أحمد إبراهيم عامر حكومتان برئيسين مختلفين ... حكومة عبدالله الثنى المؤقتة التى تسير الأعمال .. وحكومة أحمد معيتيق التى حلفت اليمين أمام بعض أعضاء المؤتمر الوطنى العام ويشوبها عدم الدستورية .. مأزق سياسى قانونى تعيشه ليبيا يزيد المشهد تعقيدا، فى الوقت الذى هب فيه الجيش والشرطة ودعمهما الشعب لمحاربة الإرهاب وميليشياته المسلحة . وبرغم صدور بيانات من رئيس حكومة تسيير الأعمال عبدالله الثنى وآخر من النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطنى عزالدين العوامى أن القضاء هو من سيحسم قرار قانونية تسليم رئيس الحكومة عبدالله الثنى لرئيس الحكومة الجديد أحمد معيتيق من عدمه، وحدد يوم الخميس الحالى ليفصل القضاء فى المسأله فوجئ الجميع بدخول السيد أحمد معيتيق مقر رئاسة الوزراء بالعاصمة الليبية بقرار من نورى أبوسهمين، رئيس المؤتمر التى يختلف على شرعيته لانتهاء مدة ولايته تحت حماية قوات تابعة لدرع الوسطى التابعة لمدينة مصراتة مسقط رأس السيد أحمد معيتيق. ودون الانتظار لحين فصل المحكمة العليا فى صحة إجراءات تعيينه المقرر غدا الخميس، إلا أن معيتيق قام باستلام مقر مجلس الوزراء الليبى فى غياب كامل لحكومة عبد الله الثنى عن التسليم والاستلام، والتى رفضت تسليم الحكومة لمعيتيق، إلا بحكم قضائى، ما أدى إلى ردود أفعال متباينة حول قانونية تسلم معيتيق مقر الحكومة. وقد أصدر معيتيق بيانا مقتضبا فور دخوله مقر رئاسة الوزراء شدد فيه على أن الحكومة الجديدة ستستهل أعمالها بالعمل على بسط الأمن ومحاربة الإرهاب والتطرف بكل حزم وقوة، وقال فى كلمة له من داخل مقر الحكومة المؤقتة فى طرابلس بعد استلامه إن « الحكومة لن تسمح بأن تكون ليبيا مصدرا لتهديد دول الجوار، وستركز فى أعمالها على بسط الأمن ومحاربة الإرهاب والتطرف بكل حزم وقوة. وقد صرح رمضان أرميضة، المستشار السياسى لرئيس الحكومة الجديد أحمد معيتيق، أن اللجنة المشكلة من رئاسة الحكومة استلمت المقر بصورة سلمية. ونفى الأخبار المتداولة حول اقتحام مقر مبنى رئاسة الوزراء بالعاصمة طرابلس واستلام الحكومة بالقوة، فى الوقت الذى نفت فيه حكومة الثنى أنها قامت بإجراءات الاستلام والتسلم لحكومة معيتيق. ليتشابك ويتعقد الوضع السياسى، ويضع المجتمع الدولى فى مأزق وهو أى حكومة ستتعامل معها، فليبيا أصبحت لديها حكومتان برئيسى حكومة. فاضطرت تونس إلى إرجاء اجتماع لوزراء خارجية اتحاد دول المغرب العربى، كان مخصصا لبحث التطورات فى ليبيا، وذلك بسبب "عدم اتضاح صورة" الوضع فى هذا البلد الذى يشهد أزمة سياسية وأمنية خطيرة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التونسية، مختار الشواشي، إنه تم التوافق على إرجاء هذا الاجتماع الذى كان مقررا الأحد فى تونس إلى موعد لاحق، "بسبب عدم اتضاح صورة الوضع فى ليبيا"، مؤكدا أن المشاورات ستستمر حتى عقد الاجتماع. هذا الاجتماع الطارئ الذى أعلن بداية الأسبوع الحالى، كان مقررا أن يعقبه الاثنين اجتماع للمبعوثين الخاصين للعديد من الدول والمنظمات إلى ليبيا، فى مقدمتها الأممالمتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأوروبى وفرنسا، لكن هذا اللقاء أرجئ أيضا إلى موعد لم يحدد. لينتقل هذا المأزق المتشابك إلى القاهرة، ففى اليوم الذى احتفل فيه المصريون الإعلان رسميا بفوز المشير عبدالفتاح السيسى بالانتخابات الرئاسية وصل القاهرة وبشكل مفاجئ وفد وزارى من حكومة عبدالله الثنى، يضم عددا من الوزراء قادمين على متن طائرة خاصة من طرابلس فى زيارة لمصر لم يحدد مدتها. وأفادت المصادر أن الوفد يضم أربعة وزراء، هم محمد عبد العزيز وزير الخارجية والتعاون الدولى ونورالدين دغمان وزير الصحة والحبيب الأمين وزير الثقافة والمجتمع المدنى وعبد القادر أحمد وزير المواصلات والنقل. وعلمت «الأهرام العربى» أن وفد حكومة الثنى جاء لمقابلة الرئيس عبدالفتاح السيسى لمناشدته بحتمية الدور المصرى فى إنقاذ ليبيا، والمطالبة بمساعدتها على محاربة الإرهاب والجماعات الإسلامية المتشددة . ووصل أيضا للقاهرة وفد من أعضاء المؤتمر الوطنى العام المستقيلين على رأسهم جمعة السايح لنفس الأسباب . وفى الوقت نفسه يستعد إخوان ليبيا وحلفاؤهم من التيارات الإسلامية المتشددة إعلان سفر الوزراء الأربعة إلى مصر أنه هروب من ملاحقات قضائية. ليصبح الملف الليبى أول ملف عربى على مكتب الرئيس المصرى المشير عبدالفتاح السيسى..