عزمى عبدالوهاب "رحل أبي وأخذ معه كل ما تبقى لديها من صبر"، هكذا تتحدث ريم خيري شلبي عن أمها، في كتاب يحمل عنوان "حكايات عم خيري"، وعلى هذا النحو يبدو الكتاب وكأنه يعيد الاعتبار إلى الأم أو إلى زوجة الأديب الكبير خيري شلبي، حيث تتوارى في الظل أو على هامش الصورة التي يحتل مساحتها الأكبر الأب، أو الروائي خيري شلبي، بما له من حضور كبير في الحياة العامة والأدبية. تبدو "ريم خيري شلبي" في هذا الكتاب حكاءة عظيمة، ورثت هذه المهنة، إذا جازت لنا التسمية، عن أب كل بضاعته في الحياة الحكي وصنع الحكايات على الورق، وهي بكتابها هذا تضيء الجوانب خافتة الإضاءة في حياة الروائي خيري شلبي، كيف كان يتعامل مع أبنائه ويوجههم دون قسر، أو أن يجعلهم على صورته؟ هل كان ذلك الأديب من الصنف الذي يعكف على إبداعه متجاهلا حقوق أبنائه، من الرعاية والاهتمام، تاركا كل العبء على الأم، التي بدون شك، تحملت الجانب الأكبر في ظل انشغال الأب بأعماله الإبداعية؟ بالتأكيد ستركز ريم خيري شلبي على الجانب الإيجابي في الأب الراحل، فلم نره غاضبا طول صفحات الكتاب على سبيل المثال. هي تقف بانبهار أمام كل تفاصيل الحياة في بيت روائي كبير، وكأنها تراها للمرة الأولى أثناء كتابة حكاياتها، حيث تقول عن الأم: "لم أر في حياتي امرأة تعرف تفاصيل زوجها مثل أمي، كانت تحفظ أنفاسه وعدد دقات قلبه، ومعنى كل دقة، متى يحتاج الأكل ومتى يحتاج الشرب، ومتى يحتاج الحمام، وإذا كان يشرع في كتابة مقال أو رواية، وإذا كان ما يقرأه يعجبه أم لا". هنا في حكايات ريم خيري شلبي تأسرنا اللغة ببساطتها، ومزجها بين الفصحى والعامية، دون أن نقع في مطبات لغوية، توقفنا عن السير وراء حروفها، إنها تنقل لنا حياة هادئة عاشها الروائي في بيته، انتهت بمشهد الموت الأكثر هدوءا أيضا: "أبي ينام كالأطفال، مبتسما كأن الملائكة تلاعبه أثناء النوم".