحيوانات لا تقدر على القيام بعملية التمثيل الغذائى لهذه المادة بشكلٍ فعال. ففى حالة إطعام الشيكولاتة للحيوانات، قد تبقى مادة الثيوبرومين فى دورتهم الدموية لمدة تصل إلى 20 ساعة، الأمر الذى قد يتسبب فى حدوث نوبات صرع، ونوبات قلبية، ونزيف داخلى، وفى النهاية يؤدى إلى الوفاة.