وجدير بالذكر أن عدد المصريين العاملين فى ليبيا يتعدى المليون مواطن، موزعين من شرق ليبيا لغربها ومن شمالها لجنوبها فلا توجد مدينة ليبية بدون وجود للجالية المصرية مما يعقد الوضع حيال أى قرارات مصرية حازمة ومنحازة، ولكن أيضا محاربة الجيش الليبى للإرهاب وضرباته الموجعة لما يسمى بأنصار الشريعة مسألة أمن قومى مصرى، وبالتأكيد لابد من دعمه لوجستيا. خصوصا بعد انضمام أغلب القوى العسكرية ومعظم المدن الليبية لعملية الكرامة التى يقودها اللواء خليفة حفتر، ويشارك فيها العقيد ونيس بوخمادة قائد قوات الصاعقة والذى يعتبر التوافق عليه بين الليبيين أكبر وأعمق من الاتفاق حول شخصية اللواء حفتر لعوامل متعددة، منها عوامل قبلية وعسكرية وتاريخة الوطنى وأيضا انضمام العميد صقر الجروشى رئيس أركان القوات الجوية الذى استخدم ولأول مرة الطائرات الآباتشى التى استجلبتها ليبيا قريبا لمهاجمة أوكار الإرهابيين فى مناطق القوارشة وسيدى فرج والقنفودة والليثى وقاريونس والهوارى بمدينة بنغازى. وكما كانت الحال فى الثورة الليبية على حكم القذافى فبراير 2011 فبجانب الحرب على الأرض تأتى الحرب الإعلامية بشكل مكثف ويصنع البلبلة فنجد القنوات الفضائية التى تمولها قطر تبدأ فى بث سمومها ومحاولة تقليد قناة الجزيرة فى قلب بعض الحقائق بنسب مختلفة بين قناة وأخرى. فنشاهد محمد الزهاوى يتحدث فى بيان باسم أنصار الشريعة يهدد فيه الشعب الليبى بل المجتمع الدولى أجمع بأن تصبح ليبيا سوريا جديدة، وأن المجاهدين من جميع أنحاء العالم لن يتركوا مجاهدى ليبيا وسيأتيهم الدعم من كل مكان لنجد ميكروفونات الإعلام الممول من قطر هو الوحيد على الساحة الليبية مثل (الجزيرة – النبأ – ليبيا الأحرار – ليبيا تى. فى) ليتأكد العلاقة التى طالما نفاها جميع القائمين على هذه القنوات أو على أقل تقدير كانوا يصرحون أنه يوجد فصل بين السياسة الإعلامية وسياسة ملكية القناة..فنجد قناة ليبيا الأحرار والتى تبث من العاصمة القطريةالدوحة وبتمويل مباشر وكامل من الشيح حمد والتى تعتبر من أولى القنوات الليبية التى تبث أثناء ثورة فبراير، برئاسة محمود شمام الليبرالى الوطنى قد صرح رئيسها مرارا وتكرارا عدم تدخل التمويل فى الخطاب الإعلامى.. أيضا قناة ليبيا تى فى وتبث من القاهرة، ويؤكد البعض أن ممولها هو على الصلابى الإخوانى أخ لإسماعيل الصلابى أحد قادة ميليشيات التطرف الإسلامى فى بنغازى وقناة النبأ التابعة لعبدالحكيم بلحاج رئيس حزب المؤتمر وأحد قادة التيار الإسلامى المتشدد والتى تمول بالكامل بأموال قطرية بجانب قناة ليبيا الحرة التى تبث من بنغازى وتتبع ملكيتها لعناصر الإخوان المسلمين فى ليبيا. وقد أعلنت الجزائر أنها رصدت وصول 400 مقاتل من جنسيات عربية مختلفة من سوريا خلال الأيام الماضية إلى بنغازى عن طريق البحر لدعم قوى الظلام الإرهابية . ليكون المنفذ البحرى أكثر الحدود انفلاتا أمنيا، وهو القبلة القادمة والطريق الأكثر أمانا لوصول العناصر الإرهابية إلى ليبيا بعد استحكام مصر لمراقبة حدودها الغربية، وإعلان تونس منطقة الحدود مع ليبيا منطقة عسكرية وسيطرة الجزائر على حدودها الشرقية وصعوبة الوصول من الحدود الجنوبية لليبيا لمدينة بنغازى فى ظل مراقبة بعض الدول بالأقمار الصناعية .. لتبقى الحدود البحرية أنسب الطرق لوصول العناصر الإرهابية خصوصا عناصر داعش من سوريا ليكون المطلب الملح والأهم من المجتمع الدولى والعربى وعلى رأسهم مصر هو دعم الليبيين لعدم وصول هذه العناصر التخريبية الإرهابية لداخل ليبيا..حيث يبدأ الحل الليبى من القاهرة بالمساعدة فى استئصال الإرهاب وعدم السماح بتحولها إلى سوريا ثانية، وجعل القاهرة بمثابة مائدة للحوار وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتناحرة سياسيا ودعم الجيش الليبى فى محاربته للإرهاب بعد أن قال الليبيون كلمتهم وامتلأت بهم ميادين طرابلس وبنغازى وكثير من المدن الليبية، يفوضون الجيش ويدعمونه فى تخليص الدولة من الإرهاب.